تونس نقابة التعليم الإبتدائي ومأزق سياسات الإستعراض والتحشيد
بشير الحامدي
2017 / 1 / 6 - 22:56
تونس ـ نقابة التعليم الإبتدائي ومأزق سياسات الإستعراض والتحشيد
قطاع التعليم الابتدائي يتعرض منذ ما يقارب العقدين أي منذ تبني نظام تعليم الكفايات إلى هجمة غير مسبوقة تاريخيا من أجل إنهائه كقطاع عمومي مجاني محمول أمر تمويله على الدولة. هجمة تستهدف وعبر مراحل تحويل التعليم إلى مجرد خدمة للقادرين عليها يقدمها رأس المال عبر منشآت تعليمية خاصة بكل مرحلة من مراحل التعليم.
هذه إذن هي القضية الكبرى التي تتمفصل حولها كل القضايا الجزئية والتفصيلية الأخرى التي يتخبط فيها قطاع التعليم الابتدائي اليوم والتي للأسف لم تهتم بها النقابات ولم توليها ما تستحق من العناية ولم توضع لها الاستراتيجيات المضادة. لذلك فنقابات لا ينبني وجودها على إستراتيجية معارضة للمشروع الذي يستهدف القطاع الذي تمثله لا يمكن تاريخيا لها أن تستمر وستموت حتما كجسم معبر عن القطاع ومرتبط به بمفعول افتقارها لأسباب وجود فعلية وهو حال نقابة التعليم الابتدائي وعديد النقابات الأخرى للأسف في الاتحاد العام التونسي للشغل.
هو هكذا الواقع واقع الصراع في هذا الطور من تاريخ رأس المال .
ماكينة رأس المال استوعبت أغلب الهيئات التي ولدت من رحمها أو طبعتها بطابعها أو ولدت قريبة من دائرتها.
ماكينة رأس المال في طور أزمتها الراهنة وضعت الجميع في مواجهة نفسه ومن لم يكن قادرا على البقاء انهار و رفع الراية وارتبط.
هذا هو الصراع وهذا هو الواقع ومن لا يمتلك قدرة على المقاومة سيرتبط ويضمر ثم يضمحل .
تاريخ الاشتراكية الديمقراطية ونقاباتها دليل .
تاريخ الشيوعية الأوروبية ونقاباتها دليل.
تاريخ الستالينية ونقاباتها دليل .
تاريخ البيروقراطيات النقابية دليل.
لا ينجو ولن ينجوَ سوى الذي يمتلك استراتيجيات مضادة ومستقلة ومقاومة .
هذا هو الشرط اليوم لكل ممارسة نضال.
وللأسف فنقابة التعليم الابتدائي وكما لم تمتلك إستراتيجية مضادة لنظام تعليم الكفايات ولم يكن لها مشروع خاص مضاد لمشروع الفشل هذا لم تمتلك أيضا تقييما علميا وخاصا لفشل هذا النظام وبالتالي وعمليا وجدت نفسها تتبنى استراتيجيات السلطة أي استراتيجيات من تدعي أنها تعارضه وهو سقوط مدو لا قرار له وقد مثل سبب كل مآزقها الراهنة في علاقة بمطالب المعلمين وفي علاقة بما يسمى إصلاح المنظومة التربوية .
.... وفي الوقت الذي كان فيه المعلمون ينتظرون إعلان خطة نضالية تقطع مع مسار التفريط وتبدأ في التعبئة لفرض مطالب القطاع خصوصا بعد تأخير وزارة التربية صرف المنح والإخلال بالاتفاقيات الممضاة قرارات تتجاوز أفق اتفاقية 5 ديسمبر التفريطية وتعيد ترتيب مطالب القطاع وتسمح بالبدء في التعبئة لتحقيقها عبر أشكال نضال مقاومة قادرة على وقف استهتار الوزارة والوزير بالقطاع قرارات تعلن رفضها للإصلاح الفوقي المسقط وتقاطع لجانه نهائيا وتطالب بوقف تنفيذه وتعيد ترتيب مطالب المعلمين وتتمسك بحقوقهم... في الوقت الذي كان المعلمون ينتظرون فيه توجها نضاليا جديدا نرى النقابة تنزلق في مبادرة عصفت بكل ما ذكرنا بحصرها المسألة كلها في مهمة واحدة وهي إسقاط الوزير والتي بان بعد 30 نوفمبر وبعد الإضرابات الإقليمية أنها مجرد هروب إلى الأمام وخلق مشهد استعراضي تحشيدي استبدل النضال من أجل تغيير السياسات بشعار Dégage الذي لا تملك نقابات التعليم أي آلية لفرضه.
وها قد اينتهت خطة التحشيد إلى لا شيء وها هو القطاع يجد نفسه من جديد في مواجهة نفس السياسات ونفس الوزير وهاهم المعلمون يكتشفون وبالملموس أنهم كانوا حطبا لمعركة لا علاقة لها بمطالبهم و أن المطلوب كان أكثر مما انخرطوا فيه وأن الوقت ربما تأخر كثيرا لمراجعة كثير من القناعات المتعلقة بطبيعة العمل النقابي المطلوب الانخراط فيه قطاعيا وكذلك لأدراك حقيقة الأدوار التي تقوم بها نقابتهم.
القطاع في حاجة لعمل نقابي يعارض السياسات القائمة المسقطة والتي لم تنتج منذ عقود غير الفشل.
القطاع في حاجة لنقابات تحظى بالمصداقية وليس لنقابات [رجل مع الوزارة ورجل مع القطاع]
القطاع في حاجة لنقابات تناضل من أجل تغيير السياسات وليس لنقابات للتحشيد والاستعراض وخدمة الأجندات السياسية لأحزاب حراس النظام وبيروقراطية المكتب المركزي لاتحاد الشغل.
القطاع في حاجة لنقابات تقاوم وليس لنقابات المساهمة والوفاق والتحشيد الاستعراضي.
ـــــــــــــــــــــ
بشير الحامدي