الربيع العربي المزعوم
الحزب الشيوعي الثوري - مصر
2016 / 12 / 14 - 16:47
دراسة صدرت عن الحزب الشيوعي الثوري يوم 11 اغسطس 2012م
إن شباب الطبقة المتوسطة أبناء البرجوازية الصغيرة قاموا بمظاهرات كبرى نتيجة للثورة العلمية في الإنترنت والإتصالات , خرجوا من أجل الحرية وتدهور الأحوال الإقتصادية , نتيجة هيمنة الرأسمالية الكبرى وسحقها كل الطبقات فخرجوا من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والقضاء على الفساد والرشوة والوساطة والمحسوبية , وإنتقلت المظاهرات في كل مكان وكانت قوى اليسار على رأس التظاهرات وكانت كل الشعارات شعارات اليسار “عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية ” والاخوان المسلمين اخذوا قراراً يوم 19 يناير بعدم النزول وكانت المظاهرات في كل مكان وتوجهت للتجمع في ميدان التحرير وتم دخولهم الميدان إلى ان تم إخلائهم بالقوة يوم 25 يناير 2011 الساعة الواحدة بعد ضربهم بالرصاص المطاطي والخرطوش وكذلك قنابل الغاز المسيلة للدموع وتم فض الميدان بالقوة واصر الشباب على مواصلة التظاهرات حتى يسقط النظام الفاسد وكانت جمعة الغضب 28 يناير 2011 وإنطلقت المظاهرات في كل الميادين وانهارت وزارة الداخلية ونزل الجيش إلى الشارع تحت شعار “أنا مع الثورة وسينفذ مطالبها ولن نطلق رصاصة واحدة على شباب الثورة ” وبدأوا في تهريب المساجين وأمروا الإخوان بالنزول وبدأ تحويل الميدان إلى ساحة صلاة وبدأت سرقة الانتفاضة من أصحابها وتمت الصفقة بين الاخوان والعسكر بمباركة الإدارة الامريكية وتحويل مسار الثورة من أجل الحرية والعدالة الإجتماعية إلى مظاهرات في خدمة المشروع الصهيوامريكي وهو مشروع الشرق الاوسط الجديد أي الهيمنة الأمريكية أكثر وأكثر على المنطقة ومقدراتها ، ولم يكن لديهم سوى الاسلاميين لكي يتحالفوا معهم فهم قوى تابعة وبرجماتية وفي خدمة الرأسمالية العالمية وإضطرت الرأسمالية الكبيرة إلى التضحية برأس النظام (مبارك) بعد دخول العمال على خط الثورة والدعوات للإضراب العام والعصيان المدني وبدأت الكتل العالمية تنادي برحيل مبارك وها قد أبعدوا مبارك وأتوا بكرزاي مصر(مرسي) بعد فترة إنتقالية أدارها العسكر بنفس سياسات نظام مبارك بل إن عدد معتقلي العسكر يفوق عدد معتقلي مبارك الذين حوكموا امام المحاكم العسكرية في ثلاثين عاماً! كل هذا بالإضافة إلى قوانين تقيد الحريات ، تجرم الاضراب والتظاهر وهي قوانين موجهة بالأساس ضد العمال كي لايكون لهم دور في تحديد الخارطة السياسية للبلاد.
وحسمت الصفقة بين العسكر والاخوان بأن يأخذ الاخوان السلطة السياسية ويتركوا للعسكر المكاسب السياسية والاقتصادية والامتيازات الاجتماعية والسياسية التي يتمتعون بها، فإن العسكر يمتلكون حوالي 40% من إقتصاد الوطن المتمثل في شركات الخدمة الوطنية والبترول والمقاولات وغيرها من الشركات الصغيرة التابعة من الباطن بحيث تحول العسكر من حماة تراب الوطن إلى سماسرة يتاجرون في مقدرات الشعب وأصبحوا جزءاً من الرأسمالية الكبيرة التي لن تسمح لها الرأسمالية العالمية التي ترأسها بأن تؤسس إقتصاد وطني مستقل يؤثر على مصالحها في المنطقة.
وكان إستفتاء مارس الكارثي الذي حشدت فيه القوى الإسلامية كل جهودها من أجل إرضاء أسيادهم العسكر والأمريكان لدرجة أنهم هللوا بالنتيجة التي وافقت بأغلبية مشوبة بالمال السياسي والتصويت الطائفي والديني على ترقيعات دستورية صاغها طارق البشري وصبحي صالح الإخوانيين والذين قد أتى بهم المجلس العسكري لإستكمال المسلسل الوهمي في تنفيذ مطالب الانتفاضة وحينما أحست القوى الشبابية والثورية بالمخطط ونزلت ضد العسكرفي 8أبريل و27مايو إلى ميادين الوطن ، كانت تصريحات الإخوان وتوابعهم من الإسلاميين تكفر النزول ضد العسكر وتصف المتظاهريين بأنهم شياطين الإنس وأن تلك الجمعة هي جمعة الوقيعة بين الجيش والشعب.
وكانت الصفقة تقتضي وجود رسمي وشرعي للإسلاميين فسمح إعلان العسكر الدستوري بقيام أحزاب دينية بل وسخروا لها كافة الوسائل الإعلامية والدعائية من وسائل إعلام عربية وغربية تابعة للإمبريالية الأمريكية حشدت في إتجاه وصول الإسلاميين للسلطة لإحتواء الانتفاضة وعدم تحويلها لثورة حقيقية وإستكمال مشروع الهيمنة الأمريكية على مقدرات الشعوب العربية والمنطقة.
ولم يكن خفياً على أحد إرسال أمريكا أكثر من مسئول رسمي وغير رسمي إلى حزب الإخوان ومكتب إرشادهم للتأكد من أن عهودهم معهم لن تنقض وأنهم سيكونون وكلاء لهم في المنطقة ولم تكتف جماعة الإخوان بذلك بل أرسلت لجنة من حزبها لمقابلة المسئولين وأعضاء الكونجرس بأمريكا للتأكد من أن الإخوان سينفذون مشروع الشرق الأوسط الجديد ولامساس بأمن إسرائيل ومصالحها ولا مساس بمصالح الإمبريالية الأمريكية ونجد من العجب أن تعترف أمريكا بالإخوان في كل من مصر وتونس وسوريا وترفضهم في غزة مع أن حماس هي الذراع العسكري للإخوان في فلسطين المحتلة.
وحينما أحست أمريكا بأن الشباب والقوى التقدمية ترفض المشروع الصهيوأمريكي وتجلت في مظاهرات الرفض أمام السفارة الصهيونية بالقاهرة ورفض علني وصريح للسياسات والمشاريع الإستعمارية الصهيوأمريكية لم تجد أمريكا سوى طمأنة إسرائيل بأن من سيحكم لابد وأن يلتزم بأمن أمريكا وأمن الكيان الصهيوني وقد كان حيث زار جيمي كارتر وهيلاري كلينتون ولم يمر على مصر شهر دون وصول مسئول أو إثنين من كبار القادة والساسة الأمريكان لترتيب الأوضاع السياسية مما يخدم مصالح الولايات المتحدة الأمريكية التي فوجئت بخروج الانتفاضة في يناير وبما أن حلفائهم من العسكر ليسوا ثواراً وأصبحت مطالبات تسليمهم للسلطة ملحة وأنية ومن كافة الفئات والتيارات الشبابية والثورية ولم تجد دوائر الإستخبارات المركزية الأمريكية سوى الإسلاميين للقيام بهذا الدور لأنه جزء لا يتجزأ من الطبقة الرأسمالية التي تكتسب ثروتها على حساب الفقراء والكادحين، يمتلك خيرت الشاطر وهو الرجل الحديدي في الجماعة أكثر من 70 شركة داخل مصر وحدها وتتحدث تقارير عن وصول رأسماله إلى 12 مليار جنيه بالإضافة إلى حسن مالك ويوسف ندا وأعضاء التنظيم الدولي بالإضافة إلى تدفق الأموال على الجماعة والإسلاميين بسخاء من مشيخات النفط في قطر والسعودية بأوامر أمريكية ولكن ينقلب السحر على الساحر ويكون وصول كرزاي مصر (مرسي) إلى السلطة وتعهده بإجراءات إقتصادية وأجتماعية وهمية تتعارض مع برنامجه الذي قالت عنه الصحف الأمريكية نفسها بأنه أكثر توحشاً وأكثر يمينية من برنامج الحزب الوطني السابق ويعتمد برنامج الإخوان على الإستثمار المباشر من الدول الشرق أسيوية وأمريكا وأوروبا التي تعاني أزمة طاحنة فمثلاً أوروبا تعاني فيها إقتصاديات كل من اليونان التي ستكون خارج الإتحاد الأوروبي في غضون عام ونصف على الأكثر وقبرص وأسبانيا رابع أكبر إقتصاد في أوروبا والبرتغال وأيرلندا وبعد التغيرات في فرنسا والأوضاع الإنجليزية المكبوتة التي أجبرت دول أوروبا على فرض خطط للتقشف رغم الرفض الشعبي الحاشد لتلك الإجراءات التي تعجل بإنهيار النظام الرأسمالي الذي أصبح عبئ على البشرية.
وتعيش أمريكا في الجانب الأخر من العالم أزمة مالية طاحنة منذ أزمة الرهن العقاري في 2008 وحتى الأن بالإضافة إلى إنهاك جيوشها في العراق وأفغانستان تحت ضربات المقاومة الوطنية الباسلة وإستنفذت الحلول العسكرية .
ولم تعد شرق آسيا كأقتصاديات كانت تنمو بشكل كمبرادوري قادرة على إنقاذ أحد لأنها تعاني منذ فقاعة الإلكترونيات من أزمة مالية هي أيضاً.
ولم يعد أمام مرسي وجماعته سوى منطقة الخليج التي ليس لها من مصلحتها أن تتحسن أوضاع مصر بعد الأنتفاضة كي لا تهدد عروشهم بل أن هناك رفض شبه رسمي إماراتي للإخوان المسلمين وحكمهم وتنظيماتهم الخليجية فمن أين سيأتي مرسي (كرزاي مصر) بالأموال اللازمة لتمويل مشروعه؟ّ!
ولم تجد أمريكا أمامها سوى البحث عن وكلاء لهم وكان تحالفهم المفضوح مع تركيا والأردن وبعض القوى اللبنانية العميلة من أجل إحتلال آخر معاقل المقاومة لمصالحهم وهي سوريا الحبيبة وعلى مدار عام ونصف من الأزمة السورية التي لا ننكر بأن الشعب السوري له مطالب مشروعة في التغيير نحو الحرية والعدالة الإجتماعية التي حاد عنها نظام بشار الأسد بل إن هؤلاء قد إستغلوا تلك المطالب وقاموا بالحشد وشراء العملاء بين سوريين وأتراك وعرب مصريين وأردنيين وتوانسة وليبين بحجة أن سوريا هي بوابتكم إلى الجنة بالإضافة إلى المرتزقة الأجانب الذين تدربهم وتسلحهم وتشرف باستخباراتها على عملياتهم القذرة من نهب وقتل وتدمير وتفجير وإغتيالات ونجد في قلب تلك الصورة العفنة المليئة بالقذارة والخسة وسائل الإعلام العربية والعالمية التابعة تبين الوضع في سوريا وكأن الجيش العربي السوري هو جيش إحتلال والمرتزقة ومليشياتهم هم جيش من الأحرار الثوريين بل إنها قد أعطته اسم ( الجيش السوري الحر ) وما هم إلا عملاء ومرتزقة ولكن خابت أمال القوى الإمبريالية وفشلت رهاناتهم بعد الفيتو الثالث لروسيا والصين ووقوفهم إلى جانب الشعب السوري في محنته وإنحياز الجيش العربي السوري للوطن سورية بعد إغتيال قادته ولم يجد هؤلاء العملاء سوى المناداة بالأوهام التي يصدرونها للشعوب وهم بعيدون كل البعد عنها ألا وهو التدخل الأجنبي من أجل حماية حقوق الإنسان وكأنهم لا يرون ما يحدث في البحرين وشرق جزيرة العرب في مملكة آل سعود في المناطق المهمشة في الشرق من مملكة آل سعود.
ولو كانوا هؤلاء صادقين لأدانوا القمع المتعمد لقوى الثورة الشعبية البحرينية وكذلك قمع وإعتقال الشعب في مملكة آل سعود التي بعثت بقوات إحتلال إلى البحرين تحت سمع وبصر العالم أجمع.
ولقد أفرزت الأزمة السورية وضعاً سياسياً عالمياً جديداً بحيث لم يعد أحادي القطب بل أصبح متعدد الأقطاب وإن كان في بدايات تشكله إلا إن المحور الروسي الصيني قد بين كثيراً مما يقول ووقوفه التدخل الأجنبي الإستعماري في سورية التي تؤكد أن لاحل للأزمة فيها سوى الحوار داخل دمشق والمصالحة الوطنية الشاملة وليس الصفقات في أوكار العملاء ومكاتب الإستخبارات الغربية.
ولا يزال الشعب التونسي يكمل ما بدأه في ديسمبر 2010 ويناير 2011 وقد صرح رئيس الدولة بأن إحتمالات فيام ثورة ثانية قوية وذلك نظراً لأن المطالب الإجتماعية لم تنفذ إلى الأن ومازالت حركات الإحتجاجات سواء الشبابية أو العمالية على قدم وساق ولن تصمت حتى زوال نظام النهضة إلى مزبلة التاريخ.
وبعد تدخل الناتو كقوة إستعمارية في ليبيا وسارعت الإمبريالية للإستفادة من عقود إعادة الإعمار بعد سيطرة مليشياتها الإسلامية والمرتزقة على الوضع، رفض الشعب الليبي سيطرة القوى الإسلامية وفازت القوى المدنية بالإنتخابات وأصبح الشعب الليبي بعد قرون من عدم الممارسة السياسية ؟أكثر وعياً بما رآه من مآسي سيطرة الإسلاميين على مقاليد السلطة في مصر وتونس.
وقد أتضح للعيان ما كنا نقوله عن تركيا ودورها التابع والوكيل للإستعمار العالمي ليس بعيداً عن كونها إحدى خدام الامبريالية في المنطقة وقد تجلى ذلك في فتح حدودها على مصراعيها للمسلحين والمرتزقة الذين يدفع لهم أسيادهم من الغرب للدخول إلى الأراضي السورية بل وإمدادهم بالدعم المادي واللوجستي وإعطاء لنفسها الحق في أن تبكي على الشعب السوري الذي يعاني مما قد إقترفته أيديهم من تسليح ودعم مالي ولوجستي ويروج الإستعمار وأعوانه وتوابعهم المتأسلمين النظام التركي وأردوغان على أنه حلم ومشروع الديمقراطية ولكنه مشروع عثماني تابع للإمبريالية والإستعمار ولإستكمال الهيمنة وتوزيع الأدوار بالوكالة.
ويتناسى أردوغان الذي يطالب بالحرية المزعومة للمليشيات العميلة ما يفعله جيشه الفاشي تجاه المواطنين الأكراد الذين كل ذنبهم أنهم أكراد ليس إلا وتقوم مليشياته النظامية بين الحين والأخر بقصف وإحتلال لقرى كردية وتشريد وقتل وترويع أهلها فهل هذا النظام هو نظام ديمقراطي أم فاشي؟! ويبين هذا كل أوهام من هللوا لإستقبال أردوغان وكأنه الخليفة المنتظر لتحرير البشرية وكانت صدمتهم حين قال أردوغان بأن علمانية تركيا وليس أسلمة أردوغان هي ما أدى بتركيا إلى هذا الوضع الذي يريده الإسلاميون والذي هو من وجهة نظرههم (أي الإسلاميين) يرونه الحلم الإسلامي النهضوي المنشود.
إن الحزب الشيوعي الثوري يرى أن إنتفاضات الربيع العربي هي إنتفاضات قامت بالأساس من أجل الحرية والعدالة الإجتماعية ولكن يتم إحتواءها وتحويلها لإنتفاضات تخدم المشروع الصهيوأمريكي ومشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يضمن أمن الكيان الصهيويني ويضمن الهيمنة الأمريكية على مقدرات المنطقة وتم تغيير قادة عملاء للغرب بقادة عملاء وتنظيمات عميلة أخرى في ثوب جديد وهو ثوب ديني يدعي أنه وطني وثوري ولكن تقف سوريا الحبيبة مدعومة من قوى الصداقة الروسية والصينية واللاتينية شوكة في ظهر المشروع .
إن الحزب الشيوعي الثوري يرى في كرزاي مصر (مرسي) وجماعته وحزبه (عشيرته) إمتداد للنظام السابق ولن يقدموا حلولاً إقتصادية وإجتماعية حقيقية للأزمات الطاحنة من فقر وجهل وبطالة وعنوسة وأمراض مزمنة بل إنه يتعامل مع الدولة المصرية وكأنها جمعية خيرية ويطالب المواطنين بأداء الدور التنفيذي وكل ذلك ليداري على سياسات التقشف التي بدأ يتبعها بأن تحصل وزاراته إجبارياً رسوماً للنظافة على فاتورة الكهرباء ويطالب المستهلك بأن يقوم برفع القمامة من الشوارع، فأين الحقوق وأين الدولة ؟! وهل هذا سوى نصب علني بإسم الوطن وأليس هذا هو تقشف من أجل توفير نفقاتهم الخيالية وإعتماداتهم المالية وإمتيازاتهم الإجتماعية .
وختاماً نؤكد على أن النظام الأن في مصر لم يتغير فهو نظام رأسمالي ريعي قائم على إفقار الفقراء وإغناء الأغنياء ومرسي ومشروعه جزء لا يتجزأ من هذا النظام.
ويرى الحزب الشيوعي الثوري أن الحل في تكاتف أبناء الشعب المصري والقوى اليسارية والتقدمية من أجل القيام بثورة اشتراكية.
الاشتراكية هي الحل
الحزب الشيوعي الثوري - مصر