لا حركة ثورية بلا نظرية ثورية
عليه اخرس
2017 / 1 / 23 - 04:28
في التناقض الفصل الأول
الجزء السابع
لا حركة ثورية بلا نظرية ثورية
في مقدمة كتابه،« إسهام في نقد الاقتصاد السياسي » يحدد لنا ماركس، في نص شهير، الشروط التاريخية لتحقيق الثورة الاجتماعية، أي لتحقيق انتقال البنية الاجتماعية من نظام إنتاج إلى نظام إنتاج آخر. هذه الثورة لا تخضع لإرادة ذاتية بل تأتي، كضرورة تاريخية، نتيجة لتطور التناقض الأساسي، أي الاقتصادي، في البنية الاجتماعية، في علاقته المترابطة المعقدة ببقية التناقضات البنيوية، داخل التطور الشامل لهذه البنية المنتجة في المجتمع، حين تصل إلى مرحلة معينة من تطورها، تدخل في تناقض حاد مع علاقات الإنتاج التي هي علاقات طبقية المنتجة بعد أن كانت
فتصير هذه العلاقات عقبات في وجه القوى المنتجة بعد أن كانت أشكالاً لتطورها. حينئذ تبدأ مرحلة ثورة اجتماعية في هذه الشروط التاريخية لتطور التناقض الأساسي تظهر ضرورة الثورة داخل منطق التاريخ. فليس من المستحيل إذن، كما يقول لنا ماركس تحديد ضرورة الثورة في تطور التاريخ تحديدًا علميا. وهذا التحديد شرط أساسي لتحقيق هذه الضرورة التاريخية. إن القيام بالثورة عن مجرد إرادة ذاتية، وإن كانت هذه
الإرادة في حد ذاتها نبيلة، أو عن رغبة إنسانية وفي كلتا الحالتين عن اختيار أخلاقي في وقت تاريخي ليست الثورة فيه ضرورة في منطق التاريخ، يجعل من الثورة مغامرة ترتد ضدها. وهنا يكمن منطق الفشل في تحقيق الثورة.هنا تظهر بحدة أهمية النشاط النظري ودوره الفعال في مسار التاريخ. فلا حركة ثورية بلا نظرية ثورية. إن قائد أول ثورة اشتراكية في العالم هو الذي صاغ هذه المقولة،لأنه وعاها في ممارسته السياسية الثورية لصنع التاريخ. هذه المقولة اللينينية تعني أن الممارسة السياسية أي الصراع الطبقي للقوى الاجتماعية الثورية لا يمكن أن تكون بالفعل ثورية إلا إذا استندت إلى نظرية ثورية. والطابع الثوري لهذه الممارسة السياسيةهو أن تكون فعالة، أي أن تنجح في تحقيق التحويل الجذري للبنية الاجتماعية بكسر
الإطار البنيوي لعلاقات الإنتاج فيها الملجمة لتطورها التاريخي. أما الطابع الثوري في نظرية هذه الممارسة السياسية فهو أن تكون هذه النظرية معرفة علمية بقوانين التطور التاريخي للبنية الاجتماعية المحددة. فالثورة البروليتارية هي الثورة السياسية الوحيدة في المجتمعات الطبقية التي تعتمد العلم أساسا لمسارها التاريخي. فبغير هذه المعرفة العلمية الضرورية لمنطق التطور التاريخي في بنية اجتماعية محددة، تفقد الممارسة السياسية قاعدتها الأساسية، وبالتالي طابعها الثوري، فتتخبط حينئذ داخل منطق الفشل الثوري بين المغامرة والانتهازية. وهنا يبرز بوضوح دور الفكر الثوري في تحقيق منطق التاريخ. فكلما غلب على النشاط النظري لهذا الفكر طابعه العلمي، كان فعله كبيرا في دفع الواقع الاجتماعي إلى تحقيق منطق تطوره التاريخي.
مقدمات نظرية لدراسة أثر الفكر الاشتراكي في حركة التحرر الوطني
مهدي عامل