بابلو سعيده
الحوار المتمدن-العدد: 5509 - 2017 / 5 / 2 - 15:07
المحور:
الادب والفن
الكاهن
قصّة من الأدب الروسي قصة كتبها دوستويفسكي على جدار زنزانته في سيبيريا عام 1849.قال الشيطان للكاهن : ” مرحبا أيها الأب الصغير السمين !. ما الذي جعلك تكذب هكذا على هؤلاء الناس المساكين المضللين؟ . أي عذابات من الجحيم صورت لهم؟ .ألا تعلم أنهم يعانون أصلاً عذابات الجحيم في حياتهم على الأرض؟ . ألا تعلم أنك أنت .. وسلطات الدولة مندوباي على الأرض؟. إنّك أنت من تجعلهم يعانون آلام الجحيم الذي تهددهم به. ألا تعلم هذا؟ حسنا إذاً، تعال معي ! “
شدّ الشيطان الكاهن من ياقته، ورفعه عالياً في الهواء، وحمله إلى مكان سبك الحديد في مصنع. وهناك رأى العمال يركضون على عجل ذهاباً وإياباً، يكدحون في الحرارة الحارقة.وسرعان ما يفوق الهواء الثقيل مع الحرارة احتمال الكاهن فيتوسّل إلى الشيطان والدموع في عينيه : “دعني أذهب ! دعني أترك هذا الجحيم !” آه، يا صديقي العزيز، يجب أن أريك أماكن أخرى كثيرة”. ويمسك به الشيطان مرة أخرى ويسحبه إلى مزرعة. وهناك يرى العمال يدقّون الحبوب. الغبار والحرارة لا يحتملان. ويأتي المراقب حاملاً سوطاً، يهوي به بلا رحمة على كل من يقع على الأرض عندما يغلبه الإرهاق من العمل الشاق أو الجوعوبعدها يأخذ الكاهن إلى الأكواخ التي يعيش فيها أولئك العمال مع أسرهم. جحور قذرة، باردة، مفعمة بالدخان وكريهة الرائحة.. يبتسم الشيطان ابتسامة عريضة، مشيراً إلى الفقر والمشقات في تلك البيوتويسأل : ” حسنا، أليس هذا كافيا ؟ “.. ويبدو أنه حتّى الشيطان نفسه.. مشفق على الناس.وخادم الله التقي لا يكاد يحتمل، فيرفع يديه ويتضرع ” دعني أخرج من هنا، نعم، نعم! . هذا هو الجحيم على الأرض ! “.“حسناً إذاً، ها أنت ترى، ولا تزال تعدهم بجحيم آخر. تشق عليهم، تعذبهم حتى الموت معنوياً، في الوقت الذي هم فيه ميتون أصلاً في كل شيء عدا الموت الجسدي ! هيا بنا ! سأريك جحيماً آخر… جحيماً واحداً أخيراً… أسوأ جحيم على الإطلاق”
#بابلو_سعيده (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟