|
النظام التعليمي بالمغرب (6).
كريم اعا
الحوار المتمدن-العدد: 5308 - 2016 / 10 / 8 - 14:14
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
مصادر تمويل التعليم بالمغرب إن قابلية أي نظام تعليمي للحياة ترتبط بمدى توفره على موارد مالية تمكنه من الاستجابة للمتطلبات المتزايدة التي يعرفها النشاط التعليمي. فالتوسع الكمي و الكيفي لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود إستراتيجية و إرادة واضحتين و بتوفر مصادر تمويل قارة و متطورة. فبعد عقود من العمل غير المهيكل انتظر نظامنا التعليمي بلورة ميثاق التربية و التكوين ليقر في أحد بنوده ضرورة "إحداث نظام للحسابات الوطنية في المجال التربية و التكوين" تلتزم بمقتضاه سلطات التربية و التكوين بتضمين التقرير السنوي الذي ترفعه إلى البرلمان كشفا حسابيا يوضح بدقة طبيعة التكاليف و كيفية استعمالها و مبرراتها و مقاييس مرد وديتها . و هو ما يؤشر على الأهمية التي أضحت مسألة التمويل تحتلها في مفكرة المسؤولين عن القطاع. هكذا قدمت الوزارة الوصية جردا خاصا بحسابات سنة 2004-2003 و الذي يتناول التعليم ماقبل الجامعي بمختلف أسلاكه. و سأعمل على عرض مساهمة كل المتدخلين في ميدان التعليم من دولة و شركاء محليين و أجانب و أسر و المتعلقة بجهودهم التمويلية، مركزا على بعض أوجه الهدر المدرسي التي تستهلك الكثير من الميزانية المخصصة للقطاع. كما سأحاول الوقوف عند التكلفة السنوية للمتعلم في مختلف الأسلاك. 1ـ مصدر التمويل الأول من الطبيعي أن تكون خزينة الدولة هي المصدر الرئيسي لتمويل النظام التعليمي، نظرا للأدوار التي يقوم بها هذا الأخير، و نظرا لالتزام الدولة تجاه مواطنيها بتوفير حقوق مدنية في مقدمتها الحق في التعليم. فالمناداة بتخفيض مساهمة الدولة في القطاع جزء من الدعوات التي تحاول اختراق كل المجالات الحياتية اليومية و جعلها سوقا استثمارية و مجالا استهلاكيا آخر. إن الحديث عن الترشيد الشامل و المنهجي للإنفاق التربوي على جميع المستويات، لا يمكن أن يستمد شرعيته إلا من نهج عام يوضح التزامات و حقوق كل طرف، بعيدا عن الشعارات الديماغوجية و المضللة. الدولة تساهم عبر ميزانيتها العامة في تمويل الأنشطة التعليمية و يتجلى ذلك فيما يلي : - تحمل مصاريف التسيير و التجهيز في مختلف المدارس العمومية. - التعويضات المقدمة لقطاع التعليم و التكوين الخاص. - التحويلات الموجهة للأسر (منح الدراسة). - المنح المقدمة للطلبة المغاربة بالخارج. أما إسهام الجماعات المحلية في تمويل الأنشطة التعليمية فلا يزال يراوح مكانه رغم ما خصه بها ميثاق التربية و التكوين من مهام. و تكفي الإشارة إلى أن اتفاقية الشراكة بين صندوق التجهيز الجماعي و الجماعات المحلية و التي قدم فيها الأول 300 مليون درهم سنويا خلال 5 سنوات لإصلاح و تأهيل المؤسسات، خلفت العديد من ردود الفعل غير الطيبة لدى عدد من المنتخبين الجماعيين الذين لم يرقوا بعد للوعي بأدوارهم الحقيقية. الوقوف عند نتائج الحسابات الوطنية في ميدان التربية و التعليم لسنة 2004-2003 يبين ضخامة الأموال التي يستهلكها هذا القطاع. و هكذا صرف المغرب حوالي 41.6 مليار درهم على نظامه التربوي، و هو مايمثل 9.3% من ناتجه الداخلي الخام و 1392 درهم لكل مواطن. و تبقى الدولة هي المساهم الأول في ميدان التعليم بنسبة % 59.1. يعاني النظام التعليمي من ظواهر غير صحية تساهم في هدر الطاقات البشرية و المالية لعل أبرزها ظاهرتي التسرب و الرسوب. و إذا كان التسرب من أهم أسباب انتشار الأمية في صفوف التلاميذ الذين لم يكملوا مسيرتهم الدراسية فإنه يمثل أيضا عبءا ماليا ضخما كما يمثله الجدول التالي : تطور الكلفة العامة للتسرب (بالدرهم الجاري) النسبة المتوسطة للتسرب مجموع المتسربين الكلفة العامة 1999-1998 5.8% 192395 519.466.500 2000-1999 5.8% 202880 547.776.000 2001-2000 5% 183220 494.694.000 2002-2001 4.9% 189784 512.416.800 2003-2002 6.3% 244732 660.776.4000
فإذا أضفنا إلى متسربي التعليم الابتدائي هؤلاء، أعداد المتسربين بالأسلاك الأخرى نكون أمام استنزاف حقيقي لميزانية التعليم و هو ما يتطلب دراسة تحليلية لهاته الظاهرة و اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف هذا النزيف الذي يعاكس تطلعات الشعب نحو تعليم عمومي مجاني وذي جودة. إن عدم التوازن بين الأسلاك فيما يتعلق بالموارد المالية، يلقي بظلاله على تكلفة كل سلك على حدة و هكذا تقدر تكلفة تدريس التلميذ الواحد (خلال مرحلة 1999-1991) بما يلي: 2195 درهم للتعليم الابتدائي، 4055 درهم للثانوي الإعدادي، 8760 درهم للثانوي التأهيلي و أخيرا 12172 درهم بالنسبة للتعليم الجامعي. و قد انتقلت هذه النسبة سنة 2004-2003 إلى 2932 درهم بالنسبة للتعليم الأولي، 5118 درهم بالتعليم الابتدائي، 7615 درهم بالنسبة للثانوي الإعدادي، 12.083 درهم بالثانوي التأهيلي، حسب نظام الحسابات الوطنية في ميدان التربية و التكوين الذي سيمكن، رغم صعوبة بلورته على أسس واضحة و مقنعة، من توفير العناصر اللازمة لتحليل التكلفة و أساليب تحصيلها و كذا تقييم مجموعة من البرامج كتعميم التعليم الأولي أو الاستمرار في المجانية النسبية للتعليم بالمؤسسات التربوية العمومية. عموما يمكن القول أن ميزانية الدولة هي المصدر الرئيسي لتسيير مؤسسات التعليم العمومي خصوصا نفقات الأجور التي تستحوذ على نصيب الأسد من المجهود التمويلي. و إذا كان من السهل التقليص من ميزانية التجهيز أو من مخصصات المعدات و الأدوات فإن المساس بمستحقات العنصر البشري لن تكون بالشيء اليسير. التفكير إذن في مصادر تمويل جديدة لا بد أن يستحضر جميع عناصر المعادلة و أن يستحضر فوق كل هذا و ذاك حق التعليم الجيد كحق سيادي لا يجب أن يحرم منه أحد و إلا فقدت الدولة آخر الأوراق التي تستمد منها مشروعيتها. 2ـ إسهام الأسر و القطاع الخاص في ميدان التمويل إذا كانت الصعوبات التي تنتصب أمام الدولة في مجال تدبير الموارد المالية قد ألقت بظلالها على ميدان التعليم فإن ذلك لم يمنع من تزايد مساهمة الأسر بما نسبته %30 من مجموع مصاريف التعليم، و هو ما يمثل حوالي 12.5 مليار درهم. هذا الرقم الضخم يفسر بالمصاريف المباشرة المرتبطة بالتمدرس و خصوصا بمصاريف التسجيل و الدراسة المتسمة بالارتفاع في التعليم الخاص رغم محدودية أعداد التلاميذ التي تدرس به. يساهم المستثمرون الخواص بما نسبته 8.9% من مجموع المصاريف خلال ذات السنة. فإذا اعتبرنا مساهمة المصادر الخاصة في حقل التعليم، يمكن القول أن الأسر تصرف 74.5 درهم من كل مئة درهم، مقابل 22.2 درهم للمستثمرين في الخواص. في حين تتكلف المنظمات غير الحكومية ب3.3 درهم المتبقية . تتحمل الأسر مسؤولية تكاليف رسوم التسجيل و الدراسة، و كذا مصاريف الأدوات الدراسية و كل ما يرتبط بالنشاط المدرسي من كسوة و غذاء و نقل مدرسي...إلخ و قد ساهم تراجع الدولة في توفير المنح الدراسية في تزايد مساهمة الأسر و هو ما شكل ضغطا كبيرا على الأسر المعدمة أو ذات الدخل المحدود. إن المقاولات تساهم في تمويل التعليم عبر رسم التكوين المهني الذي تؤديه، و عبر برامج التكوين التي يستفيد منها مستخدموها. لكن مجهوداتها في ميدان التكوين و البحث العلمي لا تزال بحاجة إلى الرفع و التطوير. جدير بالذكر أن تقييم إنفاق الأسر يعرف العديد من الصعوبات أهمها ضرورة إنجاز تحقيقات بالقرب من العائلات و في كل الأوساط و المستويات للتعرف على نوعية المصاريف و حجمها. وهكذا يمكن عرض مساهمة الأسر في مجهود الإنفاق حسب إبراهيم شداتي كما يلي : معدل المصاريف التعليمية حسب الفرد : الوسط و المستوى بالدرهم سنة 1985 – 1999 الحضري القروي المجموع الأولي 13.79 1.38 6.74 الابتدائي 28.89 11.58 19.07 الثانوي 40.33 8.37 22.20 العالي 5.46 0.21 2.48 مصاريف أخرى 6.18 0.96 3.22 مصاريف التعليم 1999 262.3 49.4 164.3
يلاحظ التفاوت الواضح بين معدل المصاريف القروية و الحضرية. و بين مختلف الأسلاك التعليمية. بما يقدم صورة واضحة على نسب النجاح و التقدم في المستوى التعليمي. و اعتمادا على مجموع السكان خلال سنتي 1985 و 1999. أصبحت مساهمة الأسر في ميزانية التعليم و التكوين كما يلي : مساهمة الأسر في المجهود المالي التعليمي مجموع المصاريف (بآلاف الدراهم) %في ميزانية الوزارة الوصية 1985 116687.00 15 % 1999 4639503.4 28 %
لقد انتقلت إسهامات الأسر من 15 % سنة 1985 إلى 28 % سنة 1999. وهو ما كانت له انعكاسات على قدرة الأسر ذات الدخل المحدود على تعليم أبنائها حيث من الصعب توفير الموارد اللازمة لتمويل تعليم أكثر من طفل واحد. في المقابل نجد أن الأسر الميسورة تستطيع تحمل المصاريف التعليمية و متابعة تدريس أبنائها حتى لو اقتضى الأمر إرسالهم لمؤسسات التكوين خارج الوطن. إنه مظهر آخر من مظاهر التفاوتات الاجتماعية التي تجد في ميدان التعليم أبرز صورها و التي ستتعمق أكثر مع التراجع عن مجانية التعليم بالثانوي التأهيلي و العالي. 3ـ مساهمة الشركاء المحليين و الأجانب يمكن أن نميز في هذا الباب بين مساهمة الشركاء المحليين و الخواص من جماعات محلية، منظمات غير حكومية جمعيات، مؤسسات عمومية و قطاع خاص، و بين مساهمة الفاعلين الأجانب الذين يتخذ تمويلهم التعليم المحلي أحد الأشكال التالية: 1- المعونات الأجنبية : و هي تنقسم إلى : أ- منح لا ترد ب- قروض ميسرة، و هي بدورها تنقسم إلى: * معونات حكومية ثنائية * معونات جماعية متعددة الأطراف 2- القروض الأجنبية و تنقسم إلى: أ – قروض حكومية ثنائية. ب – قروض خاصة، و تشمل: * تسهيلات موردين * قروض من بنوك أجنبية تجارية خاصة * سندات أو أسهم تصدرها الدولة. 3 – الاستثمارات الأجنبية الخاصة، و تنقسم إلى: أ – استثمارات أجنبية خاصة مباشرة ثنائية. ب – الشركات متعددة الجنسيات. هكذا عقدت خلال السنوات الأخير عدة شراكات بين وزارة التربية الوطنية و مجموعة من المنظمات غير الحكومية و الجمعيات و المؤسسات العمومية. و قد كان مجال تدخل هذه الأطراف هو التعبئة الاجتماعية من أجل تشجيع التمدرس، توفير الدعم للأطفال المحرومين، بناء و ترميم المؤسسات التعليمية إلى جانب المساهمة في التربية غير النظامية و محاربة الأمية، و تقديم منح للفتيات القرويات من أجل تشجيع تمدرسهن و الدفع به إلى الأمام. و من بين مبادرات الشراكة يمكن أن نورد : 1 – منذ سنة 1997: عملت مؤسسة زاكورة للقروض الصغرى على بناء وحدات مدرسية بالعالم القروي معتمدة على تجربة البنغلاديش في هذا الباب (BRAC). 2- بمبادرة من الحكومة المغربية قامت مجموعة من المؤسسات العمومية و الخاصة بتمويل برامج لمحاربة الأمية الوظيفية في صفوف العاملين بها و ذلك سنة 1998. 3- منذ سنة 1999، يعمل البنك المغربي للتجارة الخارجية على بناء و تدبير مجموعة من الوحدات المدرسية بالعالم القروي. وذلك في إطار برنامج يرمي إلى بناء 1000 حجرة دراسية إلى حدود سنة 2009. 4- يعد برنامج الشراكة مع حوالي 50 منظمة غير حكومية في ميدان التربية غير النظامية للأطفال غير المتمدرسين أو الذين تسربوا من المدارس و المتراوحة أعمارهم بين 8 و 16 سنة، من أبرز و أوسع البرامج. و هكذا تقدم وزارة التربية الوطنية تعويضات لهاته الجمعيات التي تتكلف بتعبئة المتمدرسين، توظيف المنشطين و توفير المقرات. 5- في سنة 1998، أقامت جمعية نسائية بمدينة الرباط و بدعم من USAID أول برنامج للمنح يسمح للتلميذات القرويات بمتابعة دراستهن الإعدادية. و هكذا تسعى الجمعية للتعرف على الجمعيات القروية المحلية و مدها بمبلغ مالي (250 درهم شهريا عن كل فتاة)، تكوين أعضائها و تكليفهم بتدبير مقر لإيواء التلميذات القرويات و السهر على حسن استقبالهن. و بعد حوالي سنتين لاقى البرنامج نجاحا ملحوظا حيث لم تنقطع عن الدراسة سوى أربع فتيات من أصل 110 مستفيدة شكلن المجموعة الأولى. إن قوة هذه الجمعيات تتمثل في كونها تعبير عن الحاجة الملحة للساكنة و في قربها من الهموم اليومية لهؤلاء، مما يمكنها من التحول إلى قوة اقتراحية حقيقية قادرة على التحول إلى قوة ضغط فعلية تحفظ الحق في التعليم و تدافع عنه، وليس التحول إلى بديل عن الدولة المنسحبة من هذا المجال، خصوصا في المجال القروي . أما بخصوص الدعم الخارجي الموجة إلى الأنشطة التربوية بالمغرب فيمكن أن نميز فيه بين: 1-المانحين متعددي الأطراف: أ- البنك الدولي: عمل البنك الدولي منذ 1986 على تمويل التربية النظامية عبر أربعة برامج : برنامج إصلاح قطاع التربية (1986-1989)، برنامج التربية الابتدائية في الوسط القروي (1989-1996) برنامج تنمية التربية الأساسية في الوسط القروي (1992-1998)، و أخيرا برنامج ذو أولوية اجتماعية (1996-2009). وقد وصلت مساهمة البنك في هذه المشاريع ما مجموعه 424 مليون دولار أمريكي. في سنة 1984 قدم البنك قرضا آخر بلغ مقداره 138 مليون دولار لتمويل التربية غير النظامية و التكوين المهني. إلى جانب مشروع ألفا المغرب الذي استمر منذ سنة 2005 و الهادف إلى تجريب مقاربات جديدة للتعليم الجيد. و لتدبير برنامج محاربة الأمية في صفوف الكبار، أقرض البنك الدولي المغرب لتمويل برنامج دعم إصلاح التربية الأساسية بالمغرب (2005-2008)(PARSEM) و الهادف إلى دعم المجهودات الحكومية في ميدان التربية الأساسية الجيدة لكل الأطفال المتراوحة أعمارهم بين 6 و 14 سنة و ضمان مصادر تمويل دائمة لهاته الغاية. ت- الاتحاد الأوربي: اعتبر التربية أحد أهم مجالات التعاون التنموية. و هكذا خصص حوالي 40 مليون يورو لدعم المجهودات الحكومية في مجال التربية الأساسية. و يعد برنامج ميدا (1) و (2) الذي انطلق سنة 2001 إحدى واجهات هذا التعاون و الذي يتم إثره بناء و تجهيز المؤسسات التعليمية، إلى جانب تكوين المدرسين و الإداريين التابعين لوزارة التربية الوطنية. كما يتم تخصيص جزء من الاعتمادات لإحضار عدد من المستشارين الدوليين للتنشيط و تشخيص الحالة التعليمية بالمغرب. يهتم البرنامج بصفة خاصة بتعليم الفتيات القرويات. و سينتهي الشطر الثاني من البرنامج في متم سنة 2007.
ج – UNICEF : تعمل على دعم المجهودات الحكومية في ميدان إقرار و تحصين حق الطفل في الحياة، النمو،الحماية و المشاركة، مع الحرص على محاربة كل أشكال الميز انطلاقا من مقاربتها القائمة على الحقوق المعترف بها. إنها تسعى إلى إدماج مبادئ اتفاقيات حقوق الطفل في السياسات و الاستراتيجيات الوطنية و في القوانين من أجل حماية الطفولة و استفادة الأطفال من تعليم و تطبيب جيدين. إن اتفاقيات حقوق الطفل تتمحور حول برامج أهمها : - تعليم أساسي ذو جودة مضمونة. - التعليم الأولي. - التربية غير النظامية. د – UNESCO : تضع ضمن أولوياتها تعميم و تحصين حق الطفل في التعليم. و هي بهذا تؤكد على جودة التربية و على تجديد الأنظمة التربوية كإحدى قنوات الاستجابة للحاجات الحقيقية للأفراد و الجماعات. تعتمد اليونسكو على نوادي تضم مجموعات من الأفراد الذين يؤمنون بمنطلقاتها و مبادئها و الذين يعملون على التعريف بأهدافها، و السهر على إنجاز المشاريع التي تطلقها. هذه النوادي تعمل بكل الأسلاك التعليمية خصوصا بالتعليم الثانوي التأهيلي. و يتواجد بالمغرب ثلاثة منها: اثنان بالخميسات و واحد بطنجة.
2 – المانحين الثنائيين : أ – البنك الياباني للتعاون الولي و الوكالة اليابانية للتعاون الدولي: يقدم الأول قروضا للتنمية، بينما تعرض الثانية منحا. و هما معا يقدمان الدعم و الاستشارة للعاملين بقطاع التربية. ب – USAID: تعمل على تشجيع التمدرس الجيد و على تحسين جودة التكوين المهني و التقني مع إعطاء اهتمام خاص لتقنيات التواصل و الإعلام . برامج USAID توجه بالأساس نحو التعليم الابتدائي و الإعدادي، و تعطي أولوية كبيرة لتمدرس الفتيات خاصة بالعالم القروي. تنجز البرامج بتنسيق مع مجالس تدبير المؤسسات المغربية و التي تروم تحسين و ترميم البنيات و توجيه التلاميذ و تأطير الأنشطة. و من أبرز هذه البرامج نورد برنامج ALEF (Advancing learning and employability for a better future) (2004-2008) الرامي إلى الرفع من جودة التعليم و التأطير المقدم للتلاميذ، و ذلك قصد تزويد سوق العمل بخريجين يتوفرون على مواصفات و كفاءات جيدة. ج-المملكة العربية السعودية: في إطار برامج الصندوق السعودي للتنمية يتم العمل على بناء و تجهيز 87 إعدادية (2004-2006) بمبلغ مالي يصل إلى 75 مليون ريال سعودي. د-فرنسا: ساهمت عبر برنامج تنمية التربية الأساسية في تطوير الجودة و الطاقة الاستيعابية لمؤسسات الجهات الأربع التي شملها البرنامج و هي أكادير، مراكش، طنجة و الحسيمة. إضافة إلى 22 إقليما آخر. المشروع يهتم باللاتمركز، و هو موجه للأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين و للمكلفين بالتكوين و كذلك بتنمية الأنشطة المدرسية. و إن كان يؤكد على تبني النموذج البيداغوجي الفرنسي. ه- الوكالة الكندية للتعاون الدولي: تهتم بالتربية الأساسية، بالتكوين المهني و بإشراك المواطنين في جميع أنشطتها. تمول مشروع دعم اللامركزية الذي تشتغل عليه وزارة التربية الوطنية (2005-2009) بغلاف مالي يتراوح بين 10 و 15 مليون دولار كندي، و الهادف إلى تقديم الدعم التقني للأكاديميات الجهوية و لمختلف المؤسسات التربوية في أفق بلورة شعاري اللامركزية و اللاتمركز. يهدف المشروع إلى تطوير القدرة على تتبع و تقييم النظام التعليمي قصد المزيد من الشفافية، العدالة، الفعالية و الجودة. و إلى تحفيز المدراء لتحديد الاستراتيجيات و الإجراءات و الاستفادة من التجارب الدولية في هذا المجال. ساعد البرنامج 16 أكاديمية في إعداد المخططات الإستراتيجية التي رفعتها إلى الوزارة الوصية. 3- المنظمات غير الحكومية: أ- صندوق البنك المغربي للتجارة الخارجية: يعمل عبر برنامج Medersat.Com على تشجيع التمدرس بالعالم القروي عبر بناء و تجهيز عدد من الوحدات المدرسية. و قد نجح في تعبئة مجموعة من الفاعلين العموميين و الخواص لإنجاح مبادرته. ب- مؤسسة هيلين كلير الدولية: ساهمت لحد الآن في برنامج محاربة الأمية الذي شمل 20 ألف امرأة بجنوب المغرب. و قد مكنت عبر الأنشطة من توظيف و تكوين عدد من المنشطين مما كان له وقع على الاقتصاد المحلي. تعمل المؤسسة على توسيع أنشطتها لتشمل المناطق الأكثر تهميشا بالبلاد. ج - برنامج "كتب بلا حدود": ترعاه مؤسسة التربية، الأنترنت و عالم المدرسة. و تهدف إلى تشجيع الدول الفقيرة على توفير الكتب و الوسائل الديداكتيكية. تعمل على إعداد الكتب داخل الفصول، أو على جمع و إرسال الكتب الجديدة أو المستعملة إلى التلاميذ. و أخير على جمع و إرسال المعدات و المؤن إلى المدارس. يعتبر الحقل التعليمي من بين المجالات التي تشهد نشاطا كبيرا من قبل المانحين لما له من خصوصيات يلتقي فيها الاقتصادي بالسياسي و بالثقافي. و لئن كان من الطبيعي تشجيع التواصل و التفاعل مع الآخر، و السعي إلى الاستفادة من تجاربه و استلهام الدروس و العبر منها، فليس من المقبول أن نجعل من المساعدات أو القروض الأجنبية حجز الزاوية في نشاطنا التعليمي، أو أن نحول اهتمام الرأي العام عن المشاكل الحقيقية الاقتصادية و الاجتماعية و نجعل المؤسسة التعليمية مشجبا يعلق عليه العديد من مظاهر القصور و التخلف . بعد أزيد من نصف قرن في حياة النظام التعليمي بالمغرب، لم يستطيع أن يحقق التوازن بين الاعتمادات الموجهة للأنشطة التعليمية و الطلب المتزايد على مقاعد الدراسة في مختلف الأسلاك. و إذا كانت "المجانية" لم تمكن أغلبية أطفال المغرب من استكمال مسيرتهم التعليمية (استفحال ظاهرة التكرار و التسرب المدرسيين ). بل لم تمكن جزءا منهم من إيجاد مقعد في التعليم الابتدائي، فإن عهد تراجع الدولة عن الاستثمار في القطاع التعليمي، و مراهنتها على القطاع الخاص كشريك مهم في سد الثغرات التي يعاني منها النظام التعليمي، سيعجل لامحالة ببروز ظواهر جديدة تتميز بتعميق الفوارق الطبقية و الاجتماعية في ميدان اعتبر لزمن طويل و لا يزال بوابة للارتقاء الاجتماعي. و هو ما سيعيد تكريس مقولة النظام التعليمي مؤسسة لإعادة إنتاج الوضع الاجتماعي القائم. الرهان على القطاع التعليمي الخاص لن يعني إلا تحميل الأسر المزيد من الأعباء المالية خصوصا و التدهور الكبير الذي يعيشه التعليم العمومي على مستوى بنياته و آليات اشتغاله. لكن انحصار آفاق التشغيل و تزايد عدد الخريجين سوف يعجل بدوره البحث عن بدائل أخرى لتعليم خصوصي يفقد بريقه مع تزايد عدد مؤسساته و تراجع قيمة المعارف التي يقدمها. أن نجعل من المانحين الأجانب رقما أساسيا في معادلتنا التعليمية لن يساهم إلا في تكريس التبعية بجميع أنواعها. و لعل التبعية الفكرية أخطرها جميعا، فهي تغتال القدرة على الإبداع و التفكير الحر و السليم. إن عقود ا من التنسيق مع الآخر لم تجعل النظام التعليمي بالمغرب يحقق الإقلاع المنتظر بل ساهمت في تعثر مجموعة من الإصلاحات التي كثيرا ما أخطأت غاياتها. تمويل الجهد التعليمي لن يتم بالشكل السليم إلا بجعله عنصرا ضمن استراتيجية عامة تحسن ربط التعليم بباقي المجالات الأخرى. و لن يتم إلا بوجود إرادة حقيقية في تقديم تعليم عمومي جيد و نوعي يجسد مكانة المواطن الحقيقية في نظام اجتماعي عادل و إنساني. خاتمة الفصل الأول: حاولنا خلال هذا الفصل الوقوف عند بعض المشاكل التي تعوق حسن سير النظام التعليمي و التي تعمقت مع مرور السنين و تحولت إلى معيقات حقيقية. و هكذا اتسمت ميزانية التسيير الموجهة لقطاع التعليم بعدم التوازن بين مختلف الأسلاك، خصوصا التعليم الابتدائي و الأولي الذي أصبح ضمن أولويات ميثاق التربية و التكوين. كما تميزت أيضا بغياب سياسة اجتماعية تعليمية تشدد على توفير المطاعم المدرسية الجيدة، وسائل النقل و جميع ظروف التحصيل خاصة بالمناطق النائية. إلى جانب استحواذ مصاريف الأجور على الجزء الأكبر من هذه الاعتمادات، على حساب اعتمادات المعدات و العتاد. مما نتج عنه تدهور كبير في بنيات الاستقبال ووسائل العمل. أما ميزانية الاستثمار فهي تعاني من التراجع الدائم للاعتمادات المخصصة لها رغم الأهمية الكبيرة التي تمثلها بالنسبة لبلد لم يحقق تعميم التمدرس، و يعرف نسبا مقلقة في الأمية و الهدر المدرسي. كما يسجل أيضا بطء المساطر الإدارية و تعقد إجراءات المصادقة على الميزانية، إلى جانب ضعف استهلاك اعتمادات التجهيز المتوفرة. من نتائج هذه التعثرات الاكتظاظ المهول في المراكز الحضرية بالخصوص، و تناسل ظاهرة الأقسام المتعددة المستويات خاصة بالوسط القروي المفروض أن يتمتع بكل شروط نجاح العملية التعليمية ليتجاوز التأخر الذي سجل منذ أزيد من نصف قرن. إن الميزانية العامة للدولة لا تزال تمثل أحد أهم مصادر تمويل الجهد التعليمي، لكن يلاحظ ازدياد وتيرة مساهمة الأسر في مصاريف التعليم ببلادنا. مما سيكون له الأثر الكبير على تمدرس أبناء الفئات الفقيرة التي لا تستفيد أصلا من التعليم الثانوي و العالي إلا بنسب جد ضئيلة، مقابل نسب مرتفعة لأبناء الفئات الميسورة. و لن نجانب الصواب إذا قلنا أن مشاكل التمويل لوحدها ليست مصدر الأزمة التعليمية ببلادنا بل لا بد من إثارة عوامل اقتصادية و ثقافية تساهم في إثقال كاهل ميزانية الدولة الموجهة للتعليم، و على رأسها سوء التسيير الداخلي لنظام التعليم و ما ينتج عنه من هدر للاعتمادات و الطاقات البشرية، و غياب لآليات عمل واضحة متوافق عليها تحدد الواجبات و الحقوق. لقد سعى الميثاق إلى اقتراح "بدائل" جديدة لتمويل التعليم بالمغرب، لكن مرور أزيد من سبع سنوات على دخول مقتضياته حيز التنفيذ لم يحمل أي جديد بخصوص هذه المسألة، اللهم التشجيعات الضريبية المحفزة التي يستفيد منها أرباب التعليم الخاص، و الرفع المتزايد لكلفة تدريس الأبناء بالنسبة لشرائح واسعة من الأسر المغربية. إن النظام التعليمي يتجه نحو خلق تعليم يسير بسرعات مختلفة، تجد محركاتها في الأصول الاجتماعية للمتمدرسين و هو ما سيشكل ضربا لأحد أهم مقومات التعليم الديمقراطي ألا و هو تكافؤ الفرص و إلزامية سهر الدولة على رعايته و توفير شروط نجاحه و استمرار يته. مقتطف من بحث أنجز في 2007.
#كريم_اعا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النظام التعليمي بالمغرب (5).
-
النظام التعليمي بالمغرب (4).
-
الشعب الذي يستحق أن يعبد.
-
التعليم أولوية وطنية أو الكذبة الكبرى.
-
النظام التعليمي بالمغرب (3).
-
النظام التعليمي بالمغرب (2).
-
النظام التعليمي بالمغرب.
-
في مقومات الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة.
-
عولمة الهمجية والبؤس.
-
احتدام الصراع الطبقي ما يرهب الرأسماليين
-
إنتاج الوعي الطبقي هدف أي نضال عمالي.
-
تأملات في عزل اثني عشر منتخبا جماعيا.
-
في الوعي الثوري.
-
دروس من وحي تضليل طبقي.
-
منظومة التربية والتكوين ووهم الإصلاح.
-
فرنسا الثورة، لا فرنسا الرأسمال.
-
لنسقط وهم نسبة النمو.
-
الممارسة السياسية الواعية طريق الطبقة العاملة للانتصار.
-
لماذا يرهبهم الصراع الطبقي ومفاهيمه؟
-
وسيتمر الهجوم الطبقي على مكتسبات الطبقة العاملة.
المزيد.....
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
-
بعد القطيعة.. هل هناك أمل في تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق؟
...
-
ضابط أوكراني: نظام كييف تخلص من كبار مسؤولي أمن الدولة عام 2
...
-
رئيسة البرلمان الأوروبي: ما يحدث في ألمانيا اختبار حقيقي لأو
...
-
مباشر: قتلى وجرحى في ضربة إسرائيلية على مبنى سكني وسط بيروت
...
-
أوكرانيا تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة دفاع جوي حد
...
-
غارات إسرائيلية مكثفة على وسط بيروت والضاحية
-
أوكرانيا تطالب الغرب بأنظمة دفاع جوي حديثة للتصدي لصواريخ رو
...
-
عشرات الشهداء والجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة من غزة
...
-
كيف يواصل الدفاع المدني اللبناني عمله رغم التهديدات والاستهد
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|