|
هل ينجح ترامب في القضاء على اعظم انجازات اوباما؟
محمد معزز الحديثي
الحوار المتمدن-العدد: 5515 - 2017 / 5 / 9 - 03:48
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
يبدو ان عهد الرئيس الامريكي دونالد ترامب سيحمل متغيرات مؤثرة في السياسة الامريكية سواءً على صعيدها الداخلي ام الخارجي، اذ تمكنت إدارة الرئيس ترامب من اقناع اعضاء الحزب الجمهوري في مجلس النواب الامريكي بالتصويت على الغاء قانون الرعاية الصحية الذي شرعه الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما والذي اشتهر باوباما كير، وان اقرار القانون في عهد الرئيس اوباما اعتبر من اعظم انجازات اوباما، وتشير التقارير الى ان توجه ادارة الرئيس ترامب الى الغاء قانون اوباما كير سيحرم قرابة 24 مليون مواطن امريكي من قانون الرعاية الصحية. وكانت ادارة الرئيس ترامب تقدمت بمشروع قانون جديد يقضي بإجراء تعديلات كبيرة على قانون اوباما كير، وهو ما يعني القضاء على الانجاز التاريخي الذي حققه الرئيس السابق باراك اوباما في ولايته الرئاسية الاولى، والذي تمكن بفضله من كسب قاعدة جماهيرية واسعة في الولايات المتحدة لاسيما من الطبقات الفقيرة في المجتمع الامريكي، وتمكن من توظيفها في الانتخابات الرئاسية التي فاز بها عام 2012 وحافظ على منصبه لولاية ثانية، وقد تسبب طرح المشروع الجمهوري الجديد لإدارة ترامب في اثارة جدل واسع في الاوساط السياسية والاجتماعية الامريكية، الامر الذي ادى الى تصاعد الاحتجاجات الواسعة ضد الرئيس ترامب، وقد تم سحب مشروع القانون في 24 نيسان الماضي لعدم حصول اتفاق بين اعضاء الحزب الجمهوري على إقراره، وقد تمكن ترامب اخيراً من اقناع الجمهوريين بالتصويت لصالح المشروع الجديد، وتم التصويت عليه في 4 ايار الجاري وذلك بتصويت 217 عضواً مقابل رفض 213، وقد رفض جميع اعضاء الحزب الديمقراطي في مجلس النواب الامريكي التصويت على الغاء اوباما كير، فضلاً عن رفض حوالي 20 نائب من اعضاء الحزب الجمهوري، وتم ترحيل القانون الى مجلس الشيوخ الامر الذي يتوقع انه سيفضي الى نقاشات متعددة، لاسيما بعد خروج تظاهرات واسعة امام مبنى الكونغرس الامريكي استنكاراً لإلغاء قانون الرعاية الصحية، بيد ان إقراره يعني نجاح الرئيس ترامب فعلاً في القضاء على اعظم انجازات اوباما . يمكن القول ان دراسة وتحليل الابعاد الحقيقة لهذا الاجراء تكمن في الكشف عن طبيعة التوجهات السياسية التي يتبناها الرئيس ترامب ليس على المستوى الداخلي فحسب وانما على المستوى الخارجي كذلك، وان نجاح ترامب في الغاء قانون الرعاية الصحية " اوباما كير" الذي شرعه الرئيس اوباما، يمثل اول نجاح حقيقي في الاختبارات التي تواجه الرئيس ترامب، وذلك من خلال التعهدات التي قطعها في مدة المائة يوم الاولى من حكمه والمتضمنة كل مما يأتي: اعلان ترامب تعهده بإلغاء اوباما كير الى جانب اعادة النظر في عضوية الولايات المتحدة في منظمتي(حلف شمال الاطلسي الناتو و والنافتا التجارية)، وتمزيق الاتفاق النووي مع ايران، ومحاكمة هيلاري كلينتون على قضية بريدها الالكتروني، فضلاً عن تعهده الاساسي بطرد 2 مليون مهاجر من الولايات المتحدة وتسمية الصين بالدولة التي تتلاعب بالعملة. بالرغم من التحديات التي تواجه الرئيس ترامب في تنفيذ تعهداته لاسيما المتعلقة بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة وعلاقتها مع القوى الكبرى والمنظمات الدولية والاقليمية في النظام الدولي، بيد ان دراسة وتحليل البيئة المؤثرة في القيم والمدركات الحاكمة لشخصية الرئيس ترامب، فضلاً عن الفريق الرئاسي المحيط به، توضح بما لا يدع مجالاً للشك ان الإدارة الامريكية الجديدة قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية تسهم في تغيير الملامح والتوجهات الامريكية القادمة، فمن خلال شخصية ترامب المثيرة للجدل وعدم اعتماده على الاسلوب البيروقراطي في اتخاذ القرارات الاستراتيجية، يمكن له اتخاذ قرارات مصيرية من دون التفكير طويلاً في تداعيات تلك القرارات على السياسة الامريكية، كما حدث في توجيه الضربة العسكرية الامريكية لمطار الشعيرات السوري الذي انطلق منه الهجوم الكيمياوي الذي نفذه الرئيس السوري بشار الاسد ضد منطقة خان شيخون، وهو الامر الذي مثل تغييراً جذرياً في الموقف الامريكي الجديد حيال الصراع في سوريا عن الموقف في عهد الرئيس السابق باراك اوباما، والذي توجه له انتقادات واسعة بسبب عدم معاقبته للنظام السوري جراء استعمال الاخير للسلاح الكيماوي، الامر الذي مثل انتهاكاً صارخاً لأحكام القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة. ان نجاح الرئيس ترامب في الغاء قانون اوباما كير سوف يؤدي الى تزايد ثقته باتخاذ المزيد من القرارات المثيرة للجدل، والتي تعهد بها في حملته الانتخابية بالرغم من تعرضه الى انتقادات شديدة داخل الاوساط الامريكية، فضلاً عن تصاعد موجات مناهضة للسياسات الامريكية المتوقعة في ظل ادارة ترامب في الرأي العام العالمي، لاسيما تلك المتعلقة بطرد المهاجرين ومنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، ويتضح ذلك جلياً في القرار الرئاسي الذي اتخذه بمنع دخول مواطني 7 دول اسلامية الى الولايات المتحدة الامريكية، وهذه الدول هي كل من ( سوريا - اليمن - ليبيا – الصومال – السودان – اليمن – العراق – ايران)، ثم تراجع بعد مدة واستثنى مواطني العراق من هذا القرار، وقد مثل ذلك القرار تحولاً مفصلياً في الرؤية العالمية للولايات المتحدة، التي تتمتع بمكانة عالمية متميزة ناتجة من نظامها السياسي الليبرالي الذي يستند الى مبادئ الحفاظ على حقوق الانسان والحريات الفردية وحق التنقل للأفراد واستقبال المهاجرين من مختلف مناطق العالم، وقد حافظت الولايات المتحدة لمرحلة طويلة من الزمن بكونها الدولة الرائدة في استقبال المهاجرين، وامتازت بكونها قبلة الهجرات البشرية من مختلف دول العالم. ويبدو ان مفهوم " اميركا اولاً" الذي اتخذه الرئيس ترامب شعاراً رئيساً لبرنامجه الانتخابي يتمتع بأولوية بارزة في الادراك السياسي الامريكي الجديد لطبيعة التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه ادارة ترامب، وان هذا المبدأ سيكون مرتكزاً لجميع السياسات والقرارات التي تمثل الاولويات الاستراتيجية للولايات المتحدة الامريكية ، حتى ان كانت تلك القرارات تتعلق بمراجعة اسس ومبادئ ثابتة في السياسة الخارجية الامريكية ومنها على سبيل المثال لا الحصر : التوجه الامريكي الذي اعلنه ترامب في اعادة النظر في عضوية الولايات المتحدة في منظمة حلف شمال الاطلسي "الناتو" في حال عدم التزام الدول الاعضاء في الحلف بتحمل اعباء كافية ومساوية للأعباء والتكاليف الامريكية، وهو ما شكل تهديداً صريحاً لحلفاء الولايات المتحدة بشان السياسة القادمة لترامب وما يمكن ان يشكله من خطراً ليس على مستوى الامن الاوربي فحسب، وانما على الامن العالمي بشكل عام، اذ ان الالتزام الامريكي بقيادة حلف الناتو والدفاع عن الدول الاعضاء فيه ظل مبدأ ثابت في استراتيجية الامن القومي الامريكي منذ مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الوقت الحاضر، وهو ما يؤكد ان الرؤية المستقبلية للسياسة الامريكية في ظل قيادة ترامب ستكون مفتوحة على جميع الاحتمالات في القضايا الداخلية والخارجية كما اتضح ذلك جلياً في التوجه الامريكي لإلغاء قانون الرعاية الصحية " اوباما كير" الذي شرعه اوباما .
#محمد_معزز_الحديثي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عرض كتاب /رؤية استراتيجية :امريكا وازمة السلطة العالمية
-
صدام الاعلان القومي والكويت .....المالكي الاربعاء الدامي وسو
...
-
اين سيادة العراق ؟
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|