|
المالكي يوعز بالهجوم على الحزب الشيوعي العراقي
زكي رضا
الحوار المتمدن-العدد: 5490 - 2017 / 4 / 13 - 10:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليست المرّة الأولى التي تتعرض لها مقار الحزب الشيوعي العراقي للأعتداءات السافرة في العهد " الديموقراطي" ولن تكون الأخيرة، طالما تواجد الحزب وسط الجماهير التي تتظاهر منذ ما يقارب العشرين شهرا. فأستمرار تواجد الحزب في ساحات التظاهر ومطالبته بأصلاح العملية السياسية والقضاء على الفساد وتوفير الخدمات للناس، أصاب القوى الدينية التي تتصدر ملفات الفساد والجريمة بصداع مزمن. وقد وصلت الى الحزب رسائل علنية وغير علنية عدّة مطالبة أياه بعدم الأشتراك في التظاهرات التي تنظم أسبوعيا في مختلف المدن العراقية ومنها بغداد، وهذا ما جعل الحزب وهو يرفض هذه الأملاءات في مواجهة قوى ظلامية تمتلك كل أدوات القمع كالسلطة والمال والميليشيات والخطاب الديني الطائفي علاوة على حقد تأريخي على الحزب وعموم اليسار العراقي والحركة الديموقراطية لمواقفهم الثابتة تجاه قضايا شعبنا ووطننا.
وصف المالكي في كلمة له بمناسبة إعدام رجل الدين " محمد باقر الصدر" على يد النظام البعثي المجرم نظّمت يوم الأحد الموافق للتاسع من نيسان الجاري، القوى المدنية والعلمانية من أنّها حملة "أفكار هدّامة". في عودة لخطاب سياسي بائس بدأه قبله " نوري السعيد" حينما كان يطلق على الشيوعيين من أنهم حملة "أفكار هدّامة"، دون أن يستفاد الـ " نوري " الجديد من مصير الذي آل إليه الـ " نوري " القديم. فالمالكي اليوم وهو يخشى " أن تتسلل الينا بعض الأفكار الهدامة وتدخل علينا النملة السوداء على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء" حسب وصفه!!!، هو نفسه المالكي بالأمس الذي أعلن في أحتفالية بنفس المناسبة عقدت بالنجف الأشرف عداءه العلني لـ " العلمانية والماركسية والألحاد والحداثوية". هذه القوى على ما يبدو هي القوى الناعمة" التي حذّر المالكي من تسللها " للعملية السياسية وإثارة الفتن الداخلية لوضع العوائق أمام الحكومة" حسب وصفه.
لقد هيأ المالكي الأجواء المناسبة لضرب مقر الحزب الشيوعي العراقي بالديوانية كمرحلة أولى، كون الضربات ضد الحزب وعموم التيار الديموقراطي والمدني ستأتي لاحقا، حال الأنتهاء من المعارك ضد تنظيم داعش الأرهابي أو حتّى قبلها. ولم يتوانى وهو الذي يشكل حكومته في طهران وبرعايتها ومباركتها من أتهام القوى التي يصفها بالناعمة" وصف يطلق مع الملونة على الحركات الأحتجاجية " من أنها تحظى بتأييد خارجي وليس بعثي هذه المرّة حينما قال أنّ " المؤامرات الناعمة والأفكار التي تتسلل للعملية السياسية تحتم اتخاذ الحيطة والحذر لأنها تهدف لوضع مطبات وعوائق أمام عمل الحكومة الداخلي بتأييد من دول خارجية"!!
المالكي وهو الذي أشعل الفتنة الطائفية بالبلاد وسلّم ثلث أراضي البلد لداعش وهرب جنرالاته من ساحة المعارك حتّى قبل أن تبدأ تاركين خلفهم أسلحة حديثة تقدّر بعشرات مليارات الدولارات، أتّهم في كلمته أطرافا داخلية وخارجية دون أن يسمّيها من أنّها تخطط لأشعال فتنة في الوسط السياسي من " خلال تقسيم الأطراف السياسية لتيارات إسلامية ومدنية وعلمانية"!!، وهو نفس المالكي " بطل " سبايكر. هل يعتقد المالكي من أنّ التيارات الثلاث هذه هي عبارة عن تيّار واحد وذو وجهة سياسية واحدة وببرامج موّحدة، هل يريد أن يقّلد ملهمه صدّام حسين في قوله " خندق واحد أم خندقان" ليجعل من القوى السياسية المختلفة تحت عباءة حزبه الدموي والناهب لثروات شعبنا!!؟؟؟ أمن العدل أن يقود العراق " سياسي" كهذا!!؟ وأستمر المالكي بهذيانه قائلا " أن "الخطأ يكمن بوصف العملية السياسية الحالية ذات توجهٍ ديني لأنها لكل العراقيين، وتسعى لتخفيف الظلم عنهم"!! فأسلمة المجتمع بالقوة وقمع الحريات وسن القوانين التي تمتهن كرامة المرأة والتدخل بشكل اللباس والمساحة الأكثر من واسعة للخطاب الديني الجاهل والمتخلف وتدخل المؤسسات الدينية بالشأن السياسي، وتفجير محلات أبناء الأديان الأخرى وقتلهم ليست ذات توجّه ديني بنظر المالكي !!
لو تابعنا الأحداث التي سبقت حرق مقر الحزب بالديوانية لرأينا أن حرق المقر بدأ في التاسع من نيسان، أي في اليوم الذي ألقى فيه المالكي كلمته محذرا من "مؤامرة" يقودها ذوي "الأفكارالهدّامة". ولم يكن اليوم الذي يليه أي العاشر من نيسان الا أستمرار في أخراج المسرحية بتوجه زعيم عصائب " أهل الحق" قيس الخزعلي وهو اليد الضاربة للمالكي بعد أن أطلق الأخير سراحه من السجن إثر إنشقاقه عن الصدر، الى جامعة القادسية ومعه جيش مدجج بالأسلحة من قوات حمايته مدنسا حرم الجامعة خلافا للقانون والدستور. والخزعلي يعرف جيدا أنّ هناك طلبة سيقفون بوجهه كما وقفوا بوجه العبادي في واسط وبوجه غيره، لكنه وعلى ما يبدو كان ينتظر حدثا كالذي جرى وقتها إذ أطلق الرصاص داخل الجامعة بعد هتافات أعتبرها الخزعلي أستفزازية وهي تشير الى حيث رعاته.
مساء العاشر من نيسان أصدرت العصائب بيانا قال فيه المتحدث باسمها نعيم العبودي، أنّ طالبا شيوعيا هو من بدأ الأحداث التي أدت الى شغب وأطلاق رصاص داخل الجامعة، وعلى الرغم من إصدار منظمة الحزب الشيوعي بالديوانية بيانا نفت فيه ما جاء ببيان العصائب الّا أنّ مقرها تعرض للحرق والتخريب ليلتها.
لقد تناقلت بعض الأخبار من بغداد عن قيام مجموعات مجهولة بتمزيق صور شخصيات دينية وسياسية وما في ذلك من تأجيج للأوضاع المعقّدة والحساسة أصلا، كما وتذكرنا هذه الممارسات بممارسات البعث بداية ستينات القرن الماضي وتمزيقها نسخا من القرآن الكريم وألصاق التهمة بالشيوعيين من أجل تهيأة الأوضاع لضربهم وهذا ما أشار اليه البعثي " حسن العلوي" أكثر من مرّة.
أنّ حرق مقر الحزب بالديوانية ليس سوى "بروفة" لضربات قاسية قادمة بحق الحزب ورفاقه وعموم الحركة الديموقراطية بالبلاد، لفشل قوى المحاصصة في تلبية حاجات الناس من جهة وقرب أنتهاء المعارك ضد تنظيم داعش الأرهابي وعودة الميليشيات للحصول من نسبتها في كعكة السلطة منجهة، وإستمرار الحزب والتيار المدني الديموقراطي بتواجدهما في سوح النضال اليومية. لذا وإثر هذ ا الهجوم الإرهابي الجبان والغادر تقع مسؤولية كبرى على عاتق قيادة الحزب اليوم للتحرك بجدية من أجل صيانة التنظيم الحزبي وحماية رفاقه، من خلال تغيير أساليب العمل والتحرك نحو جميع القوى الوطنية التي يهمها أستقرار الوضع لوضعها أمام مسؤولياتها، والتواجد المستمر بين الجماهير والأحتماء بها. على الحزب تقديم شكوى قضائية ضد الحكومتين المركزية التي إلتزمت الصمت المريب للساعة في عدم إدانتها للحادث، وضد الحكومة المحلية ليأخذا على عاتقهما فتح تحقيق عاجل وسريع لمعرفة الجناة والجهة المتنفذة التي ورائهم وهي معروفة للجميع. على قيادة الحزب أن تدرك من أنّ المرحلة القادمة ستكون مرحلة صعبة جدا ودقيقة، فالفشل الذي الذي رافق تجربة القوى الأسلامية طيلة السنوات الأربعة عشر الماضية وظهور بوادر تذمر جماهيري وإستمرار حراكه السلمي حيث الحزب في قلبه وهو المكان الطبيعي للحزب، أصاب هذه القوى بالهستيريا ما سيدفعها لمغامرات غير محسوبة العواقب.. أنّ الخطر المحدق بالشيوعيين هو خطرا على عموم اليسار والقوى الديموقراطية والمدنية والشعب والوطن، فلترص الصفوف من أجل مواجهة أيّام عجاف قادمة والوقوف بحزم وبعقل وقّاد في مواجهة غربان الأسلام السياسي وميليشياته المجرمة المنفلتة...
#زكي_رضا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التاسع من نيسان ... فشل مدوّي للبعث وورثته ومعارضيه
-
واشنطن تطلق نكتة من العيار الثقيل
-
مساء الخير حزب الكادحين
-
مهمّة إصلاح وتأهيل التعليم فوق طاقتكم وحزبكم أيها العبادي
-
الى الكورد الفيليين من أتباع وأنصار وجماهير الأحزاب الشيعية
-
لماذا لا يفتي السيستاني ضد ترّهات رجال الدين!؟
-
الإمام علي -ع- ليس بِلصِّ يا شيعة العراق
-
لبنان تقدّم مساعدات إنسانية للعراق!!
-
الإسلاميون وإغتيال العراق علنا
-
قراءة في إفتتاحية طريق الشعب حول - مشروع قانون انتخاب مجالس
...
-
متى يعلن الإسلاميون إفلاس العراق؟
-
أستفتي السيد السيستاني حول إنتخاب الأحزاب الإسلامية...
-
أنا أعرف -الملثّمين- في ساحة التحرير
-
أيّ داعش كانت في الغدير أمس؟
-
أمنيات لن تتحقق بالعراق في العام القادم
-
16.6 مليار دولار
-
نوري وحزبه ودمار العراق
-
سپايكرمان يهدد بصولة -فرسان- جديدة
-
الإسلاميون تفّوقوا على أنفسهم بخيانة الوطن
-
الأحزاب الشيعية وترسيخ الطائفية ..... الجيش مثالا
المزيد.....
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
-
زاخاروفا ترد على تصريحات بودولياك حول صاروخ -أوريشنيك-
-
خلافات داخل فريق ترامب الانتقالي تصل إلى الشتائم والاعتداء ا
...
-
الخارجية الإماراتية: نتابع عن كثب قضية اختفاء المواطن المولد
...
-
ظهور بحيرة حمم بركانية إثر ثوران بركان جريندافيك في إيسلندا
...
-
وزارة الصحة اللبنانية تكشف حصيلة القتلى والجرحى منذ بدء -ا
...
-
-فايننشال تايمز-: خطط ترامب للتقارب مع روسيا تهدد بريطانيا و
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|