حزب البروليتاريا نقيض جهاز الدولة
عليه اخرس
2016 / 10 / 23 - 11:37
الفصل الرابع في التناقض
الجزا الثامن
8حزب البروليتاريا نقيض جهاز الدولة
إذا كانت أحزاب البورجوازية الصغيرة، كأحزاب الطبقة المسيطرة، تنتهي دوما
بالتحنط في أجهزة تابعة لجهاز الدولة، حين تصل البورجوازية الصغيرة إلى السيطرة
الطبقية، فالحزب الوحيد الذي يجد في تكوينه الطبقي بالذات القوة الثورية على نقد
جهاز الدولة، أي على تكونه كنقيض ثوري لجهاز الدولة، هو الحزب الشيوعي، حزب
الطبقة العاملة، لأن الطبقة العاملة أكثر الطبقات الاجتماعية ثورية على الإطلاق. إن
البروليتاريا الثورية هي الطبقة الوحيدة التي في ثورتها بالذات، أي في انتزاعها سلطة
الدولة وفي تغييرها الثوري لجهاز الدولة، تقوم، وعليها أن تقوم، بهدم جهاز الدولة،
في التناقض
91
أداتها السياسية الأساسية لفرض سيطرتها الطبقية، لأنها تمارس ديكتاتوريتها الطبقية
لا من أجل البقاء في السلطة كطبقة مسيطرة، على خلاف بقية الطبقات المسيطرة، بل
من أجل التحرر من كل سيطرة طبقية، أي من أجل تحرير البنية الاجتماعية من علاقة
السيطرة الطبقية نفسها. معنى هذا أن ممارستها لهيمنتها الطبقية ليس للحفاظ على
علاقة السيطرة الطبقية وتأبيدها، بل للقضاء عليها. فتعايش الحزب الثوري وجهاز
الدولة إذن، ضرورة أساسية في منطق السلطة السياسية للطبقة العاملة وفي منطق
سيطرتها الطبقية. إلا أن هذا التعايش لا ينفي وجود التناقض بينهما، بل يستلزمه، كما
أن علاقة التبعية هنا بين الحزب الثوري وجهاز الدولة ليست في تبعية الأول للثاني،
أي في تبعية تحدد الحزب بالضرورة كجهاز تابع لجهاز الدولة، كما هو الحال في
البنية الاجتماعية الرأسمالية، بل في تبعية جهاز الدولة للحزب الثوري نفسه. ولتبديد
الالتباس الذي قد ينجم عن استعمالنا في الحالتين كلمة التبعية، أي لإظهار الاختلاف
الطبقي في علاقة حزب الطبقة المسيطرة بجهاز الدولة بين وجود هذه العلاقة في البنية
الاجتماعية الرأسمالية ووجودها في البنية الاجتماعية الاشتراكية، نقول: إن هذه العلاقة
في الحالة الثانية، أي في المجتمع الاشتراكي، ليست بين جهازين، فإن كانت كذلك،
لانتفى الاختلاف الطبقي الذي يميزها في هذه الحالة من وجودها في البنية الاجتماعية
الرأسمالية. التماثل في هذه العلاقة بين الحالتين ليس بقائم، فإن وجد في الواقع، فأمر
يستدعي النقد والتحليل، وليس هذا البحث مجالاً لذلك. على كل حال، إذا كانت هذه
العلاقة في الحالة الثانية بين جهازين، فمن المستحيل أن يكون جهاز الدولة تابع ً ا لجهاز
الحزب، بل العكس هو الصحيح، وفي هذا، أي في تكون الحزب الثوري كجهاز،
وبالتالي في تبعيته لجهاز الدولة، خطر على تطور الحركة الثورية نفسها للطبقة العاملة،
سواء كانت في السلطة أو خارجها.
الحزب الثوري أداة الهيمنة الطبقية للطبقة العاملة، وجهاز الدولة الخاص بها
أداة سيطرتها الطبقية. إلا أن الطابع الثوري الذي يميز السلطة السياسية لهذه الطبقة
92
من السلطة السياسية لمختلف الطبقات المسيطرة، هو أنها تستخدم سلطتها السياسية
هذه للقضاء على علاقة السيطرة الطبقية نفسها، وبالتالي على وجودها بالذات كطبقة
مسيطرة. لهذا كان جهاز الدولة بالضرورة خاضعا لحزبها الثوري، أي إن أداة سيطرتها
الطبقية خاضعة بالضرورة لأداة هيمنتها الطبقية. فبحزبها الثوري تحقق البروليتاريا
عملية هدم جهاز الدولة. معنى هذا أن زوال الدولة الذي تكلم على ضرورته لينين لا
يتم بشكل تلقائي، بل بفعل الحزب الثوري نفسه، في عملية معقدة هي وجه رئيسي من
وجوه الصراع الطبقي، خاص بالبنية الاجتماعية الاشتراكية. إن زوال الدولة في الحقيقة
إزالة سياسية لها لا يتم بواسطة جهاز، أو بقرارات جهازية، بل بتنظيم ثوري للجماهير
نفسها، أي بقوة الجماهير الثورية المنظمة. إن تكون الحزب الثوري في جهاز تجميد له،
أي منع لتحقيق هذه العملية البروليتارية السياسية لإزالة الدولة، جهازا وسلطة سياسية.
ومهما يكن جهاز الحزب ثوريا، يظل كجهاز تابعا بالضرورة لجهاز الدولة الذي عليه
إزالته، وفي هذا تناقض له دلالته الاجتماعية البعيدة. فالقوة الثورية إذن، لحزب الطبقة
العاملة في نقد الواقع الاجتماعي وتحويله، على خلاف بقية الأحزاب، تكمن بوجه
خاص في كونه نقيضا مباشرا لجهاز الدولة الذي هو أساس لوجود كل جهاز سياسي أو
أيديولوجي. والمواجهة الثورية لجهاز الدولة، سواء أكانت الطبقة العاملة في السلطة أم
خارجها، لا تكون في مواجهته بجهاز حزب تابع له بالضرورة من حيث هو جهاز، بل
بتنظيم الجماهير الثورية نفسها التي لها المصلحة في مواجهته والتصدي له، لكسر قيوده
الملجمة لتحررها. وهذه المواجهة الثورية هي في منطق وجود الحزب الثوري نفسه كنقيض مباشر لجهاز الدولة.
مهدي عامل
مقدمات نظرية لدراسة أثر الفكر الاشتراكي في حركة التحرر الوطني
النسخ الالكتروني عليه اخرس