ان أنظمة الحكم العائلية والوراثية الفاسدة هي المحفزة لإنتاج التطرف والإرهاب في منطقتنا

رافد النموري

الحوار المتمدن-العدد: 5538 - 2017 / 6 / 1 - 15:40
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

اجتمعت قيادات العالم في الرياض وفي بروكسل وفي صقلية لمحاربة الإرهاب وكونوا تحالفات عسكرية واستثمروا مبالغ خيالية من عائدات النفط الجزيرة في التسليح ولكنهم لم يدرسوا او يرغبوا في تدارس أسباب الإرهاب، لأنهم صانعي الإرهاب، ان غالبية الاعمال الإرهابية تنفذ تحت راية الإسلام ومعظم الإرهابيين من دول الشرق الاوسط.

لم ينتج الإرهاب بسبب الاختلافات في المذاهب الاسلامية والروايات غير الصحيحة عن الأحاديث المنسوبة الى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولا من الاختلاف في تفسير الآيات القرآنية ولا بسبب الفقهاء الكذبة ولكن لأسباب أخرى كثيرة منها:

الاستعمار: اتبعت القوى الاستعمارية لسياسة التفرقة، فرق تسد، والتجهيل في مجتمعاتنا في القرن العشرين والواحد والعشرين لغرس مفاهيم جديدة في عقول الناس تكون خاضعة للقوى الاستعمارية وتقبل بوجود اسرائيل في فلسطين من خلال المحاولة لإعادة رسم خارطة سايكس بيكو للمنطقة لتجزئتها الى دويلات أصغر حجما وتأثيرا على الساحة الدولية.

العدالة الاجتماعية: فقدان العدالة الاجتماعية، فلا حقوق للإنسان ولا سيادة للقانون على الجميع في كل الدول العربية وفي إيران وفي تركيا.

السعودية: استخدام الدين للاستيلاء على الحكم وهذا ما فعلها عائلة السعود بالتحالف مع فقهاء الوهابية فاستولوا على الجزيرة العربية بدعم من الاستعمار البريطاني وقتلهم للمسلمين العرب من اجل الحكم وليس من اجل التحرر من الاستعمار العثماني او البريطاني، فاحتكرت عائلة السعود الحكم في الجزيرة وتناست بإن الشورى من أعمدة الدين الإسلامي "وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون" (الشورى (38))، فأهدروا أموال النفط في بناء قصورهم وقلاعهم المرفهة في الجزيرة وفي العالم ويخوتهم البحرية التي لا تستخدم الا لبضع ساعات في السنة وطائراتهم الخاصة التي فاقت عددها عدد طائراتهم الحربية التي تقتل العرب المسلمين في اليمن، فأصبحوا امراء آل السعود هم الشعب الله المختار في الجزيرة (واكثرهم فاسدون) بامتيازاتهم المالية والبروتوكولية ويتبعهم خدمهم من المنتفعين ماليا او وجاهيا من وجود الفساد العائلات الحاكمة ليفسدوا على قدر ما يتاح لهم من ولاة امرهم ، بينما لا يجد الشباب في الجزيرة غرفة خاصة به ليأوي اليها ليكون عائلة خاصة به، فقد اعلن محمد بن سلمان مؤخرا مشروع مليون سكن، أي ان سكان الجزيرة وبعد كل هذه السنوات السمان من عائدات إنتاج اكثر من 10 ملايين برميل نفط يوميا يحتاجون الى مليون سكن لإسكان سكان الجزيرة من الفقراء، لذلك فأن الشباب في الجزيرة من اللذين لا ينتمون الى العائلات المتحكمة ببلدانهم او الى اذيالهم نجدهم ثائرون على وضعهم ويتطرفون في توجهاتهم، فتوجهوا الى أفغانستان تحت راية الإسلام ومحاربة الشيوعية وبتمويل سعودي والمنظمات الإسلامية المتطرفة وتمويل امريكي بالسلاح، فإذا بهم يتحولون الى قتلة اسوء من الاستعمار السوفيتي، فدمروا افغانستان وتاريخها وقسموها اطيافا وشيعا وأصبحت أفغانستان مصدرة للإرهاب تحت راية الإسلام.

اليمن: ان تولي الامامة المتوكلية الزيدية الحكم الوراثي المتخلف في اليمن عزلت اليمن عن العالم الخارجي وتخلفها عن العصر الحديث، فأدى ظلم الامام الى ثورة الجيش والى حرب أهلية وتولي العسكر الحكم والتمسك به، إضافة الى تدخل عائلة السعود في الشؤون الداخلية لليمن أدى الى ضعف الحكم المركزي وسيطرة الحوثيين على اليمن بتمويل إيراني.

القطر: ان الحكام في دولة القطر "حديثي النعمة" لا يعرفون ماذا يفعلون في الاموال المنهوبة من عائدات الغاز، فيحاولون ان يظهروا أنفسهم بأكبر من حجمهم، فتولى تميم الإمارة من والده والوالد اقصى والده من الحكم، تمول حكومة القطر المليشيات المسلحة المتطرفة في مصر وليبيا وسوريا وتعادي مجلس التعاون الخليجي كنكرة متفاخرة كطاووس بريشه (أمواله) ولكن سيقانه عارية واقل انتاجا وفائدة من الدجاج، فتبنت دولة القطر حضانة وتمويل جماعات الاخوان المسلمين كأداة لفرض نفوذها على العرب.
اذكرا هنا احدى اعمال العدائية للقطر ضد اليمن: عطلت حكومة القطر وشركة توتال الفرنسية مشروع الغاز اليمني لفترة احدى عشر عاما كي تتمكن القطر من تسويق وتصدير غازها وذلك برشوة المسؤولين في اليمن وحتى المسؤولين في الشركات المنافسة.

المغرب: ان الوراثة الحكم في المغرب مع غياب العدالة الاجتماعية وحكم بوليسي وطحن بائع سمك بعربة جمع النفايات اججت ثورة في الريف المغربي ومعظمهم من الامازيغ، فمن المتوقع ان يسقط الحكم الوراثي في المغرب لكثرة المشاكل الداخلية والخارجية التي تعاني منها إذا لم يتحول الحكم الى ملكية دستورية وحل مشكلة الصحراء سلميا.

السودان: لا توجد قيادة فاشلة أفشل من قيادة دولة السودان وشعب السوداني شعب مطيع لولي أمره طاعة العبد لسيده بالرغم من تقسيم السودان الى سودانين وغدا الى ثلاثة وأربعة، والغريب ان تتخلى القيادة السودانية عن أجزاء كبيرة من ارض السودان للجنوب ولكنها تنازع مصر الوطن الام على مدينة حلاليب التابعة لمصر، لو كانت لسودان قيادة حكيمة ومؤهلة لأصبحت السودان اغنى من الدول الخليج من واردات منتوجها الزراعي والحيواني.

تركيا: أسس مصطفى كمال اتاتورك دولة علمانية عنصرية تركية على انقاض الدولة العثمانية، علمانيتها كانت ضد الإسلام فقط، ولم تكن علمانية غربية تسمح للقوميات غير التركية بالتمتع بحقوقها الثقافية ولم يتمتع المواطن في تركيا اتاتورك بحقوقه الكاملة ولم تتوفر العدالة الاجتماعية، والان بدأت مرحلة تركيا الاردوغانية حيث يتمسك طيب اردوغان بالحكم وينفرد بالسلطة ويحلم في حكم تركيا الى عام 2029، ولكن القوى الغربية التي رسمت التعديلات على خارطة سايكس بيكو للشرق الاوسط لن يسمحوا لاردوغان ان يتمتع بنفاذ صلاحية اتفاقية الاستسلام (اتفاقية لوزان) بعد هزيمة الدولة العثمانية، فستقسم تركيا الى دويلات وبالأخص دويلة استانبول بجانبيها الشرقي والغربي للسيطرة على مضيق بسفور.

إيران: استيلاء الشيعة الصفوية على الحكم في إيران وحكم الشعوب الإيرانية بالحديد والنار حكما مطلقا من قبل ولي الفقيه الخميني والخامنئي، وحصر إدارة الحكم بيد المعتقدين بالمذهب الشيعي الصفوي دون السماح للمذاهب الإسلامية الأخرى او المعتقدات الدينية والسياسية والقوميات الأخرى في المشاركة الحكم او في الانتخابات البرلمانية والبلدية، وتشكيل جيش إرهابي من الحرس الثوري لزعزعة الاستقرار في المنطقة، فان داعش كانت ردة فعل على هيمنة الحرس الثوري الإيراني على الدولة العراقية، ان إيران مقبلة على اضطرابات داخلية وقد حددت ابعاد وخطط المعركة في الرياض، لأن النظام ايراني نفذ ما رُسم له بدون علمه وقد آن الاوان ليرحل النظام الشيعي الصفوي.

ثوار القومية العربية: استغل بعض الثوار لتضحيات شعوبهم، فتبوؤوا الحكم فالتصقوا بكرسي الحكم وكأن كرسي الحكم حصراً عليهم وعلى عائلاتهم وان لم يكونوا مؤهلون لإدارة الحكم، فقد درس الزعيم جمال عبد الناصر علم الاقتصاد لفترة أربع سنوات بعد الثورة لكي يتعلم ادارة اقتصاد مصر، وغيره لم يفهم حتى فن القيادة والادارة، ولم يكتفوا حكام الصدفة والانقلابات العسكرية بكرسي الحكم بل استولوا على مقدرات شعوبهم باستيلابهم على الأراضي والممتلكات العامة وقيامهم بأعمال تجارية ينافسون التجار الحرفيون في ارزاقهم.

العراق: ان تفرد الزعيم عبد الكريم قاسم بالحكم بعد اسقاط الحكم الملكي في العراق أدى الى الانقلاب الدموي للحزب البعث في 1963 وبعد سقوط البعث، فإن وراثة الحكم من عبد السلام عارف الى أخيه عبد الرحمن عارف في العراق انشأت اول جمهورية وراثية في المنطقة، فأدت الى سيطرة حزب البعث على الحكم في العراق للمرة الثانية وظهور صدام حسين كطاغية وحاكم مطلق على العراق.
ان سيطرة صدام حسين وعائلته على مقدرات العراق وسيطرته المطلقة على الحكم لأكثر من ثلاثة عقود ومنح أولاده وافراد اسرته صلاحيات كبيرة وحربه على إيران وغزوه الكويت، وتحويل الحزب البعث الى منظمة بوليسية لحماية حكم صدام حسين، أوصل العراق الى الفوضى الحالية، وان الحصار الاقتصادي في التسعينيات على الشعب العراقي غيرت الكثير من الشخصية والثوابت العراقية التي كنا نعرفها، واكملت الأحزاب الدينية والسياسية العميلة لإيران وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية تدمير العراق، وفقد المواطن الشعور بالمواطنة وهذه التغييرات في عقلية الفرد العراقي تقع ضمن ما مخطط لها للمنطقة، فتكونت ثغرات كبيرة في المجتمع العراقي فتسلل من خلالها الزرقاوي وداعش وقاسم سليماني وتولت الأحزاب الموالية لإيراني وقاتلي اسرى العراقيين في إيران حكم العراق فسرقوا واهدروا أموال الشعب العراقي، فأعادوا العراق قرنا الى الوراء.

تونس: ان تمسك الثائر ضد الحكم الفرنسي وبطل استقلال تونس الحبيب بورقيبة بالحكم مدى الحياة وفساد عائلة زوجة زين العابدين بن علي الذي أطاح بالحبيب بورقيبة وتمسكه بالحكم خلق الفوضى الحالية في تونس، فلا استقرار في تونس دون استقرار في ليبيا.

ليبيا: ان نرجسية ملك ملوك افريقيا الذي أصيب بجنون العظمة معمر القذافي وفساد عائلته أدت الى سقوطه وسقوط ليبيا كدولة.

الجزائر: ان احتكار جبهة التحرير الوطني الجزائرية للسلطة في الجرائر لعقود، وتبني الحكم البوليسي في اخضاع الشعب الجزائري، وأخيراً وليس آخراً، تولي عبد العزيز بو تفليقة واستمراره في الحكم لفترة 18 عاما وهو الآن رئيس نصف ميت ويحكم من خلال شقيقه سعيد، لذلك نتوقع فوضى عارمة في الجزائر عاجلاً او آجلاً وخاصة لم يبقى من الحرس القديم (ابطال التحرير من الاستعمار الفرنسي) ليكسب ثقة الجيش لقيادة الجزائر.

سوريا: سيطرة حافظ الأسد واخوه رفعت الأسد والطائفة العلوية على الحكم في سوريا ووراثة السفاح بشار الأسد للحكم من الجلاد والده حافظ الاسد وفساد عائلة المخلوفي أدت الى تدمير سوريا وتهجير السوريين ومد سلطة الحرس الثوري الإيراني وحزب الله الى سوريا.

مصر: ان تمسك حسني المبارك بالحكم ومحاولة توريث ابنه جمال في حكم مصر مقلدا لما حصل في سوريا، وفساد المقربين من عائلته وخاصة من ابنه جمال الذي امسك بملف الاقتصادي المصري من خلال توليه لمنصب أمين العام المساعد للحزب الوطني الديموقراطي، أدى الى الفوضى الحالية في مصر مع العلم ان المصري يعتز بمصر (المواطنة) أكثر من أي مواطن آخر في الدول العربية.

الخلاصة من أعلاه نستنتج بإن الحكم العائلي الوراثي والتمسك بكرسي الحكم يساوي حكومة فاسدة، وان الإرهاب من صنعنا ولا يجب ان نعاتب الغرب وإيران وتركيا والقطر على دعمهم للإرهاب، ابتداء من القاعدة لتحرير أفغانستان من المد الشيوعي الى داعش واخواتها.

آن الموجة الارهابية الجديدة التي ستنبثق في المنطقة بعد دواعش السنة ستكون دواعش شيعية من المليشيات الإيرانية التي سيضيق الحصار عليها بسقوط او من زعزعة الاستقرار في إيران، فستتبنى المليشيات التابعة لإيران الإرهاب للهروب من مواجهة العدالة على جرائمهم وللحصول على تمويل لبقائهم الى ظهور المهدي كما يعتقدون.

#رافد_النموري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات