أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عباس علي العلي - عندما يصبح الوطن سجنا والحياة لحظة عبث














المزيد.....

عندما يصبح الوطن سجنا والحياة لحظة عبث


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5432 - 2017 / 2 / 14 - 00:38
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


المجتمعات الإنسانية عندما تفترسها الأفكار الظلامية وتتحكم بها العقول التي تعيش في قبورية التأريخ المظلم، تتحول بشكل تلقائي إلى نوع من العبودية المقرفة للماضي بكل ما فيه من تخلف وتراجع للحس الإنساني المتطلع إلى الجمال والحرية والنزوع البشري الطبيعي للتحرر من الأوهام المتناقلة من روايات وقصص تأريخية ثبت بالدليل القطعي أنها مجرد قراءات ذاتية لعالم لم يعد بإمكانه أن ينتج نفسه مرة أخرى لأنه يحس بالغربة ويتعامل مع عقلية تختلف تماما عن شروط الواقع ومستلزماته.
هذا في المجتمعات التي تحاول أن تتمرد على الزيف والتحريف وتبلغ درجة من المصالحة الوجودية مع أحداثيات الزمن وراهنية اللحظة فسيكون سعيها مبررا وضروريا وملحا، أما المجتمعات التي تتذرع بكونها تتمسك بالديمقراطية وحقوق الإنسان فسيكون فرض مفاهيم التأريخ ونقل تجاربة بكل ما فيها من قيم وممارسات تعري نفسها وتكشف عن عورة قيمها وتعارضها مع الهدف المجتمعي الذي تسعى له، فتلك المجتمعات ستكون منفصلة عن ذاتها ومعرفتها والواقع الذي أختارته شعارا للمرحلة، في التجربة العربية والإسلامية عموما نرى الأخفاق المتكرر والكارثة التي تفرضها ثقافة العودة وتمجيد ما يسمى بالتأريخ والثوابت أكثر بشاعة عموما.
وعلى هذه المجتمعات عموما أن تدافع عن منجزها وتضحايتها لكي لا تراكم الفشل وتعيد بعث الديكتاتورية الماضوية بعنوان أخر، أما في التجربة العراقية خصوصا وبعد مراحل من الديكتاتورية والإقصاء والتهميش الذي عاشته وحاولت أن تعبر عن المأساة إلى حياة أخرى وقوانين وأعراف وتراث أسود من خلال ما قدمت من غال ونفيس لأن تكون نموذج أخر أو أريد له أن يكون كذلك، فإن الأصوات التي تعلوا اليوم بما يسمى بالمقدسات والقدسيات يمثل الضربة القاصمة التي لا مكان فيها لأي فكر تقدمي مدني حر ولا لأي من مفاهيم الحريات الخاصة أو حقوق المواطنة التي قدمها الدستور على أنها المقدس الوطني والثابت الأخلاقي الذي يجب على الشعب أن يسعى لتجسيده والأحتفاظ بالحد الأدني من إنسانيته المسلوبة أجتماعيا وإنسانيا.
لم ينجح الدين السياسي أو السياسة بثوبها السلطوي المؤطر بفهم تأريخي للدين أن تعبر بالمجتمعات البشرية نحو المدنية، فهي مرتبطة أولا بفكرة مفادها أنها تحكم بالمثل العليا التي لا يمكن حتى مناقشة حقيقتها وصلتها بالدين طالما أنها جاءت منقولة برق معطر بالقداسة، فهي أما أن تخون فكرة التدين التي قدمتها للناس على أنها إرادة الرب، أو تتجاوز الحد الإنساني لتحول الواقع إلى معبد متنقل برؤية كهنوتية ما أنفكت تذكرنا بأن الحياة الوجودية التي نعيشها لا قيمة لها قبال حصاد الأخرة الموعود، هنا وضع الفكر السياسي الديني نفسه في موقع المتعنت الذي يريد من الناس أن يؤمنوا برؤيته دون نقاش ودون حتى محاولة السؤال عا إذا كان هذا الواقع يمكنه أن يصمد أمام الضرورية العملية الوجودية، فقد قدمت كل الأفكار الدينية المقولبة سياسيا في المجتمع الإسلامي أن الإسلام هو الحل وفشلت في ذات الوقت أن تحدد أي إسلام هو العنوان، بالتأكيد هذا الفشل لا يمكنهم أن يقروا به على أنه نتاج حتمي لأختلاف الزمن والحال والواقع، ودوما يبقى الفرد الأجتماعي الذي يعيش تحت وطأة نظرية الإسلام هو الحل تحت جلباب الفقيه وجلباب المنقول المتناقض والمتضاد.
ظهرت في الساحة العراقية اليوم الكثير من الأصوات النشاز التي تطلب من الناس التفريط بجانب مهم من تجربتهم الديمقراطية رغم تواضعها ممارسة ونتائج تحت عناوين القداسة والمقدس، وكأن الحياة الجميلة والحرة في مفهومهم نوع من المنجس الذي يخالف العقيدة وينتهك المبدأ لديهم، ونسوا أن وجودهم الحالي هو أصلا نتاج الممارسة الديمقراطية وأحد مفاهيم دستور حقوق الإنسان، وأكرر دوما أن الفكر السياسي الديني لا يمكنه أن يقبل بالديمقراطية لأنها ستلجئهخ لقبول قاعدة أن الشعب ووجوده ومستقبله هو مصدر المشروعية، وعليهم بذات الوقت أن يتخلوا عن أن النص الديني الذي يقرأونه هو مصدر الشريعة ومفتاح وجودهم.
هذه النتيجة التي تم تشخيصها منذ فترة طويلة تعود اليوم بقوة للتداول في الشارع العراقي تتحدى الأصوات العالية التي تطالب بحظر الكثير من المظاهر المدنية وتفرض نفسها بحس السلطة مستخدمة الأسلوب التشريعي الديمقراطي لتصادر جوهرية المعنى الديمقراطي المدني لدولة العراق وتنسف الدستور وشكلية النظام السياسي القائم على التعددية وأحترام الحريات الأساسية، في ظل مزاعم تتعلق مرة بمحاربة الإرهاب الذي نتيجة من نتائج فرض الدين والدين المقابل على روحية وجوهرية النظام السياسي وأخطاءه المميتة، ومرة أخرى برغبة قوية تحرك زعماء وقادة هذا التيار الذي بدأوا في الفعل بتلمس أثار فشلهم المدوي في قناعات الجمهور العراقي ورغبة في إعادة تدوير الفكر الفاشل والمتزمت حتى لو أدى ذلك إلى طلبة المجتمع العراقي وتحويله إلى كيان داعشي بأمتياز.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دماء على الأسفلت وأخرى تهاجر مع البحر
- المثقف بين عسل السلطة ومرارة الواقع.
- الحب وفصول ...... الربيع
- هل الظلم ثقافة تكتسب أم سلوك طبيعي
- تجربة الحياة والموت في حياة الإنسان
- الإرهاب تأريخيا وأجتماعيا وقانونيا في دراسة أكاديمية
- الوطن وأنت كاحمامة في لجة السماء
- هل من خارطة طريق تنقذنا من القادم الكارثي؟
- صراع الثور والطاووس، أمريكا وإيران على الخارطة العراقية
- الموت والحياة وقصائد الشعراء
- الدين والسياسة خلطة التأريخ القاتلة
- رجل من تمر ... أمرأة من عنب
- إشكالية العقل الديني والتطور
- هل غادر الشعراء من متردم
- رسالتي إلى السيدة الأولى
- المفيد
- العراق ... وتخاريف الصغار
- سوق المربد حيث تباع الكلمة بخسة ونخاسة
- الشذوذ في عالمي السياسة والدين ح1
- مشهد من فلم لم ترونه كاملا..............


المزيد.....




- جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال ...
- الجولاني: نعمل على تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية.. وأمريكا ...
- فلسطينيون اختفوا قسريا بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مناز ...
- سوريا: البشير يتعهد احترام حقوق الجميع وحزب البعث يعلق نشاطه ...
- مصادر عبرية: إصابة 4 إسرائيليين جراء إطلاق نار على حافلة بال ...
- جيش بلا ردع.. إسرائيل تدمر ترسانة سوريا
- قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 57 مقذوفا خلال 24 ساعة
- البنتاغون: نرحب بتصريحات زعيم المعارضة السورية بشأن الأسلحة ...
- مارين لوبان تتصدر استطلاعا للرأي كأبرز مرشحة لرئاسة فرنسا
- -الجولاني- يؤكد أنه سيحل قوات الأمن التابعة لنظام بشار الأسد ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عباس علي العلي - عندما يصبح الوطن سجنا والحياة لحظة عبث