سلمان محمد شناوة
الحوار المتمدن-العدد: 5495 - 2017 / 4 / 18 - 09:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اردوغان وحلم السلطنة ..
في يوم الاحد الموافق 16 أبريل (نيسان), توجه أكثر من 55 مليون ناخب تركي إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم على التعديلات الدستورية، التي اقترحها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم العدالة والتنمية، والتي من شأنها أن تحول نظام الحكم في تركيا من البرلماني إلى الرئاسي ...
ولقد تم الاستفتاء على تعديلات دستورية مثيرة للجدل تحول نظام الحكم في تركيا من البرلماني إلى الرئاسي، ليقف الشارع التركي بين مؤيد ومعارض لتلك التعديلات، وسط نسب متقاربة للقبول والرفض أظهرتها استطلاعات الراي , ولم يتوقف حق التصويت على المواطنين الأتراك في الداخل التركي ؛ بل اضاف عليهم نحو ثلاثة ملايين ناخب تركي بالخارج في 57 دولة حول العالم ، أدلوا بأصواتهم في 119 ممثلية دبلوماسية، في نهاية مارس (آذار) الماضي، بنسبة مشاركة بلغت 44.61 % بحسب ما أعلنت وكالة الأناضول الرسمية، التي لفتت إلى أن تلك النسبة شهدت ارتفاعًا بلغ 4.6%، بالمقارنة مع آخر عملية تصويت في الانتخابات البرلمانية التركية، التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، وبلغت فيها نسبة المشاركة 40.01%.رأي، ..
وفي خبر عاجل اعلنته وكالة الأناضول و بعد فرز 99.54 في المائة من الأصوات 51.32 في المائة مؤيدون للتعديلات الدستورية بتركيا و48.68 في المائة رافضون لها .. حيث خرج مئات من انصار الرئيس رجب طيب اردوغان للاحتفال بنعم والتي قررها الشعب التركي ...
فماذا تعني هذه التعديلات الدستورية ...
تتضمن التعديلات الدستورية 18 تعديلًا, فهي تحول نظام الحكم في تركيا من برلماني إلى رئاسي, و إلغاء مجلس الوزراء، وتولي الرئيس السلطة التنفيذية، وقيادة الجيش، ويحق له تعيين نوابه ووزرائه ، وإقالتهم، وإذا كان نائب الرئيس عضوًا بالبرلمان تسقط عضويته من البرلمان، ولا تسمح التعديلات للبرلمان بسحب الثقة من مجلس الوزراء.
وتتضمن التعديلات أيضًا إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في نفس اليوم كل خمس سنوات، على أن تكون الانتخابات المقبلة في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، بعد فترة انتقالية للتحول من النظام البرلماني للرئاسي، ولا يحق لنفس الشخص أن يتولى الرئاسة أكثر من مرتين، كما تتضمن التعديلات عدم قطع الرئيس صلته بحزبه ، وبذلك فإن تلك التعديلات تسمح لأردوغان بالاستمرار في الحكم حتى عام 2029، إذا ما فاز في انتخابات الرئاسة في عامي 2019 و 2024، مع الاحتفاظ بحزبيته .
كما تضمنت التعديلات رفع عدد أعضاء البرلمان من 550 إلى 600، وخفض سن الترشح في الانتخابات العامة من 25 سنة إلى 18 سنة، وإلغاء المحاكم العسكرية، وحظر إنشاء المحاكم العسكرية في البلاد باستثناء «المحاكم التأديبية» ويحق للرئيس تعيين خمسة قضاة (بعد انتخابات داخلية بينهم) من بين 13 قاضيًا في أعلى هيئة قضائية للدولة، كما تضم الهيئة أيضًا وزير العدل ونائبه المعينين من الرئيس، وبذلك يكون إجمالي القضاة المعينين من الرئيس فعليًا ست قضاة من بين 13 ويشارك البرلمان في اختيار البقية .
وحول صلاحيات البرلمان الرقابية المدرجة في التعديلات، فإن للبرلمان الحق في استخدام صلاحيته في الرقابة والتفتيش والحصول على معلومات عبر «تقصي برلماني»، أو «اجتماع عام»، أو «تحقيق برلماني»، أو «سؤال خطي» دون استخدام الاستجواب الشفهي لأحد الوزراء أو الحصول على صلاحية إعطاء الثقة للحكومة أو سحبها منها .
ويحق للبرلمان بحسب التعديلات «طلب فتح تحقيق بحق رئيس الدولة ونوابه والوزراء، ولا يحق للرئيس في هذه الحالة الدعوة إلى انتخابات عامة» ، ويحق للبرلمان أيضًا محاكمة الرئيس أو الوزير «لأي سبب» باقتراح ما نسبته (50% +1) من أعضاء البرلمان، وموافقة ثلثي أعضائه على تقديمه للمحكمة العليا، وبدون التعديلات تلك كانت تقتصر إمكانية محاسبة الرئيس على تهمة «الخيانة العظمى» باقتراح ثلث أعضاء البرلمان وموافقة ثلاثة أرباع أعضائه لمحاكمته أمام المحكمة العليا.
وتتضمن التعديلات منح البرلمان الحق في الدعوة لانتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة بموافقة 60% من أعضائه، وإذا جرت تلك الانتخابات المبكرة، فإن البرلمان القائم سيُحل ، ويكون الرئيس مهددًا بالإطاحة من منصبه إذا ما خسر في الانتخابات ؛ ليفقد بذلك إحدى الفترتين الرئاسيتين المتاحتين له دستوريًا، وبدوره يحق للرئيس أيضًا إطلاق نفس الدعوة .
والان بعد قالت تركيا نعم للاستفتاء ...
الان سيُطبق أكثر من تعديل بشكل فوري، وهما إجراء انتخابات هيئة القضاة والمدعين خلال شهر من إعلان النتائج، والمادة التي تسمح لأردوغان بالحفاظ على عضويته في حزب العدالة والتنمية، فيما تنتظر التطبيق الفعلي لبقية التعديلات خلال الفترة الانتقالية التي تنتهي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، يحدث خلالها «المواءمة» لتحويل نظام الحكم من البرلماني إلى الرئاسي .
هذا عرض موجز وعام لما سوف يحدث بعد التصويت بنعم على التعديلات الدستورية , والذي سوف يدخل تركيا الى عالم اخر ليس هو بالتأكيد ما قيل 16 ابريل 2017 , وبعد 100 عام تقريبا من الحرب العالمية الاولى , والتي تسببت بتقسيم تركيا الدولة العثمانية بين الدول المنتصرة في الحرب فرنسا وبريطانيا وتقسيم تركة الرجل المريض وهذا ما كانوا يسمونها , فكانت هزيمة تركيا في الحرب العالمية الاولى اخرج من سيادتها كل الدول العربية , ودول اوربا الشرقية ولم يبقى لها سوى تركيا بحدودها الحالية , وتسببت هذه الهزيمة بإلغاء الخلافة الاسلامية في تركيا , والاستيلاء على اموال اخر خليفة عثماني وتحول تركيا الى العلمانية واستبدل الحروف العربية بالحروف اللاتينية وانشاء ابجدية جديدة لها ...
نحن لو تكلمنا بموضوعية عن مميزات النظام الرئاسي وفائدة تحول الدولة من النظام البرلماني الى الرئاسي ربما نقدم بحثا بموضوعية ونضع امثلة لدول العالم التي اتخذت النظام الرئاسي طريقة للحكم بها وتلك التي اتخذت النظام البرلماني اسلوب لها ..ثم نقارن بين مزايا ومشاكل كل نظام ...
لكن الفرق هنا شخصية اوردغان الخارج من النظام البرلماني والذي يقيده وحزبه في كل شيء , الى النظام الرئاسي والذي يطلق له الحرية ويوسع من صلاحيته في كل شيء , بالتأكيد لن تكون تركيا هي تركيا بعد الاستفتاء , وبالتأكيد ايضا لن يكون اوردغان هو اردوغان بعد الاستفتاء ..
لغاية اليوم تركيا تمجد كمال اتاتورك لأنه من اسس الدولة العلمانية الحديثة , ولمدة 100 عام يتم رفض التحدث عن علمانية الدولة او المساس بثوابت الدولة التركية , واليوم يأتي اوردغان ليقيم نظام اخر للرئيس بصلاحيات كبيرة , لا يمكن المساس بها , فهو يختار الوزراء ويختار اعضاء المحكمة العليا , ولا سلطة عليا عليه , فهل يصبح اردوغان سلطانا , ويبشر بدولة خلافة جديدة , خصوصا ولمدة طويلة اصبح الحديث ان ارودوغان هو حامي السنة , مقابل ايران والتي تحمي الشيعة , ويتم الحديث عن دور تركيا في تكون الجماعات المسلحة التي تقاتل في سوريا منذ زمان , فهل هو دور جديد تبحثه تركيا لها في المنطقة ؟!!!
وباختصار ... كان نظام الحكم برلماني والآن اصبح رئاسي، وكان الرئيس ما قبل التعديلات يملك سلطات رمزية، في حين يكون المنفذ الفعلي هو رئيس الوزراء والحكومة وهو ما تغير الآن بعد الاستفتاء بحيث أصبح للرئيس القوة التنفيذية في البلاد .
ما قبل التعديلات كان الرئيس لا يصطف مع أي طرف سياسي ولا يُسمح له أن يكون قائد حزب سياسي، ولكن الآن بات بإمكان الرئيس أن يكون عضواً في حزب سياسي .
ومن القوانين التي كانت قبل الاستفتاء يعين الرئيس 4 من أصل 22 من أعضاء المحكمة العليا، والباقي يُرشح من قبل القضاة والمدعين العامين، بينما أصبح الحال مختلفاً، فبات من حق الرئيس تعيين 5 من أصل 13 من أعضاء المحكمة العليا، والباقي يُرشح من قبل البرلمان .
ومن ناحية إصدار المراسيم فقد تبدل الأمر بدلاً من أن تكون مسؤولية مجلس الوزراء باتت مسؤولية الرئيس .
وباختصار اكثر ايجازا ...
اردوغان هو مشروع سلطان جديد للمسلمين , ربما يتأخر هذا عشرات السنين , ولكن المنحى البياني يتجه الى سلطنة او خلافة للمسلمين ربما تكون عصرية , وربما تكون ذات مؤسسات دولة حقيقية , اجل تختلف عن داعش او القاعدة او جبهة النصرة , ولكنه مشروع خلافة للمسلمين يحكمها السلطان اردوغان او امير المؤمنين .
#سلمان_محمد_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟