|
إمام الإمبراطوية المريضة، ولقاء الإياب
علاء داوود
الحوار المتمدن-العدد: 5390 - 2017 / 1 / 2 - 00:09
المحور:
الصحافة والاعلام
غاب الإسفلت عن شوارع الصقيع، واكتسى بجماهير اللعبة وعُشاقها، ولكن المُلفت في هذا اللقاء هو عدد الفرق المشاركة، فالفريق التركي يواجه فرقاً لا حصر لها على أرضه وبين جمهوره، يقول محللون، عدا عن قوانين اللعبة والتي وقعت تحت وابل من التغييرات المفاجئة، فالتوقيت مثالاً لم يعد تسعين دقيقة كما المألوف بل ثلاثماية وخمس وستون يوماً، والأداة المستخدمة لسير اللقاء لم يعد كرةً بل جُلّ أنواع الأسلحة والإمكانيات، وقد تم استبدال الحكم الذي لا حول له ولا قوة مباشرة قبل بدء اللقاء، فغاب بان كي مون الى الظلمات وباشر البرتغالي أنطونيو غوتيريش مهامه العصيبة، وما أن أتت صافرة البداية حتى كانت الهجمة السريعة جداً والتي أدت الى الركنية الأولى ضد الفريق التركي، والتنفيذ فوراً بطريقة التمريرة القصيرة ومحاورة دفاع الخصم، والعرضية عالية والمهاجم يأتي من بين خطوط المدافعين بالرأس ويهز الشباك التركية، فتأتي صافرة الحكم الذي ما زال يرتب أوراق خطاه، معلنةً أولى الأهداف في الثانية التاسعة والثلاثين وسط ذهول الجماهير التركية، غير أن صاحب الهدف كان مقنعاً، يقول متابعون.
هذا ما يكون عندما تحشد الرؤية العثمانية الآيلة للسقوط ما أمكنها من شذاذ الآفاق، حيث تعلمنا منذ الصغر أن انبعاث الصوت في المدى لا بد له أن ينتج الصدى المرتد، وسط الإنكماش القسري للقتلة بعد إزاحتهم تدريجياً من عروبة النبض سوريا العظيمة، فتبدأ الإنفعالات والضربات في هز الداخل التركي، ولكن لا بد لذوي العقول في تركيا إن وجدوا التركيز على أن الجاني هو رأس هرم السلطنة المتهاوية وأقصد النمر الورقي أردوغان، الذي لم يأل جهداً على صب النار على أرض العروبة في سوريا، فليذق، والشماتة قائمة، فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا.
ولكل ذارفي الدموع على الكارثة الإنسانية، التي حلت على الشعب والحكومة والأرض والسلطنة وإرث الأتراك والعثمانيين، وسط ترديدهم أن حسبي ربي ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بذي العرش العظيم، ألم تكن الكارثة في ملهى ليلي ؟!، وسط ليلة حمراء مشتعلة، ضحاياها رواد المتعة والمومسات، سينفجر أحدهم ويقول لا، بل كانوا يذكرون الله وسط حشد من الأئمة والذاكرين، ونحن هنا لسنا من دعاة المناداة بحصار الحريات في هذا العالم، ولكن سلطان المؤمنين وخليفة القتلة يدعي ذلك، ويدعي انه الى الله أقرب، وسط جماهيره ومتبعيه الغافلين والوصف المنطبق عليهم أنهم صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون.
أما آن الأوان لنعقل أن فاقد الشيء لا يُعطيه ؟؟، وأن المسرحية العثمانية قد طالت وسط انفجارات الدماء على أوجه القارات الكونية، وسيبقى قسمٌ وهو الأكبر ينادون بأن لبيك سيدي ومولاي أردوغان العظيم، بعثِروا خُطاكم كيفما شئتم فكما تكونوا يولى عليكم، وبالعودة الى مسرحية الإنقلاب وإن كان السيناريو المتبع أردوغانياً، فقد أتقن لعبته وحبكته وأحكم قبضته على اعناقكم وعقولكم، لكن ماذا الآن ؟؟، وماذا عن السيناريوهات المُقبلة، التي لن يكون له فيها دور، بل سيكون متلقي الضربات ليس إلا ؟؟، عودوا الى رشدكم إن أردتم واتبعوا الحق.
أولى اللحظات من العام الجديد تأتي منيرة ناصعة، استرداد حق في أرض الحق، حلب الجريحة تنير شجرة ميلادها من جديد، وسط دماء لم تجف ولسان حالها أن دم الشهداء ينير القلوب ويشعل الحق في سماء الوطن على خطى النصر القادم، وتداعيات الانتصارات تتوالى، وسط الرجفات والإرتعاشات المُدوية المنبعثة من حصون المتكالبين، واشتعال الأزمات بين شذاذ الأمم قتلاً ومكائد، والهزات الأمنية في عقر الديار الآثمة، وأوراق الرهانات وأسيادها تتغير وسط ملاهي ودور القتل والموت المرتد من الشرق، والبقية تأتي.
عودة الى سير أحداث اللقاء، فما أن هزت شباك سلطان القتل أولى الأهداف، حتى تعالت الصرخات والمشاحنات، بأن الهدف ذاتي بامتياز، وسط امتعاض الجماهيرالغاضبة التي رفعت مناديلها البيضاء في وجه سلطان الفريق الورقي، فيما يُبقي الحكم البرتغالي صافرته في يده وسط اشتعال المدرجات غضباً، وبالرغم من مرور تسع وثلاثين ثانية فقط على البدء، إلا أن التوقعات بمهرجان من الأهداف يغزو شاشات العرض، في انتظار استئناف أحداث اللقاء.
#علاء_داوود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد رحيل العدو، يكون الميلاد
-
والقراءة تأتي وإن كثر الكسر والتأتآت سليمة
-
بين الولايات الثائرة وفانتازيا جمع التكسير
-
الأمريكيون يُخفقون، ما أفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة !!
-
الوعد المشؤوم وعدوى النوستالجيا العثمانية
-
عاصفة الأمم والميناء المفقود
-
ميلاد في خلود السماء
-
لا اعتراف
المزيد.....
-
في روما.. يختبر السيّاح تجربة جديدة أمام نافورة -تريفي-
-
لغز مرض تسمم الحمل الذي حير العلماء
-
-بايدن قد يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية قبل انتهاء ولايته- -
...
-
قلق على مصير الكاتب صنصال إثر -اختفائه- بالجزائر بظروف غامضة
...
-
هل نحن وحدنا في الكون؟ ماذا يقول الكونغرس؟
-
مشاهد لآثار سقوط صواريخ لبنانية في مستوطنة كريات أتا (صور +
...
-
-حزب الله-: إيقاع قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح
-
مشاهد لـRT من موقع الضربة الإسرائيلية لمنطقة البسطة الفوقا ف
...
-
مجموعة السبع ستناقش مذكرات التوقيف الصادرة عن الجنائية الدول
...
-
لماذا يضاف الفلورايد لمياه الصنبور وما الكمية الآمنة؟
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|