ماركس - انجلز المؤلفات الكاملة البدايات والمصير
ثامر الصفار
2017 / 1 / 2 - 22:24
مقدمة
بعد الاحداث التي شهدتها المانيا )الديمقراطية( في خريف عام 1989 غدا واضحا قرب انتهاء ايام الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم. وبرغم ان احدا لم يتوقع ، في تلك الايام، ان تتوحد المانيا بالسرعة التي حصلت، فقد كان من المؤكد ان الاوضاع سائرة نحو تغيير شامل. ومن بين الامور المؤكدة والمتعلقة بمعهد الماركسية – اللينينية (IML) هي عدم تمكنه من الاستمرار في عمله في برلين. اثار هذا اليقين قلق المهتمين والعاملين بمشروع المؤلفات الكاملة لماركس وانجلز (MEGA) في توقف العمل بالمشروع في حال اغلاق المعهد. فمن المعروف ان معهد برلين وبالتعاون مع معهد موسكو كان قد نشر القسم الجاهز من المؤلفات لكن تمويل المشروع كان على عاتق معهد برلين، ومن غير المؤكد ما اذا كان معهد موسكو قادر على الاستمرار بالمشروع لوحده.
في كانون الاول/ ديسمبر عام 1989 استلم المعهد الدولي للتاريخ الاجتماعي (IISH) في العاصمة الهولندية امستردام نداء استغاثة من معهد برلين. تلاه بعد فترة قصيرة طلبا رسميا من معهدي برلين وموسكو للدخول في محادثات لمنع توقف صدور المؤلفات الكاملة. وارسل المعهدان طلبا مماثلا لصندوق فردريك ايبرت الراعي لبيت كارل ماركس في مدينة ترير الالمانية وكانت في حينها ضمن المانيا الغربية. وافق المعهد الدولي وبيت كارل ماركس بشكل سريع على بدء المحادثات التي عقدت في امستردام في كانون الثاني/ يناير عام 1990.
لابد من الحديث قليلا عن المؤلفات البحثية كمؤلفات ماركس وانجلز، وتاريخ ارشيفهما، وموقف المعهد الدولي وبيت كارل ماركس من المؤلفات خلال السنين التي سبقت المحادثات كي نفهم اسباب الموافقة السريعة للمعهد الدولي وبيت كارل ماركس.
لماذا نجمع؟
مع تطور الفنون والثقافة في القرنين السابع عشر والثامن عشر بدأت اوروبا بجمع ونشر الاعمال الكاملة لعدد من الكتاب. ويعرف معظم الباحثين مدى صعوبة الحصول على الكتب او المقالات مع تقادم الزمن. اذ تختلف اماكن النشر، او تنفذ الطبعات، اما المجلات فيمكن ان تتواجد في عدد قليل من المكتبات، وفي احيان اخرى لا يتبقى من الكتاب الا عدد نزير، بعض الاعمال تم نشرها دون اسم، الخ. لهذا اصبحت عملية جمع مؤلفات كاتب ما وسيلة هامة لتوفير مؤلفاته/ا الى عامة القراء. وكان الاهتمام بجمع ونشر مؤلفات ماركس وانجلز قد ظهر وهما على قيد الحياة.
لقد اتفق الجميع على اهمية ماركس وانجلز لدرجة ان نشر مجاميع منتقاة من مؤلفاتهما ليس بالامر الكاف والمرض للباحثين، اذ لابد من نشر كامل اعمالهما، وهوعمل طموح اذا ما اردنا تحقيق الكمال اذ يتطلب ذلك الكثير من البحث والتقصي.
فمع مرور الوقت تزداد الحاجة الى تحرير النصوص. وهي عملية يتوجب اجراءها بدقة تامة ووفقا لرغبة ونوايا المؤلف. ولهذا يجب مطابقة النص المنشور مع مخطوطة المؤلف في حال توفرها. لكن الحال مع ماركس تحديدا ، وماركس وانجلز عموما ،يختلف تماما واكثر تعقيدا. فهناك العديد من المخطوطات تمثل مراحل مختلفة من عملهما او محاولات ماركس العديدة لايجاد افضل صيغة لافكاره. بل هناك ايضا عدة طبعات لعمل معين خلال حياتهما، وكانا في حالة مستمرة من التنقيح والاضافة على كل طبعة، فما العمل؟ هل يمكن اعتبار ان نوايا المؤلف توضح نفسها في الطبعة الاصلية، الاولى؟ او اعتماد آخر الطبعات؟ لهذا جرى الاتفاق على وضع ايضاحات للقارئ حول الاختلافات بين الطبعات المتعددة.
كان تطور التحرير البحثي على ارتباط وثيق بظهور المعالجة النقدية للتاريخ. فمنذ عصر النهضة، التزم المؤرخون بفكرة ان المعرفة التاريخية الحقيقية يمكن ان تستمد فقط من التحليل العميق للمصادر، للتخلص من التأثيرات الايديولوجية والاسطورية التي من شأنها ان تشوه التاريخ. واهمية المصادر توضح نفسها في كثرة النشر للوثائق. ومثل هذه النشريات تحقق وظيفتان. فهي توفر النصوص لعامة القراء، وفي نفس الوقت تهدف الى تفكيك النصوص. الهدف الاول يمكن تحقيقه اليوم من خلال الاستنساخ والمايكروفيلم وغيرها من الوسائل التقنية. ولكن هذه النسخ لا يستخدمها الدارسون الا قليلا. فالكثير منهم لا يفهمها، او حتى يتمكن من قراءتها. لهذا فان الوثائق يعاد نشرها بحرف طباعية بدلا من خط المؤلف. ورغم ذلك يكون على المحرر ان يوفر كل المعلومات المتوفرة عن الاصل الى القارئ، كما يتوجب على المحرر ايضا ان يوفر اية معلومات اضافية تسهل فهم الوثائق، اين، ومن، ولماذا كتبت الوثائق اضافة الى العديدمن الايضاحات كلما دعت الحاجة. كل ذلك من شأنه ان يحقق الاهداف النقدية التي ذكرناها آنفا. ولهذا فان طبعات من هذا النوع تكون احيانا ، وخصوصا في المانيا، تاريخية - نقدية.
البدايات
المؤلفات بلغتها الالمانية الاصلية
نوقشت فكرة جمع ونشر الاعمال الكاملة لماركس، او ربما، ماركس وانجلز " التي تلائم و تتوافق مع جميع شروط النشر البحثي" لاول مرة خلال اجتماع ضم عدد من الماركسيين النمساويين عام 1910. وقد حضر الاجتماع ايضا ديفيد ريزانوف الذي بدء بتنفيذ الفكرة في العشرينات من القرن الماضي، واطلق عليها اسم المؤلفات التاريخية – النقدية الكاملة لماركس وانجلز.
ولو اخذنا الظروف في تلك الايام ، يمكن لنا القول ان ما انجزه ريزانوف هو عمل عظيم. لكن المؤلفات الكاملة " الاولى" لم تتقيد الا جزئيا بمعايير التحرير التاريخية – النقدية. وكان واضعو خطة المؤلفات الكاملة الثانية في اواسط الستينات واعين لذلك. ووفقا لما ذكرناه آنفا فأن من الواضح ان الطبعة التاريخية – النقدية لا يمكن تحقيقها دون وجود ومراجعة المخطوطات الاصلية، التي كان قسم صغير منها متوفر في موسكو.
عندما توفي ماركس عام 1883، ترك كل اوراقه لصديقه " عازف الكمان الثاني" انجلز، وعندما تلقف البحر رماد جثمان الاخير عام 1895، ترك اوراقه هو لاوغست بيبل ولادوارد بيرنشتاين اللذان كانا في قيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الالماني، وبعد ذلك بسنوات انتقلت اوراق انجلز من لندن الى برلين وتم ايداعها في ارشيفات الحزب. ووفقا لوصية انجلز فان اوراق ماركس يجب ان تسلم الى بنات ماركس. فأخذتها اولا ابنته ايليانور ماركس ايفلنغ في لندن. وبعد وفاتها عام 1898 استلمت الاوراق ابنته لورا لافارغ التي كانت تعيش عهدذاك في دارفيل بالقرب من باريس. وبعد وفاتها انتقل قسم كبير ايضا من اوراق ماركس الى ارشيفات الحزب الاشتراكي الديمقراطي الالماني في برلين. وهكذا غدا القسم الاكبر من اوراق ماركس وانجلز في ارشيفات الحزب في برلين.
كان ريزانوف، وهو يبدء الطبعة " الاولى" من المؤلفات في روسيا، قد حصل على موافقة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الالماني باستنساخ اوراق ماركس وانجلزالمتوفرة لديهم. ولكن بعد انتقال الكومنترن الى مواقع اليسار المتطرف عام 1928، الغى الحزب الالماني اتفاقه مع ريزانوف وكان هذا يعني بداية النهاية للمحاولة الاولى لنشر المؤلفات الكاملة.
برلين وموسكو
بعد تمكن هتلر من الصعود الى السلطة، قام الحزب الاشتراكي الديمقراطي الالماني بنقل ارشيفه القيم الى الخارج، وبعد بضعة سنوات بيع هذا الارشيف الى شركة تأمين هولندية قامت بدورها بأهدائه الى المعهد الدولي للتاريخ الاجتماعي (IISH) المنشئ حديثا في امستردام، حيث لا يزال موجودا هناك حتى يومنا هذا. و لهذا كان على معهدي برلين وموسكو وهما يعتزمان الشروع بالعمل على الطبعة الثانية من المؤلفات الكاملة في اواسط الستينات ان يتوجها الى المعهد الدولي في امستردام.
تردد المعهد الدولي في بادئ الامر. فمن جانب، ان طبعة تاريخية – نقدية للمؤلفات الكاملة لماركس وانجلز هو امر ضروري. والمعهد بطاقمه الصغير لم يكن قادرا على انجاز هذه المهمة بنفسه، ولم يكن هناك اي معهد غربي آخر مستعد للمساهمة في هذا المشروع الضخم. وفي ذلك الوقت ايضا لم يكن ثمة يقين بان معهد موسكو سيساعد اي مشروع غربي يسعى الى الاستفادة من الوثائق الموجودة بحوزته. ومن جانب آخر، فان المعهد الدولي، بصفته معهدا مستقلا، لم يكن مرتاحا لفكرة التعاون مع معاهد حزبية كما هو الحال مع معهدي موسكو وبرلين. ولكن في الاخير سمح المعهد الدولي بالاستفادة من الوثائق الموجودة بحوزته لكنه رفض اية مساهمة مباشرة في المشروع. مقابل ذلك تعهد المعهدان بتوفير الوثائق التي بحوزتهما للباحثين في المعهد الدولي.
اثبتت السنين، التي تلت، بان التعاون مفيد لكل الاطراف، وبفعل التواصل المستمر بين الباحثين من كلا الطرفين اصبحت العلاقة بينهم اكثر مرونة. وفيما يتعلق بالمجلدات التي نشرت منذ عام 1975 كان ثمة وضوح لتأثيرات ايديولوجية لكن ذلك لم يؤثر على الطابع البحثي للمشروع. اما بيت كارل ماركس في ترير (المانيا الغربية انذاك) ولكونه يجمع بين فكرتي المتحف ومعهد ابحاث فقد كان متابعا لمشروع المؤلفات منذ بدايته وحافظ على صلته الحميمة مع محرري المؤلفات.
بعد سقوط الجدار
لهذا السبب، كان المعهد الدولي وبيت ماركس في ترير مستعدين عام 1990 للمساهمة في الجهود الرامية الى استمرار مشروع المؤلفات الكاملة، لكنهما وضعا شرطين:
1- يستمر العمل بمشروع المؤلفات باعتباره عملا اكاديميا خالصا، بمعنى، ان لا تتأثر عملية التحرير بمصالح واحتياجات أي حزب سياسي.
2- يستمر العمل بمشروع المؤلفات ضمن اطار دولي اوسع، بمعنى، يحق لاي معهد او شخص قادر او– يرغب – المساهمة في العمل على مشروع المؤلفات.
كان الشرط الاول بمثابة مبدء للعمل. اما الثاني فقد فرضته بعض الاسباب العملية :
1- لقد عاش ماركس وانجلز في بلدان متعددة : المانيا، فرنسا، بلجيكا، واخيرا في انكلترا. وقد اثر موقفهما الاممي على دراساتهما ونشاطهما السياسي. وهي حقيقة خصوصا بالنسبة الى ماركس الذي شملت دراساته ميادين متنوعة شملت القانون، الفلسفة، التاريخ، الاقتصاد السياسي، التكنولوجيا، الزراعة، الكيمياء، الجيولوجيا، الفيزياء، الرياضيات، علم الاثنيات (الايثنولوجيا)، علم الاعراق (الانثروبولوجيا)، وغيرها، لكنه كان مهموما ايضا بالعديد من البلدان كألمانيا، فرنسا، بريطانيا، ايرلندا، البلدان الاسكندنافية، بولندا، روسيا، بلدان البلقان، ايطاليا، اسبانيا، الولايات المتحدة الاميركية، الصين، الهند، وغيرها. ونتيجة لنشاطهما السياسي غدا ماركس وانجلز شخصيتان اساسيتان ضمن حركة عالمية واسعة النطاق، تطورت في كل بلد وفق شروط وظروف ذلك البلد. وكان من المشكوك فيه ان يتمكن معهد او اثنان من تغطية كل ذلك، ولهذا كانت ثمة حاجة الى اخصائيين متنوعين ومن بلدان عديدة.
2- ان ثلثي الارشيف الخاص بماركس وانجلز موجود في امستردام والثلث الاخر في موسكو. وفي ذات الوقت فان قسما كبيرا من عمل التحرير يتوجب عمله في المانيا، اذ ان الالمانية هي لغة الطبعة.
3- كان من المشكوك فيه استمرار العمل في المانيا في المستقبل. لهذا كان لابد من تقسيم عمل دولي – وتقسيم الكلفة ايضا.
4- ان انشاء اطار دولي سيساعد في حماية المواصلة في تنفيذ المشروع، حيث كان من المؤمل ان لا يعتمد المشروع على تغير الظروف في بلد ما.
وهكذا تم في خريف عام 1990 انشاء صندوق ماركس- انجلز الدولي في امستردام. وحددت لهذا الصندوق مهمة واحدة لا غير وهي مواصلة وانهاء العمل في المؤلفات الكاملة لماركس وانجلز.
لا بد من التنبيه الى ان تعبير " صندوق" ربما يؤدي الى سوء فهم. فحسب القانون الهولندي يحق لاي انسان انشاء صندوق. كل ما على الشخص ان يفعله هو الذهاب الى كاتب عدل ليقدم طلبا متفقا مع القانون. وتعبير " صندوق" لا يشترط وجود اية اموال فيه.
المقر الرئيسي للصندوق كان في امستردام وهو يمثل شبكة دولية. له مجلس ادارة يتكون من افراد او معاهد متعاونة مع الصندوق، اضافة الى مكتب سكرتارية صغير لتمشية الامور اليومية، ومجلس تحرير دولي مسؤول عن تنسيق العمل في المشروع وضمان النوعية، وكان للصندوق ايضا مجلس مستشارين دوليين يضم ابرز الباحثين المختصين من جميع انحاء العالم، ومع ذلك لم يكن الصندوق يمتلك اي مبالغ تحت تصرفه.
كان من المؤمل عندما تم انشاء الصندوق عام 1990 ان يتمكن فريقا العمل في برلين وموسكو من الاستمرار في عملهما وان تحاول الفرق الجديدة ان تمول نفسها ذاتيا. لكن الرياح سارت باتجاه آخر. ففي عام 1989 كان ثمة العشرات من الباحثين يعملون على مشروع المؤلفات في المعهد الماركسي – اللينيني في برلين، اضافة الى فرق اخرى تعمل في العديد من الجامعات في المانيا الديمقراطية. اما في موسكو فقد كان هناك اربعين باحثا. ولكن لم يتبق من جميع الفرق الا النزر اليسير بعد سنتين فقط. فبعد توحيد الالمانيتين انتهى عمل جميع الفرق الالمانية، وبعد فشل محاولة الانقلاب التي قادها يلتسين ضد غورباتشوف في أب 1991 جرى حل المعهد الروسي. والحقيقة انه قسم الى ثلاثة معاهد جديدة، حيث وضع ارشيف اللجنة المركزية الذي كان يضم وثائق ماركس وانجلز تحت وصاية مفوضية الارشيفات لروسيا الفيدرالية، ووضعت المكتبة تحت وصاية وزارة الثقافة، واحتفظ القسم الثالث بنفسه بصيغة مؤسسة مستقلة. وكان الاخير قادرا على الاستمرار بالعمل بمشروع المؤلفات الا انه كان بحاجة الى التمويل.
تحقيق التقدم
ظل الحال ميؤس منه لفترة من الزمن. لكن صندوق المؤلفات في امستردام لم يكن مستعدا للاستسلام. فقد عمل ما في وسعه لاعلام وتحشيد الرأي العام و انشاء صلات مع السلطات المعنية. واستطاع ان يحصل على دعم شعبي واسع ودعما دوليا ضم العديد من الباحثين والفنانين والسياسيين من المانيا، فرنسا، ايطاليا، بريطانيا، هولندا، دنمارك، روسيا، اليابان، ومؤخرا الولايات المتحدة الاميركية.
هكذا تمكن الصندوق من تحقيق بعض النجاح. وبقدر ما يتعلق الامر بالمانيا، وبعد فترة فترة طويلة من التردد اصدر المستشار الالماني هيلموت كول قرارا بضرورة مواصلة العمل بمشروع المؤلفات ولكن طبعا حسب الطرق المعمول بها في الدول الغربية في مشاريع من هذا النوع. فجرى تخصيص رواتب لسبعة موظفين دائميين، ثم جرى تنسيبهم عام 1993 الى اكاديمية العلوم في برلين – براندنبيرغ التي تأسست حديثا في برلين.
في نفس الفترة، وتحديدا في بداية عام 1992 تم انشاء فريق اخر الماني – فرنسي يضم اعضاءا من بيت كارل ماركس ومجموعة من الباحثين الفرنسيين المهتمين بالحضارة الالمانية في جامعة اكس بروفنس في جنوب فرنسا. واستقرت الحالة في نفس العام في موسكو. فقد بقي حوالي عشرون باحثا في المعهد المستقل، وانتقل القسم الاخر الى المركز الروسي للارشيف. وكان الفريقان يمولان من المعهد الدولي للتاريخ الاجتماعي في امستردام بمساعدة الحكومة الهولندية اولا ثم بمساعدة الاتحاد الاوروبي ابتداءا من عام 1995.
وبالتالي يمكن القول ان الاوضاع بدأت بالتحسن منذ عام 1992. واصبح بمقدور الصندوق الدولي ان يركز على انجاز مهمته الاساسية، تنفيذ مشروع المؤلفات الكاملة. وشعرت هيئة التحرير ان عليها اولا معاينة مبادئ عملية التحرير للمؤلفات. وعقدت لهذا الغرض مؤتمرا دوليا في جامعة اكس بروفنس الفرنسية. حضر المؤتمر العاملين في الصندوق، الاعضاء السابقين والجدد في مجلس التحرير وعدد من المختصين البارزين في مجال التحرير. وبعد مناقشات حيوية جرى تبني مبادئ جديدة واتفق على نشرها لاطلاع العامة من الناس المهتمة بالمؤلفات.
كما جرى الاتفاق على اعادة النظر في خطة نشر المؤلفات. فقد كانت الخطة الاولية تضم نشر 177 مجلدا وهو عدد كبير جدا. وبعد محاولات عديدة لتقليل عدد المجلدات مع الاحتفاظ بمعنى تعبير " الكاملة" ، الذي يمكن النظر اليه من زوايا مختلفة، فالكاملة يمكن ان تعني ما نشره المؤلف في حياته، لكن لا يمكن تطبيق ذلك على ماركس، فكما هومعروف كان لماركس خططا كبيرة لكنه لم يتمكن من تحقيق الا قسم قليل منها، تاركا بعد رحيله كما هائلا من المسودات والملاحظات، لهذا لم تكن النقاشات التي شهدها القرن العشرين، حول كتاباته التي لم تنشر في حياته ولم تكن بشكلها الاصلي الذي خطط له هو بنفسه، محظ صدفة، كما هو الحال بالمجلدين الثاني والثالث من رأس المال، وايضا" المخطوطات الاقتصادية – الفلسفية لعام 1844"، " الايديولوجيا الالمانية" و " الغرونديسة". لهذا فان واحدة من اهم الانجازات التي ستحققها المؤلفات الكاملة هي نشرها المجلدين الثاني والثالث لرأس المال بطبعتها المحررة من قبل انجلز مضافا اليها كل مسودات ماركس.
واقترح ايضا عدم نشر المقتبسات والملاحظات التي قد تحتل 30 مجلدا، ولم يؤخذ بهذا الاقتراح لان الاقتباسات والملاحظات تشكل جزءا مكملا، بل وهاما ايضا، كونها ستمكننا من متابعة الكيفية التي سار عليها ماركس لكتابة اعماله ولكونها توضح ما الذي وجده ماركس مهما في الكتب التي اقتبس منها ليضيفه الى مسوداته الاولى.
وكان هناك اقتراح بعدم نشر المراسلات التي يمكن ان تحتل قرابة 30 مجلدا ايضا. او على الاقل ان تحذف الرسائل الى ماركس وانجلز. لكن هذين المقترحين لما يحوزا على الموافقة. فمراسلات ماركس وانجلز مع حوالي 2000 شخصية. 4000 رسالة من ماركس وانجلز و 10000 رسالة لهما قد احتفظ بها. كل هذه المراسلات تغطي قرابة ستين عاما (1835 – 1895) وتمثل مصدرا هاما للمعلومات حول تاريخ الحركة العمالية الالمانية والعالمية، وتاريخ الافكار والتاريخ الثقافي للقرن التاسع عشر. وتقريبا قد جرى نشر جميع الرسائل من ماركس وانجلز ولا تزال معظم الرسائل اليهما غير منشورة .
ثمة طريقة اخرى لتقليص عدد المجلدات وهي عدم نشر كل شيئ بصيغته الكاملة اذ يمكن حذف القسم الذي يجري تكراره في اكثر من عمل مع الاشارة الى ذلك في الهوامش. وبهذه الطريقة وبغيرها تم تقليص العدد الى 114 مجلد .
الوضع الحالي
عندما تأسس الصندوق الدولي لماركس وانجلز عام 1990، كانت 43 مجلدا او اجزاء مجلدات قد نشرت، وتصاعد العدد الى 55 مجلدا لغاية عام 2008.. واضافة الى الفرق الاربعة التي اشرنا اليها نشأت اربعة فرق اخرى عام 1997، الفريق الياباني، الفريق الدانماركي، الفريق الالماني – الهولندي في برلين/امستردام، والفريق الاميركي. وهكذا يوجد اليوم ثلاثة عشر فريقا موزعين على المانيا، فرنسا،روسيا،هولندا، دانمارك، اليابان، النمسا، اميركا.
ولا يزال امام الفرق مهمة نشر المجلدات الباقية.
كل ما ذكرناه آنفا يتعلق بالمؤلفات الكاملة بلغتها الالمانية اما بالنسبة للمؤلفات الكاملة باللغة الانجليزية فحكايتها كما يلي:
كانت البداية عام 1975 حيث نشر المجلد الاول من المؤلفات " الكاملة" ووصل العدد المنشور منها الى 52 مجلدا. الا ان هذه المؤلفات الكاملة هي ليست كاملة لسببين: الاول انها اعتمدت "ما نشر من مؤلفات ماركس وانجلز خلال حياتهما" وقد وضحنا سابقا الاسباب التي تجعل مثل هذا المنهح لا يناسب شخصيتان كماركس وانجلز، وثانيا ان تعريف الطبعة ينص على انها " تشمل جزءا كبيرا من المخطوطات والرسائل".
ولتفاصيل اكثر سعة حسبي ان احيل القارئ الى ما نشره الدكتور فالح عبد الجبار كلمحق لترجمته " نتائج عملية الانتاج المباشرة : الجزء المجهول من رأس المال" عام 1989.
كانت السعادة كبيرة لتوفر هذه الطبعة الانجليزية الكترونيا، حيث مكنت العديد من الاكاديميين والباحثين من متابعة الجذر الماركسي للوصول الى روئ وطرحات جديدة تخدم الفكر الماركسي. الا ان الفرحة لم تستمر اذ قامت دار لورنس اند ويشارت الانجليزية، بعد فترة من توقيعها اتفاقية مع دار التقدم في موسكو ودار انترناشونال ببلشرز الاميركية تقضي باصدار الطبعة الانجليزية كعمل مشترك، باحتكار النسخة الالكترونية التي كانت تصدر برعاية الارشيف الماركسي الالكتروني ابتداءا من 30 ابريل 2014، واصبح على المهتمين بالطبعة الانجليزية ان يقتنوها بثمن يصل الى 2600 باون استرليني. ولم يبق في حوزة الارشيف الماركسي الالكتروني سوى 35 مادة يمكن للمهتمين الحصول عليها على الرابط التالي:
https://www.marxists.org/archive/marx/works/download/index.htm
اضافة الى ذلك ثمة اجزاء من المجلدات جرت ترجمتها الى الانجليزية ووضع مقدمات لها من قبل عدد من الباحثين الانجليز او الاميركان. ونخص بالذكر قيام الباحث الاميركي لورنس كريدر وبالتعاون مع المعهد الدولي للتاريخ الاجتماعي في امستردام في تحرير وكتابة مقدمة طويلة لـ " دفاتر الملاحظات الاثينولوجية لكارل ماركس " عام 1976. والكتاب الان قيد الترجمة الى اللغة العربية من قبل كاتب السطور بالتعاون مع مركز لورنس كريدر للابحاث التابع لجامعة مكماستر الكندية في مدينة هاملتون.
اما الحديث عن المؤلفات الكاملة لماركس وانجلز باللغة العربية فهو حديث ذو شجون، وينطبق عليه القول بان من يريد قراءة ماركس فعليه بالالمانية، فأن لم يستطع فبالانجليزية او الفرنسية، فان لم يستطع فبالعربية وهذا اضعف الايمان. ففي دراسة للباحث فالح عبد الجبار نشرت في الثقافة الجديدة ، العدد 162، سنة 1985، تمت الاشارة الى " ان نصف التراث الاقتصادي لماركس ( وليس تراث ماركس وانجلز كاملا، ث.ص) لا يزال مجهولا للقارئ العربي".
وخدمة لاغراض البحث العلمي ندرج ادناه ثبتا بالاعمال المنشورة عربيا من المؤلفات معتمدين على ما في حوزتنا من معلومات ومتمنين على المهتمين ان يضيفوا اليه لاحقا:
عنوان الكتاب او المقالة المؤلف سنة الترجمة والنشر ملاحظات
موجز رأس المال أنجلز 2008 ترجمة فالح عبد الجبار
رأس المال ماركس 2013 ترجمة فالح عبد الجبار
اول طبعة عربية كاملة تضم ثلاث مجلدات
الغروندريسة (المقدمة) ماركس ترجمة عصام الخفاجي
الاشتراكية الطوباوية والاشتراكية العلمية انجلز 1985 دار التقدم
الاجوروالاسعاروالارباح ماركس 1975 دار التقدم
لودفيغ فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الالمانية أنجلز 1974 دار التقدم
انتي دوهرنغ أنجلز 1984 دار التقدم
اصل العائلة والملكية الخاصة والدولة أنجلز 1975 دار التقدم
بيان الحزب الشيوعي ماركس/أنجلز 1974 دار التقدم
الاسرة المقدسة ماركس/أنجلز 1975 ترجمة رزق الله غيلان
مساهمة في نقد فلسفة الحق عند هيغل (المقدمة) ماركس 1988 دار التقدم
خطوط اوليو لنقد الاقتصاد السياسي انجلز 1988 دار التقدم
موضوعات عن فيورباخ ماركس 1988 دار التقدم
فيورباخ، التضاد بين العقيدة المادية والعقيدة المثالية ( الفصل الاول من كتاب الايديولوجيا الالمانية) ماركس/ انجلز 1988 دار التقدم
بؤس الفلسفة ماركس 1988 دار التقدم
ماركس ورودبرتوس (مقدمة للطبعة الالمانية الاولى لكتاب بؤس الفلسفة) أنجلز 1988 دار التقدم
العمل المأجور ورأس المال ماركس 1987 دار التقدم
الثامن عشر من برومير لويس بونابارت ماركس 1987 دار التقدم
مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي ماركس 1987 دار التقدم
حرب الفلاحين في المانيا ( المقدمة) انجلز 1987 دار التقدم
الحرب الاهلية في فرنسا ماركس 1987 دار التقدم
بصدد نشاط الطبقة العاملة السياسي انجلز 1987 دار التقدم
نقد برنامج غوته ماركس 1987 دار التقدم
مقدمة كتاب ديالكتيك الطبيعة انجلز 1987 دار التقدم
مسألة الفلاحين في فرنسا والمانيا انجلز 1987 دار التقدم
النضال الطبقي في فرنسا من 1848 الى 1850 (المقدمة) انجلز 1987 دار التقدم
رسائل مختارة 1844-1895 ماركس/ انجلز 1982 دار التقدم
المخطوطات الفلسفية – الاقتصادية 1844 ماركس تُرجم ترجمة غير مرضية
نظام العمل الأجور انجلز دار التقدم
رسالة الى لودفيغ كوغلمان 12 نيسان 1871 ماركس 1987 دار التقدم
رسالة الى لودفيغ كوغلمان 17 نيسان 1871 ماركس 1987 دار التقدم
رسالة الى فردريك بولته 23 تشرين الثاني 1871 ماركس 1987 دار التقدم
رسالة الى اوغست بيبل 20 حزيران 1873 انجلز 1987 دار التقدم
ملاحظات انتقادية على مقالة البروسي: " الملك البروسي والاصلاح الاجتماعي" (مقتطف) ماركس 1983 دار التقدم
كلمتان في البرفلد (مقتطف) انجلز 1983 دار التقدم
مبادئ الشيوعية (مقتطف) انجلز 1983 دار التقدم
رسالة اللجنة المركزية الى عصبة الشيوعيين ماركس/انجلز 1983 دار التقدم
بيان الى رئيس تحرير ماركس 1983 دار التقدم
فضائح محاكمة الشيوعيين في كولونيا (مقتطف) ماركس 1983 دار التقدم
النتائج المقبلة للحكم البريطاني في الهند (مقتطف) ماركس 1983 دار التقدم
رسالة الى البرلمان العمالي ماركس 1983 دار التقدم
كلمة في يوبيل " جريدة الشعب" ماركس 1983 دار التقدم
النظام الداخلي المؤقت لجمعية الشغيلة العالمية (مقتطف) ماركس 1983 دار التقدم
في السلطان انجلز 1983 دار التقدم
الباكونينيون في العمل: مذكرات عن الانتفاضة في اسبانيا صيف 1873 انجلز 1983 دار التقدم
ملاحظات على برنامج حزب العمال الالماني ماركس 1983 دار التقدم
رسالة الى هيئة تحرير " اوتيتشستفيني زابيسكي" ماركس 1983 دار التقدم
المناقشات في الرايخستاغ حول القانون ضد الاشتراكيين ( مقتطف من مسودة) ماركس 1983 دار التقدم
مقابلة مع جريدة شيكاغو تربيون (مقتطف) ماركس 1983 دار التقدم
مقدمة لبرنامج حزب العمال الفرنسي ماركس 1983 دار التقدم
الطبقات الاجتماعية، الضرورية والزائدة انجلز 1983 دار التقدم
لمناسبة وفاة كارل ماركس (مقتطف) انجلز 1983 دار التقدم
رسالة الى برنشتين 27 آب 1883 (مقتطف) انجلز 1983 دار التقدم
مقدمة كراس بوركهيم " على ذكرى الوطنيين الصياحين في 1806-1807" (مقتطف) انجلز 1983 دار التقدم
مساهمة في نقد مشروع البرنامج الاشتراكي الديمقراطي لسنة1891 (مقتطف) انجلز 1983 دار التقدم
جواب الى المحترم دجوفاني بوفيو انجلز 1983 دار التقدم
رسالة الى بول لافارغ 12 تشرين الثاني 1892 (مقتطف) انجلز 1983 دار التقدم
تحية الى المؤتمر العالمي للطلاب الاشتراكيين (مقتطف) انجلز 1983 دار التقدم
المسألة الاجتماعية في روسيا (مقتطف من الخاتمة) انجلز 1983 دار التقدم
الثورة الايطالية المقبلة والحزب الاشتراكي (مقتطف) انجلز 1983 دار التقدم
رسالة الى بول لافارغ 6 آذار 1894 (مقتطف) انجلز 1983 دار التقدم
مناقشات لاندتاغ الرين السادس (مقتطف) ماركس 1988 دار التقدم
تبربر المراسل الموزيلي (مقتطف) ماركس 1988 دار التقدم
نجاحات الحركة في سبيل التحويل الاجتماعي في القارة (مقتطف) انجلز 1988 دار التقدم
وضع انكلترا (مقتطف) انجلز 1988 دار التقدم
حال الطبقة العاملة في انكلترا (مقتطف) انجلز 1988 دار التقدم
المسألة الدستورية في المانيا (مقتطف) انجلز 1988 دار التقدم
الحرب الاهلية في سويسرا (مقتطف) انجلز 1988 دار التقدم
مناقشات برلين حول الثورة (مقتطف) انجلز 1988 دار التقدم
تقريظ اميل دي جيراردن " الاشتراكية والضريبة" (مقتطف) ماركس/انجلز 1988 دار التقدم
اضواء على مسألة السكن (مقتطف) انجلز 1988 دار التقدم
رسالة الى هنري مايرس هايندمان 8 كانون الاول 1880 (مقتطف) ماركس 1988 دار التقدم
المخطوطات الاقتصادية 1861-1863 (مقتطف) ماركس 1988 دار التقدم
تأميم الارض (مقتطف) ماركس 1988 دار التقدم
الازمات الداخلية (مقتطف) انجلز 1988 دار التقدم
الحكومة والمعارضة في فرنسا (مقتطف) انجلز 1988 دار التقدم
حرية المناقشات في برلين (مقتطف) ماركس/ انجلز 1988 دار التقدم
مسالة يوم العمل من عشر ساعات (مقتطف) انجلز 1988 دار التقدم
دستور الجمهورية الفرنسية المتخذ في 4 تشرين الثاني 1848 (مقتطف) ماركس 1988 دار التقدم
الاسباب الفعلية لهمود البروليتاريين الفرنسيين النسبي في كانون الاول من السنة الماضية (مقتطف) انجلز 1988 دار التقدم
الوضع في بروسيا (مقتطف) ماركس 1988 دار التقدم
المجازر البلجيكية (مقتطف) ماركس 1988 دار التقدم
رسالة الى اوغست بيبل 6 حزيران 1884 (مقتطف) انجلز 1988 دار التقدم
رسالة الى اوغست بيبل 18 تشرين الثاني 1884 (مقتطف) انجلز 1988 دار التقدم
مخطوطة دور العنف في التاريخ (مقتطف) انجلز 1988 دار التقدم
رسالة الى اوغست بيبل 11-12 كانون الاول 1884 (مقتطف) انجلز 1988 دار التقدم
المخطوطات الاقتصادية 1857-1859 الغروندريسة (مقتطف) ماركس 1988 دار التقدم
خطاب في ذكرى مرور سبع سنوات على الاممية (مقتطف) ماركس 1988 دار التقدم
خطاب عن مؤتمر لاهاي (مقتطف) ماركس 1988 دار التقدم
حزب العمال (مقتطف) انجلز 1988 دار التقدم
يتضح مما سبق ان القارئ العربي لم يطلع الا على بضعة اعمال كاملة اما الباقي فهي مجرد مقتطفات لا غير. فهل نامل يوما ان نصل الى مرتبة القارئ بالانجليزية او الفرنسية دع عنك القارئ الالماني؟