أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد خياري - -الإنسان العربي-.. كائن غارق في الطقوسية














المزيد.....

-الإنسان العربي-.. كائن غارق في الطقوسية


سعيد خياري

الحوار المتمدن-العدد: 5299 - 2016 / 9 / 29 - 20:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"الإنسان العربي".. كائن غارق في الطقوسية
نوافق الأنثروبولوجية والعالمة الباليونتولوجية الإنجليزية الشهيرة "ماري دو غلاس" Mary Douglas (1913- 1993)؛ التي تؤكد أنّ الإنسان "كائن طقوسي".. ونزايد عليها (ولتسامحنا روحها)؛ بالقول إنّ الإنسان "العربي" كائن غارق في الطقوسية، ينتج من اللامعنى آلاف المعاني، كائن يجذبه الحنين اللامتناهي إلى نقطة الصفر.. إنّه الحنين بــ"العودة الأبدية إلى زمن البدايات" حسب "ميرسيا إلياد" Mircea Eliade (1907-1986)... إنّه الحنين لزمن "النبوة" كلحظة انعتاق، تاريخي ومفصلي، من الحالة "السحرية الأولى" (الجاهلية) التي كانت تهيمن وتحتكر الفضاء العام بمفهومه الهابرماسي (يورغن هابرماس Jürgen Habermas 1929-..).. إلى الحالة الدينية الثائرة والمتمردة على السائد السياسي والاقتصادي والاجتماعي..
إنّ ذلك الكائن الطقساني يحتفي إلى اليوم بطقوس العبور LES RITES DE PASSAGE بمخيال اجتماعي يُسجّل انبهارا بتلك المرحلة المفصلية في تاريخانية وجوده، إنّه يعتقد أنّ مروره من المرحلة "السحرية" إلى المرحلة "الدينية" بمثابة الخلاص.. إنّها بحر الحرية المشع باللآلئ الوحيانية، إنّها أوكسجين الحياة المشبّع بنسائم السماء، الممتزج عبيره بأزهار الجنان الإلهية..
إنّ ذلك الكائن الطقساني الذي يعيش بيننا، لا يجد كينونته ولن يحقق ذاته ولن يشبع لذّاته، إلاّ باستحضار "توربيني" لتلك اللحظة التاريخية.. لقد أوهمه الكهنوت الديني الذي انتزع عصا الهيمنة من الساحر والعرّاف، بأنّ ذاته اكتملت وإنسانيته تمّت باكتمال النبوة..
إنّ هؤلاء الكهنة المتحالفين مع المؤسسة السياسية لاعتبارات مختلفة (سنخصص لها مقالا آخر)، يقومون بتجييش عواطف ذلك الكائن وشحنه رمزيا، والنقش في ذاته المخيالية، وطمأنته بأنّ "النقطة صفر" هي بداية كل البدايات ونهاية كل النهايات..إنّها الزمن الاجتماعي المقدّس..الذي ليس قبله غير الجاهلية وليس بعده غير الخراب..
في هذا السياق، بشّر الأنثربولوجي الاسكتلندي الكبير جيمس فريزر James Frazer (1854-1941) المهتمين بالدراسات الأنثربوتاريخية بمرحلة ثالثة تأتي بعد المرحلة السحرية والدينية سمّاها المرحلة العلمية (وهذا ما تحقق في الغرب)، تكون بمثابة الخلاص من المرحلة الدينية.. إنها "نقطة الصفر" لعبور حتمي آخر نحو تحقيب آخر.. إنها اللحظة "البيكونية" (فرانسيس بيكون Francis Bacon 1561-1626) التي تُعطي مفاتيح الهيمنة للعلم.. للتجربة..لإخضاع كل المسلّمات الكبرى لمباضع التشريح..إنها وعي الفرد بذاته بعيدا عن كل وصايا السحر والدين..
نقول هذا الكلام؛ قياسا على مقاربة فريزر وحتى على مقاربة أوغيست كونت Auguste Comte (1798-1857) التي بشّرت كذلك بعصر يقوده العلم (وهذا ما تحقق في الغرب)، ونحن على يقين تام، بأن الكائن الطقساني العربي، قليله أو كثيره، يرفض الخوض في هكذا نقاش، ويرفض التفكير في تحقيب آخر، وقد يترجم ذلك في أعمال عنف مقدّس متتالية، أو قد يدس رأسه في التراب ليبحث عن حلول "نصية" لمشاكل ومستجدات عصرية.. وإذ هو يفعل ذلك يواجه سيلا من الأسئلة الأنطولوجية، ويكتشف جبالا من الألغاز التراثية، فتتعثر قدماه.. ليغرق في وحل التاريخ..
سنحاول أن نجازف هنا لنقدّم تنبؤا علميا لنقول، إنّ جدلية التاريخ تنطبق على كل البشر لا على بعض البشر، وما بقاء ذلك الكائن الطقساني، فرحا مرحا.. محتارا مترددا.. في تلك المرحلة الوسيطة بين السحر والعلم، إلا نتاج لعوامل سوسيوتاريخية وسياسية متعددة ومتشابكة، ساهمت في تكبيله، إلى حين.. نعم نقول إلى حين، لأنّنا نتوقع أن ينتهي هذا المخاض العسير.. إرهاب، إلحاد، تشكيك، مراجعات فكرية، نقدية، تفكك في البنى الاجتماعية، في الفصائل السياسية، في الأوطان، في مسائل الهوية، في المدارس الفقهية... إلى ولادة مرحلة علمية تكون بمثابة الخلاص.. بمثابة النقطة الصفر لتحقيب جديد.. لكائن طقوسي آخر، يقدّم القرابين لمعابد العلم.. سيتحقق ذلك نعم.. ولو بعد حين.
سعيد خياري



#سعيد_خياري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تعود إلى عام 1532.. نسخة نادرة من كتاب لمكيافيلّي إلى المزاد ...
- قهوة مجانية للزبائن رائجة على -تيك توك- لكن بشرط.. ما هو؟
- وزيرة سويدية تعاني من -رهاب الموز-.. فوبيا غير مألوفة تشعل ا ...
- مراسلنا: تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيرو ...
- الرئيس الأمريكي: -أنا زوج جو بايدن.. وهذا المنصب الذي أفتخر ...
- مسيرة إسرائيلية تستهدف صيادين على شاطئ صور اللبنانية
- شاهد.. صاروخ -إسكندر- الروسي يدمر مقاتلة أوكرانية في مطارها ...
- -نوفوستي-: سفير إيطاليا لدى دمشق يباشر أعماله بعد انقطاع دام ...
- ميركل: زيلينسكي جعلني -كبش فداء-
- الجيش السوداني يسيطر على مدينة سنجة الاستراتيجية في سنار


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد خياري - -الإنسان العربي-.. كائن غارق في الطقوسية