إندماج الرأسمال الكومبرادوري في الرأسمال الإمبريالي وبروز طبقة بورجوازية محلية
الماركسيون اللينينيون الوحدويون المغاربة
2016 / 8 / 14 - 14:37
في المجتمعات الرأسمالية تكونت طبقتان أساسيتان : الطبقة العاملة التي تبيع قوة عملها وهي طبقة ثورية والطبقة البورجوازية التي تستغل قوة عمل الطبقة العاملة وهي طبقة رجعية، أما باقي الطبقات والفئات (أشباه البروليتاريا، الفلاحون المتوسطون والصغار والفقراء، التجار المتوسطون والصغار والكادحون/الفراشة، الحرفيون، التقنيون، المهندسون، الأطباء، المحامون، الأساتذة، الطلبة، المعطلون ...) أي الطبقة الوسطى، فهي تتدحرج بين أيديولوجيتي هاتين الطبقتين المتصارعتين حول السلطة رغم أن فئات هذه الطبقة تشارك في عملية الإنتاج بشكل من الأشكال أو توجدها وتتعرض لاستغلال الطبقة البورجوازية.
منذ بروز الإستعمار الجديد بالمغرب بعد استكمال أطوار الإستعمار القديم الفرنسي ـ الإسباني تشكلت أسس الدولة الكومبرادورية ذات الجذور العميقة الضاربة في الرجعية باسم الوراثة الملكية ثقافيا، المدعومة سياسيا واقتصاديا بعملية إندماج الرأسمال الكومبرادوري في الرأسمال الإمبريالي عبر :
ـ عملية تمركز الرأسمالية في الزراعة (توزيع أراضي المعمرين على المعمرين الجدد، السيطرة على أراضي الجموع وأراضي الفلاحين الصغار، السيطرة على مصادر المياه) عبر بناء مشاريع استثمارية رأسمالية كبرى على هذه الأراضي من طرف الكومبرادور والملاكين العقارين الكبار (العائلة الملكية، كبار ضباط الدرك والجيش والشرطة، الوزراء، البرلمانيون، مدراء الشركات الكبرى والمجموعات البنكية، رؤساء الجماعات الحضرية والقروية، بقايا الإقطاع ...) وبناء السدود لتزويدها بالمياه، مما حول غالبية الفلاحين الصغار إلى فلاحين فقراء بدون أرض أو عمال زراعيين أو منجميين أو عمال بالمعامل والموانيء في قطاع الخدمات، يتم معاملتهم بقوانين شبيهة بظروف العبودية الفيودالية.
ـ عملية خوصصة المؤسسات الوطنية المالية والصناعية والفلاحية والخدماتية (شركات المواد الإستهلاكية، شركات المناجم والمعادن، شركات الصيد البحري، شركات النقل البري والجوي والبحري، المجموعات البناكية، البريد، النقل الحضري، الكهرباء والماء الصالح للشرب ...) وتفويتها للشركات الرأسمالية والكومبرادور وطرد العاملات والعمال من العمل وتسييد عدم الإستقرار في العمل.
ـ إنشاء فروع الشركات الإمبريالية العابرة للقرات بأراضي الجموع في ضواحي المدن الكبرى لتطبيق سياسة ما يسمى التبادل الحر لتركيز أسس الإستعمار الجديد اقتصاديا، من أجل دعم الرأسمال المالي الكومبرادوري للتحكم في الأساس المادي للإقتصاد الوطني بدعم من الرأسمال المالي الإمبريالي (البنوك المركزية للدول الإمبريالية، صندوق النقد الدولي، البنك العالمي، بنوك دول الخليج العربي)، لتركيز الأساس الإقتصادي للإستعمار الجديد وفسح المجال لهيمنة الشركات الإمبريالية العابرة للقارات على الرأسمال المالي الكومبرادوري عبر الإستثمار في المشاريع الرأسمالية الكبرى (المناجم، الصيد البحري، صناعة السيارات والآلات، الطاقة الشمسية، المطارات والموانيء والسكك الحديدية والطرق السيارة)، وفسح المجال للشركات البنات والحفيدات الإمبريالية في الإستثمار الرأسمالي المتوسط والصغير (النقل الحضري، الكهرباء والماء الصالح للشرب، المشاريع الفلاحية، التجارة ...).
ـ فسح المجال لاندماج الرأسمال المالي الكومبرادوري في الرأسمال المالي الإمبريالي عبر فتح المجال للإستثمار الكومبرادوري في الدول الإفريقية بعد تفويت مجمل الشركات الإستهلاكية والخدماتية للشركات الإمبريالية (المواد الغذائية، الإتصالات، النقل الحضري ...)، وسيطرته على مصادر الطاقة (المناجم، الكهرباء، الماء ..) وهيكلة المؤسسات المالية عبر الهولدينغ الكومبرادوري والمجموعات البنكية، وخلق مجموعة من صناديق الدعم (محمد5، الحسن2، محمد6) من أجل التحكم في الدعم المالي الإمبريالي (التنمية البشرية، التنمية الفلاحية ..) من أجل عرقلة الحركات الإحتجاجية بهوامش المدن والبوادي بدعوى الحد من الهجرة إلى المدن وبالتالي دعم السلطة الكومبرادورية بالبوادي عبر مشاريع وهمية يتم بواسطتها نهب المال العام.
ـ منح الأراضي والأكرمات لما يسمى "خدام الدولة" بجميع مستوياتهم البيروقراطية والحزبية والنقابية لاستغلال المواصلات الطرقية بمختلف درجاتها والصيد البحري والمناجم والمقالع لتشجيع الريع المالي.
ـ تشجيع المضاربات العقارية والريع العقاري عبر منح أراضي الجموع الصالحة للزراعة بالبوادي للملاكين العقاريين الكبار وتقديم الدعم لهم لإقامة المشاريع الإستثمارية الرأسمالية للزراعات المتجهة للتصدير، وتفويت الأراضي الصالحة للبناء بهوامش المدن لشركات التعمير والبناء وتقديم الدعم لها لإنجاز مجموعات سكنية تجارية واقتصادية يتم بيعها للطبقة الوسطى التي يتم تكبيلها بقروض طويلة الأمد.
ـ حشد الرأي العام الجماهيري حول سياسة الإستثمار اللاوطنية عبر تجنيد جمعيات تعمل في مختلف المجالات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية بالمدن والبوادي، يتم دعمها من أجل نشر الفكر الرجعي الإنتظاري والتبعية للرأسمال الكومبرادوري المهيمن على الإقتصاد الوطني لتركيز استغلال الطبقات الشعبية في المناسبات الإنتخابية، وخلق مجال للزبونية والمحسوبية والمنافسة من أجل الفوز برضا السلطات بالجهات والأقاليم لتمرير سياسة الإرشاء والإرتشاء عبر نهب المال العام، مما ساهم في انتشار الممارسات الإنتهازية لنشطاء أغلب الجمعيات الذين يتسابقون إلى التقرب من السلطات ورؤساء أجهزة الدولة، مما شكل فئة من الطبقة البورجوازية الصغيرة التي تتطلع إلى التسلق الطبقي عبر المجالس البلدية والقروية والإقليمية والجهوية والغرفتين البرلمانيتين، وتلعب الأحزاب الإصلاحية والنقابات دورا هاما في تركيز الإنتهازية في أوساط مناضليها بتشجيعهم على قيادة هذه الجمعيات التي تؤهلهم إلى الفوز في الإنتخابات التشريعية والجماعية.
ـ قمع الحركات الإحتجاجية المطلبية للعمال والفلاحين والمعطلين والطلبة واعتقال المناضلين المتزعمين لهذه الإحتجاجات والزج بهم في السجون من أجل وقف مد الحركة الإجتماعية الإحتجاجية وعرقلة تطور الوعي السياسي الطبقي لدى الجماهير الشعبية.
هكذا تأسست الدولة الكومبرادورية التبعية للإمبريالية بالمغرب على الأساس الإقتصادي التبعي المرتكز على اندماج الرأسمال الكومبرادوري في الرأسمال الإمبريالي عبر هيمنة السياسات الإقتصادية الإستعمارية الجديدة على الإقتصاد الوطني، مما أفرز طبقات برجوازية بيروقراطية وليبرالية تعتمد على المضاربات العقارية والريع المالي والتجاري سيطرة على السلطة السياسية والإقتصادية، وهي تشكل أقلية تشغل المناصب العليا للدولة في الوزارات والبرلمان وجماعات المدن الكبرى والشركات والأبناك وأجهزة الدولة العسكرية والمخابراتية، وتخدم مصالح الرأسمال الكومبرادوري عبر دعمه من ريع المشاريع الإستثمارية الرأسمالية للشركات الخاصة التي تملكها من أجل حمايته من الإنهيار وتركيز إدماجه في الرأسمال الإمبريالي.