الطبقة الوسطى وعرقلة تطور الوعي السياسي الطبقي
الماركسيون اللينينيون الوحدويون المغاربة
2016 / 8 / 18 - 14:21
ترى الماركسية اللينينية أن الإتجاهات الفكرية والسياسية لفئات الطبقة الوسطى تتدحرج بين أيديولوجيتي الطبقة العاملة والبرجوازية باعتبارهما طبقتين متصارعتين حول السلطة، والفئات المشكلة للطبقة الوسطى تتجه دائما صوب الإصلاحية عكس ما يتطلبه النضال الثوري من النضالات الإصلاحية من استعمال التحريض الإقتصادي، ليس فقط من أجل الإصلاحات ولكن لمطالبة الحكومة أولا وقبل كل شيء ب"أن تكف عن أن تكون حكومة استبدادية" كما قال لينين، والنضال السياسي ضد جميع مستويات مظاهر الإضطهاد الذي تمارسه الدولة على الجماهير الشعبية إلى جانب النضال الثوري من أجل الحرية والإشتراكية.
وجميع فئات الطبقة الوسطى تحاول دائما الحفاظ على مصالحها الخاصة ونادرا ما تكون مساندة للمصالح الطبقية للعمال والفلاحين الفقراء خوفا من انحدارها نحو الصف البروليتاري، حتى لا تفقد مكانتها في عملية الإنتاج القريبة من الطبقة البرجوازية التي تتعلق بها في غالب الأحيان إلا أثناء دفاعها عن مطالبها الإقتصادية.
والطبقة الوسطى في اتساع كبير بالمغرب نتيجة طغيان احتكارية الرأسمال الإمبريالي والسيطرة الإقتصادية المحلية للرأسمال المالي الكومبرادوري، حتى أصبحت بعض فئات هذه الطبقة لا يختلف مستوى عيشها كثيرا عن مستوى الطبقات الشعبية الواسعة التي تعيش في مستوى الفقر المدقع، ذلك أن الطبقة الوسطى (الفلاحون والتجار والحرفيون المتوسطون والصغار، أصحاب الشركات الصغرى، المحامون، المهندسون، الأطباء، الأساتذة، الموظفون الصغار بالإدارات العمومية وشبه العمومية، المعطلون، الطلبة...) مرتبطة بالفكر البرجوازي الصغير الذي يشكل تاريخيا الأساس النظري للدعم المادي والثقافي للنظام الرأسمالي، عبر المشاريع الصغرى والمتوسطة التي تقيمها بعض فئات هذه الطبقة والتي تشكل مجالا اقتصاديا حيويا لبعث وتجديد دماء الرأسمال المالي الإمبريالي والكومبرادوري، وتشكل فئاته المختلفة دعما ماديا لنشر الإصلاحية والتحريفية والإنتهازية عبر العمل على تغلل الفكر البورجوازي الصغير في أوساط الجماهير الشعبية والطبقة العاملة بصفة خاصة.
ولما كانت البورجوازية الصغيرة حاملة للفكر الإصلاحي فإنها تجد في فترات أزمات الفكر الثوري أرضية لتغلغلها في أوساط الجماهير الشعبية، خلال فترات تراجع النضال الثوري لتطويع الطبقة العاملة وتسخير فكرها البرجوازي الصغير خدمة للرأسمال الإمبريالي والكومبرادوري، عبر تحريف الإتجاهات الثورية في أوساط جماهير العمال والفلاحين إلى مطالب إصلاحية ضيقة تخدم السياسات الإقتصادية الطبقية.
والطبقة الوسطى تكون مجالا حيويا للبرجوازية الصغيرة خاصة منها المثقفة التي تقود جل الحركات الإحتجاجية التي تعرفها الساحة الجماهيرية أثناء أزمات النظام الرأسمالي، وكانت إخفاقات الحركات الإحتجاجية المتكررة تعبير صارخ على إخفاقات الفكر البورجوازي الصغير الضيق الأفق الذي يرى الثورة عملية قريبة المنال، خاصة في مجتمع يسيطر فيه الرأسمال الكومبرادوري وخير تعبير على ذلك إخفاقات حركة 20 فبراير التي قادتها البورجوازية الصغيرة شبه المثقفة نحو الموت والفناء، ولقصور نظر هذه الطبقة ذات الطبيعة الإصلاحية والممارسات الإنتهازية فإنها تعيش على هامش التاريخ حيث نراها تتشبث بعفوية حركة الجماهير منذ رفع شعاراتها الإصلاحية في 20 فبراير 2011، والتي لا تقوى على الصمود أمام هجوم الكومبرادور على مصالح الشعب المغربي وعلى رأسها المصالح الطبقية للعمال والفلاحين الصغار والفقراء.
وخلال الحركات الإحتجاجية ضد الحكومة يتم استعمال الطبقة العاملة أداة للضغط الشعبي من طرف النقابات سرعان ما يتم إقصاء مصالحها من المشروع النضالي الإصلاحي النقابي، عند كل المساومات التي تدور على طاولة المفاوضات لتنتهز البرجوازية الصغيرة الفرصة لانتزاع بعض مطالبها الإقتصادية، ويبقى دعم السياسات الطبقية للنظام الكومبرادوري عبر رفع الشعارات القومية بعيدا عن المطالب العمالية الهدف الأساسي للنضالات الحزبية والنقابية، كما هو الشأن في الشعارات السياسية الإصلاحية لحركة 20 فبراير البعيدة كل البعد عن الصراعات الطبقية، والتي سرعان ما تلاشت وتحولت إلى مطالب اقتصادية واجتماعية حيث أصبحت الحركة الإحتجاجية لحركة 20 فبراير عقيمة غير قادرة على الصمود أمام تجاهل الدولة الكومبرادورية لمطالبها الإصلاحية، خاصة لما أنزلت من جديد دستورا ممنوحا أيدته القوى الإصلاحية الحزبية والنقابية بشكل مباشر بالتصويت لصالحه أو غير مباشر بمقاطعة التصويت.
وهكذا عرف الوضع السياسي الراهن تكريسا صريحا وقانونيا شرعيا لاستغلال دولة الكومبرادور لدم وعرق العمال والفلاحين، وبقيت الأحزاب التحريفية الإنتهازية متشبثة بحركة 20 فبراير التي ترى فيها عزاءها من النكسات التي تعيشها أيديولوجيا وسياسيا وتنظيميا والتي تكرسها نضاليا من صلب النضالات الإصلاحية، عبر المطالبة ب"ملكية برلمانية" أو "دولة ديمقراطية" بشكل فج خالي من أرضية التحليل العلمي المادي لحركة الصراعات الطبقية ومستوى تطورها وحجم الإشكالات الأيديولوجية والسياسية والتنظيمية التي تطرحها.
وتشكل عفوية الحركات الإحتجاجية أهم التعبيرات النضالية للبورجوازية الصغيرة المهيمنة على النضالات الجماهيرية للطبقات الإستراتيجية في الصراعات الطبقية عبر النقابات والجمعيات الحقوقية والإجتماعية والثقافية، التي تهيمن عليها مشاريع الأحزاب الإصلاحية والتحريفية الإنتهازية في صراعها داخل مشروع الدولة الكومبرادورية في الحكومة والبرلمان والجماعات.
وتعتبر الحركة الطلابية بقيادة الطلبة الماركسيين اللينينيين أهم تعبيرات النضالات الإحتجاجية ذات البعد الثوري إلى جانب نضالات جماهير المعطلين، التي يمكن لها أن تلعب دورا هاما في بلورة عمل نضالي ثوري إذا ما تم اندماج نضالاتها في أوساط نضالات الطبقات الإستراتيجية في الثورة وعلى رأسها التحالف الطبقي العمالي الفلاحي، ذلك ما يمكن تسجيله في العلاقة ببعض الحركات الإحتجاجية للعمال والفلاحين بفضل تواجد الشباب الماركسي اللينيني، وهي علاقة ضعيفة بحكم غياب المنظمة الثورية في أفق بناء الحزب الماركسي ـ اللينيني المغربي.
وتشكل البورجوازية الصغيرة للأحزاب الإصلاحية والنقابات التابعة لها أكبر عائق لبلورة النضالات الجماهيرية الثورية في أوساط العمال والفلارحين، فخلال نصف قرن من الإنتهازية تمت بلورة مفهوم القيادة البيروقراطية داخل الأحزاب الإصلاحية والنقابات التابعة لها، وتشكلت أرستقراطية وبورجوازية عمالية داخل الحركة العمالية المغربية في خدمة المشروع السياسي الكومبرادوري ضد مصالح الطبقة العاملة المغربية وحلفائها تغديه الطبقة الوسطى باستمرار، مما يكبل بروز النضالات الكفاحية الجماهيرية الثورية في أوساط العمال والفلاحين.
وعملت الأحزاب التحريفية بالحركة الماركسية ـ اللينينية المغربية على تعزيز صفوف المد البيروقراطي النقابي عبر المساهمة في تفريخ نقابات حزبية برجوازية صغيرة تساهم في ضرب وحدة الطبقة العاملة وحلفائها، مما حال دون قدرة العمال والفلاحين على الدفاع عن مصالحها الإقتصادية وبلورة نضالات جماهيرية ثورية في ظل غياب الحزب الثوري القادر على قيادة الصراعات الطبقية ضد ديكتاتورية دولة البورجوازية الكومبرادورية.
إن مهمة الماركسيين اللينينيين الوحدويين أمام هذا الوضع الكارثي لأزمة الصراعات الطبقية بالمغرب تبقى جسيمة في ظل أزمة الحركة الماركسية ـ اللينينية المغربية، فرغم تنامي المد الفكري الماركسي اللينيني في أوساط الشباب إلا أن الإتجاهات البرجوازية الصغيرة تبقى هي المهيمنة على الحركة، فسرعان ما تبرز اتجاهات انتهازية داخل الحركة تتماهى مع عفوية الحركة الإحتجاجية التي تقودها التحريفية والإصلاحية إلى الباب المستود، وتبقى جماهير الشباب الثوري تائهة بين طبيعة الحركة الإصلاحية وانتهازية التحريفية ليمتلكها الإحباط والإنكسار وتبرز في صفوفها اتجاهات انتهازية، كما هو الشأن أثناء تصفية حركة 20 فبراير بالمدن الكبرى عبر عملية الإرشاء والإرتشاء والإغراءات المادية الضيقة الأفق، مما ساهم بشكل كبير في بروز صراعات هامشية بين مختلف التيارات الماركسية ـ اللينينية المغربية العاجزة عن حل اختلافاتها التي تحولت إلى خلافات هامشية تغذيها مصالح انتهازية.