- مزاعم إحتقار النساء - أم حقيقة خطّ إيديولوجي و سياسي ؟ )9) المزيد عن الإفلاس الإيديولوجي و السياسي لحزب الكادحين تونس- تعليق على مقالين لرفيق حاتم رفيق
ناظم الماوي
2017 / 5 / 10 - 01:50
" مزاعم إحتقار النساء " أم حقيقة خطّ إيديولوجي و سياسي ؟ )9)
المزيد عن الإفلاس الإيديولوجي و السياسي لحزب الكادحين تونس- تعليق على مقالين لرفيق حاتم رفيق
( ملاحظة : البحث بأكمله متوفّر منذ مدّة بمكتبة الحوار المتمدّن – نسخة بى دى أف )
- أرى أنّه لأمر سيء بالنسبة لنا ، إذا كان رجل منّا أو حزب أو جيش أو مدرسة لم يتعرّض لمهاجمة العدوّ ، لأنّ ذلك يعنى أنّنا إنحدرنا بالتأكيد إلى مستوى العدوّ. أمّا إذا هاجمنا العدوّ فذلك أمر حسن لأنّه يبرهن على أنّنا رسمنا خطّا واضحا فاصلا بيننا و بين العدوّ . و أحسن من هذا أن يهاجمنا العدوّ بعنف و يصمنا بكلّ عيب و يقول عنّا إنّنا لا نحسن شيئا البتّة ، إذ أنّ هذا يدلّ على انّنا قد رسمنا خطّا واضحا فاصلا بيننا و بين العدوّ ، و يدلّ كذلك على أنّنا قد حقّقنا نجاحا كبيرا فى أعمالنا.
( ماو تسى تونغ - هجوم العدوّ علينا أمر حسن لا سيء - 26 مايو- أيار- 1939 ؛ مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ ، الصفحة 16).
- على الشيوعيّين كلّما واجهوا أمرا من الأمور أن يبحثوا عن أسبابه و دواعيه ، و أن يستخدموا عقولهم و يفكّروا بإمعان ليتبيّنوا هل الأمر يطابق الواقع و تؤيده مبرّرات سليمة أو لا، و لا يجوز لهم بأي حال من الأحوال أن ينقادوا وراء غيرهم إنقياد الأعمى أو يشجّعوا العبودية."
( ماو تسى تونغ- " إصلاح أساليب الحزب" ، فيفري 1942 )
- يجب أن نتضلّع من النظريّات الماركسية و أن نستطيع تطبيقها عمليّا ، فالهدف الوحيد من التضلّع هو التطبيق . فإذا إستطاع المرء أن يستخدم وجهات النظر الماركسية اللينينية فى تفسير مسألة واقعية أو مسألتين فقد إستحقّ الثناء ، و يمكن أن نقول فى هذه الحال إنّه قد حقّق بعض النجاحات . و كلّما إستطاع المرء أن يفسّر أشياء أكثر و أعمّ و كان تفسيره أكثر عمقا نقول إنّ نجاحه أعظم .
( " إصلاح أساليب الحزب " ( أول فبراير – شباط – 1942) ، المؤلفات المختارة ، المجلد الثالث)
- التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إنّ المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون اليه ليس بالخط ّالإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي .
( ماو تسى تونغ ، " خطاب فى المؤتمر الوطنى للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية
12 مارس/ أذار 1957 ؛ " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ، ص21-22 )
- إنّ نضال الماركسيّة الثوريّة الفكريّ ضد النزعة التحريفيّة ، في أواخر القرن التاسع عشر ، ليس سوى مقدّمة للمعارك الثوريّة الكبيرة التي ستخوضها البروليتاريا السائرة إلى الأمام ، نحو انتصار قضيّتها التام...
( لينين ،" الماركسيّة و النزعة التحريفيّة " )
- كلّ ما هو حقيقة فعلا جيّد بالنسبة للبروليتاريا ، كلّ الحقائق يمكن أن تساعد على بلوغ الشيوعية .
( " بوب أفاكيان أثناء نقاش مع الرفاق حول الأبستيمولوجيا : حول معرفة العالم و تغييره " ، فصل من كتاب " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة ، و العلم و الفلسفة " ، 2005).
============================================
مقدّمة :
في دعوتنا الموثّقة كملحق أوّل لهذا البحث ، " دعوة إلى نقاش ردّ حزب الكادحين فى تونس على نقد ناظم الماوي لخطّه الإيديولوجي و السياسي " ، كتبنا الآتى ذكره :
" كشيوعيّين ما يحدّد هويّتنا أكثر من أيّ شيء آخر هو غايتنا الأسمى ، بلوغ المجتمع الشيوعي العالمي و تحرير الإنسانيّة من كافة أنواع الإستغلال و الإضطهاد الجندري و الطبقي والقومي . و قد عبّر ماركس عن غايتنا الأسمى هذه فى صيغة صارت منذ الثورة الثقافيّة البروليتارية الكبرى فى الصين 1966 -1976 معروفة ب" الكلّ الأربعة " و قد شدّد على نشرها على نطاق واسع أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية ، وهي :
" هذه الإشتراكية إعلان للثورة المستمرّة ، الدكتاتورية الطبقية للبروليتاريا كنقطة ضروريّة للقضاء على كلّ الإختلافات الطبقيّة ، و للقضاء على كلّ علاقات الإنتاج التى تقوم عليها و للقضاء على كلّ العلاقات الإجتماعيّة التى تتناسب مع علاقات الإنتاج هذه ، و للقضاء على كلّ الأفكار الناجمة عن علاقات الإنتاج هذه ".
( كارل ماركس : " صراع الطبقات فى فرنسا من 1848 إلى 1850" ، ذكر فى الأعمال المختارة لماركس و إنجلز ، المجلّد 2 ، الصفحة 282 ).
و من أهمّ الأسلحة التى نرفعها عاليا فى خضمّ نضالنا من أجل تحقيق غايتنا الأسمى سلاح علم الشيوعية ، علم الثورة البروليتارية العالمية الذى يتجسّد اليوم فى شيوعية اليوم ، الشيوعيّة الجديدة أو الخلاصة الجديدة للشيوعية . و نظرا لكون الحركة الشيوعية عالميّا و عربيّا ترزح تحت الوطأة الثقيلة و الخانقة و حتّى القاتلة أساسا للتحريفيّة بما هي فكر برجوازي يقدّم على أنّه ماركسيّة و ثانويّا للدغمائيّة التى تدافع عن عمى عن كلّ التراث الشيوعي بمكاسبه و أخطائه و لا تقبل بتطوير علم الشيوعية ، رأينا أنّ من أوكد واجباتنا أن نحارب بما أوتينا من طاقة هذه التحريفية و الدغمائيّة و نمارس الماركسية فنعبّد الطريق لإنتشار إستيعاب علم الشيوعية و تطبيقه و تطويره . لذلك إتّخذ مشروعنا هذا شكل إصدار نشريّة إصطفينا لها من العناوين المعبّرة و المترجمة لفحوى هدفنا الجوهري " لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماويّة ! " و لاحقا أضفنا " و الروح الثوريّة للماوية اليوم هي الخلاصة الجديدة للشيوعيّة ." و إنطلقنا منذ سنوات فى صراع إيديولوجي و سياسي تلبية لحاجة التمييز الواضح بين الماركسيّة الثوريّة و شتّى أرهاط التحريفية و الدغمائيّة و ما تفرّخانه من إصلاحيّة .
و فى مقالاتنا و كتبنا التى تضمّنتها النشريّة المشار إليها أعلاه ، نقدنا عدّة فرق " يساريّة " متمركسة و ضمنها حزب الكادحين بتونس الذى أفردنا له كتابا تجدونه بمكتبة الحوار المتمدّن حمل من العناوين " حزب الكادحين الوطني الديمقراطي يشوّه الماركسيّة " . و فيه أعملنا سلاح النقد فى كتابين لأمينه العام فضلا عن عدّة أعداد من جريدته " طريق الثورة " و بيّننا بالدليل القاطع و البرهان الساطع مدى تشويه ذلك الحزب للماركسيّة [... ]
و عقب صمت مريب لمدّة تناهز السنتين ، طلع علينا فى بداية أكتوبر 2016 أحدهم أمضى مقالين بإسم مستعار هو رفيق حاتم رفيق ، بردّ بإسمه و إسم حزب الكادحين و أصدقائه ... نوثّقه بحلقتيه كملحق لهذه الدعوة . [ 1- ناظم الماوي : حماقة في النظرية وجبن في الممارسة العملية ؛ 2- ناظم -الماوي- ومزاعم إحتقار نصف السماء ] و إنتظرنا إلى بدايات شهر ديسمبر 2016 ، أي لمدّة شهرين تقريبا ، أن يفي هذا الكاتب بوعده بتناول مواضيع عدّة لكن خاب أملنا إذ يبدو أنّ الكاتب عدل عن متابعة حلقات ردّه أو هو إعتبر ما ورد فى المقالين إيّاهما كافيا و شافيا حقّق بفضله مراده لا أكثر . "
و كمقدّمة لبحثنا الجديد هذا لن نضيف على ما تقدّم سوى أنّنا من موقع الواجب الشيوعي في رسم خطوط التمايز و مزيد توضيح الفرق بين الفرقِ لأهمّيته في بناء و تطوير نظريّة شيوعيّة ثوريّة دونها لن توجد حركة ثوريّة حقّا ، نلج مجدّدا لجج هذا الصراع و نساهم في هذا الجدال ضد التحريفيّة و الإصلاحيّة بالنقاط التالية فضلا عن هذه المقدّمة :
1 ـ الحقيقة للجماهير أم مغالطة القرّاء و تضليلهم ؟
2 ـ النقد المبدئيّ الجدّي و العلميّ و الدقيق أم الشتيمة ؟
3 - حماقة أم ذكاء ؟
4 - منّة أم واجب ؟
5 ـ ممارسة النقد و النقد الذاتي أم إغتيال الفكر النقديّ ؟
6 - نقد التحريفيّة و الإصلاحيّة أم الدفاع عنهما ؟
7 ـ النظريّة و الممارسة : الموقف الشيوعي أم الموقف التحريفيّ ؟
8 ـ المنطق الشكليّ و المثاليّة الميتافيزيقيّة أم الماديّة الجدليّة ؟
9 - " مزاعم إحتقار النساء " أم حقيقة خطّ إيديولوجي و سياسي ؟
10 - إبداع أم إجترار ؟
11 ـ تمخّض جبل فولد فأرا :
خاتمة
و من الأكيد أنّ من ينكبّ على النظر بتمعّن في هذا البحث سيدرك أنّ من يتبنّون الماركسيّة و يمارسونها و يطبّقونها و يعملون على تطويرها لا يساوون من يتّخذونها قناعا فحسب ويشوّهونها خدمة لمآربهم الشخصيّة و الفئويّة لا لتحرير الإنسانيّة . و هل يستوى الماركسيّون و المتمركسون ؟
========================================
9- " مزاعم إحتقار النساء " أم حقيقة خطّ إيديولوجي و سياسي ؟
بعد التوقّف مطوّلا نسبيّا عند مضامين المقال الأوّل لرفيق حاتم رفيق لكونه الأهمّ و المكثّف لغاية المقالين و لبّ كاتبهما و أبرز ميزات منهجه و مقاربته ، نتوجّه إلى المقال الثاني و ننطلق مع بعض الملاحظات قبل الإنكباب على معالجة بيت القصيد فيه .
بادئ ذي بدء ، نودّ أن نسجّل أنّ صاحب المقالين إيّاهما يخلط خلطا فظيعا عمدا بين نوعين من الكتابة و لم نرغب في إثارة هذه النقطة إلاّ بعد ما تأكّد لنا أنّها متكرّرة عمدا في المقالين . و نسرع إلى الشرح . يتمسّك اللارفيق بنعت كتاب ناظم الماوي بأنّه ردّ على كتابي الأمين العام لحزب الكادحين و على بعض مقالات جريدة ذلك الحزب غير أنّ ما قام به ناظم ليس ردّا بل نقدا و البون شاسع . نقد ناظم الماوي أهمّ محتويات الكتابين و بعض مضامين مقالات " طريق الثورة " مبيّنا بالدليل القاطع و البرهان الساطع أنّ الخطّ الإيديولوجي و السياسي لهذا الحزب يشوّه الماركسيّة . لم ينقد حزب الكادحين ناظم الماوي و الخطّ الإيديولوجي و السياسي الذى يدافع عنه ليكون كتاب ناظم " حزب الكادحين الوطني الديمقراطي يشوّه الماركسيّة " ردّا عليه . كتاب ناظم نقد و ليس ردّا ( ردّ بمعنى نقد النقد و دفاع في مواجهة هجوم ) . و الآن ، مقالا اللارفيق هما ردّ على كتاب ناظم . وما نضع بين أيدكم في الوقت الحاضر ، هذا البحث ، هو ردّنا على ردّهم أو نقد نقّادنا.
و هكذا يوهم المفترى على ناظم الماوي القرّاء بأنّ الكتاب الذى وضعه ناظم ردّ . و لسائل أن يسأل ما هي الخدعة الكامنة وراء ذلك ؟ يستهدف اللارفيق إخراج مؤلّف ناظم من مجال النقد كحقّ و من مجال ممارسة النقد و النقد الذاتي كواجب شيوعي ليسهل عليه تحويله إلى هجوم مجاني يقوم به " أحمق " " ضد الجميع " !
و نستمرّ لنعلّق بإقتضاب على بقيّة عنوان المقال الثاني ، أي ، " العليبي يحتقر نصف السماء ! " . مفاد جملة التعجّب هذه إستهجان تهمة كأنّ الأمر غريب عجيب و لا يمكن أن يصدّق . و لن نعلّق هنا بأكثر من قول أوّلا ، إسألوا من عرف عن كثب و خبر هذا الأمين العام و سلوكه لتحصلوا على ما يسفّه حيلة التعجّب ؛ و ثانيا ، و الأهمّ بالنسبة لنا هو أنّنا ناقشنا و نناقش مضامين كتب و مقالات منشورة ، علنيّة و رسميّة و لا هدف لنا سوى نقد الخطّ الإيديولوجي و السياسي لتوضيح خطوط التمايز بين ممارسة الماركسيّة من ناحية و التحريفيّة و الإصلاحيّة من الناحية الأخرى . و الخطّ الإيديولوجي و السياسي لهذا الحزب كما أجلينا في الكتاب الذى أفردناه له يثبت بما لا يدع أدنى ظلّ للشكّ أنّ هذا الحزب و أمينه العام ، أقلّ ما يقال ، يشوّهان الماركسيّة و لا يدافعان عن النظرة الشيوعيّة الثوريّة لقضيّة النساء ، نصف السماء !
و تخصّ ملاحظتنا الثالثة تمادى اللارفيق في الشتيمة التي نهانا عنها لينين كما مرّ بنا . و بصفة ساخرة نوعا ما ، ندعوكم إلى التمتّع معنا ببعض هذه الشتائم المتمحورة حول الحماقة و المبثوثة هنا و هناك أو ضمن سلسلة في جملة واحدة في المقال الثاني وهي تزيد من فضح مدى تشويه كاتبها و حزبه و من لفّ لفّه من الطبول التحريفيّة الجوفاء للماركسيّة :
" - يمارس ... الإفتراء دون ذكاء ،
- ... وقفنا على المزيد من حماقاته ،
- صوّرها له غباؤه ،
- هكذا تفعل الحماقة بصاحبها ،
- الإستنتاجات الغبيّة ،
- حدثت الحماقة ناظم ،
- الحماقة حالت دونه و دون إدراك ...
- بؤس الإفتراء الذى يقترفه صاحب الردّ ،
- في بلد تنطلق فيه ألسن الأغبياء والحمقى و الإنتهازيين و المرتزقة الآن فقط لتزعم الثوريّة و تمارس المزايدة الخسيسة،
- يفصح عن وجهه بإعتباره من جنس الغباء الذى يرافق الحمقى و المغفّلين في أقوالهم و أفعالهم ."
هذا غيض من فيض جادت به قريحة حزب الكادحين المشوّه للماركسيّة في المقال الثاني و حسب . و نلمس هنا كيف يحل ّ هذا الحزب الشتيمة و القذف محلّ الأخلاق الشيوعيّة و المنهج العلمي في السجال الإيديولوجي و السياسي في مسعى خبيث لتمريغ وجه ناظم في الوحل آملا أن يمرّ الأمر بسلام إلاّ أنّه وهو يقذف بما تطفح به أحشاؤه التي نخرتها التحريفيّة يميط اللثام عن جوانب أخرى من خطّه الإيديولوجي و السياسي التي لا علاقة له بالماركسيّة سوى كونه نقيضها وهو لا يخدم كشف الحقيقة بل مصلحة فرديّة و فئويّة تمضى ضد المصالح الجوهريّة للبروليتاريا العالميّة و تحرير الإنسانيّة من كافة أنواع الإستغلال و الإضطهاد الجندري و الطبقي و القومي فهذا التحرير يحتاج إلى الحقيقة و العلم ، علم الشيوعيّة ، لا إلى هذيان حزب الكادحين المصاب بضربة شمس تحريفيّة أفقدته توازنه .
و نترك للقرّاء الحكم على هذا الحزب : هل هو حزب الكادحين أم حزب المخاتلين ؟
أ- جوانب من منهج المخاتلين ؟
و ممّا يسترعى الإنتباه عند مطالعة المقال الثاني للمتهجّم على ناظم الماوي إعتماده على المختلة و الإحتيال و إليكم نماذج من ذلك :
1- تلاعب بمعنى عبارة " أولاد الحفيانة " :
للوهلة الأولى ، شدّ نظرنا أنّ المقال الثاني برمّته يدافع عن نصّ كتبه الأمين العام للحزب " إبّان إنتفاضة 17 ديسمبر " ( قال اللارفيق في توصيف يتغيّر من نصّ لآخر من نصوص حزب الكادحين كما أوضحنا في كتابنا عن ذلك الحزب ) و يسهر على ذكر الكتاب الذى ورد فيه النصّ و يحدّد أكثر من ذلك الفصل بالذات في مجهود لم يبذله عند ذكر جمل و عبارات ينسبها لناظم الماوي [ في إنسجام تام مع ما أنف من تحليلنا لإنكاره الوجود الموضوعي لكتاب ناظم !!! ] ، إلاّ أنّه لا يطلع القارئ على العنوان الحقيقي لذلك النص موضوع النقاش ( وهو على وجه الضبط " سيدي بوزيد التونسية : أبناء حافية القدمين " ) حتّى يتسنّى له إحضار أو تغييب المعانى و الدلالات و تأويلها كما يعنّ له إمعانا في تضليل القرّاء و تطبيقا لفنّ المخاتلة الذى يتقنه هذا الحزب .
و عقب لفّ و دوران يمرّ المنافح عن نصّ العليبي من الدفاع إلى الهجوم فيتّهم ناظم بأنّه " لم يدرك ... كنه عبارة " حافية القدمين و لا مغزاها " و يسترسل في المغالطة ليبلغ هذيانه قمّته مع تصريحه الأسخف من السخيف بأنّ " حافية القدمين " " تفيد ( إستعدّوا و أربطوا أحزمتكم كي لا تطير عقولكم ! ) الكفاحيّة و العزّة و الكبرياء " . أكاد أسمع ردّ فعل القرّاء : " و يقول عن ناظم أحمق ! " . إنّه يقلب الحقيقة رأسا على عقب و يحوّل الشتيمة إلى مديح في شطحة من شطحات إنسان حرارته إرتفعت إلى درجة أفقدته إدراكه بالواقع المادي الملموس .
و لعلّ من القرّاء من سيقترح على هذا الحزب أن ينسجم مع نفسه فيغيّر إسمه إلى " حزب أولاد الحفيانة " ( أبناء حافية القدمين = أولاد الحفيانة باللهجة الدارجة الشائعة الإستعمال شعبيّا ) لتفهم جيّدا الجماهير الواسعة أنّه رمز " الكفاحية و العزّة و الكبرياء " ! و لعلكم تساءلتم مثلنا ، ماذا سيكون ردّ أبناء و بنات و نساء و رجال سيدى بوزيد ، لو وقف فيهم الأمين العام لذلك الحزب خطيبا و إستهلّ خطبته العصماء ب " يا أولاد الحفيانة " ؟ و نترككم لحظة تتصوّروا ثناء الجماهير الذى سيقابل به !!!
2- إنكار صلة عنوان مقال و مضامينه بمسألة المرأة :
يورد نصّ الأمين العام لذلك الحزب عبارة " أولاد الحفيانة " في عنوان مقاله و في ثناياه و يأتي اللارفيق ليقسم بالأيمان الغليظة بأنّ " نصّ العليبي لا علاقة له بمسألة المرأة " ! بعبارات نستعيرها من أبى العلاء المعرّي " هذا معناه ليست لنا عقول " !
ما يفعله اللارفيق يساوى ، على سبيل المثال ، قول إنّ هذا الشريط السينمائي يتحدّث عن الحرب و إذن لا علاقة له بمسألة المرأة رغم مشاركة النساء في الحرب و تأثيرات الحرب عليهنّ . مهما كان الموضوع الرئيسي و الأساسي المتطرّق له ، لا يمكن موضوعيّا إنكار وجود مواضيع ثانويّة أو تفرّعات و علاقات له بمواضيع أخرى ، وحده من لا يفقه شيئا من الماديّة الجدليّة ، يتمسّك بالفصل المثالي الميتافيزيقي و في موضوع الحال و الموضوع الرئيسي هو الإحتجاجات الشعبيّة ، من غير الممكن إنكار علاقته بقضيّة النساء خاصة و أنّ الأمر يتعلّق ب" أولاد الحفيانة " بداية من العنوان و في ثنايا النصّ . اللارفيق و حزبه يتحدّث عن " أولاد الحفيانة " فيعلى الأولاد و يسقط " الحفيانة " و يتحدّث عن السماء / الجماهير و يسقط " نصف السماء " / النساء !
همّ اللارفيق هو تبرئة الأمين العام لحزبه من تهمة ثابتة و ذلك بأيّة وسيلة حتّى و إن إستدعى الأمر التنكّر للواقع المادي الموضوعي ليس المحلّي فقط بل العالمي أيضا حيث سوّى بين عبارة " أولاد الحفيانة " و بين التجربة الرائدة في الصين الماويّة ، تجربة الأطبّاء حفاة الأقدام و تاليا وظّف هذا التضليل ليؤسّس حكما يضرب عرض الحائط بأبسط قواعد المنطق العلمي السليم مستنتجا "... هؤلاء الأطبّاء ألحقت بهم الصين الماويّة الإحتقار و الإزدراء تماما كما فعل العليبي حسب زعمه ألم تصفهم بحفاة الأقدام ؟!!" . حقّا يا لارفيق إن لم تستح فإفعل ما شئت !
مثلما أعرب عن ذلك ماركس و إنجلز في " بيان الحزب الشيوعي " ، الأفكار السائدة في كلّ مجتمع هي أفكار الطبقة أو الطبقات السائدة و العليبي يكرّر دون نقد كالببّغاء عبارات و أفكار سائدة شوفينيّة ذكوريّة تتخلّل الخطاب الإيديولوجي والسياسي والاجتماعي والثقافي لأنّه و حزبه لم يقطعا مع السائد و لم يغيّرا ، و لم يسعيا إلى تغيير ، نظرتهما إلى العالم . و تظلّ لدى كلّ من لم يجر قطيعة جذريّة مع الأفكار السائدة و لم تتحوّل نظرته إلى نظرة شيوعيّة إلى العالم ، شطحات يمنة و يسرة و قد تطفو إلى السطح الشوفينيّة الذكوريّة في الحديث عن أي موضوع و لو كان كرة القدم أو سواها فما بالك بموضوع الإحتجاجات و الإنتفاضات و الثورات . و معلوم هو رأي ماركس و لينين بصدد المرأة في علاقة بهذه الأحداث التاريخيّة و لا نظنّنا هنا في حاجة إلى إيراد إستشهادات بهما في هذا الغرض .
3- تعظيم الذات و تقزيم الخصم :
متوغّلا في المغالطة تلو المغالطة ، و في محاولة لحرف إنتباه القراء عن جوهر موضوع النقاش ، طفق الكاتب باسم حزب الكادحين و أصدقائه ، قال ، يتطاوس راويا أحداثا بمدينة المكناسي و كيف أنّ الأمين العام دعا إلى اجتماع و ترأّسه يوم 24 ديسمبر 2010 و أنّ الاجتماع تحوّل إلى إشتباكات سقط في غمارها أوّل شهداء الإنتفاضة ... ليخرج العليبي بطلا و فارسا لا يشقّ له غبار من جهة و ليثير سؤالا قصد منه إحراج ناظم و تقزيمه : " في ذلك الوقت ... ترى ماذا كان ناظم " الماوي " يفعل ، هل خرج في مظاهرة مثلا ؟ هل دبّج بيانا أو كتب مقالا ؟ " .
لا ريب في أنّكم لاحظتم معنا أنّ اللارفيق بوضعه " الماوي " بين ظفرين ، يعمل على نزع هذه الصفة عن ناظم مع أنّه لم يعلمنا من هو الماوي إذن ؟ و في ما مرّ بنا فقرات تردّ على ترّهات هذا اللارفيق و حزبه الشبيهة بترّهات معمّر القذّافي كما حلّلنا بيد أنّنا مضطرّون إضطرارا إلى إضافة التالى ذكره :
أتعنى مشاركة رجل أو امرأة في اجتماع أو ترؤّس هذا الاجتماع المسك بالحقيقة و أنكى من ذلك التحوّل إلى معصوم أو معصومة من الخطأ لا يمكن نقده أو نقدها ! إن كانت المشاركة أو الترؤّس صكّا نضال و بطولة و علامة على المسك بالحقيقة ، فليقم هذا الحزب بإحصاء عدد دعوات المناضلين و المناضلات عبر البلاد قاطبة لإجتماعات و ترؤّسهم لها و بعدها ليخبرنا بمرتبة العليبي في النضاليّة والبطولة إلخ (علما و أنّ هذه المعايير والمقاييس ليست من الماركسيّة أصلا ). و يعمل اللارفيق هذا على جعل العليبي المناضل الأكبر أو " مجاهدا أكبر " ( في إحالة على وصف إلتصق بالحبيب بورقيبة الذى كان رئيسا لدولة الإستعمار الجديد في تونس و كان بالفعل ، تاريخيّا العميل الأكبر للإمبريالية ) جديدا و الحال أنّه لا ينطبق على الأمين العام لحزب الكادحين إلاّ وصف " المخاتل الأكبر " في حزبه !
و بطبيعة الحال لن نجيب عن سؤال ما كان يفعله ناظم في ذلك الوقت ، فلسنا ليبراليين مثل اللارفيق و أشباهه بل من الثابتين على مبدأ الإنضباط البروليتاري و عدم الخوض في هكذا مواضيع في العلن و على الأنترنت كما لا ننفى أو نؤكّد كلام اللارفيق عن أنّ ناظم " يسكن حيّا راقيا بتونس العاصمة يقع في الضاحية الشماليّة " و بغض النظر عن تعبير" راقية" و دلالاته و ما يفيده نقيضه ، نشرح للقرّاء أنّ ما يتغيّاه اللارفيق من هذا الكلام الليبرالي هو من ناحية إيحاء بأنّ ناظم فضلا عن كونه " أحمق " و " جبان " و " دون ذكاء " و " غبيّ " و " إنتهازي " و هلمجرّا ، برجوازي جاهل بما " يعلمه أهل سيدى بوزيد " . و ما تفصح عنه هذه الشتيمة الإضافيّة لناظم هو موقف من جنس الجهل المفزع بالماركسيّة و بالواقع الموضوعي .
و حيال طفوليّة حزب الكادحين المتّصلة بمسألة الحيّ الذى يسكن به فلان أو علاّن في جدال نظري و سياسي و لكي نكشف أكثر وجها آخر من أوجه تشويه الماركسيّة ، نتوجّه بالدعوة إلى هذا الحزب المتمركس و أتباعه و أشياعه أن يدرسوا مليا و عن كثب المؤلّفات الماركسية الكلاسيكيّة وأن يفتّشوا و يعيدوا التفتيش في ثناياها و يمدّونا أو يعلموا القرّاء بمقال أو كتاب تناول فيه ماركس أو إنجلز أو لينين أو ستالين أو ماو تسى تونغ بالبحث الحي الذى يسكنه أو قد يكون يسكنه خصمهم في النقاش الإيديولوجي و السياسي على أنّه حجّة نظريّة متينة ضدّه !
و لنفترض جدلا أنّ كلام اللارفيق عن الأحياء " الراقية " صحيح ، قد ينبرى طفل أو تنبرى طفلة لتفنيد تلك الخزعبلات على النحو البسيط التالي : في أي حيّ تقطن أنت ؟ في أي حيّ يقطن أمينك العام ؟ و في أي نوع من الأحياء يقطن بقيّة أعضاء الحزب ؟ ثمّ ألا توجد أحياء " راقية " في سيدى بوزيد ؟ و أكثر من ذلك ، ألا يوجد أغنياء و أصحاب الملايين و المليارات في سيدى بوزيد ذاتها ؟ ألا ينتمى إلى حزبكم برجوازيّون صغار و غيرهم ؟ و لماذا لم تقولوا ذات الكلام للشهيد شكرى بلعيد و من المعلوم أين كان يقطن زمن إغتياله ؟...
و نتدخّل نحن لنردف تلك الأسئلة الإنكاريّة بجملة من الملاحظات أوّلها أنّ الماركسيّة لا تحكم على صحّة أو عدم صحّة موقف ما إنطلاقا من مكان سكن صاحبه . فمعيار الحقيقة الماديّة الموضوعيّة هو مدى عكسها للواقع المادي الموضوعي المتناقض و من هنا ندرك أنّ أهمّية مصادر الماركسيّة الثلاثة و أقسامها المكوّنة الثلاثة في ظهور الماركسيّة كتتويج للفكر الإنساني و قطيعة مع ما ينطوى عليه من رؤى مثالية و ميتافيزيقيّة ، الاقتصاد السياسي الأنجليزي و الفلسفة الألمانيّة والإشتراكية الفرنسيّة و تطوّر العلوم و كافة هذه المجالات كانت يسيطر عليها برجوازيّون غالبا ويقطنون " أحياءا راقية". و إلى يوم الناس هذا ، لا يزال العلماء و المفكّرون في الغالب الأعمّ من البرجوازيين الصغار و المتوسّطين و غيرهم و من واجب الشيوعيين إستقطاب بعضهم ليشكّلوا المثقّفين الثوريين و العلماء الذين تحتاجهم الثورة البروليتارية العالمية و هي غير ممكنة دونهم . الشيوعيّة علم و علم الشيوعيّة يحتاج إلى علماء من كلّ صنف و لون و الوعي الشيوعي لا يولد عفويّا في صفوف الجماهير بل ياتى البروليتاريا نفسها من خارج نشاطها اليومي كما أجلى ذلك لينين بإقتدار في عمله المنارة " ما العمل ؟ " كواحد من المؤلّفات التي يمقتها تقريبا كلّ التحريفيين بجميع أرهاطهم .( و أمّا مسألة إنصهار المثقّفين الثوريين في صفوف البروليتاريا والطبقات الشعبيّة فمسألة يطول فيها الحديث وليس هذا مجالها ).
كان ماركس و إنجلز و لينين من منظور الموقع الطبقي برجوازيين ينحدرون من طبقات برجوازيّة . و قد سكنوا في فترة أو أخرى من حياتهم في " أحياء راقية " . و لينين و ستالين و ماو ، ألم يسكنوا القصور عند تولّهيم قيادة الدولتين الإشتراكيتين، الإتحاد السوفياتي زمن لينين و ستالين و الصين الماويّة ؟ في الحقيقة تبنّى قادة البروليتاريا العالميّة ، و غيرهم كثيرون، النظرة الشيوعيّة للعالم و كرّسوا حياتهم لخدمة الثورة الشيوعيّة وتحرير الإنسانيّة، ف" خانوا طبقتهم " البرجوازيّة ، و أنجزوا ما يطلق عليه الإنسلاخ الطبقي ، واضعين أنفسهم في خدمة البروليتاريا العالمية ومهمّتها التاريخيّة. هذا هو بعجالة المحدّد في علاقة الموقع الطبقي بالموقف الطبقي بالنسبة لغير البروليتاريين ، في هذا الجانب من المسألة موضوع النقاش .
و علاوة على ذلك ، هل تقتضى معرفة الأشياء و الظواهر و السيرورات تواجد الإنسان مباشرة على عين المكان ؟ لا يجيب بنعم على هذا السؤال إلاّ التجريبيين و الماركسيّة تقف ضد التجريبيّة في نظريّة المعرفة . و ليس هنا مجال التوسّع في الشرح لذلك حسبنا مثال بسيط هو ما نعرفه عن القمر ، هل داست أقدامنا سطحه ؟ قليلون جدّا من تسنّى لهم ذلك من مستكشفى الفضاء و مع ذلك بمقدورنا أن نؤلّف كتبا عن هذا المنير لليالينا أحيانا . أضف إلى ذلك ، أتعتقد جماعة حزب الكادحين أن " أهل سيدى بوزيد " منفصلين عن بقيّة البلاد و العالم ؟ و لا يوجد أبناؤهم و بناتهم في مناطق أخرى ؟ أو أنّ أبناء و بنات و نساء و رجال المناطق الأخرى لا يزورون و لا يتعاملون مع أناس من سيدى بوزيد ؟ في عالم اليوم ، عالم شبكات المواصلات بأنواعها و شبكات الإتصال الهاتفيّة و الاجتماعية و الأقمار الصناعيّة ، المثاليّة الميتافيزيقيّة و الجهويّة وحدهما يوصلان المخاتلين إلى تجهيل الناس و مصادرة حقّهم في إبداء الرأي و النقد لا لشيء إلاّ لأنّهم لا يقطنون في مكان معيّن .
4- تناقضات ناظم الماوي المزعومة :
في مقدّمة المقال الأوّل ، ألمح اللارفيق إلى أخطاء كثيرة في كتاب ناظم ، لغويّة منها و معرفيّة إلخ و في طيّات المقال تعرّض لخطأ ثانوي و ثانويّ جدّا أقام عليه صرحا من الإستنتاجات الواهية وهو خطأ بشأن وفاة آلان باديو وهو لا يزال على قيد الحياة ، و بعدئذ نسي اللارفيق ما وعد به من تناول لتلك الأخطاء الكثيرة حسب زعمه . وفى الفقرة الأخيرة من مقاله الثاني ، ألمح اللارفيق هذا إلى " تناقضات " ناظم الماوي و لم يتعرّض إلاّ لواحد نسلّط عليه الضوء في الحال . و التعميم و التعويم و التهويل و التضخيم من الوسائط المعتادة لدى التحريفيين المستهينين بالحقيقة و بالدقّة العلميّة لذا يجب الإنتباه كي لا نُخدع .
جاء على لسان الكاتب بإسمه و باسم حزب الكادحين و أصدقائه ، قال ، : " بقيت تهمة الجهويّة التي سنعود إليها في مناسبات لاحقة فالطريف أنّ ناظم " الماوي " في مواضع أخرى من ردّه يتّهم صاحب كتاب " تونس:الإنتفاضة و الثورة " بالإنحياز إلى المنطقة التي ينحدر منها ، و نعنى سيدى بوزيد ، بينما يقدّمه لنا هنا على أنّه يشتم أهلها بسبب أمّهم ذات الأقدام الحافية !!! فكيف يكون العليبي هذا و ذاك في نفس الوقت ؟ "
في إعتقادنا أنّه من اليسير على القرّاء الآن أن يتفطّنوا إلى أسلوب المراوغة و الوعود الكاذبة على غرار " " تهمة الجهويّة التي سنعود إليها في مناسبات لاحقة " و التي تشبه ما سبق من وعد بتناول الأخطاء اللغويّة و المعرفيّة التي تبخّرت رغم إلحاحنا في دعوتنا إلى نقاش ردّ حزب الكادحين على نقد ناظم الماوي لخطّه الإيديولوجي و السياسي ، على أن يوفي هذا الحزب بوعوده لكن هيهات ، لا حياة لمن تنادى !
الجهويّة ما هي بتهمة أصدرناها جزافا ، لا ، لقد كانت خطّا ثابتا شرحنا تجلّياتها المتنوّعة في فقرات كتابنا " حزب الكادحين الوطني الديمقراطية يشوّه الماركسيّة " و لا نرى داعيا هنا لتكرار ما شرحناه سابقا . لكن هل تتناقض الجهويّة و الذهنية الذكوريّة ؟ هل يتناقض قول إنّ الأمين العام لذلك الحزب يكرّس الجهويّة و في الوقت نفسه يكرّس الشوفينيّة الذكوريّة ؟ ما من تناقض في هذا إلاّ في ما يصوّره المنطق الشكلي المثالي الميتافيزيقي لصاحب المقالين.
الذهنيّة و الممارسات الذكوريّة لم و لا تتخلّل منطقة أو جهة فحسب و إنّما تتخلّل و تخترق راهنا كافة المجتمعات الطبقيّة على كوكبنا كما تخلّلت تاريخيّا العبوديّة و الإقطاعية إلخ و ذلك منذ ما نعته إنجلز بالهزيمة الكبرى للمرأة و النظام الأَموي ( أسرة عمادها المرأة ) و إنتصار البطرياركيّة أو النظام الأبوي المرتبطين بالملكيّة الخاضة ، في كتاب " أصل العائلة و الملكيّة الخاصة و الدولة " . و الجهويّة ، أو التعصّب الجهويّ ، موجودة أيضا لدى الكثير من الناس في بلدان عربيّة و غير عربيّة . و الذهنيّة الذكوريّة و الجهويّة مستويان مختلفان من العلاقات الإجتماعيّة لا ينفى الواحد منهما الآخر و بالتالى حكمنا على العليبي صائب و لا تناقض فيه موضوعيّا و واقعيّا فهو ذكوري الذهنيّة و جهويّ في آن معا. و في ما يتّصل بقضيّة المرأة، تجسّد كتابات الأمين العام لحزب الكادحين العقليّة الذكوريّة و خطّ إيديولوجي و سياسي مناهض للشيوعيّة الثوريّة التي عرضنا أهمّ مواقفها في كتابنا المخصّص لنقد الخطّ الإيديولوجي و السصياسي لحزب الكاديحن . و في علاقة بالجهة ببقيّة البلاد و بالعالم ، ينشر الجهويّة وهو لمن يستخدم الماركسية كمجهر و منظار كما أوصى بذلك ماو تسى تونغ ، على بعد سنوات ضوئيّة من الأممية البروليتاريّة .
بإختصار شديد في قضيّة النساء ، نصف السماء كما في عديد القضايا الأخرى التي تناولناها بالبحث في كتابنا و هنا ، لا مفرّ من الإقرار بحقيقة أنّ حزب الكادحين يشوّه الماركسية و هو من المفلسين الذين لم يفقهوا شيئا من ما أكّد عليه إنجلز منذ قرن و بضعة عقود :
سيكون واجب القادة على وجه الخصوص أن يثقّفوا أنفسهم أكثر فأكثر فى جميع المسائل النظريّة و أن يتخلّصوا أكثر فأكثر من تأثير العبارات التقليديّة المستعارة من المفهوم القديم عن العالم و أن يأخذوا أبدا بعين الإعتبار أنّ الاشتراكيّة ، مذ غدت علما ، تتطلّب أن تعامل كما يعامل العلم، أي تتطلّب أن تُدرس . و الوعي الذى يُكتسب بهذا الشكل و يزداد وضوحا ، ينبغى أن يُنشر بين جماهير العمّال بهمّة مضاعفة أبدا..."
( ذكره لينين فى " ما العمل ؟ " )
ب- المقارنة تساعد على الفرز بين الحقيقة و الإفتراء :
و في ختام هذه النقطة ، ندع القرّاء يقارنون ما دبّجه اللارفيق من تزييف للوقائع بما خطّه قلم ناظم في كتابه عن حزب " المخاتل الأكبر " :
1/ النقطة ب من الفصل السادس من بحث " تشويه الماركسية : كتاب " تونس : الإنتفاضة و الثورة " لصاحبه فريد العليبي نموذجا " ضمن كتاب " حزب الكادحين الوطني الديمقراطي يشوّه الماركسيةّ " ( مكتبة الحوار المتمدّن ) :
- تغييب النضال ضد إضطهاد نصف السماء/ النساء مرحليّا :
حقّا أثار الإشمئزاز عنوان نص " سيدي بوزيد التونسية : أبناء حافية القدمين " ذلك أنّنا شعرنا بتضمّنه إساءة للنساء أكثر منه رفعا لتحدّي و نشرح فنقول إنّ الصيغة تلصق الإهانة بالمرأة مرّتين ، فى شخصها لأنّ العبارة شعبيّا شتيمة و كذلك تلحقها بفعل إلصاقها بأبنائها الذين يهانون بسبب أمّهم فتكون النتيجة شتيمة مزدوجة للمرأة و تكون المرأة سببا فى شتم أبنائها . و كان بإمكان أستاذ الفلسفة أن يستعمل صيغة " حفاة القدمين " فتؤدّي المعنى و تعبّر عن نوع من التحدّي و لا تلحق الأذى بالمرأة من منطلق ذكوري يجعل المرأة سبب شقاء الأبناء و الرجل ما يحيلنا على الأسطورة الدينية التى تكرّس دونية النساء ، أسطورة حوّاء التى تسبّبت فى خروج آدم من الجنّة و ما إلى ذلك .
ومن لديه أدنى إطّلاع على التجربة الإشتراكية الصينية الماوية سيلتقط التشابه فى عبارة " حفاة القدمين" فمن المكاسب المذهلة للحقبة الماوية فى الصين تجربة " الأطبّاء ذوى الأقدام الحافية " الذين وفّروا الرعاية الصحّية الأساسية و الضرورية الإستعجالية لجماهير الشعب فى الريف و القرى النائية و حتى فى الحقول المليئة ماء أثناء غراسة الأزر و من هنا أتت تلك التسمية ...
و غدت هذه التجربة المذهلة المعبّرة عن خدمة الصين الماوية للشعب من أهمّ معالم المكاسب التاريخية للبروليتاريا العالمية وهي تجربة سرعان ما قضت عليها صين دنك سياو بينغ و أشياعه الذين أعادوا تركيز الرأسمالية فى الصين بعد إنقلاب 1976 .
و نسترسل لنسجّل بالخطّ العريض أن صاحب الفكر الذكوري فى الفصل الثالث من كتابه و على وجه الحصر " الإنتفاضة و الديمقراطية " أزاح قضية المساواة و تحرير المرأة إزاحة تامة من كلامه و قذف بها خارج إطار المسألة الديمقراطية ليدلّل على أنّه ليس فقط غير ماركسي أو " متمركس" و حسب بل ليس حتى ديمقراطي برجوازي .
و سيضطرّ إضطرارا و عن مضض لمعالجة سريعة فى فقرتين للقضية فى إجابته على أسئلة وجهها له موقع الحوار المتمدّن فى علاقة بالإنتفاضة و منها سؤال مباشر ما كان بوسعه مراوغته كلّيا فأجبر على الإجابة و السؤال هو : " قوى اليسار معروفة بكونها مدافع عن حقوق المرأة و مساواتها و دورها الفعّال، كيف يمكن تنشيط و تعزيز ذلك داخل أحزابها و على صعيد المجتمع؟ ".
لكنّه فى إجابته لجأ إلى المراوغة الجزئية و لم يجب على جانب من السؤال ، الجانب المتصل ب" كيف يمكن تنشيط دور المرأة الفعّال و تعزيزه داخل أحزاب " اليسار". و زيادة على ذلك نطق بكلام يستحق منّا التوقّف عنده و النظر فيه.
1- " إنّ دورهنّ فى الثورة ، مهمّ جدّا ، و تعزيز هذا الدور يقتضى ذهاب الثوريين إلى المعامل و الحقول و المعاهد و الجامعات لتنظيم جمهور النساء ، و فى خضمّ الكفاح ستفرض المرأة المناضلة حضورها ، و لن تحتاج لمراسيم حزبية رجالية لكي تتصدّر القيادة هنا أو هناك " ( ص 100).
و نعلّق موضّحين أوّلا أنّ دور المراة فى الثورة ليس " مهمّا جدّا " فحسب بل هو دور حاسم فدون المشاركة الفعّالة للمرأة لن توجد ثورة بالمعنى الماركسي- اللينيني- الماوي ، ثورة تقودها البروليتاريا و حزبها المسترشد بعلم الثورة البروليتارية العالمية و غايتها الأسمى بلوغ الشيوعية وهذا يصحّ على الثورة الديمقراطية الجديدة الممهدّة للثورة الإشتراكية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات كما يصحّ على الثورة الإشتراكية فى البلدان الإمبريالية ؛ و موضّحين ثانيا أن الحديث عن " ذهاب الثوريّين إلى المعامل ..." تفوح منه رائحة الذهنية الذكورية لدي الكاتب حيث لم يقل الثوريين و الثوريّات ، و كأنّه ينفى وجود الثوريّات أو ينتقص من قيمة نضالهن و هكذا نلمس مجدّدا عمليته المفضّلة : تغييب كلّ ما لا يتماشي و خطّه الإيديولوجي و السياسي و نظرته المثالية الذاتية و ذهنيته الذكورية المعادين طبعا للشيوعية الحقيقية .
و إلى هذا يضاف أنّ المسألة ليست مسألة " فرض المرأة حضورها " فهي حاضرة أراد من أراد و كره من كره و إنّما المسألة من منظور بروليتاري مسألة خطّ شيوعي ثوري يقود تحريرالنساء من الإستغلال والإضطهاد الجندري والطبقي والقومي و مسألة تكريس هذا الخطّ عمليّا بإيجاد حركة نسائية ثورية و تعزيز الدور الفاعل للمرأة داخل الأحزاب البروليتارية بالسعي ليس فقط لتنظيم صفوف النساء و لكن و جوهريّا بتكوين قياديات بروليتاريات شيوعيات ثوريات بأعداد وافرة . علينا عمليّا تطبيق شعار ماو تسى تونغ " النساء نصف السماء" و كذلك شعار الصين الماوية : " كل ما يستطيع الرجل القيام به تستطيع المرأة القيام به " و من الآن يقتضى الأمر السعي الدؤوب لإيجاد قياديات شيوعيات بأوفر أعداد ممكنة وتشجيع كلّ جهود تنصبّ فى هذا الإتجاه . و هكذا ليست المسألة مسألة " مراسيم رجالية " بل هي مسألة خطّ إيديولوجي و سياسي صحيح حزبي و طبقي أفقه تحرير النساء و الإنسانية جمعاء و تكريسه ينطلق من الآن و هنا فالنضال ضد إضطهاد النساء ركيزة من ركائز الإعداد للثورة البروليتارية العالمية بتياريها .
2- " إنّ المطلوب هنا هو الإهتمام رئيسيا بنضال المرأة فى المعامل و الحقول ، و عندها سيتحقّق الإرتباط الضروري بين كفاح النساء و الرجال من أجل التحرّر الوطني الديمقراطي و التقدّم على طريق الكفاح من أجل الإشتراكية فتحرّر النساء جزء من تحرّر الشعب نفسه و لا يمكن أن يكون بديلا عنه ".
و نعلّق معيدين للأذهان حقيقة فاقعة مفادها أنّ إضطهاد نساء الطبقات الشعبية مركّب فى المستعمرات و أشباه المستعمرات فهو إضطهاد قومي و طبقي و جندري/ ذكوري أيضا و هذا الإضطهاد الأخير هو الذى يريد منّا صاحب الذهنية الذكورية أن نحجبه فى حين أنّه جبهة من الجبهات التى تستلزم العناية الأكيدة من البروليتاريا و تستلزم من الثوريين و الثوريات إنشاء الأطر التنظيمية خارج الحزب و داخله لرسم الخطّ و السياسات و البرامج و تكريسها عمليّا نحو دفع تحرير النساء كقوّة جبّارة من أجل الثورة، على كافة الأصعدة إلى أقصى درجة ممكنة فى كلّ لحظة من لحظات النضال الذى لا ينقطع و كلّ مراحل الثورة و قبلها و بعدها ، إلى بلوغ الشيوعية عالميّا .
صاحب الذهنية الذكورية شأنه فى ذلك شأن الكثيرين من المتبنّين للشيوعية قناعا و قولا و ليس فعلا يؤجلون النضال على هذه الجبهة الأساسية فى المجتمع ككلّ و حتى داخل الحزب الثوري ذاته و تنظيماته بدعوى التركيز على المسائل الأهمّ و المسائل الوطنية و الديمقراطية الأعمّ . وهو نتيجة لذلك لا يرى وجوب النضال ضد إضطهاد النساء داخل الأسرة مثلا و لا يرى حاجة لخوض النضال على الجبهة الإيديولوجية ضد العراقيل و التقاليد و العادات و الممارسات الذكورية التى تكرّس دونية المرأة . و النضال ضد إضطهاد النساء المركّب و بالمعنى الذى فسّرنا ليس " بديلا عن " تحرّر الشعب و إنّما هو جزء لا يتجزّا منه يكسر القيود و يطلق العنان للنساء كقوّة جبّارة من أجل الثورة .
و على الرغم من منتهى الأهمّية التى تكتسيها قضية المساواة و تحرير النساء بما هي مطلب ديمقراطي، فإنّ تحرير المرأة تحريرا ناجزا تاما و كلّيا من نير الإستغلال و الإضطهاد الذكوري و القومي و الطبقي لن يحصل ما لم يتمّ بلوغ الشيوعية عالميّا ذلك أنّ إضطهاد المرأة أساس من أسس المجتمعات الطبقية و حتى فى ظلّ الإشتراكية وهي مجتمع طبقي إنتقالي من الرأسمالية إلى الشيوعية ، يظلّ النضال من أجل التحرير التام للنساء واجب يتنزّل فى إطار النضال الشامل للتقدّم صوب الشيوعية و التصدّى للطريق الرأسمالي و ممثليه الذين يعملون وسعهم لإعادة تركيز الرأسمالية .
و قد دلّل ما جدّ فى الإتحاد السوفياتي بعد وفاة ستالين و هزيمة البروليتاريا أمام البرجوازية الجديدة و تغيير لون الحزب و الدولة من حزب و دولة بروليتاريين إلى حزب و دولة برجوازيين و ما جدّ فى الصين بعد إنقلاب 1976 و بلوغ التحريفية السلطة ما يعنى بلوغ البرجوازية السلطة و تحويل الصين الإشتراكية إلى صين رأسمالية ، على أنّه إذا أعيد تركيز الرأسمالية تنتكس قضيّة تحرير النساء و الإنسانية جمعاء و تتبخّر المكاسب المحقّقة للمرأة و يعاد إضطهاد النساء بشتّى الأساليب و بمختلف وجوهه .
2/ النقطة ب من الفصل الرابع من بحث " خطّ حزب الكادحين الإيديولوجي و السياسي يشوّه علم الشيوعية " ضمن كتاب " حزب الكادحين الوطني الديمقراطي يشوّه الماركسيةّ " ( مكتبة الحوار المتمدّن ) :
" ب – تحرير المرأة : كسر كافة القيود أم تجاهل الإضطهاد و الإستغلال الجندري :
بادئ ذى بدء ، نلقى نظرة على مغالطة / مخاتلة إعتمدها كاتب " الربيع العربي ..." ليستهجن نضال الجمعيّات النسائيّة عامة و ليس نضال جمعيّة بعينها .
يروى لنا فى نصّ " المرأة و الثورة " ( تحديدا بالصفحة 64 من الكتاب ) أنّه قد حضر " قبل مدّة ندوة نظّمتها جمعية نسويّة تونسية فإسترعي إنتباهي تركيز إحدى ناشطاتها على رفض " هيمنة الرجال و هيمنة الأحزاب " ، و هذا الخطاب يتجاهل أن معركة الكادحين نساء و رجالا واحدة ، و انّ تحرّر المرأة جزء من تحرّر المجتمع ، فضلا عن أنّ تلك المعركة تحتاج أدوات مثل الحزب الثوري ، و أنّ الجمعيّة النسويّة لا يمكن بأي حال أن تكون بديلا عنه " .
و لسائل أن يسأل أين تكمن المغالطة هنا ؟
يتحدّث صاحب " الربيع العربي ..." عن جمعيّة أوّلا لا يعيّن توجّهها السائد بمعنى هل انّها برجوازيّة إصلاحية أم هي بروليتارية ثوريّة و يكتفى بنعتها بأنّها جمعيّة نسويّة . هذا جانب من عمليّة المخاتلة يطمس المظهر المحدّد لطبيعة الشيء و الجانب الآخر هو " الجمعيّة النسويّة لا يمكن بأي حال أن تكون بديلا ..." عن " الحزب الثوري " . من من الماركسيين يطرح هكذا طرح : جمعيّة بديلا عن الحزب الثوري ؟ لا يمكن أن يصدر هذا إلاّ عن أناس أفكارهم لا تمتّ بصلة للماركسية و بالتالي من غير السليم تعميم الكلام :" جمعية " ! أمّا النسويّة البروليتارية الثوريّة فهي تعتبر نشاطها رافدا من روافد الثورة البروليتارية العالمية و تنظيم من تنظيماتها يقودها مباشرة أو بشكل ما حزب شيوعي بروليتاري ثوري على أن تتمتّع النسويّة البروليتارية الثورية المنظّمة فى جمعيّة أو حركة أو ما شابه من إطار ذو طابع جبهوي لا ينتمى إليه أعضاء حزب معيّن فحسب بنوع من الإستقلاليّة . و الجانب الثالث لهذه المغالطة المخاتلة هو " هيمنة الرجال " و قد إستغلّه الأمين العام لحزب الكادحين لينكر ضرورة النضال و من الآن و خلال كامل السيرورة المفضية إلى الشيوعية عالميّا ضد النظام الأبوى - الذكوري أينما و متى و كيفما تمظهر بما فى ذلك صلب الحزب الشيوعي الثوري ذاته . النظام الذكوري نظام إستغلالي و إضطهادي لذلك هو مرفوض شيوعيّا ، سواء كان المجتمع مستعمرا أو شبه مستعمر أو رأسماليا- إمبرياليا و " هيمنة الرجال " إن كانت تساوى أو تعنى هيمنة النظام الذكوري و المفاهيم و التصرّفات و السلوكات الذكوريّة مرفوضة أيضا ، و كذلك هي مرفوضة شيوعيّا " هيمنة النساء " إن كرّست النظام الذكوري أو حتى نظام تهيمن فيه النساء و يكون إستغلاليّا و إضطهاديّا . إستغلال الإنسان للإنسان لا تقبل به الشيوعية .
و " معركة الكادحين نساء و رجالا واحدة " مقولة قد تبدو للوهلة الأولى صحيحة غير أنّ تفحّصها و تحليل المقصود بالكادحين ، طبقات و فئات إلخ سيبيّن التناقضات صلب الكادحين أنفسهم . و الشيوعيات و الشيوعيون لزاما عليهم النضال ضد أي شكل من أشكال إخضاع النساء و إستغلالهنّ و إضطهادهنّ حتى إن كان المضطهِدون من الكادحين . الكادحة التى يضطهدها الزوج أو الأب أو الإبن ... الكادح تتوحّد معه ضد الطبقات الرجعيّة و الإمبريالية فى جانب من معاركها و لكنّها تصارعه و تقاتل الإضطهاد و الإستغلال الذكوري مهما كان مأتاه . و هذا الكلام ينسحب أيضا على صفوف الأحزاب الشيوعية عينها حيث يتحد الرفاق و الرفيقات ضد الأعداء الرئيسيين دون أن يغفلوا أبدا النضال ضد النظام الذكوري و تأثيراته حتى فى صفوف حزب شيوعي يكون فى مظهره الرئيسي المحدّد ثوريّا.
و لا ننسى أن التناقضات فى صفوف الشعب قد تتحوّل إلى نقيضها وتصبح تناقضات مع الأعداء إذا لم تقع معالجتها معالجة صحيحة من منظور شيوعي ثوري . و عليه شاهدنا أحزابا ماوية توبّخ و/ أو تطرد من صفوفها " رجالا " إعتدوا بشكل أو آخر على أو إستغلّوا أو إضطهدوا بشكل أو آخر رفيقات أو نساء بوجه عام . و هذه الحقائق و السياسات المبدئيّة هي ما يريد الأمين العام لحرب الكادحين إهالة التراب عليه .
و جدير بالذكر أنّ للأحزاب الماويّة التى بلغت حدّا معيّنا من التطوّر منظمات نسويّة بروليتارية ثورية تشرف عليها أساسا رفيقات و تستعين برفاق عند الحاجة و تطبّق بإستقلاليّة نسبيّة برامجا و نشاطات و تقود نضالات تصبّ فى آخر المطاف فى نهر الثورة الهادر و الغاية الأسمى هي الشيوعية على الصعيد العالمي .
و تفيدنا دراسة تجربة حرب الشعب الماوية فى النيبال طوال عقد من الزمن ، من 1996 إلى 2005 ، بأنّ الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) لمّا كان يقوده خطّ شيوعي ثوري حقّا ، طوّر قسما خاصا بالمرأة فى لجنته المركزيّة سعى إلى منحه صلوحيّات خاصّة و نوع من الإستقلاليّة فى تدبّر المشاكل الخصوصيّة و معالجتها و النضال ضد النظام الذكوري مهما كانت تمظهراته . و قد صاغت برفاتي عندها ( قبل تحوّلها هي و بابوران باتاراي زوجها إلى جانب براشندا إلى قيادية للخطّ التحريفي الذى ساد منذ 2005 و خرّب الحزب و حرب الشعب هناك ) مقالات عن مشاركة المرأة فى الثورة و مقاومة النظام الذكوري وتأثيراته حتى صلب جيش التحرير الشعبي الذى كان تحت قيادة الحزب الشيوعي النيبالي(الماوي) ، مقالات من الأهمّية بمكان يتعيّن على الشيوعيّات و الشيوعيين دراستها و الإستفادة منها هي وكامل كتاب شادي الشماوي " تحرير النساء من منظور علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية – اللينينية – الماوية " وهو متوفر على الأنترنت بمكتبة الحوار المتمدن .
وفى نشريّة " طريق الثورة " عدد 18 ، أفرد حزب الكادحين نصّا لقضيّة تحرير المرأة عنونه " مصدر إضطهاد المرأة و سبيل تحريرها " (أتى على الأرجح ردّا غير مباشرعلى مقالات ماويّة ثوريّة نشرت فى مارس 2014 ) خاتل فيه مرّة أخرى ليتجنّب ضرورة النضال ضد النظام الذكوري و تمظهراته حتى فى صفوف الكادحين وأحزابهم و جمعيّاتهم فكتب :
" تعانى المرأة فى ظلّ هذه المجتمعات الطبقيّة من إضطهاد مزدوج . الإضطهاد الأوّل تشترك فيه مع الرجل ، فالنساء تتعرّض لما يتعرّض له الرجال من إستغلال و إستعباد من قبل الطبقات السائدة فى الحقول و فى المصانع و فى الوظائف ... بل إنّهن يعانين من إستغلال أكبر مقارنة بالرجال نظرا للنظرة الدونيّة التى ألحقت بهنّ . أمّا الشكل الثاني من الإضطهاد فهو يرتبط بالإضطهاد الجندري الذى يمارسه الرجل ضدّها ."
فى الواقع فى البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة و المستعمرات الجديدة تعاني نساء الطبقات الشعبية من إستغلال و إضطهاد يكتسى أبعادا ثلاثة ذكرت منها نشرية " طريق الثورة " إثنين و تناست الثالث وهو الإستغلال و الإضطهاد القومي لكن هذا قليل الأهمّية فى موضوع الحال نسبة لمسكنا هنا بهذا الحزب وهو يذكر " الإضطهاد الجندري الذى يمارسه الرجل ضدّها " بيد أنّه لا يعالجه أبدا كتناقض يشقّ المجتمعات الطبقية ذات النظام الذكوري من جهة و كتناقض صلب الشعب من جهة أخرى . و يكتفى بذكره ليعلم القارئ أنّه يعرفه ثمّ يقوم بحركة مراوغة و يخاتل فيركّز النظر على " التحرّر الوطني و الطبقي " فقط و يسقط التحرّر من الإستغلال و الإضطهاد الجندريين .
إنّ حزب الكادحين و أمينه العام يتماديان فى إقتراف إنحراف تأجيل النضال ضد الإستغلال و الإضطهاد الجندري إلى مستقبل غير معلوم . و هذا التأجيل فى خوض هذا النضال الذى دونه لن تطلق الطاقات الجبّارة للنساء ، لنصف السماء ، و لن تتحقّق الشيوعية ، إنحراف قديم منبعه نظرة برجوازية للعالم . فحركة التحرّر الوطني الفلسطينية ، يمينها و وسطها و " يسارها " قد إرتكبت هذا الخطأ ممّا أبقى النظام الذكوري قويّا و بلا تحدّى و جعل المرأة عموما و غالبا تنهض بأدوار ثانويّة جدّا ( و طبعا لسنا فى حاجة هنا لمن يذكّرنا ببعض الوجوه النسويّة البارزة التى قامت بعمليّات بطولية أو نهضت بأدوار هامة و تولّت مسؤوليّات كبرى لأنّنا نتحدّث عن غالبيّة نساء الجماهير الشعبية ، عن القاعدة لا عن الإستثناء). و وجدت القوى الرجعية و الإسلامية الفاشيّة الأرضيّة خصبة لتعميق الإستغلال و الإضطهاد الجندري للنساء و لمحاولة تأبيده فبلغ الأمر بحزب الله اللبناني أن أبعد النساء اللبنانيّات من جبهة القتال المسلح و كبّل عامة الكثير منهنّ بالشؤون المنزليّة .
و قد ناضل عدد كبير من الجزائريّات و إجترحن البطولات أحيانا و كان مآل المرأة الجزائيّة على وجه العموم فى دولة الإستعمار الجديد مجدّدا الدونيّة و التهميش و الإخضاع و " ربع رجل " إعتبارا لتشريع و ممارسة زواج الرجل بأربع نساء فى آن واحد !
تلك أمثلة من الواقع و من التاريخ عن نتيجة النظرة البرجوازية للعالم و الإلتزام بقضيّة تحرير المرأة قولا و مواصلة إضطهادها و إستغلالها فعلا أمّا النظرة الشيوعية للعالم فتتلخّص فى كسر القيود جميعها و بإختصار شديد فى ، أوّلا ، شعار رفعته الحركة الأممية الثورية و لا زالت ترفعه أساسا الأحزاب و المنظّمات المناصرة للخلاصة الجديدة للشيوعية " لنكسر القيود و نطلق العنان لغضب النساء كقوّة جبّارة من أجل الثورة " / و ثانيا ، عنوان مقال للحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) :
" الإعداد للثورة الشيوعية مستحيل دون النضال ضد إضطهاد المرأة !
و تحرير المرأة مستحيل دون بلوغ المجتمع الشيوعي ! "
و قد كثّف بوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، الحاجة إلى النضال ضد كافة أشكال الإضطهاد و الإستغلال بلا إستثناء فى مقولة شهيرة ترجمها و نشرها شادي الشماوي بمناسبة 8 مارس 2014 ألا وهي :
" ليس بوسعكم كسر جميع السلاسل مستثنين واحدة . ليس بوسعكم التحرّر من الإستغلال و الإضطهاد و أنتم تريدون الحفاظ على إستغلال الرجال للنساء . ليس بوسعكم قول إنّكم ترغبون فى تحرير الإنسانية و مع ذلك تحافظون على نصف البشر عبيدا للنصف الآخر . إنّ إضطهاد النساء مرتبط تمام الإرتباط بتقسيم المجتمع إلى سادة و عبيد ، إلى مستغِلِّين و مستغَلّين و من غير الممكن القضاء على كافة الظروف المماثلة دون التحرير التام للنساء . لهذا كلّه للنساء دور عظيم الأهمّية تنهض به ليس فى القيام بالثورة و حسب بل كذلك فى ضمان أن توجد ثورة شاملة . يمكن و يجب إطلاق العنان لغضب النساء إطلاقا تامّا كقوّة جبّارة من أجل الثورة البروليتارية .
( بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 84 ، 8 أفريل 2007. )
و قد بان لنا جليّا تحريف حزب الكادحين لرؤية علم الثورة البروليتارية العالمية لقضيّة تحرير النساء و الإنسانيّة جمعاء ، نقف برهة عند زاوية أخرى من المسألة التى نعالج و المتصلة بمتى تتحرّر المرأة قولا و فعلا وبغيبة أخرى للشيوعية و الخلط بينها و بين الإشتراكية .
فى نهاية " مصدر إضطهاد المرأة و سبيل تحريرها " ، تعثرون على ما يلى :
" و ما دامت هذه المجتمعات الطبقيّة القائمة على الإستغلال و الإضطهاد ، فإنّ معاناة المرأة ستتواصل ، و لن تُمحى هذه المعاناة إلاّ ببلوغ المرحلة الإشتراكية و القضاء على مختلف أشكال الإضطهاد القومي و الطبقي و الجنسي ."
لعلّكم عاينتم مثلنا إستخدام مصطلح " حرّية " مجدّدا بدلا من تحريرالمرأة لكن هذا لا يكتسي الأهمّية و الدلالة التى يكتسيها الخلط بين الإشتراكية و الشيوعية حيث يروّج كاتب النصّ المثالي ل " لن تمحى هذه المعاناة إلاّ ببلوغ المرحلة الإشتراكية فالقضاء على مختلف أشكال الإضطهاد القومي و الطبقي و الجنسي ". و يذهب هذا القول ضد واقع أنّ الإشتراكية ذاتها مجتمع إنتقالي طبقي " لا يزال ، من جميع النواحي ، الإقتصادية و الأخلاقية و الفكرية ، يحمل طابع المجتمع القديم الذى خرج من أحشائه و إن صارت البروليتاريا مهيمنة فيه . لقد أعرب ماركس منذ أكثر من قرن الآن عن أنّ :
1- " ... بين المجتمع الرأسمالي و المجتمع الشيوعي تقع مرحلة تحوّل الرأسمالي تحوّلا ثوريّا إلى المجتمع الشيوعي و تناسبها مرحلة إنتقال سياسية أيضا ، لا يمكن أن تكون الدولة فيها سوى الديكتاتورية الثورية للبروليتاريا ..."
( " نقد برنامج غوتا " و ذكره أيضا لينين فى " الدولة و الثورة " ، الصفحة 92 ) .
2- " إنّ ما نواجه هنا ليس مجتمعا شيوعيّا تطور على أسسه الخاصّة ، بل مجتمع يخرج لتوه من المجتمع الرأسمالي بالذات ؛ مجتمع لا يزال ، من جميع النواحي ، الإقتصادية و الأخلاقية و الفكرية ، يحمل طابع المجتمع القديم الذى خرج من أحشائه ". ( ذكره لينين فى " الدولة و الثورة " ، الصفحة 98 ).
كما يذهب ذلك القول التحريفي المضمون ضد الفهم الذى طوّره ماو تسى تونغ للإشتراكية و نظريّة و ممارسة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا وهي أهمّ مساهماته الخالدة فى علم الشيوعية . ( أنظروا " بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984 ترجمة شادي الشماوي ، ضمن كتابه " علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية – اللينينية – الماوية" بمكتبة الحوار المتمدّن ).
و من هنا يتضح أكثر أنّ حزب الكادحين لم يستوعب الماركسية و لم يستوعب الماويّة و ليس له منهما سوى قشور عبارات متناثرة يتقنّع بها على أنّه ماوي و الماويّة منه براء و يتقدّم عمليّا بخطّ تحريفي برجوازي لا غير .
الإشتراكية ( نمط إنتاج و دكتاتورية البروليتاريا و مرحلة إنتقاليّة طويلة من الرأسمالية إلى الشيوعية ) مجتمع طبقي لا يمّحى فيه كلّيا لا الإضطهاد القومي و لا الطبقي و لا الجنسي و إنّما تسعى فيه الدولة و الحزب البروليتاريين و الجماهير الشعبية بقيادة الشيوعيين حقيقة إلى المضيّ قدما على الطريق الإشتراكي نحو الشيوعية فى حين تحاول قوى الرجعية – مستفيدة من بقاء الحقّ البرجوازي و " طابع المجتمع القديم " و بصفة مباشرة أو غير مباشرة من قوّة الإمبريالية و الرجعية فى العالم – فرض سلوك الطريق الرأسمالي و قلب المسار و إعادة تركيز الرأسمالية . ببلوغ الشيوعية عالميّا يتمّ القضاء نهائيّا على الإضطهاد و الإستغلال القومي و الطبقي و الجندري و سوى ذلك يندرج ضمن الأوهام و المغالطات و المخاتلة و التحريفية و الماركسية المزيّفة . لذلك نعيد عليكم :
" الإعداد للثورة الشيوعية مستحيل دون النضال ضد إضطهاد المرأة !
و تحرير المرأة مستحيل دون بلوغ المجتمع الشيوعي ! "
( إنتهى المقتطف )
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------