عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 5502 - 2017 / 4 / 25 - 15:17
المحور:
كتابات ساخرة
أُمّي .. نبع الحَنان !!!!!
عندما كان عمري عشر سنوات ، كنتُ أُحِبُّ صبيّةً من أقاربنا حُبّاً جمّاً . لم أكن احبّها فقط ، بل كنتُ أعشقها أيضاً . وعندما كنتُ أراها ، كانت درجة حرارتي ترتفع ، وأسقُطُ مغشيّاً عليّ ، فتأخذني أمّي الى مستشفى "الحميّات" في اطراف بغداد ، لأنّ الأعراض التي كنتُ أعاني منها ، كانت شبيهةً بالأعراض التي تظهر على المُصابين بالتهاب السحايا .
كان الفرح يغمرني ، من فروة رأسي الى أخمصِ قدمي ، عندما كانت أمّي تأخذني معها لزيارة عائلة حبيبتي الصغيرة المُدهشة . كانت الزيارة تبدأُ عادةً قبل العشاء ، وكانت رائحة "الشبّوي" تملأ مساماتي ، رغم إنّ بيت حبيبتي كان بيتاً "كرخيّاً" ضيّقاً و رَطباً ، ولم تكن فيه حديقة.
بعد انتهاء مراسم العشاء ، كانت أمّ حبيبتي تأتي بـ "اسْتِكانْ" الشاي ، وتضعهُ أمامي وهي تبتسِمْ ، وكأنّني واحدٌ من شيوخ العشيرة العِظام ، أو شقاوات "الطَرَفْ" الكِبار.
كنتُ أشعرُ بارتياحِ هائلٍ لهذه المعاملة "التفضيليّة" ، وبكوني الكائن "الأوْلى بالرعاية" في غرفة "الخُطّار" ، و التي لم يكُنْ يحظى بها أعظم الرؤساء والملوك ، في دول العالم القويّة والغنيّة و "الامبريّاليّة" القائمة آنذاك .
وكنتُ أستَغّلُ تلك اللحظة التاريخية الفارقة أبشعً استغلال ، فأعيشها بامتلاءٍ تامّ ، وأنظر من خلالها خِلسَةً ، و بحافّة عيني ( وعِبرَ حافّة الاستِكان الحادّة) ، الى وجه حبيبتي الباسم الخجول ، لكي تراني هي بدورِها ، وأنا في قمّة رجولتي كسيّدٍ نبيل ، و جنتلمانٍ باسِل.
وفجأةً .. تأتي أُمّي الحنونة .
وفي لحظةٍ فالتة من عنق التاريخ ، حيثُ يعمُّ الصمت الرهيب أرجاء الكونِ الرومانسيّ الأحدب ذاك ، تقولُ أُمّي بصوتٍ واضحٍ و قاطِع :
- هاي ليش مخلّينْ جاي كَدّام "عَمّودي" ؟؟.. هسّة يبولْ على نَفْسَه بالليل !!! .
ومن يومها ، وإلى الآن ، ولأنّها "دَعْوَةْ والدَة" .. فإنّ أحلامي البريئاتِ ، كانت دائماً عُرضةً للضرب بأسلحة الدمار الشامل ، التي تستخدمها الأمّهات .
دَمَرّتْ أحلامي ، هاي أُمّي .. "نبع الحنان" .
[ملاحظة: أرسَلَتْ لي سيّدة البيت صباح هذا اليوم هذا النصّ على "الخاص" ، وباسمها الصريح المثبّتْ في هويّة الأحوال "المدنيّة" . وقد فَشِلْتُ (كـالعادة) في معرفة المصدر الرئيس للمعلومات والتفاصيل "الحسّاسة" الواردة فيه . كما فَشِلتُ (فوق العادة) في فهم "الدافع" الرئيس وراء قيامها بإرسالِه لي ، في هذا التوقيت بالذات].
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟