|
في مهام اليسار اليوم
التيتي الحبيب
كاتب ومناضل سياسي
(El Titi El Habib)
الحوار المتمدن-العدد: 5521 - 2017 / 5 / 15 - 22:43
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
في مهام اليسار اليوم
سبق لي نشر هذه المقالة واعتقد ان التطورات اللاحقة منذ 8/11/2016 تاريخ نشرها لا زالت تطرح بالحاح البحت في مهام اليسار. في مهام اليسار اليوم نعيش اللحظة بعد مأساة 28 اكتوبر فترة جديدة من تأجج الصراع الطبقي، عنوانه الانتفاضة ضد الحكرة، وهي الانتفاضة التي انطلقت شرارتها من الحسيمة المثقلة بجراحها وبمعاناتها التاريخية من ظلم نظام الاستعمار الغير مباشر. وعلى ما يبدو ان هذه الانتفاضة ستستمر بفضل حركة 28 اكتوبر في نضال متصاعد ضد الحكرة والمخزن. في هذه اللحظة يتساءل كل اليساريين عن ما هو المطلوب وما هو العمل؟ قبل الجواب لا بد من تنبيه الى ان اللحظة تتطلب روح عالية من المسؤولية و انه علينا كيساريين وكمناضلين ألا نغرق في كوب الماء وهو ما تدلل عليه بعض بوادر "التلفة" والتيه، لان ما هو حاصل الآن ليس إلا بداية لما يمكن ان يحدث كطوفان متشكل من امواج عاتية متتالية لن تترك لأي احد حتى فرصة اخذ نفسه. لهذا وجب التحلي بأعلى درجات الوضوح الفكري في معضلة التناقضات وترتيبها وفي مسالة صياغة الاولويات وعدم الخلط ما بين الرغبات الذاتية والاستعدادات الفعلية . و من اجل ذلك نرى ضرورة الانطلاق من بعض الامور التي نراها اساسية بل حتى بديهية من الزاوية النظرية لكنها في الممارسة تبقى غير مستوعبة كفاية من اهمها ما يلي: 1- ان الجماهير هي من تحرر نفسها بنفسها. والثورة من صنع الجماهير وليست قرارا تتخذه مجموعة ضئيلة او صغيرة بالنيابة عن تلك الجماهير. 2- في حركتها العفوية والتلقائية تعبر الجماهير عن كل المخزون من الحقد الطبقي وتعتمد على كل الرصيد المتراكم والمتحقق لها من خلال التجربة من الوعي الحسي او حتى الادراك العلمي لطبيعة التناقضات مع اعداءها الطبقيين وعلى هذه القاعدة وهذا الأساس تتمكن الجماهير من ابداع الاشكال التنظيمية والتعبيرية للدفاع عن مطالبها واحتياجاتها، ولذلك لا يجب معاملة الجماهير المنتفضة كقطيع جاهل او اناء فارغ يجب ملؤه بالعلم والمعرفة، ولذلك لا يجب كبح هذه الحركة العفوية او التلقائية او قمعها . 3- وبما ان تلك الحركة الاحتجاجية العفوية للجماهير هي موجهة ضد الاعداء الطبقيين، فإن هؤلاء الاعداء لن يبقوا مكتوفي اليدين بل سيسعون الى اجهاض تلك الحركة بتفجيرها من الداخل عبر اشعال فتيل التناقضات الثانوية، وهو ما سيسهل عملية قمعها باستعمال العنف الرجعي لإحداث خسائر مادية وبشرية بهدف بث الرعب والخوف. 4- اذا امام هذا التدخل المتعدد الاشكال لقوى النظام القمعية والسياسية والإيديولوجية و كذلك بتدخل القوى السياسية التابعة او الملتفة حول النظام سيكون من السذاجة الاعتقاد بان الحركة الجماهيرية العفوية ستكون قادرة لوحدها على المواجهة وتحقيق الانتصار.فلكي تتم المواجهة بأقل الخسائر بل ولتحقيق اكبر النتائج والانتصارات لا بد من انخراط القوى اليسارية في هذه الحركات الاحتجاجية لدعمها لمساعدة الجماهير على بناء تنظيماتها الذاتية لمساعدتها على صياغة المطالب وتشكيل التنسيقيات او الادوات التي تتابع تحقيق تلك المطالب والتفاوض حولها ورعاية تطبيق التزامات الاطراف التي استجابت لمطالب الجماهير.على القوى اليسارية ايضا مساعدة الجماهير على تحصين صفوفها وفضح الاختراقات ورصد كل الثغرات التي يحاول منها العدو شق الصفوف.على القوى اليسارية بث الفكر التنويري والتوعية حول القضايا والإشكاليات التي تثار امام الحركة الجماهيرية. 5- على القوى اليسارية ان تكون مسلحة بنظرة علمية لمختلف معطيات الصراع الطبقي وان تكون مدركة ادراكا جيدا لموازين القوى بين الحركة الجماهيرية والعدو الطبقي. ومن خلال هذه الرؤية يتوجب على القوى اليسارية ان تكون في مستوى اقتراح الشعارات الملائمة للمعارك الجماهيرية، شعارات تأخذ بعين الاعتبارات الاستعدادات والجاهزية الشعبية للنضال من اجل تحقيقها. ولذلك يجب ان تكون شعارات واقعية وجريئة في نفس الوقت. 6- على القوى اليسارية ان تدرك بشكل حاسم بان معضلة بناء موازين القوى تتطلب عقد التحالفات، وبناء الجبهات مع القوى المستعدة للنضال سواء من اجل مطلب واحد او مجموعة من المطالب او حتى على برنامج معقد نسبيا. ومن اجل هذا النضال المشترك على اليسار ان يبني الجبهات المناسبة مع تلك القوى المختلفة. ان مثل هذه الجبهات تكون مؤقتة وخاضعة لدينامية التطور وتسمح بالتقدم الى صيغ وأشكال متعددة في العمل المشترك. 7- نظرا لوضع التشرذم والشتات الذي يعشه اليسار نفسه فهو مطالب بتقوية ذاته وبتحصينها من وهم اصلاح النظام القائم ولذلك سيكون هذا اليسار المناضل مطلبا بالانخراط في مثل هذه الدينامية مما سيمكنه من اختبار اوضاعه التنظيمية ومعالج اختلالاته وبالسرعة المطلوبة، وان يضع على المحك ايضا اطروحاته الاستراتيجية والتكتيكية ويقيس مدى اجابتها او لا على الحركية الاجتماعية الناشئة. ومن خلال هذه الدينامية وليس قبلها يمكن لليسار ان يتقدم الصراع ويصبح في طليعة الكفاح الشعبي ويحظى بالهيمنة السياسية والفكرية المستحقة ويقود المراحل اللاحقة من الوضع المستجد. 8- يلاحظ اليوم ذلك الانشغال الى حد الهوس من طرف البعض بمسالة من عليه ان يقود وما هو موقعه في القيادة وتراه يشترط في التحالفات ويرسم الخطوط الحمراء لغيره و لا يلتزم بالخطوط الحمراء الحقيقة التي رسمها الحراك الشعبي، فمثل هذا التصرف هو بمثابة من يضع المحراث امام الثور. ان الانخراط في مثل هذه "النقاشات" اليوم هو من قبيل صب الماء في طاحونة رهط آخر من القوى السياسية التي ترتعد فرائصها من كل هبة جماهيرية لانها تعتبر الكادحين قوة دهماء سريعة الانسياق مع اطروحات غير مضمونة العواقب، ولذلك تجد هذا الرهط يشترط التغيير المؤمن عليه من طرف شركات التامين السياسي وهي اشتراطات تخدم بشكل واع مصالح الرجعية لتأبيد الوضع تحت مسوغ الاستقرار ومحاربة المغامرة.لكي لا يفوت اليسار على نفسه امكانية التجدر وسط الشعب والتحول الى قوة حقيقية تلتحق بمشروعه الجماهير الكادحة من عمال وغيرهم، لا بد من انخراطه الفعال والحقيقي في الدينامية الحالية و الانشغال اولا وقبل كل شيء بتحسين ارتباطه بالحركة الاحتجاجية والفعل في ديناميتها العفوية والتلقائية وليس الانكفاء على نفسه او محاولة اجهاض الحركة خوفا او توجسا من قوى لها تواجد معين وسط الجماهير . وفي هذا الارتباط سيحدث الفرز وسط كل القوى المنخرطة في الدينامية الاجتماعية ووسط اليسار نفسه وتبرز الطلائع الثورية الحقيقية وليست المدعية او الانتهازية. ان ركوب وقيادة الامواج العاتية آنذاك ستكون من نصيب اليسار الماركسي المتمرس والمكافح . وسيكون لليسار وجه اخر ومكونات جديرة بثقة العمال والكادحين. لكن قبل ذلك لا بد من الامساك براس الخيط كما حاولنا توضيحه . 08/11/2016 J’aimeCommenterPartager
#التيتي_الحبيب (هاشتاغ)
El_Titi_El_Habib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لكل ديمقراطية شكلها ومضمونها الطبقيين/ حالة فنزويلا
-
لكل ديمقراطية شكلها ومضمونها الطبقيين.
-
الملكية البرلمانية بين الاستنساخ والشروط الموضوعية
-
المغرب يعيش عمليا حالة استثناء
-
العولمة والخطر المحدق بالبشرية
-
مقدمات نظرية لفهم تشكل الرأسمالية التبعية بالمغرب
-
اطروحة غرامشية خصبة.
-
هل لازالت للأممية الرابعة راهنية؟
-
في تحديد وترتيب التناقضات
-
الحركة الطلابية المغربية : تشخيص حالة
-
خلفيات وأسس النزعة اللاحزبية أو رفض التنظيم
-
احذروا احلام اليقظة فهي بيع للوهم
-
التيتي الحبيب - عضو الكتابة الوطنية للنهج الديمقراطي بالمغرب
...
-
إنها حقا حرب طبقية فما هي المهام؟
-
لماذا هم مصرون على نطح الحائط؟
-
في الاعتبارات الطبقية للحوار العمومي
-
حول النقد والنقد الذاتي
-
مناظرة حول الحالة السورية
-
انهم دجالون لقد أصبحت ماركسيتهم دجلا
-
دولة تقتل كادحا في حاوية الزبالة هي دولة فاشلة
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|