|
كما انت .. تمر اليوم ذكراك بهدوء !
صادق محمد عبدالكريم الدبش
الحوار المتمدن-العدد: 5290 - 2016 / 9 / 20 - 22:08
المحور:
الادب والفن
كما انت سيدي .. تمر اليوم ذكراك بهدوء ! وَصَمْتٌ حزين .. يدور حول ثراك !.. وأنت تتململ بناصيتك بمستقرك الأخير !.. عند جُلاسك وَمَنْ يُحاورك اليوم بعد عام من ولادتك الثانية ! عند مكانك الذي لم تختره وما كنت تريده يوما ولا تهواه .. لتعلقك بالحياة ! كل شئ في عالمنا هذا ممكنن ومحتمل وجائز !.. ألا رفقة الموت !.. فهي التي تعينك على جمع ما تبقى من قصاصات الورق المتناثرة ، على طاولتك والسرير الذي يفتقدك ويفتقد أهمالك وعبثك له ! لا أدري هل كان عندك قلم قبل أن ترحل بسويعات ؟ ما كنت متأكد بوجوده !!.. لأسللته خلستا ووضعته على رفوفنا المهملة !.. كي تتاح لك فرصة كتابة ما يستهويك ولم تدونه في كشكولك الصغير قبل سفرك ! كنت أرقب بصمت ملائكي فيه مسحة حزن !.. هواجسك وما كنت تنظر الى الرفقة والصحب والغرباء ، لمن حملك !.. ليضعوك في مكانك الأخير . وكأنك تقول لهم كعادتك ولسانك الذي لا يتردد بتبيان بذاءاته المعتادة تجاه من تحب أو حتى سواهم !.. وتسمعهم تعنيفك وسبابك وأنت تدمدم بصوت خافت وغاضب !.. كونهم لن يحملوك بما يتوجب عليهم فعله ، من أستقامة وهدوء وتمهل ! أعلم وأدرك لو كان بأمكانك فعل ذلك ما ترددت لحضة واحدة في الأحتجاج .. أثناء السكر وقبله وبعده !.. فأنت كما أنت لم تتغير يا صديقي الوليد ! لكنهم أحكموا عليك الأغلاق وأوثقوك جيدا !... يالهم من قسات متعجلين باللقاء !.. وبما لا ترغب وتحب !
وليد جمعة ...في ذمة التأريخ . أضافة وتعقيب على ما كتبه الصديق العزيز الأستاذ عامر بدر حسون حول الأستاذ الذي رحل عنا قبل أيام ( وليد جمعة ) الذي عرفته عن قرب في بيروت ودمشق والدنمارك ، ووفاء لهذا الأنسان وما تحمل ذاكرتي وما أختزنته من فهم وتحليل وشواهد عنه وعن سلم مفاهيمه ومواقفه وكارزمية شخصيته ، وبشئ مبسط وسريع ومن دون أسهاب ولا حشو لغوي وأنشائي ، لأصفه بما هو ..وما أعتقد به وأراه ومن وجهة نظر شخصي . ما وصفه أبو نوار هو وصف ينم عن ادراك كنه وحقيقة وليد جمعة ... هذا المتفرد والمتمييز في كونه وتكوينه ...وليد مثقف وأديب وناقد وجليس ليس فقط كونه أزدواجي ولكنه غير منفصم في نظرته وفحواه ..بارع في المحاججة لحد التجني ...أنه نمطي في تلاوينه وترانيمه ومحتنك الفكر والتفكير ...كان أذا جلس مع الجمع يكون محط أنظار جلسائه ويحسن أدارة النقاش والحوار والمجادلة والمماحكة !...وأذا غاب نال منهم نقدا جارحا ولاذعا ، وتعنيفا لحد الأبتذال ..كان ينتقل في المساجلة والمداخلة كما تنتقل الأبل في تهاديها ومشيتها وهدوئها ...كان ناقدا ساخرا ومجرحا ومتناغما مع ذاته وما يبغي الوصول اليه ...يحمل في دواخله عالما من البؤس والهموم والمعانات تتضح للقريبين من نفسه وسريرته ومن فحوى عمقه المعرفي ومن تراكم معارفه ...لم يكن وليد جمعة عاشقا ولم يكن معشوقا ... وفي الوقت نفسه لم ولن يكن ممجوجا أو منبوذا أو مكروها أو جليسا ثقيلا أبدا ...يستهويه المثقفون كجليس أيجابي وله حضوره اللافت ..وكذلك يستهويه الجهلة والأميين كونهم لا يدركوا مراميه ونواياه ومقاصده وتعنيفه لهم ومجادلتهم وتحاوره معهم !...هي ليست مبالغة !...عندما يوصف بحسجة بغدادية ممييزة ..ويمتلك سرعة نادرة في بديهيته والتنقل كما تنتقل أثناء لعبك الشطرنج وتحريك بيادقه وتوزيع حركاتها على الرقعة ...وليد لا يحب الوحدة وأجتماعي في سايكولوجية فريدة أن صح القول ...له عالم خاص !...بل شديد الخصوصية ..وقد يختار جلسائه بعناية فائقة ...وقد يكونون بأقل من عدد الأصابع في اليد الواحدة ...في رقعته الجغرافية المتواجد فيها ، ولكن قادر أن يتعايش مع السواد الأعظم من الناس ومن مختلف الشرائح والطبقات والثقافات !..كونه أنسان قبل كل شئ ومثقف ومدرك لأهواء وتطلعات ومستويات هذه الشرائح وطرق ووسائله الناجعة في التعامل مع الأخرين ....كان عبثيا في حياته وحتى في أهتماماته وأولوياته ...كان قلقا ومتحركا في الوقت نفسه !...لكنه لم يكن ساكنا ولا يستهويه السكون والقنوط والوحدة ..أنا متأكد هذه الحالة ستلازمه بعد موته زمانا ومكانا وتفكيرا أفتراضيا في عوالم اللاوجود !، لم يكن مرائيا او منافقا او أنتهازيا ...كان شديد الوضوح في نهجه وفكره وتفكيره ، منحاز وبوضوح تام مع قوى التقدم والديمقراطية والسلام ، وهذا ما يتميز به وليد جمعة . عندما ترحل هكذا شخصية ولها هكذا كارزمية متميزة ...لها تلك المواصفات !..بالتأكيد سيكون من الهام أن نتعرف ونطلع على ما تركه وما خلفه من ارث ثقافي وادبي ومعرفي ثر ، لأنه يحمل وأنا أعتقد جازما من ذلك ..يحمل الكثير من تجربته الثرة والنفيسة والهامة ، وقد يستغرب البعض لقولي هذا !...فأقول لا عليكم سادتي وسيداتي ، فهذه حقيقة أبينها ومن وجهة نظر شخصية قد يتفق البعض معي وقد يختلف أخرين ، وهي طبيعة منطقية وفلسفية صحيحة ، ومن رؤياه ورؤاه التي أسماها الكثيرين ممن عايشوه عن قرب بالمشاكسة والمتقاطعة احيانا في السياسة والأدب والتطور الحاصل في العلاقات الأجتماعية ..أن جمع ما تركه أعتقد ضرورة وحاجة لأبراز جوهر هذا الأنسان والذي ترك برحيله كثير من المبهمات والخفايا والأسألة التي تراودنا عن حياة هذا المبدع والمجدد للحياة في نظرته وسلوكه ونهجه ، فهو أمر ذا فائدة وتوثيق لأرثه وثقافته ..حتى وأن لم يكن ملموسا وواضحا ، أو قد لم يعكس ذلك في مراحل حياته التي أمتدت الى العقود السبعة والنصف أو قد يزيد على ذلك قليلا ....مسك القول ...كنت سيدي بعيدا عن الأضواء والصخب ولم تكن مدعيا ولا طامحا في حياتك لشئ شخصي محدد ...كنت بسيط ومتواضعا في طعامك وملبسك ومسكنك ومشيتك وحديثك ..كنت أرى وهو مجرد أحساس بأن لك طابعا قريب من شخصية الأديب المشاكس والمتمرد والناقد ( الشاعر حسين مردان ) لا أدري لماذا يراودوني هذا الأحساس . رحلت بهدوء وسكنت في قلوب الكثيرين من محبين كارزميتك وفحوى ثقافتك ، نم فكل المساحات على وجه الكون هي مهد ومثوى ومستقر اليك ...يمكنك التنقل والأغتراب متى شأت وأينما رغبت وحيثما تريد حتى وأن كان ذلك لشئ أسمه العراق ، فلا أحد بعد اليوم قادر على منعك عن الهروب الى ما تشاء ومتى تشاء فكل الطرق تؤدي الى بغداد وكل الحب يزرع في أرض السواد ؟!...فلا تصاب بالكأبة بعد اليوم ...الذكر الطيب لذكراك ...أيها الصديق البعيد القريب كما أنت مع الأخرين .
#صادق_محمد_عبدالكريم_الدبش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأنتخابات وسيلة لبناد دولة المواطنة .
-
يوسف العاني ... تأريخ حافل بالعطاء .
-
النظم الأنتخابية وأنواعها !
-
مواجع وتنهدات الليل وأخره !
-
المرأة .. سر الوجود وأيقونة الحياة .
-
أنسان حفر تأريخه في ذاكرة الناس !
-
مشهد ... وتعليق !
-
يسألونك ماذا قدم التحالف الوطني الشيعي خلال سنوات حكمه ؟
-
الشيوعية رمز للوطنية والنزاهة وأحترام خيارات الناس .
-
رسالة مفتوحة الى الله .. ولأنبيائه !
-
ما اشبه اليوم بالبارحة وفي عام 2016 م !
-
لترتفع الاصوات للجم عمليات الخطف والقتل والارهاب !
-
نفحات مضيئة من حياة الرصافي الخالد .
-
بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى المبارك لسنة 2016 م .
-
كلام الليل يمحوه النهار !
-
منع المشروبات الكحولية !.. ضرورة وطنية ملحة ؟؟!!
-
أين الثرى من الثريا !
-
كامل شياع .. يبعث من جديد .
-
اعادة نشر .. هل من أذان صاغية ؟
-
الليل وصبواته وتغريداته في أخر العمر !
المزيد.....
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|