خليل صارم
الحوار المتمدن-العدد: 1408 - 2005 / 12 / 23 - 07:51
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
تنص كافة قوانين العالم على أن ( كل متهم بريء حتى تثبت إدانته ) يضاف إلى ذلك أن ( الشك يفسر لصالح المتهم ) والغريب في الأمر أن هذه القاعدة القانونية موجودة ضمن القوانين المكتوبة في كافة بؤر النظام السياسي العربي ( من المحيط البائر إلى الخليج العاثر ) .
مع ذلك وفي ظل تطبيقات أجهزة النظام السياسي العربي في كافة بؤره دون استثناء يحق لنا التساؤل عن مصير هذه القاعدة القانونية وكيف يتم تطبيقها والتعامل معها على أرض الواقع ؟؟ : قبل كل شيء نؤكد على أن مفهوم أجهزة بؤر النظام السياسي العربي لهذا النص هو معكوس تماما وتقرأ على الشكل التالي ( كل مواطن متهم حتى تثبت براءته ) والشك هو اتهام قطعي يخضع للتحقيق ويجب تأكيده . وعلى المواطن أن يثبت في كل حركة ونأمه وكل خطوة أنه لايقف من النظام أي موقف سلبي أو ناقد وحتى متردد كما أن عليه أن يجهر بموالاته للنظام دائماً باستمرار .حتى في أحلامه عليه أن يثبت ذلك وأن يعرف كيف يختار أصدقائه , وأين يتواجد وكيف يمشي في الطريق وحتى أين وإلى ماذا ينظر وماذا يقول وبماذا يهمس , لأن العيون ترصده وتراقب تصرفاته ومن المهم جداً أن يشعر دائماً بهذه المراقبة حتى لاينسى إظهار موالاته باستمرار.
وأن يترسخ في ذهنه بأنه لايدري متى سيتم استدعاؤه للتحقيق ويضع في حسبانه أنه قد يعود وقد يتأخر كثيراً في العودة وربما أنه لن يعود .
خلال ذلك عليه أن يضع في حسبانه أيضاً ألا يتشدد في الدفاع عن كرامته لأنها ستكون مهدورة حتماً وإن إنسانيته لاقيمة لها على الإطلاق وسيعامل معاملة الكلب الشارد وفي أفضل الأحوال معاملة العبد الآبق , وأنه سيذل ويهان بمقدار ماسيكون مثقفاً وواعياً ومن الضروري جداً ألا يظهر ذلك أو يتبجح بمعرفته واطلاعه على القانون ويزعم فهم الحق والحقيقة لأن من سيتعامل معه في هذا المجال لاعلاقة له بالثقافة والوعي والحق والقانون* لأن فاقد الشيء لايعطيه وإن هذا مكلفاً أصلاً بإذلاله وإهدار كرامته حتى ولو ثبتت براءته فيما بعد فهذا لايهم و عليه أن يعترف بكل تهمة توجه له حتى لايستمر تعذيبه وتستمر معاملته كالحيوان الى مالا نهاية .
لقد أصبحت الأجهزة ترى في المواطن المعتد بكرامته رافعاً رأسه واثقاً بنفسه هو خطراً محتملاً يتوجب تعويده على الذل حتى لاتتطور هذه الثقة فيتجرأ ويرفض هذه الممارسات أو يحتج عليها والأخطر من ذلك في عرف هذه الأنظمة وأجهزتها أنه قد يجهر بهذا الرفض وهنا يكمن الخطر الأكبر لذا فإن من أولى الواجبات ضرورة استباق الأمور وقطع الطريق على مثل هذه الإحتمالات الخطرة في رأي الأجهزة .
سنداً لذلك صار سفلة قاع المجتمع والمرضى النفسيين والتافهين والقوادين وصغار اللصوص وكل ذوي الأخلاق المنحطة مخبرين لهذه الأجهزة يوجهونها للانتقام والنيل من الشرفاء بواسطة إخبارات كاذبة ملفقة واتهامات ماأنزل الله بها من سلطان ولما كان السفلة لايحسنون الإرتقاء سلوكياً وأخلاقياً فقد أصبح همهم الوحيد جر المجتمع كله نحو القاع بمساعدة الكثير من مسؤولي الأجهزة الغارقين بالفساد بحيث أصبحوا خير معين لهؤلاء لما حقق هذا السلوك من مكاسب مادية لهم كانت تدفع على شكل فدية تحمي المواطن من التعرض للإهانات والمساس بشرفه وكرامته .
لقد تفشت هذه الممارسات على كافة المستويات حتى أن مؤسسات النظام ودوائره الرسمية بل حتى الخدمية منها أصبحت تتعامل مع المواطن بفوقية وبنفس ألأساليب وكأنها انقلبت بدورها إلى أجهزة أمنية , فصارت القرارات والتعليمات والتفسيرات ونظرات الموظفين العباقرة ؟؟ كلها تضع المواطن في دائرة الشك والاتهام وتفترض مسبقاً أنه مخالف للقانون والنظام العام , وأي قانون !! طبعاً مايرونه هم وسادتهم ومايفسرونه على طريقة التأويل المنحرف ..!! يتوجب معها محاصرة المواطن وكشف نواياه وقطع الطريق عليه ليؤخذ بالظن , والشبهة .
فالمالية مثلاً ترى في المواطن متهرباً محتملاً من الضرائب يتوجب قطع الطريق عليه ..لكنها لاتلاحق من تتوجب عليه الضريبة بالفعل والجمارك تتعامل معه على أنه مهرب مفترض فتستولي على الهدية التي يحملها مسافر عائد وتقبض ثمن اخلاء الطريق لعصابات التهريب والشبيحة وتجار الأسلحة والمخدرات . كذلك دوائر كالتموين ترى في كل بائع وصاحب بقالية وتاجر غشاشاً ومحتكراً ومتلاعباً بالأسعار . أما المحتكرين الحقيقيين والغشاشين الفعليين فهم يعملون بحمايتها ..وهكذا دواليك , وسادت في هذه الدوائر والمؤسسات عقلية ومنطق خاص مضمونه إبعاد المواطن عن التعامل معها واعتبار أن أي عرض يرد من أجنبي أو جهة أجنبية هو عرض موضع ثقة بينما العرض الذي يرد من مواطن هو عرض غير صحيح ومشكوك به وقد طرحت هذه المقولة بكل وقاحة حتى أن المواطن أصبح يرى في الجنسية التي يحملها سبباً في اتهامه واحتقاره من قبل سلطات بلده .!!!
في ظل هذه الأجواء وهذا المنطق صار المتهرب الحقيقي من الضريبة والمهرب والغشاش والمحتكر والسماسرة الأجانب يتمتعون بكافة أشكال الحماية والاحترام وصاروا هم المتحكمين بكل شيء بل ويمكننا أن نتجرأ ونقول أنهم هم الحاكمين . ساعد على ذلك غرق مسؤولي الدوائر والمؤسسات والأجهزة بالفساد بحيث انعكست الصورة تماماً بشكل مخالف للواقع , واتفق الجميع على محاصرة المواطن الحقيقي وكتم كل صوت شريف خاصة من رفض أن يكون طرفاً في التعاطي مع الفساد بكافة صوره وأشكاله وعمل على تحصين نفسه من السقوط والانجراف نحو هذه الهوة من التردي والسقوط البشع .
لقد سادت هذه الحالة كافة بؤر النظام السياسي العربي دون استثناء وكل نال نصيبه في مرحلة من المراحل , لدرجة أن المواطن الذي يحل في أي من المطارات العربية يشعر بذلك مباشرة وبمجرد أن تطأ قدماه أرض المطار وحتى لو كانت أول زيارة له في حياته ليبقى متوجساً مترقباً خشية أن يكون مطلوباً دون أن يدري فملاحظة الأعين التي تترصده وتحاصره بعلامات كثيرة من الاستفهام و نوعية الأسئلة التي تطرح عليه لاتحتاج إلى كبير ذكاء لفهم مضمونها وبالتالي ليضيق صدره ويتملكه إحساس بأن الجو موبوء وأن الهواء الذي يتنفسه بات كله ملوثاً * وأذكر أنه في احدى المطارات العربية , الثورية جداً والتقدمية جداً .جداً طلبت الى غرفة جانبية ليسألني ضابط الأمن عن طائفتي . وفي مطار آخر ..تقدمي وحضاري ,حسب أكاذيبهم , طاب من أن أفتح حقيبة اليد , فكانت المفاجأة الهائلة جداً .. لقد وجدوا في الحقيبة .. كتاب الالياذة .. الأمر الذي عرضني لتفتيش دقيق . قرابة الساعة . عدا الأسئلة السخيفة والتافهة والنظرات الجيمس بوندية . بينما على العكس من كل ذلك في أي مطار أوربي حيث تتغير نكهة الهواء فوراً ويصبح المحيط مريحاً للأعصاب وكأن المواطن العربي يتنفس الحرية للمرة الأولى في حياته * وهي كذلك فعلاً
فلا من يسأل ولامن يراقب أو يسدد نظرات تحمل علامات الاستفهام أو يساوره ذلك الإحساس المثير للأعصاب بالمراقبة طالما أنه يتصرف بشكل طبيعي والكل يتعامل معه بمنتهى الاحترام واللطف ليمتلئ إحساساً بإنسانيته .
لقد لوحظ من خلال مراقبة ومقارنة السلوك الجمعي بين أي من مجتمعات بؤر النظام السياسي العتيد , والذي لانحسد عليه وبين أي من المجتمعات الأوربية *ولنأخذ اليونان مثلاً كون طبيعة شعبها قريبة لنا وكذلك الكثير من العادات وأنماط الحياة المشتركة وكونها في مقاييس بقية الشعوب الأوربية أقل مستوىً حضارياً بمعنى أن هناك أوجه تشابه كثيرة بيننا في سوريا ولبنان ومصر وتونس وبين المجتمع اليوناني . مع ذلك فان نتيجة المقارنة ليست في مصلحتنا قطعاً ولا بأي شكل من الأشكال بالرغم مما ذكرناه عن أوجه التشابه والنتيجة أكثر من مخجلة ومعيبة لنا . فالتطور الحاصل في اليونان على الرغم من قصر مدته * أواسط الستينات * هو تطور ملحوظ وواضح وذلك عائد لمساحة الحرية الكاملة التي يتمتع بها الشعب اليوناني ومشاركته الديمقراطية في كل مايتعلق بشؤون وطنه , والمواطن هناك بسبب ذلك تراه ملتزماً بشكل تلقائي وشبه غريزي بالقوانين حريصاً على سمعة بلده ومستواها يحترم الأملاك العامة ويساهم في صيانتها قدر الإمكان ومن الممكن أن تشاهد أي مواطن هناك يتولى إرشادك في حالة ارتكبت خطأً عفوياً لسبب ما ؟ ويتساوى في ذلك مواطنه أيضاً مع أي زائر أجنبي , ولكونه يمارس حريته بالشكل الصحيح والكامل . هو يعي تماماً ماله وما عليه ففي حالة المساس بحقوقه يكون قادراً على الاحتجاج والاعتراض والتعبير فإذا لم يلتفت إليه المسؤول لجأ إلى الإعلام لكشف الخطأ حتى لايتكرر والمواطن هناك حر في كل ممارساته وتصرفاته طالما أن هذه الحرية لاتتجاوز على حريات الغير وحقوقهم دون خوف من الاستدعاء والتحقيق والتعرض لأي شكل من أشكال الاهانة والإذلال وحتى المراقبة المباشرة وغير المباشرة ذلك أن حريته وحياته الشخصية مقدسة لايمكن المساس بها .
أما عندنا فان المخالفات والتجاوزات والاختراقات سواء من قبل السلطة أم من قبل المواطن نفسه أكثر من أن تحصى الأمر الذي يطرح الكثير الكثير من التساؤلات..؟ منها :
لماذا ينتهز مواطننا أية فرصة لمخالفة إشارات المرور ؟؟ لماذا هو لامبالي تجاه الأملاك العامة إلى الحد الذي يصل إلى إتلاف كبائن الهاتف والأشجار وأجهزة إنارة الشارع ؟؟ . أو إلقاء القمامة في الشارع والمدرسة والحدائق العامة بشكل فوضوي ؟ وعدم احترام الوقوف بالدور في صفوف الانتظار.. ؟ وتشويه إشارات المرور ولوحاته ؟؟ وعدم التقيد بإرشادات وترشيد استهلاك الماء والكهرباء ؟!. والواضح أن كل ذلك وغيرها من المخالفات هي تعبير عن حالة احتجاج وتذمر وحالة نفسية عصابية تهدف الى تفجير الكبت الذي يعانيه وهي تمرد على سلوكية النظام تجاهه , وهذا الاحتجاج هو الأقل كلفة ولايمكن للنظام إضفاء الطابع السياسي عليه. وبالتالي فان هذه هي إمكانية الرد الوحيدة لدى المواطن على حالة القمع والكبت التي يمارسها النظام بحقه والتي لايملك غيرها طالما أن النظام يتعامل معه بفوقية وإنكار لإنسانيته وعدم احترامه بالمطلق .
إذاً فان هذا النوع من الاحتجاج المبطن هو شكل من أشكال عدم احترام المواطن لنظامه السياسي رداً على مواقفه منه .
- على الرغم من أن المواطن هو الخاسر الوحيد في هذه المعادلة كون ثمن كل ذلك سيدفعه من جيبه على شكل ضرائب وغرامات مع ذلك فهو يصر على الاستمرار في ذلك غير عابئ بالتوجيهات والإرشادات والقوانين التي تنظم هذه الحالات كونه لايملك سوى هذه الوسيلة للتعبير عما يعاني منه من قمع وكبت وظلم , ولما كان النظام متخلفاً وغير قادر على تفهم دوافع هذا السلوك وخلفياته ولا يهتم بدراسة دوافع ذلك أصلاً فهو يرى بنفسه أنه الأقوى القادر على تغريم المواطن ثمن كل ذلك ليدخل الطرفان ضمن دائرة جهنمية مغلقة يتكرر كل شيء في داخلها إلى مالا نهاية كأغنية الشيطان , ويذهب المواطن في سلوكياته أبعد من ذلك لتنعكس هذه الحالة حتى على علاقته بأطفاله رافضاً توجيههم إلى السلوك الأمثل وكيفية الالتزام بالقانون ثم يترجم حالة الكبت التي يعاني منها إلى سلوك عنيف تجاه الأطفال مماثل لسلوك النظام معه ويرد على تصرفاتهم الطفولية البريئة بالقمع والزجر والضرب , وهكذا يضطر الطفل لتعلم الكذب باكراً كي ينجو من العقاب العنيف كما يكذب الكبار في مواجهة السلطة المتخلفة الظالمة وهذه هي إحدى أوجه خرق المنظومة الأخلاقية , وهي من أهم الحالات التي يسبرها العدو وينام معها مطمئناً إلى النتائج الطبيعية لكل ذلك كونها كلها تصب في مصلحته
هناك جوانب أخرى لآثار لسلوكيات السلطة القمعية داخل المجتمع والتي يمكن لمسها ووضع اليد عليها فأي نقاش بين شخصين أو أكثر يبدأ هادئاً ثم سرعان ماينقلب إلى صراخ ثم شتائم ليتطور إلى تبادل اللكمات وأسبابه الدائمة تكون الخلاف بالرأي حول مواضيع مختلفة بعضها تافه لدرجة أنه يثير الأسى الممزوج بالسخرية. هذا الضغط الذي لايمكن تفجيره بوجه السلطة وفساد مسؤوليها وانحرافهم يفجره المواطنون بوجوه بعضهم البعض فأي خلاف بسيط وعادي بين طفلين قد ينقلب إلى شجار عائلي لاتحمد عقباه يسقط خلاله جرحى وربما قتلى في بعض الأحيان . !!
ألم يتساءل أحد عن الطابع الحزين لأغانينا الشعبية التي تستدر الدموع , فهي تبدأ بالآه وتنتهي بالأوف . ؟؟ لماذا الحب في موروثنا يكون درامياً جداً مغمسا بالدموع وآهات الحرقة والحرمان بدلاً من أن يكون باعث فرح ومحركاً لهمم التحدي . ؟؟
لماذا نغمة الناي الحزينة هي التي تأسرنا وتسيطر على مشاعرنا وتستدر دموعنا ؟؟
لماذا كل مروياتنا الشعبية وحكايانا تفوح منها روائح الغدر والخيانة والموت التراجيدي ( المأساوي) والظلم بكافة أشكاله . ؟؟
لماذا لايستطيع إبداع الراوي الشعبي الابتعاد عن هذا المحيط ونراه قاصراً عن ابتداع الحكايا والروايات التي تتحدث عن التفاؤل والأمل والانتصار فهو غير قادر على تجاوز سقوط الحق ضحية أمام الباطل الذي يتآمر عليه ويغدر به بأبشع الصور وأكثرها خسة لننتقل فوراً إلى حلقات الرثاء والبكاء وفي أحسن الحالات ننشئ قصة عن الانتقام , وهكذا بمقابل ثقافة العنف تنمو باطراد ثقافة الحقد والانتقام والثأر التي ما تزال سائدة في الكثير من المجتمعات الريفية والبدوية .
هكذا انعكست كل انحرافات النظام السياسي العربي من قمع وتخلف وقهر ودفن للمنظومة الأخلاقية على المجتمع .. علاقات شاذة ورفض للآخر وعنف متبادل مع الآخر وأحقاد دفينة تظهر على السطح فور توفر الأسباب وما أكثرها وهي في كثير من الأحيان أسباب تافهة الى حدود الحماقة .
إن كل مايطرح عن إرث حضاري ومجتمعات متماسكة محصنة مجرد أكاذيب وليست سوى مظاهر شكلية تنهار لأتفه الأسباب .
وفي العودة لسجلات المحاكم تتكشف لدينا المستويات الأخلاقية المتدنية التي تعصف بهذه المجتمعات واللائحة تطول ومنها :
_ الدعاوى الكاذبة التي لاأساس حقيقي لها سوى الرغبة في الانتقام المرضي .
- الشهادة الكاذبة واليمين الكاذب .
- المشاجرات الفردية والجماعية لأسباب تافهة .
- الربا وإساءة الأمانة لأسباب تخفي الربا .
- الدعارة وزنا المحارم ( السفاح ) والشذوذ .
- الافتراء .
واللائحة تطول كما أسلفنا وهي أكثر من مخجلة وتعكس حقيقة هذه المجتمعات المحصنة ؟؟؟ وتوضح تماماً كذب ماندعيه من أننا مجتمعات أخلاقية متدينة لتفضح حقيقة هذا الالتزام الديني الشكلي والذي لاعلاقة له بالجوهر والمنظومة الأخلاقية كونه يرى في الشعائر الأساس الأهم دون الالتزام بالمنظومة الأخلاقية . وتعكس توجيهات رجال الدين فيه الذين يغرقون في سرد القصص المفبركة ..ويرسمون صوراً مرعبة عن الإله وعذاب القبر والآخرة ولأسباب مرتبطة بالشعائر دون السلوك الانساني الأخلاقي , ويتجاوزون على الرحمن الرحيم الذي ميز الانسان واعتبره أكرم مخلوقاته . كما تعكس حقيقة هذا النظام الذي أسس لكل ذلك وزرعه ضمن هذه المجتمعات التي لاتعدو كونها أكثر من ركام بشري يعيش على الكذب الجماعي وخداع الذات ووهم حضارة لاندري حقيقتها ؟؟!!. والمصيبة أن هناك من يطلب منك قسراً أن تعترف بهذه الحضارة !! تحت طائلة التكفير والردة والتخوين وإذا انصفوا حسب مزاعمهم يتهمونك بجلد الذات والنظرة السوداوية فيحاصرونك كي لاتنتقل الى الجانب الحضاري الانساني .
والمثير للسخرية أن هذا النظام عندما حاول الاتكاء على الفن في العقود الأخيرة فضح نفسه وفضح الأسس الثقافية الأخلاقية للقسم الأعظم لهذه المجتمعات . فالمسلسلات البدوية التي عرضت بعد أن أنتجت برعاية عدد من بؤر النظام السياسي العربي وخاصة البترولية منها , كانت في معظمها تظهر أسلوب العلاقات القائم على الغدر والخسة واللؤم والكذب والغريب في الأمر أن هذه المسلسلات كانت تستقطب اهتمام غالبية شعبية !! فهل كان السبب يعود لملامسة هوىً في النفس أم ماذا؟!! بعد ذلك نعود لنصدع رأس العالم بالحديث والتبجح عن حضارتنا !! , فأية حضارة هذه وقد مضى على توقفنا عن إنتاج الحضارة أربعة عشر قرناً من الزمن . بدأت مع الانقلاب على الرسالة وتجييرها لمصلحة نظام اوتوقراطي شمولي أشد سواداً من العتمة ؟؟ .
لنكن واقعيين ونصارح أنفسنا بالحقيقة التي تؤكد أننا قد توقفنا عن مجاراة الركب الحضاري الإنساني منذ ظهور النظام السياسي العربي وانقلابه على الرسالة المحمدية الأصيلة ومنظومتها الأخلاقية وزاد في ذلك قطعان المتخلفين الشاذين من قوى الظلام التي تريد وقف تيار الزمن ومنع هذه المجتمعات عن تجاوز واقعها البائس المتخلف متحالفة سراً أو علناً مع بؤر النظام السياسي العربي والقوى المعادية وعدم السماح لهذه المجتمعات الانتقال إلى البيئة الصحية النظيفة في مناخات من الحرية الحقيقية المستندة إلى المنظومة الأخلاقية التي تعيد إلينا إنسانيتنا المسروقة والمعتدى عليها *
**************
#خليل_صارم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟