|
غلق | | مركز دراسات وابحاث الماركسية واليسار | |
|
خيارات وادوات |
|
مقتطف من مقدمة الطبعة الثالثة لكتاب مقدمات نظرية لدراسة أثر الفكر الإشتراكي في حركة التحرر الوطني مهدي عامل
إذا تركنا الأسطورة جانباً، وعدنا إلى التاريخ الفعلي وحركته المادية، وجب علينا القول إن واقع مجتمعاتنا العربية هو أنها خاضعة للسيطرة الامبريالية، بوجودها في شبكة علاقات النظام الرأسمالي العالمي، فلا سبيل لها إذن، إلى الإفلات من القوانين الكونية التي تحكم حركة التاريخ المعاصر، من حيث هي، في الأزمة العامة للامبريالية، حركة الانتقال إلى الاشتراكية. لهذا كانت حركة التحرر الوطني في جوهرها حركة هذا الانتقال نفسه، وسيرورتها سيرورته، وكان الصراع الطبقي فيها هو هو الصراع الوطني، فلا فصل فيه لوجه أو شكل منه عن الآخر، ولا تغليب لهذا على ذاك إلّا في الأيديولوجية البورجوازية. وبتعبير آخر، إن التلازم في حركة التحرر الوطني بين العداء للامبريالية والعداء للرأسمالية قائم بالضرورة. هذا ما حاولت شرحه بالتفصيل في كتاباتي كلها. ولقد انطلقت فيها من قضية أساسية صغتها على الوجه التالي: ما هو الشكل، أو بالأحرى ما هي الأشكال المحددة التي تتميز فيها حركة القوانين التاريخية الكونية في الحركة التاريخية للمجتمعات العربية المعاصرة؟ لم تكن هذه الصياغة عفوية، بل أردت لها أن تكون دقيقة، فهي محور لمجموعة من الأسئلة المترابطة فالصعوبة كل الصعوبة في حركة الفكر وفي إنتاج المعرفة ليست في الإجابة عن الأسئلة بقدر ما هي في تحديد نوع الأسئلة التي نطرح. ولقد أشرت سابقاً، إلى أين يقود منطق من الفكر ينطلق في فهم واقعنا التاريخي الراهن من البحث عن «خصوصية» تجد شرط وجودها في تهافت العقل ورفض العلم وكونيته. فإذا فهمنا أن الكوني لا ينوجد في التاريخ إلّا مميَّزاً، لأن تمييزه هذا هو فيه وجوده المادي نفسه، وضح لنا المنهج الذي نعتمده في تحليل واقعنا التاريخي. إنه منهج فكر كليّ ـ ولولا نبرة «صوفية» في الكلمة لقلت إنه منهج فكر كوكبي ـ ينظر في واقعنا المميّز بعين القوانين الكونية فيميّزها فيه، ويرفع هذا المميّز إلى كونيته. والفكر هذا هو الفكر الماركسي نفسه الذي قال عنه يوماً سارتر: إنه الأفق الذي لا يمكن للمفكر المعاصر أن يتخطاه، لسبب موضوعي بحت هو أنه فكر التاريخ المعاصر، من حيث هو تاريخ الانتقال الثوري من الرأسمالية إلى الاشتراكية. فالنظر بهذا الفكر في واقعنا التاريخي المميّز يطرح عليه، إذن، مهمة نظرية محددة: هي أن يكون، أو بالأحرى أن يصير نظرية التحرر الوطني في عالمنا العربي. هل هو قادر على ذلك؟ هل نحن قادرون على أن نجعل منه، بالتحديد، أيديولوجية الحركة الثورية الوطنية العربية؟ هذا هو التحدي التاريخي الذي يجابه هذا الفكر.
|
|