ناظم -الماوي- ومزاعم إحتقار نصف السماء
رفيق حاتم رفيق
2016 / 10 / 4 - 14:28
ناظم الماوي : الحماقة في النظرية والجبن في الممارسة العملية .
ـ 2 ـ
العليبي يحتقر نصف السماء!
يُمارس ناظم "الماوي " الافتراء و دون أدنى ذكاء كما سنبينه ، مُنطلقا من عنوان نصّ كتبه العليبي في غمرة الاحتجاجات الشعبيّة إبّان انتفاضة 17 ديسمبر وهي لم تبرح بعد مربّعها الجغرافي الأوّل الذي اندلعت فيه ، لكي ينطقه باستناج غريب ، وحتى يسهل على نفسه خداع القارئ يركز النظر على العنوان فقط ، فاصلا إياه عن مضمون النص ، متهما صاحبه بـ " تغييب النضال ضد إضطهاد نصف السماء " ، فقد شعر بالاشمئزاز كما قال من العنوان ولكن لماذا ؟ لأنه يمثل إساءة برأيه للمرأة ويحيل" على الأسطورة الدينية التى تكرّس دونية النساء ، أسطورة حوّاء التى تسبّبت فى خروج آدم من الجنّة " .
غير أن نصّ العليبي لا علاقـة له بمسألة المرأة ، وقد ورد في كتاب "تونس: الانتفاضة والثّورة" ضمن فصل بعنوان "من التهميش إلى الانتفاضة"، وهو ما لا يشير من قريب أو من بعيد إلى تلك المسألة كما ذكرنا ، والذى حصل هو أن صاحب الرد أمسك بعبارة ليقحم قضية المرأة في رده مًؤسسا عليها حكما يضرب عرض الحائط بأبسط قواعد الموضوعيّة في قراءة النصوص والتعامل معها شرحا وتحليلا ونقدا.
وهويضع جانبا سيدي بوزيد الجغرافيا وسيدي بوزيد التاريخ، وسيدي بوزيد الكدح والاستغلال والاستعمار والمقـاومة ، وهو ما تناوله النص الذى ورد ضمن أسلوب نثري فرضته لحظة كتابته وينشغل بقضية المرأة التي اختلقها عند عبثه بالعنوان ، موهما القارئ أن النص يتحدث عن المرأة "حافية القدمين" فتلك العبارة برأيه" تلصق الإهانة بالمرأة مرّتين.....فى شخصها لأنّ العبارة شعبيّا شتيمة و كذلك تلحقها بفعل إلصاقها بأبنائها الذين يهانون بسبب أمّهم فتكون النتيجة شتيمة مزدوجة للمرأة و تكون المرأة سببا في شتم أبنائها".
ولا يكتفي صاحب الرد بهذه الأحكام، بل يتجاوزها إلى تصحيح خطأ العليبي الذي ورد في عنوان النص بحسب رأيه فيقترح عليه استعمال عبارة "حفاة القدمين"فقط مستدلا على صواب مقترحه بحجج من قبيل أنّ هذا اللفظ "يؤدّي المعنى"وينقذ المرأة من تلك الشتيمة.
واذا ما جاريناه في ذلك وسرنا معه قليلا وقفنا عى المزيد من حماقاته ، فهو بحسب ما يزعم لا يريد أن توصف المرأة بقدمها الحافية ، وهو ما تمكننا منه تلك العبارة المقترحة من قبله ، ولكنه لا ينتبه الى أننا ونحن ننقذ المرأة "المسكينة " التى صورها له غباؤه من تلك الصفة ونخلصها من تلك الشتيمة المزدوجة والإساءة والإهانة الخ .. فاننا لا نفعل من خلال عبارته الا تعميم الشتيمة المفترضة عليها وعلى أبنائها وبناتها وأخواتها وعماتها وخالاتها الخ ... فحفاة القدمين تشمل في هذه الحالة الجميع نساء ورجالا .
لقد استنتج من تلك العبارة التى أثارت اشمئزازه أن العليبي ذكوري وغير بروليتاري بل إنه أدنى حتى من البرجوازي الديمقراطي كيف لا وهو يشتم المرأة ويقول إنها حافية القدمين !!! وعندما اصطدم بقول العليبي في موضع آخر من كتابه عن النساء " إنّ دورهنّ فى الثورة ، مهمّ جدّا ، و تعزيز هذا الدور يقتضى ذهاب الثوريين إلى المعامل و الحقول و المعاهد والجامعات لتنظيم جمهور النساء ، وفى خضمّ الكفاح ستفرض المرأة المناضلة حضورها ، ولن تحتاج لمراسيم حزبية رجالية لكي تتصدّر القيادة هنا أو هناك " ( ص 100). ركب رأسه متوغلا في المزايدة قائلا ان دورها ليس مهما فحسب بل إنه حاسم ، ثم إن العليبي يقول " ذهاب الثوريين إلى المعامل ..." وهذا بحسب رأيه "تفوح منه رائحة الذهنية الذكورية لدي الكاتب حيث لم يقل الثوريين والثوريات ، وكأنّه ينفى وجود الثوريات أو ينتقص من قيمة نضالهن وهكذا نلمس مجدّدا عمليته المفضّلة : تغييب كلّ ما لا يتماشي و خطّه الإيديولوجي والسياسي و نظرته المثالية الذاتية و ذهنيته الذكورية المعادين طبعا للشيوعية الحقيقية ".
وهكذا تفعل الحماقة بصاحبها ما تفعله فتجعله يعتقد أن القارئ سيصدقه طالما هو الشيوعي الحقيقي والماوي الحقيقي والديمقراطي الحقيقي ويكفي أن يقتطع لفظا هنا وعنوانا هناك وينطقه بما يشاء من الاستنتاجات الغبية ليمر كل شئ بسلام .
لم يدرك صاحب الرد كنه عبارة "حافية القدمين " ولا مغزاها فاسترسل في الحديث عن موقف العليبي من مسألة المرأة وهو ما لم يضعه النص في دائرة اهتمامه ، كما أن للنص موضوع الافتراء قصة يحسن التذكير بها فقد كُتب ونُشر والانتفاضة التونسية تشهد أحد أبرز منعطفاتها، ففي يوم 24 ديسمبر2010 تجمع المحتجون أمام مركز الشرطة بمدينة المكناسي مسقط رأس العليبي وكان هو من دعا الى الاجتماع مترائسا اياه ، وهو الذي سرعان ما تحول الى اشتباكات مع قوات الشرطة أستعملت خلالها قنابل الغاز والرصاص المطاطي ، وغير بعيد عن ذلك المكان إستعملت تلك القوات الرصاص الحي ليسقط أول شهداء الانتفاضة التونسية مضرجا بدمائه ، وهو الشاب المتخرج من شعبة العلوم الفزيائية والمعطل عن العمل محمد العماري، فضلا عن سقوط جرحى استشهد منهم لاحقا شوقي الحيدري .
وكان النص النثري بمثابة تحية لهؤلاء وللمنتفضين جميعهم في سيدى بوزيد، التى كانت حتى ذلك الوقت الولاية الوحيدة التى تشهد مواجهات عنيفة . ومن هنا خصها العليبي بحديثه مستعملا في عنوان نصه عبارة " أبناء حافية القدمين " التى لا تفيد الشتيمة كما حدثت الحماقة ناظم به بل الكفاحية والعزة والكبرياء وهو ما يعلمه أهل سيدى بوزيد ويجهله هو الذى يسكن حيا راقيا بتونس العاصمة يقع في الضاحية الشمالية ، حتى أنه اعتقد أن العليبي نقلها عن عبارة" الأطبّاء ذوى الأقدام الحافية" التى انتشرت في الصين الماوية ، واللافت للنظر أن الحماقة حالت دونه هنا ودون ادراك أنه انسجاما مع موقفه من القدم الحافية فإن هؤلاء الاطباء ألحقت بهم الصين الماوية الاحتقار والازدراء تماما كما فعل العليبي حسب زعمه بالأم البوزيدية ّّّالم تصفهم بحفاة الأقدام ؟!!
في ذلك الوقت الذى كتب فيه النص تُرى ماذا كان ناظم "الماوي " يفعل ، هل خرج في مظاهرة مثلا ؟ ، هل دبج بيانا أو كتب مقالا ؟ علما أن الكتابة في حد ذاتها حول ذلك الموضوع من جهة الانتصار للمنتفضين وقتها كانت ستكلف صاحبها سنوات من السجن باعتبارها تحريضا ، وبامكان القارئ العودة الى النص الذى نشر حينها في مواقع عديدة ليقف على مضامينه كاملة حتى يدرك بؤس الافتراء الذى يقترفه صاحب الرد ويعلم الفرق بين المفتري والمفترى عليه في بلد تنطلق فيه ألسن الأغبياء والحمقى والانتهازيين والمرتزقة الآن فقط لتزعم الثورية وتمارس المزايدة الخسيسة .
بفيت تهمة الجهوية التى سنعود اليها في مناسبات لاحقة فالطريف أن ناظم "الماوي " في مواضع أخرى من رده يتهم صاحب كتاب تونس : الانتفاضة والثورة بالانحياز الى المنطقة التى ينحدر منها ، ونعني سيدى بوزيد ، بينما يقدمه لنا هنا على أنه يشتم أهلها بسبب أمهم ذات الأقدام الحافية !!! فكيف يكون العليبي هذا وذاك في نفس الوقت ؟ إنها إحدى تناقضات ناظم "الماوي" الذي يعتقد أنه يكتب نصا نظريا يتفوق فيع لا على العليبي فحسب بل على آلان باديو وسمير أمين والناس أجمعين وهو ما يُفسر برأينا بتلك الحماقة النظرية اياها ، فخداع " الماوي " المزيف لقارئه سرعان ما يفصح عن وجهه باعتباره من جنس الغباء الذى يُرافق الحمقى والمغفلين في أقوالهم وأفعالهم.
يتبع .......