أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - مابين تعبان وترامب كانت هنالك عذابات بائع رصيف














المزيد.....

مابين تعبان وترامب كانت هنالك عذابات بائع رصيف


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 5348 - 2016 / 11 / 20 - 20:37
المحور: الادب والفن
    




في محلة طفولتي القديمة كان هنالك ثمة حطام انسان لشاب فقير يتيم ومعاق وقصير القامة واحدب ويعاني من الكساح ولا تقبل اي امرأة بالزواج منه يدعى "علي التعبان" .. لكنه مع كل هذا العذاب الازلي كان طيب القلب ولايحقد على احد ورغم افتقاره لكل مقومات الحياة لكنه كان كريم الابتسامة التي لاتغادر وجهه الحزين!!
بينما كان جارنا الحارس الليلي حين يمر يشاهد تعبان يجلس القرفصاء وحيدا فوق انقاض عتبة دارهم فيتحسر قائلاً: لم الله عاقبك بهذه القساوة وانت ولد طيب وبريء!!؟؟
وقد حاول الحارس عمل الخير حين توسط لزواج تعبان من فتاة خرساء من المحلة لكن اهلها رفضوا فكرة الزواج .
كان المسكين ابن محلتي القديمة والذي عاش حياته مهمشا موجوعا وغالبا ما كان يكابد الاوجاع وينام خاوي البطن لانه لايمتلك عشاء فكان يعاتب السماء بعيون دامعة..
رغم عوق تعبان الجسدي لكنه كان مكابرا وعصاميا لايقبل المساعدات التي تقدم اليه .. وكان قنوعا ويقبل بما يسد رمقه بما يحصل عليه من عمله من بيع الخضار وحلوى الاطفال فوق رصيف المدينة .. ومن فيض طيبة تعبان الذي كان لايبخل بمساعدات العوائل التي تعيش تحت خط الفقر وفي بيوت الصفيح .. فقد شوهد عدة مرات وهو يتسلل الى بيوت اصدقائه الفقراء وهو يشاركهم الطعام حين يكون رزقه اليومي فائض عن شراء وجبة عشاء .. وذات مساء باغته لص وهو يشهر بسكين في وجه الطريق اثناء رجوعه للدار..
-لاترتعب ياولد خذ ماتريد: اجاب تعبان !!
فسرق اللص رزق تعبان وهرب بين ازقة السوق .. في اليوم الاخر جاء الحارس ليخبر المنكوب ان الشرطة قبضت على اللص .. فذهب علي .. الى مديرية الشرطة وابلغهم انه سامح اللص وطلب منهم ان يطلقوا سراحه .. بعد ان ابلغ مدير الشرطة : ربما كان هذا الولد محتاج او ان عائلته كانت جائعة فدعته الحاجة للسرقة ..
كان الزبائن وتجار السوق يكنون الاحترام لبائع الخضار علي التعبان واغلبهم كان في سؤال عنه .. لكن في اخر مساء موحش.. حزن السوق وتسألت المدينة والقباب والعربات وصمت صراخ البائعين فوق الارصفة حين شاهدوا تعبان ينام بعمق ابدي والابتسامة الحزينة مازالت عالقة فوق ملامح وجهه الحزين شيع السوق جثمان على التعبان وبكى الرصيف رحيله !!
بقيت صورة المظلوم تعبان في مخيلتي احتفظ بها منذ سنيين !!
ولكن قبل ايام حين فاز ترامب الامريكي وتربع على اعظم عرش في العالم .. هذا الرجل المحظوظ الذي ولد وبفمه ملعقة ذهب وهو يمتلك كل شيء في الحياة من ثراء فاحش وعقارات لاتعد وبيوت مزينة بالرخام والمطهمة بالذهب ومن زوجات جميلات حد اللعنة والعهر وجاه وحضور وشهرة وصحة وسعادة تذكرت مفارقات الحياة الظالمة والعبثية
مابين التعيس تعبان والمحظوظ ترامب!!؟؟



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاهد من ذاكرة الانتفاضة
- اجنحة اليمام وغصن الزيتون
- حكايات أخرى من حانة هايد بارك
- الحذاء
- اصدقاء الليل والحانة
- تداعيات الذاكرة في صالة المستشفى
- حديث في مرسم
- رحلة في سوق الطفولة
- ذاكرة القلب
- حديث عابر في قطار
- تمرد ضد الاقفاص
- غزلان البراري واحلام الطفولة
- مابين غيبوبة العاشق ومطارد الشمس
- ابوذية الغناء وصوفية العشق
- ذاكرة الامكنة
- انهم يقتلون الابل
- الحب ليس له وطن او دين
- رثاء لتماثيل مهشمة .. وهاربة من معابدها
- فجيعة الغابة القتيلة
- الحائك والمدينة


المزيد.....




- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - مابين تعبان وترامب كانت هنالك عذابات بائع رصيف