|
على المسلم ..
حسين ديبان
الحوار المتمدن-العدد: 5509 - 2017 / 5 / 2 - 00:13
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
أن يتوقف عن اعتبار نقد الآخرين له ولدينه تجاوز على حقوقه وازدراء لدينه، فكل الأمم إرتقت بالنقد والتشريح لكل شيء تقريباً خاصة العموميات من شخصيات وقيم وثقافات وأديان وأنظمة وسياسات الخ، وكل شعب وأمة وقفوا بوجه النقد فإنهم بالحقيقة وقفوا بوجه رفعتهم وتطورهم وتقدمهم وتجاوز ثغراتهم وأخطائهم، فلا حرية حقيقية بدون نقد والنقد هنا يجب أن يكون بدون حدود عدا تلك التي يحددها ضمير الناقد لأنه إذا أتيح لأي طرف رسم ووضع حدود للنقد فإن تلك الحدود لن يعرف أحد أين ستبدأ وأين ستنتهي.. قد أفهم حدود النقد كتلك الحدود التي تفصل بين هولندا وبلجيكا مثلاً حيث خط يمر بين طاولات المطاعم والمقاهي تمد رجلك فتكون في بلجيكا وتعيدها لمكانها فتعود لهولندا.. ليس مثل المسلم من ينقد الأخرين ويزدري أديانهم ويعتبر نقده للأخرين مقدس، اَي أن نقده إلهي لا يأتيه الباطل أبداً كما أن ازدراء الأخرين وأديانهم في صلب الدين الاسلامي وأحد أعمدته الكبرى، فالأخرين كفار مشركين أحفاد وأبناء قردة وخنازير كتبهم محرّفة وآلهتهم مشكوك بأمرها في كل شيء.. من الجميل هنا أنه إذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الناس بالحجارة والأهم من ذلك أن لا تتحرك عارياً في صالون البيت.
على المسلم أيضاً أن يتوقف عن إيمانه واعتقاده أنه صاحب الحق المطلق والحقيقة المطلقة ولا حقيقة غير حقيقتة، ولا دين حق غير دينه ولا فرقة ناجية غيره ولا أحد في الجنة غيره، فلكلٍ حقيقته التي يراها ولا يرى غيرها.. هناك أناس على وجه هذه الأرض مثلاً لم يسمعوا بالإسلام إلا من خلال التفجيرات الإرهابية يريد أن يفرض عليهم المسلم أن دينه دين المحبة والسلام بخلاف كل الأديان الأخرى.. يجب أن يكون جديراً بالإهتمام بالنسبة للمسلم هو التوجه للداخل الاسلامي ومذاهبه قبل الحديث عن الحقيقة تجاه الآخرين المختلفين، فالمسلمين أنفسهم لكل منهم حقيقته ومقدساته وخطوطه الحمراء، فحقائق السني غيرها تماماً عند الشيعي ورموز الشيعي المقدسة غير رموز السني، وإن كان السني يرى أنه الفرقة الناجية فإن الشيعي يرى أنه الوارث عبر محمد وأحفاده للدين والحقيقة والجنة، هذا عدا عن الخلافات الداخلية عند السنة والشيعة وعدا عن الحروب البينية بين الفئتين والتي لم تتوقف عملياً نيرانها لخطة واحدة منذ ألف وخمسمائة عام حتى اليوم.
على المسلم أيضاً أن يُسلم ويُقر أن هناك أناساً غيره لا يشترون حقيقته وايمانياته (بفلس ونص) تماماً مثلما يفعل ويشعر هو تجاه الآخرين.. عليه أيضاً أن يقر أن هناك أناساً لا يفكرون بطريقته أبداً ولا يؤمنون بما يُؤْمِن به أبداً وقد يكونوا لا يؤمنون بأي إله ولا يرون الأمور بمنظاره فتكريم المرأة مثلاً عند المسلم يكون في تغطيتها وإبقاءها في المنزل بينما الآخرين يعتبرون ذلك ضرباً من ضروب الجنون وتكريم المرأة عندهم يعني منحها حريتها وفتح أسواق العمل كافة أمامها، والعمل دائماً على مساواتها ما أمكن بالرجل في كل شيء وأقول ما أمكن لانه وللأسف مازال هناك تفاوت في كثير من الأمور بين المرأة والرجل حتى في دول العالم الحر لصالح الرجل.
على المسلم أيضاً وأيضاً ان يحاول التعايش مع هذا العصر ليس بأدواته وحسب وإنما بقيمه وأنظمته وعقليته وقوانينه وحرياته وممنوعاته.. يحاول المسلم دائماً أن يستخدم فقط أدوات هذا العصر الالكترونية والخدمية والإعلامية والاقتصادية وهو لم يبذل اَي جهد في إنجازها في محاولة العودة وإعادة الأخرين الى عصر سابق موغل في القدم والتوحش والتخلف.. عصر نبيه وصحابته حيث حياة الغزو والسبي والنهب وما بعدها من احتلالات يصر المسلم على تسميتها فتوحات، والعمل على تقنين إسلامي لكل شيء في وقت أثبتت فيه كل التجارب الاسلامية فشلها قديماً وحديثاً.. إن التصالح مع الذات يقتضي أولا تصالح مع الواقع واستحقاقاته فلا يمكن بالحقيقة تشغيل البنوك على النمط الاسلامي ولا توجيه سوق العمل اليوم وبرنامج الحياة اليومي على التقويم الهجري مثلاً.. كانت المملكة العربية السعودية قد بدأت قبل فترة بالعمل بالتقويم الميلادي بعد وقت طويل في العناد الأجوف، وإن دبي لم ترتقي هي واخواتها الإمارات الأخرى إلا بفضل الابتعاد عن الدين والعمل بأحدث أنظمة العصر والتطلع للغد والمستقبل وليس للأمس والماضي.
أيضاً عليه أن يتوقف عن كونه عالة على العالم يعتاش على منجزات العالم ويستهلك أدواته ولا علاقة له بأي جهد في إنجازها.. نرى كل لحظة وكل يوم يكون المسلم مجرد مستهلك لكل منجزات الآخر الذي يكفره ويدعو عليه ويخطط لجعله مسلماً.. مؤسف حقاً أن نرى المسلم يستهلك حتى سجادات الصلاة وأدوات مواقيتها وعدادات ركعاتها وفوانيس رمضان والسبح التي يذكر ربه ويحمده بها وغيرها من تلك التفاصيل الصغيرة التي يحتاجها المسلم في حياته اليومية وحتى يكون بواسطتها أقرب الى ربه كما يعتقد.. يحتاج المسلم أن يكون بالحد الأدنى صانعاً لإحتياجاته الإيمانية البسيطة قبل أن يطعن بالآخرين ويلعنهم ويكفرهم.
تلك أمور بسيطة بحقيقتها ولكنها على ما يبدو عصيه على التحقق بالنسبة للمسلم الذي إن إبتعها فإنه سيريح ويرتاح، وإن لم يتبعها وهو الظاهر والملاحظ فإنه سيبقى تعيساً هائماً على وجهه في هذا العالم ولن يكون العالم بمنأى عن هذه التعاسة التي تتحول في كثير من الأوقات الى إكراه وإرغام وتفجير وإرهاب وهو كما أذكر دائماً لن يسمح به العالم الى الأبد.
الى اللقاء
#حسين_ديبان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المشكلة في الاسلام وليس في المسلمين
-
الأقباط والإبادة المستمرة بحقهم
-
الفلسطينيون والصنم عرفات
-
النفاق في الاسلام
-
داعش يثرب.. أم الدواعش كلهم
-
نعم أنا طائفي ان كانت هذه هي الطائفية
-
سوريا..متى ستلتحق الأقليات بقطار الثورة؟
-
تحويل أوراق عصابة دمشق الى مفتينا الناتو
-
جريمة قتل القذافي
-
زوجات بن لادن..أمهات المؤمنين الجدد
-
سوريا..لا حل إلا باسقاط النظام
-
وحشية النظام السوري..لاتظلموا اسرائيل رجاءا
-
سلام على ليل سوريا وصبحها
-
وداعا عدلي أبادير...وداعا أيها الفرعوني الأصيل
-
فلسطيني سوري..لكنه مسلم وهابي! شكرا محمد المنجد
-
بيوت للبيع في الجنة!..
-
دفاعا عن فيصل القاسم...
-
دعم الارهاب في مملكة بني وهَاب
-
فضائح اسلامية...من تايلند مع أطيب التحيات!!..
-
مُحمَد مرتداً !!..
المزيد.....
-
العثور على قط منقرض محفوظ بصقيع روسيا منذ 35 ألف عام.. كيف ب
...
-
ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف -الناتو- في فلوريدا
...
-
الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ
...
-
صواريخ حزب الله تقلق إسرائيل.. -ألماس- الإيرانية المستنسخة م
...
-
كيف احتلّت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، ولماذا انسحبت بعد نح
...
-
باكستان ـ عشرات القتلى في أحداث عنف قبلي طائفي بين الشيعة وا
...
-
شرطة لندن تفجّر جسما مشبوها عند محطة للقطارات
-
أوستين يؤكد لنظيره الإسرائيلي التزام واشنطن بالتوصل لحل دبلو
...
-
زاخاروفا: -بريطانيا بؤرة للعفن المعادي لروسيا-
-
مصر.. الكشف عن معبد بطلمي جديد جنوبي البلاد
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|