|
حوارجديد مع المعلم
المرصد العربي للتطرف والإرهاب
الحوار المتمدن-العدد: 5247 - 2016 / 8 / 7 - 08:18
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
مما قاله المعلم: أنا أعلم الإنسان أن يستعمل عقله، فالنجاة بالعقل، والعقل يوصل إلى النجاة، ولم يهلك امرء استعمل عقله قط. بل هلك الذين لم يستعملوا عقولهم وتجد هذا في قوله تعالى "وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ماكنا في أصحاب السعير".
ومما قاله: من يُنصّب نفسه داعياً إلى الله أو إلى الدين فهذا مُقلِّد جاهل أو نصّاب كبير، وهذا أقل مايجب أن يُقال في ذم هؤلاء المجرمين الذين مزقوا الأمة وهدموها وافسدوا فيها وأحلوا إراقة دماء الإنسان على أرضها وأرض غيرها من الأمم.
ومما قاله: الله لاينزل كتاباً يحتاج لتفسير المفسرين، ولو احتاج ذلك لبطل قوله تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا"، فكيف يكتمل الدين وتتم النعمة فيما المسلمون ينتظرون بشر مثلهم أن يتعطف عليهم ويُفسر لهم كلام ربهم؟
ومما قاله: يجوز أن يبدل المرء الشريعة التي يعبد الله بها ومن يقول غير هذا فهو جاهل أحمق وضال أخرق.
ومما قاله: الدين هو الديمقراطية بعينها.
الحوار غني جداً نقدمه للسادة قراء الحوار المتمدن أدناه آملين أن يقدم الفائدة المرجوة ..
تعريف بـ "المعلم"
هذا المعلم لن تراه على شاشة التلفاز، ولا اليوتيوب، ولن تسمع باسمه أبداً لأنه غني عن أن يكون له تلاميذ أو أتباع أو أنصار أو حتى معجبين، هو إنسان اتخذ من إخفاء هويته عوناً له على الزهد بالدنيا، وحرزاً لنفسه من السقوط في شباك الفخر والكبر والغرور فيما لو لاقى صوته صدى بين الناس، وأيضاً حصناً لنفسه وعياله من أذى تجار الدين ومواليهم وأتباعهم الغافلين. كنا قد قدّمنا هذا الإنسان لقراء المرصد تحت لقب "الشيخ"، وذلك عندما نشرنا أول حوار لنا معه قبل ثمانية أشهر. وإثر نشر الحوار امتعض المعلم من المرصد العربي للتطرف والإرهاب لأننا اطلقنا عليه لقب "شيخ" مرة، ولقب "رجل دين" مرة أخرى رغم طلبه أن لا نفعل. وفي الواقع نحن كنّا معذورون، فكيف يمكننا أن نقدم شخص يتحدث في جوهر الدين دون استعمال الألقاب المتداولة بين عامة الناس كلقب شيخ أو رجل دين؟ .. بطبيعة الحال معه كامل الحق أن يمتعض لأننا خالفنا رغبته، ويصبح معه حق مرتين بعدما كشف لنا أن الألقاب التي اعتقدنا أمرها ثانوي مهمل هي على النقيض من ذلك وتنطوي على معاني سلبية كثيرة أقلّها الجهل والضلال والنصب على الناس باسم الدين، وذلك في حوار جديد قمنا بإجراءه مع هذا الإنسان الطيب بعد الاعتذار عن الخطأ وسألناه كالتالي ..
سؤال: لماذا ترفض لقب شيخ أو رجل دين أو داعية؟
جواب: لأن هذه الألقاب ما أنزل الله بها من سلطان. بل هي ألقاب تم استحداثها للنصب على الناس باسم الدين، وسوقهم كالأغنام وراء الملوك والسلاطين والكهنوت المحيط بهم، بعصا الدين.
سؤال: لكن هذه الألقاب متداولة في الأوساط الشعبية والثقافية ولا أحد يشعر بالحرج منها.
جواب: أخي العزيز قال تعالى "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" وماسمعنا الله ينادي رسوله بهذه الألقاب، وأيضاً ماسمعنا رسول الله يخاطب أحداً بهذه الألقاب. فدعنا نتقيد بأسوتنا صلوات الله عليه. أما كون هذه الألقاب يتم تداولها بين الناس إشارة منهم للرجل الذي يُحدّث أو يُعلّم في الدين فهذا لايعني أن لها أصل تستند إليه ولا يعني أنهم جديرين بتعليم الناس ولا يعني أن لأصحاب هذه الألقاب فقهاً يُعتد به في الدين. فلقب شيخ ورد عن الله عز وجل للدلالة على الطاعن في السن وأنت كما ترى أنا لم أتجاوز الخمسين من عمري. أما لقب رجل دين فما سمعنا به لا في كتاب الله ولا في الحديث الصحيح. وأما لقب داعية فهو والله الطامة الكبرى، فقد استحله النصابون لأنفسهم مستدلين بقوله تعالى "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" فضمّنوها الدعوة إلى الله والدعوة إلى الدين وهي والله ليست كذلك، فلا يدعوا إلى الله وإلى الدين إلّا من فوضه الله في ذلك، وهاهو رب العزة يكذبهم ويكشفهم ويفضحهم بقوله تعالى في صحف إدريس "بالحق عُرف الحق، وبالنور أهتُدي إلى النور، وبالشمس أبصِرت الشمس، وبضوء النار رؤيت النار، ولن يسع صغير ما هو أكبر منه، ولا يقل ضعيف ما هو أقوى منه، ولا يُحتاج في الدلالة على الشيء المنير بما هو دونه" والحق والنور من أسماء الله عز وجل، وهذا يعني أن الله لايُعرف إلّا بالله ولايدل على الله إلّا الله.
فمن أنا كي أدعوا إلى الله وأرشد الناس إليه وأنا مجرد عبد حقير لا أملك لنفسي نفعاً ولاضراً؟ من أنا كي أدل على الله وكل شيء في الوجود يدل على أنه واحد لا يُشارَك وجبار لا يقاوم وهو قوله تعالى في صحف إدريس "كيف تخفى معرفة الله والدلائل واضحة والبراهين على وحدانيته لائحة، عجباً لمن غَنِي عن الله وفي موضع كل قدم ومطرف عين وملمس يد دلالة ساطعة وحجة صادعة على أنه تبارك واحد لا يُشارَك، وجبار لا يقاوم، وعالم لا يجهل، وعزيز لا يذل، وقادر لطيف، وصانع حكيم في صنعته".
سؤال: إذاً ماهي واجبات الأمة التي تدعوا للخير وتأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر؟
جواب: واجباتهم حفظ الأمن وتطبيق القانون بما يحفظ الأدب ويرعى حقوق الناس بالعدل والتساوي. إنهم في عصرنا رجال الشرطة والقانون كما سبق وقلت لكم.
سؤال: وكيف يهتدي الجاهل وكيف يعرف أنه يوجد إله؟
جواب: لقد خاطب الله رسوله أخنوخ (إدريس) وقال له في الصحيفة 24 قولاً صريحاً واضحاً نيراً بائناً "يا أخنوخ الطريق طريقان، إما الهدى والإيمان وإما الضلالة والطغيان، فأما الهدى فظاهرة منارها لائحة آثارها مستقيم سننها واضح نهجها وهو طريق واحد لاحب لا شعب فيها ولا مضلات تعتورها فلا يعمى عنها إلا من عميت عين قلبه وطمس ناظر لبه من لزمها فعصم لم يضل عنها و لم يرتب بمنارها ولم يمتر في واضح آثارها وهي تهدي إلى السلم والنجاة ودائم الراحة والحياة، وأما طريق الضلالة فأعلامها مستبهمة وآثارها مستعجمة وشعبها كثيرة تكتنف طريق الهدى من يمينها وشمالها من ركبها تاه ومن سلكها حار وجار وهي تقطع براكبها وتبدع بسالكها وتؤدي السائر فيها إلى الموت الأبدي الذي لا سكون معه ولا راحة فيه، فادع يا أخنوخ عبادي إلي وقف بهم على طريقي، ثم كلهم إلي، فو جلالي لا أضيع عمل محسن وإن خف ولا يذهب علي عمل مسيء وإن قل وأنا الحاسب العليم" صدق الله العظيم.
فطريق السلامة واضح لكل من وهبه الله عقلاً. ولنلاحظ هنا أن رب العزة رخّص لرسوله أن يدعوا إليه وذلك لأن الله أيده بالحق والنور، وهذا الحق والنور هو كتب الله التي أنزلها على رسله، وهو قوله تعالى "بالحق عُرف الحق، وبالنور اهتُدي إلى النور" وهي نفس المهمة التي كلّف الله بها رسوله محمد ص في القرآن الكريم بقوله تعالى "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة".
وهكذا تكون مهمة الدعوة إلى الله ودين الله منوطة برسل الله فقط وليس لأحد من بني البشر أن يتقمص هذا الدور. ومايعزز اليقين بصحة ما أقول هو قول علي بن ابي طالب عليه السلام في خطابه لكميل بن زياد "يا كميل أرأيت لو لم يظهر نبي وكان في الأرض مؤمن تقي لكان في دعائه إلى الله مخطئاً أو مصيباً؟ بلى والله مخطئاً حتى ينصبه الله عز وجل ويؤهله له. يا كميل الدين لله تعالى فلا يقبل الله تعالى من أحد القيام به إلا رسولاً أو نبياً أو وصياً" ودليل صدق حديث سيدنا علي قول المسيح صلوات الله عليه في حديثه عن سقوط آدم وإرسال الله لرسله لأبناء آدم واحداً تلو الآخر فقال ع "إذا لم ينور الله ربنا قلب الإنسان فإن تعقل البشر لايجدي" أي لو لم يرسل الله رسله ومعهم كتب منزلة من رب العالمين فإن الإنسان هالك حتى لو اعتقد بوجود إله وأظهر الإيمان به. وحينها سُئل المسيح ع عن دور الإنسان في الهداية فأجاب ع "الإنسان من حيث هو إنسان لايفلح في تحويل إنسان إلى التوبة، أما الإنسان من حيث هو وسيلة يستعملها الله فهو يجدد الإنسان، ولما كان الله يعمل في الإنسان بطريقة خفية لخلاص البشر وجب على المرء أن يصغي لكل إنسان حتى يقبل من بين الجميع ذلك الذي يكلمنا به الله". أي يجب أن يصغي المرء إلى جميع المتكلمين في شؤون الدين ويركن في النهاية إلى الكلام الذي يوافق العقل الذي وهبه إياه الله، وهنا بالضرورة يجب أن يمتلك الذي يصغي الحرية الكاملة بالقبول أو الرفض دون يتمكن أحد من إعلان الوصاية عليه وعلى رأيه. وهكذا يكون الجواب على سؤالك إذا أراد الجاهل معرفة الله فعليه أن يقرأ كتب الله عز وجل وأيضاً يقرأ مايطابقها ولايخالفها من أحاديث أنبياءه المرسلين وأن يستعمل عقله لا عقل الشيخ فلان ولا عقل الداعية فلان ولا عقل الواعظ فلان.
وقد أخبرنا الله عز وجل عن أناس دخلوا جهنم وهم نادمون على طاعة أئمة الضلال فيقولون "ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا". ويقولون "ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذاباً ضعفاً من النار قال لكل ضعف ولكن لاتعلمون".
لكنه عز وجل لم يخبرنا عن أناس دخلوا الجنة وهم فرحون بطاعة أئمة من بني البشر، بل أخبرنا عن أناس دخلوا الجنة فرحين باتّباعهم هدى الله وهو قولهم "الحمد لله الذي هدانا لهذا وماكنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون". ومحصلة الكلام أعلاه لايجوز في الدين أن ينصب أي إنسان نفسه داعياً إلى الله أو داعياً إلى الدين، والأدلة في القرآن الكريم على أن الهداية أمر بيد الله وحده كثيرة فقال العليم الحكيم "يضل من يشاء ويهدي من يشاء"، وأيضاً "ولاتهدي من أحببت إن الله يهدي من يشاء"، وأيضاً "من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا". وكل هذه الآيات ذات مدلول واضح وصريح ولا تحتاج لتفاسير المفسرين، ومن يُنصّب نفسه داعياً إلى الله أو إلى الدين فهذا مُقلِّد جاهل أو نصّاب كبير وجب الابتعاد عنه والحيطة من سمومه وضلاله، وهذا أقل مايجب أن يُقال في ذم هؤلاء المجرمين الذين مزقوا الأمة وهدموها وافسدوا فيها وأحلوا إراقة دماء الإنسان على أرضها وأرض غيرها من الأمم، وما أكثر أصحاب دكاكين "الأديان" اليوم، يطلقون على أنفسهم ألقاب "رجال دين ودعاة" وترى كل منهم يدعوا الناس إلى دينه بوصفه دين الحق الذي ينجي أتباعه وهم هكذا يبيعون الضلالة للناس والناس تشتري دون معاينة أو نظر أو إعمال عقل. ولأجل كل ماسبق لا أقبل أن يطلق عليّ أحد لقب شيخ أو رجل دين أو داعية.
سؤال: يُقال إذا عُرف السبب بطل العجب والآن عرفنا السبب وفهمنا المقصد ونعتذر مرة أخرى عن استعمال هذه الألقاب، لكن هل ممكن أن تخبرنا ماهو دورك بالضبط عندما تتحدث في الدين؟ نقصد إلى ماذا تدعوا إذا كنت لاتدعوا إلى الله؟
جواب: أنا أعلم الإنسان أن يستعمل عقله، فالنجاة بالعقل، والعقل يوصل إلى النجاة، ولم يهلك امرء استعمل عقله قط. بل هلك الذين لم يستعملوا عقولهم وتجد هذا في قوله تعالى "وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ماكنا في أصحاب السعير".
سؤال: إذاً هل تسمح لنا أن نطلق عليك لقب "معلم"؟
جواب: لا حرج من استعمال لقب معلم إذا شئتم ذلك.
سؤال: يخال للمراقب وكأنه يوجد في أمة العرب أديان متنافسة وليس دين واحد، فكيف تفسر هذا؟
جواب: لأن الناس اتبعوا أئمة الضلال وسمحوا لهم أن يتخذوا موضع الواسطة والوسيلة بينهم وبين رب العالمي، هكذا ضلوا عن الطريق. سؤال: كيف يستطيع أئمة الضلال الاستمرار في خداع وتضليل الناس؟
جواب: لقد سردت عليكم مشهد بدء الضلال في التاريخ الإسلامي في حوار سابق، واليوم يسيطر أئمة الضلال على عقول الناس من خلال الكتب الضالة التي ورثوها عن أسلافهم، وهذه الكتب هي كنوزهم الثمينة ولهذا لايسمحون لأحد أن يطعن بها، والتحالف القائم بين أئمة الضلال والحكام العرب الذين يسيطرون موارد المال ووسائل الإعلام يحقق لصوت هؤلاء الأئمة الانتشار والرواج على مدار الساعة بالمشهود والمقروء والمسموع في أمة تعاني من أمية وجهل كبيرين، وهذا التحالف يقضي برعاية كل طرف لمصلحة الآخر وهذا يستدعى من أئمة الضلال قولبة الدين وتعديله وحرف آيات القرآن عن مقاصدها ومعانيها والعبث بأحاديث النبي ص بما يضمن بقاء هذه الشرازم الحاكمة وإحكام سيطرتهم على البشر.
سؤال: كيف نستيقن ونتأكد أن كتب السلف ضالة؟ نريد منك أدلة لايشوبها نقصان وغير قابلة للطعن من قبل أئمة الضلال والطغيان
جواب: نستيقن ذلك بكون هذه الكتب زائدة عن الحاجة، وأي شيء زائد عن الحاجة هو تكلّف مُصطنع لايمكن أن يسلم من اللغو والحشو والشطط والزيغ واتباع الهوى إلّا أن يكون صانعه معصوماً من كل هذه النعوت التي هي لب الضلال ومنطلق الانحراف والتيه والطغيان.
خذ مثلاً كتب تفسير القرآن الكريم، التفاسير كلها باطلة قولاً واحداً. فالله لاينزل كتاباً يحتاج لتفسير المفسرين، ولو احتاج الله لعباده كي يُفسّروا كتابه لبطل قوله تعالى في صحف إدريس "لا يُحتاج في الدلالة على الشيء المنير بما هو دونه" والبشر هم دون كتاب الله عز وجل، وكتاب الله مكتمل النور ولا يحتاج لمن يزيده نوراً. وأيضاً لو احتاج القرآن لتفسير بني البشر لبطل قوله تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" فكيف يكتمل الدين وتتم النعمة فيما المسلمون ينتظرون بشر مثلهم أن يتعطف عليهم ويُفسر لهم كلام ربهم؟! وفي الواقع لا الآية بطلت ولا حديث الله القدسي بطل، بل الذي يبطل هو تفاسير الزنادقة الضالين المضلين الذين تجرأوا على كتاب الله فحرفوا معانيه وفسروها حسب أهوائهم.
وإذا تحدثنا عن كتب الفقه والشريعة وغيرها فلنعد لحديثه تعالى في الصحيفة 24 من صحف إدريس – أعلاه – ومنه نفهم أن طريق الضلالة شعبها كثيرة من ركبها تاه وسار إلى الموت الأبدي، وطريق الضلالة هذه يمثلها آلاف الكتب والمجلدات التي تعج بها المكتبة الإسلامية اليوم، إن كانت في التفاسير أو الحديث أو الفقه أو الشريعة، وهي أنفاق مظلمة من دخلها لم يخرج إلى النور أبداً مالم يخرجه الله منها. وبالمقابل، الله يخبرنا منذ عهد إدريس ع أن طريق الهدى واضحة فقال تعالى "أما الهدى فظاهرة منارها لائحة آثارها مستقيم سننها واضح نهجها لا يعمى عنها إلا من عميت عين قلبه وطمس ناظر لبه" فهل هكذا طريق بهذا الوضوح تحتاج لعشرات الألوف من الكتب والمجلدات والأحاديث؟ قطعاً لاتحتاج، ولو احتاجت لبطل قول رب العالمين بوضوح نهج الهداية، وحاشى أن يبطل قول الله.
سؤال: ماهي طريق الهدى والإيمان؟
جواب: قال تعالى في كتابه "إن هذا لفي الصحف الأولى صحف ابراهيم وموسى". وإذا عدنا إلى صحف ابراهيم وموسى نجد قوله تعالى في الصحيفة 31 "يا موسى بن عمران اسمع ما أقول في الحق لا يؤمن بي عبد من عبادي حتى يأمن الناس شره وظلمه وكيده ونميمته وبغيه وحسده وحقده". هذا هو طريق الهدى والإيمان وأي طريق آخر هو طريق ضلال وموت أبدي. فمن يجد في قلبه شر أو كيد أو نميمة أو حسد أو حقد على أحد من الناس فليطهر قلبه قبل فوات الأوان.
سؤال: من يستطيع من بني البشر أن يطهر قلبه من كل هذا؟
جواب: لايكلف الله نفساً إلّا وسعها ولو كان هذا متعذراً على بني آدم لما فرضه الله على عباده. قال عيسى ابن مريم ع "الحق أقول لكم لايجوز أن تبغضوا شيئاً الا الخطيئة حتى أنكم لاتقدرون أن تبغضوا الشيطان من حيث هو خليقة الله بل من حيث هو عدو الله وذلك لأن كل ماخلق الله فهو حسن وكامل". وهذا أمر صريح من عيسى ابن مريم ع بوجوب أن ينزع المرء كراهية البشر من صدره.
فأنت تستطيع أن تبغض الشيطان لأنك عرفت أنه عدو الله، لكنك لاتستطيع أن تكره إنسان لاتعرفه، لا تستطيع أن تكره إنسان لأن الله خلقه في ملة تتبع شرع بوذا أو كونفوشيوس أو موسى أو عيسى أو محمد، لاتستطيع أن تكره إنسان أو بشر يعيشون في قارة أخرى فتذهب إلى بلادهم وتفجر نفسك في جمع منهم. لكنك مع ذلك تستطيع كراهة الخطاة واللصوص والضالين وأن تنبذ أفكارهم وتنأى بنفسك عنهم من حيث هم جنود إبليس وينفذون خططه على الأرض.
سؤال: لكن المسلمون يعتمدون على القرآن الكريم والسنة الشريفة وفيها آيات وأحاديث كثيرة تحض على القتال والجهاد في كل زمان ومكان حسب ادعاء بعض المفسرين، وهذا بطبيعة الحال يسبب أذى لبعض البشر فما هو الحل؟ هل المشكلة في شرع محمد صلوات الله عليه أم في فهم الناس لهذا الشرع؟
جواب: أولاً المسلم الصحيح يؤمن بجميع الكتب التي أنزلها الله قبل القرآن الكريم وتجد هذا في قوله تعالى "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير". وإذا فعل المسلم ذلك وقرأ كتب الله التي سبقت القرآن فإن تفاسير البشر للقرآن لن تثبت في عقله، وستسقط من حساباته فوراً لأنها تخالف ناموس الله وسنته في خلقه.
وثانياً إن أي إنسان عاقل بالغ راشد يستطيع فهم معاني القرآن بسلاسة دون حاجة منه للاستعانة بتفسير المفسرين، وأعيد عليكم هنا ماقلته سابقاً أن آيات القتال والجهاد التي وردت في سورة التوبة إنما وردت في أحداث وأوقات محددة واضحة لايمكن بحال أن يضل ذو عقل في معانيها ومُراد الله منها. وإذا لم تكن معاني بعض آيات الكتاب واضحة للبعض بسبب نقص معرفتهم في الدين فلا يجب عليهم الأخذ بتفسير البشر لها، بل يجب عليهم فهمها من خلال ناموس الله وسنته التي لاتحول ولاتزول وهو قوله تعالى "فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا".
وثالثاً بالنسبة للحديث الشريف في البخاري ومسلم فقد بيّنت أيضاً أن أكثرها موضوع أو غير دقيق أو يتعارض مع ما أنزل الله ولايثبت في عقل مسلم صحيح.
سؤال: إذاً كيف يمكن للمسلمون اليوم تجاوز ماذهب إليه المفسرون الضالون المضلون؟
جواب: يتجاوزوها بالعودة إلى أصل الدين. عندما يعود الإنسان إلى أصل الدين فإنه تلقائياً سيقوم بحرق جميع كتب التفسير والفقه التي يمتلكها لأنه سيكتشف أنها أضلته وسممت عقله، وستعاف نفسه أن يقرأ فيها مرة أخرى. فالمسلم الحقيقي يؤمن بالقرآن انطلاقاً من الإيمان بالكتب التي أنزلها الله قبله، وإذا أراد تفسير آية استعصى عليه فهمها وجب عليه فهمها من خلال الكتب التي أنزلها الله قبلها.
سؤال: لكنه إذا فعل ذلك يتهموه بتبديل دينه والخروج من ملة الإسلام
جواب: الذين يتهموه بتبديل دينه هم أئمة الضلال وجند إبليس اللعين. فالدين واحد ولايوجد أكثر من دين على سطح الأرض. الشرائع هي التي تختلف والمُشَرّع هو الله وهو قوله تعالى "شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه".
إذاً الله يخبرنا أن الدين واحد، وهذا الدين هو الإسلام وهو قوله تعالى " قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون". وقوله تعالى "قال يا أيها الملا أيكم ياتيني بعرشها قبل أن ياتوني مسلمين". وقوله تعالى "الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون، وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين". والشواهد من القرآن على وحدة الدين عند جميع الأمم السابقة كثيرة. وهكذا فإن العودة إلى الأصل ليست شيء محبب فقط، وليست ترف معرفة، بل هي واجب ولازم والله يشكر لعبده ذلك.
سؤال: الإرهاب اليوم يُنسب للإسلام فما هو قولك؟ لقد بيّنت لنا سابقاً أن الإرهاب ليس إسلاماً وأن الإرهابيون أو مايُسمى مجاهدون" هم كفار بما أنزل الله. لكن كيف تثبت ذلك لعموم الناس بعيداً عن آيات القرآن التي وقع خلاف في تفسيرها وأيضاً بعيداً عن الأحاديث الشريفة المشكوك في صحتها؟
جواب: أيضاً بالعودة إلى ناموس الله السرمدي نزيل من أمام أعيننا ومن قلوبنا كل غشاوة ونرى الطريق بائناً كالشمس في وضح النهار. إذا عدنا للكتب التي أنزلها الله نرى أنه جل جلاله ليس فقط حرّم أذية خلق الله بل إن الرفق بالخلق ورحمتهم والتعامل معهم باحترام كامل هو من ناموس الله، وتجد هذا الناموس في جميع الشرائع التي أنزلها الله على بني آدم.
فقال تعالى في الصحيفة 6 من صحف إدريس "سألت يا أخنوخ عما يقربك من الله ذلك أن تؤمن بربك من كل قلبك وتبوء بذنبك وبعد ذلك تلزم رحمة الخلق وحسن الخلق وإيثار الصدق وأداء الحق والجود مع الرضا بما يأتيك من الرزق وإكثار التسبيح بالعشايا والأسحار وأطراف الليل والنهار ومجانبة الأوزار والتوبة من جميع الآصار وإقامة الصلوات وإيتاء الزكوات والرفق بالأيامى والأيتام والإحسان إلى جميع الخلائق والأنام".
وفي الصحيفة 15 من صحف إدريس قال تعالى "ما يثقل في الميزان إلا النية الصادقة والأعمال الطاهرة وكف الأذى والنصيحة لجميع الورى".
وفي الصحيفة 26 قال تعالى "الويل لمن يبيت ونيته موقوفة على عمل الخطايا يتفكر كيف يقتل وكيف يسلب وكيف يزني".
وقال داود ع في مزاميره "رجل الدماء والغش يكرهه الرب".
وفي الصحيفة 18 من صحف ابراهيم وموسى قال تعالى "لا ورع كالكف عن الأذى".
وقال في الصحيفة 31 "لا يؤمن بي عبد من عبادي حتى يأمن الناس شره وظلمه وكيده ونميمته وبغيه وحسده وحقده".
وقال المسيح ع "انظروا الله الذي جعل شمسه تطلع على الصالحين والطالحين وكذلك المطر، فكذلك يجب عليكم أن تفعلوا الخير مع جميع الناس".
هذا مانجده في شرع الله في الأولين، فهل يبدل الله ناموسه وشرعه وسنته في عهد نبيه محمد ويجعل قتل البشر وإراقة الدماء قرباناً لجلال قدسه وهو القائل وقوله الحق "لا تبديل لكلمات الله"، وقوله "لامبدل لكلماته"، وقوله "لن تجد لسنة الله تبديلا" .. أعوذ بالله .. مُحال أن يحدث التبديل في سنة الله، والاعتقاد بأن الله بدّل كلامه هو الكفر بعينه. لكن التزوير والتحريف حدث على ألسنة المفسرين أئمة الضلال الذين يبغونها عوجا وهو قوله تعالى "من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعناً في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا".
إذاً الله عز وجل لايبدل شرعه وسنته وناموسه ولهذا قال في كتابه الكريم "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون" فبيّن الله عز وجل بياناً واضحاً أن الذين يسفكون الدماء هم فاسدون قولاً واحداً. وقد أمر الله رسوله محمد ص بما أمر به الرسل السابقين وكلفه بنقل رغبته إلى الناس كافة فقال الرسول ص الذي لاينطق عن الهوى "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده". وقال "أحسن جوار من جاورك تكن مسلماً".
سؤال: برأيك لماذا لم يكفر شيخ الأزهر داعش وباقي التنظيمات الإرهابية؟
جواب: لأنه من جنسهم يُأتمر بمن يُأتمرون ويرغب فيما يرغبون وهو مشارك لهم في ظلمهم وإجرامهم وهو قوله تعالى "وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون".
سؤال: هل هذا يعني أن شيخ الأزهر كافر؟ حبذا لو نفهم الأمر
جواب: نعم هو كافر بما أنزل الله وهذا أبين من الشمس بوضح النهار، إن شيخ الأزهر يتبوأ إدارة مؤسسة من أهم واجباتها الإشارة إلى الظالمين والقاتلين والمجرمين وإنكار أفعالهم، لكننا وجدنا شيخ الأزهر يلقي برداء الإيمان عليهم كي يستر عليهم ظلمهم وإجرامهم وضلالهم وفسادهم وكفرهم وهكذا يكون هو ظالم ومجرم وضال وفاسد وكافر مثلهم. قال تعالى في الصحيفة 25 من صحف إدريس "من رأى ظلم ظالم فأمكنه النكير فلم يفعل فهو ظالم"، وقال تعالى "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، والذي أنزله الله هو كل أسرده عليك اليوم من أقوال الله القدسية وآيات كتابه الكريم. فقال تعالى "ومن يقتل مؤمنا متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيما". وقال رسول الله ص "دماءكم وأموالكم حرام عليكم". فهل يستطيع شيخ الأزهر أن يثبت براءة داعش وأمثالها من دماء مؤمنين بالله على شرع عيسى أو مؤمنين بالله على شرع محمد وقد سفكوا دماء عشرات الألوف من البشر في العراق وسوريا ولبنان ومصر وفرنسا وبلجيكا وغيرها من الدول؟ بالقطع لايستطيع أن يبرأهم، وهم يقتلون الناس عن سابق إصرار وتعمد ومعرفة تامة بما هم يقترفون. فهل بعد ذلك يحتاج شيخ الأزهر لدليل على ضلال وكفر داعش وأمثالها من المجرمين الملتحفين برداء الدين؟
سؤال: حسناً، ليس الغرض شخصنة السؤال لكن نريد أن تكون الإجابة واضحة قاطعة كي لايبقى للقارئ أدنى شك وكي تصل رسالتك له كاملة واضحة لا لبس فيها، فأجبنا من فضلك .. هل تبرأ من شيخ الأزهر أمام الله؟
جواب: طبعاً أبرأ منه ومن أمثاله في الدنيا والآخرة وأعوذ برب العرش العظيم أن يجعلني على ملته أو دينه أو شرعه. فهذا دين إبليس والعياذ بالله. أما دين الله فهو دين الصدق والبر والرحمة ومحبة الناس ورجاء الخير لجميع بني البشر والبراءة التامة من الظالمين والطغاة والمجرمين وأعوانهم ومن رضي لهم عملاً أو قولاً. هذا هو الإسلام وهذا هو دين البشرية جمعاء وإن اختلفت الشرائع.
سؤال: كيف هو دين إبليس وشيخ الأزهر يشهد بوحدانية الله ويصلي؟
جواب: وهل أنكر إبليس على الله وحدانيته؟ ألم يخاطب ربه قائلاً "فبعزتك لأغوينهم أجمعين"، وقال لعنه الله "رب فانظرني إلى يوم يبعثون". لكنه تكبر على آدم ولم يذعن لأمر الله ففسق عن أمر ربه وخرج عن طاعة رب العالمين. وهذا هو بالضبط مايفعله أئمة الضلال على الأرض. سؤال:طالما تحدثت عن الشرائع هل يجوز أن يبدل المرء الشريعة التي يعبد الله بها؟ يعني هل يجوز لمن يعبد الله على شريعة محمد أن يعود إلى شريعة عيسى أو موسى؟ وماذا عن حديث رسول الله من بدل دينه فاقتلوه؟
جواب: سأبدأ معك من حديث من بدل دينه فاقتلوه، فرب العزة يقول في كتابه "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" وأيضاً قوله تعالى "لا إكراه في الدين". فهل يثبت في العقل السليم أن الله أعطى عباده حرية الإيمان والكفر ومن ثم حرمهم حرية الكفر بعد الإيمان أو حرية تبديل الدين (في حال وجود أديان أخرى)؟ ألم يقل الله "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون"، أي أن حسابهم على الله وليس لأحد من بني البشر أن يعترض عليهم.
خلاصة القول الحديث المنسوب للرسول "من بدل دينه فاقتلوه" غير صحيح جملة وتفصيلاً. فأولاً الله أجاز حرية الإيمان والكفر. ثانياً بيّن الله صراحة لكل بصير سميع أن حساب المرتد الذين يكفر بعد الإيمان هو على الله في الآخرة وليس لأحد من خلق الله أن يتعرض له بسوء.
ودليل آخر على بطلان الحديث أن القول من "بدل دينه" يستوجب وجود أكثر من دين واحد على الأرض كي يصبح التبديل ممكناً، بيد أن رسول الله ص كان يعلم أنه لايوجد غير دين واحد فكيف يقول بهذا؟ وأما الدليل على أنه لايوجد سوى دين واحد فهو قول إبراهيم عليه السلام في كتابه العزيز "ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم". وقال تعالى "ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون، أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون". وهذا يعني أن اليهود والمسيحيين هم مسلمون.
وإذا احتج أحد بقوله تعالى "وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين"، أقول له أن التفسير ورد في الآية التالية مباشرة وهو قوله تعالى "قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون". إذاً الكل مسلم، وضلال غالبية اليهود وغالبية المسيحيين لايرفع عن اليهود والمسيحيين الذين لم يشركوا بالله صفة الإسلام. وهذا الضلال مطابق تماماً لضلال غالبية أمة محمد ص، الذي نتحدث فيه اليوم.
إذاً الإجابة على السؤال الأول نعم، يجوز أن يبدل المرء الشريعة التي يعبد الله بها ومن يقول غير هذا فهو جاهل أحمق وضال أخرق. فقد أبان رب العزة أن الدين واحد وهو الإسلام وأن شرائع الأمم هي التي تختلف وهو قوله تعالى "شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه"، والمعنى واضح وضوح الشمس، الله وهب الإنسان خمسة شرائع والغاية إقامة الدين. فمن أراد من الناس أن يتعبد الله على شريعة موسى له ذلك شرط أن يعتقد في قلبه الإيمان بصحة الشرائع الأخرى كالتاوية والبوذية والمسيحية والإسلام، ومن أراد أن يتعبد الله على شريعة عيسى له ذلك شرط أن يعتقد في قلبه الإيمان بصحة الشرائع الأخرى كالتاوية والبوذية واليهودية والإسلام. أما الذي ينتقل من شريعة الإسلام إلى المسيحية وهو ينكر في قلبه ما أنزله الله على محمد صلوات الله عليه فهذا ضال لن ينفعه تعبده على شريعة المسيح في شيء. والذي ينتقل من المسيحية إلى الإسلام وهو ينكر في قلبه ما جاء به عيسى صلوات الله عليه فهو ضال لن ينفعه تعبده على شريعة محمد في شيء. وقد سبق وأثبت لكم في حوار سابق أن التاوية والبوذية هي شرائع سماوية منزلة من رب العالمين.
سؤال: لماذا وضع أئمة الضلال حديث من بدل دينه فاقتلوه ونسبوه للرسول ص؟
جواب: كي تكتمل عملية محاصرتهم للمسلمين. فالمسلمين بشر يوجد بينهم أناس لديهم ضمير حي ووجدان يقظ، وهؤلاء لايقبلون بالظلم الذي وقع على الآمنين أيام غزوات وفتوحات خلفاء السلب والنهب وسبي النساء من الأمويين والعباسيين. ونتيجة عدم قبولهم ستكون حتماً الخروج من ملة الظالمين والفاسدين والتبرؤ من شرعهم أمام رب العالمين. وبطبيعة الحال يصبح هؤلاء معذورون بالنأي عن النفس واللجوء إلى شرائع أخرى كاليهودية أو المسيحية كي يميزوا أنفسهم عن أولئك المجرمين ويبتعدوا عنهم وكي يرحب بهم اليهود أو المسيحيون ليعيشوا بينهم. ولهذا اخترع أئمة الضلال هذا الحديث كي يقولوا للناس احذروا، من يرتد منكم سيُقتل!!
وقد اعترف المدعوا يوسف القرضاوي الضال أنه لولا حد الردة لما بقي هناك إسلام!! وهو محق، فكيف يبقى إسلام والذين يتحكمون بالإسلام منذ بدء عصر الأمويين إلى تاريخنا هذا هم عصابات مجرمة منحرفة وضالة من أمثال القرضاوي وشركائه؟؟!!! وهذا الاعتراف خطير جداً وضال جداً بل هو أخطر ماقيل عن الإسلام، وكأن القرضاوي يقول أن الإسلام دين غير مرغوب ولولا السيف لما بقي إسلام!! وتصور أن الذي يقول هذا الكلام هو رئيس مايُسمى "اتحاد علماء المسلمين" وهو بلا أدنى شك اتحاد العلماء الضالين والمضلين والفاسدين والمفسدين.
https://www.youtube.com/watch?v=ysBdQM5MhkU
سؤال: لماذا لايرتدي مايُسمى "رجال دين" المنتمون لشرائع مختلفة لباس موحد؟ بل إن رجال الدين في شرع محمد ص لكل فريق منهم زي خاص.
جواب: ماسمعنا أن رسل الله وانبيائه ميّزوا أنفسهم عن عامة الناس وارتدوا ألبسة خاصة. لكن أئمة الضلال يفعلون هذا لتكريس الاختلاف في دين الله الواحد، وترسيخ القتاعة لدى عامة الناس أنه يوجد أكثر من دين على الأرض. إذا ارتدوا لباس موحد فلن يستطيعوا بعدها أن يقولوا للناس "نحن نختلف عن غيرنا ونحن فقط الفائزون بجنة رب العالمين".
سؤال: نسمع أحياناً عما يُسمى حوار أديان فما هو رأيك بهكذا ندوات ومؤتمرات واجتماعات؟
جواب: أفضل من إبداء الرأي دعنا نشكر الله على سلامة العقل والدين.
سؤال: هل تعتقد أننا سنتمكن من إحداث تغيير للأفضل من خلال نشر حوارنا معك؟
جواب: لا أعتقد أن هذا ممكن. فقلة نادرة من البشر ستعمل على إعمال عقلها بعد قراءة هذا الحوار، أما الغالبية فإنهم سينبذون كلامي خلف ظهورهم رغم أني لم آتي بشيء من عندي. فالناس تعشق من ينافقها وينصب عليها باسم الدين، وأنا أنصحكم أن لا تحملوا أنفسكم مالا طاقة لكم به، هذا الأمر يحتاج إلى حملة كبيرة على مستوى مصر والعالم العربي، ولاتنسى أن أئمة الضلال يجدون من يمولهم وينفق عليهم وعلى وسائل إعلامهم إذ أن تحالفهم مع الحكام العرب كامل ووثيق، وقد اضاع الرئيس السيسي فرصة تاريخية لإطلاق مسيرة تصحيح حال الدين وقام بدلاً من ذلك بإعادة بناء منظومة تحالف الحاكم مع أئمة الضلال وليس هذا يحتاج لإثبات بعدما تأكد لنا أن رئيس مؤسسة الأزهر يمثل رأس النفاق والضلال في مصر.
سؤال: لماذا فشل المصريون في إحداث التغيير رغم قيامهم بثورتين؟
جواب: فشلوا لأنهم لم يُصدِّقوا قول الله ورسوله. لقد أخبرهم الله تعالى "إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، وأخبرهم رسول الله ص "كما تكونوا يولى عليكم". فأحبوا أن يصنعوا التغيير دون أن يغيروا ما بأنفسهم، وفي أول مرة كانت النتيجة أن سلّط عليهم رب العزة الأخوان المسلمين، وهؤلاء أشد فساداً من نظام مبارك بمراحل، فنظام مبارك يفسد على الناس الدنيا أم الأخوان فيفسدون على الناس الدنيا والدين والآخرة. فأذاق الله المصريين بعض عذابه على أيدي الأخوان لأنهم كذّبوا قول الله ورسوله وتجرأوا على التغيير دون أن يغيروا مابأنفسهم، وبعدما دفعوا ثمن هذه الخطيئة أعاد الله عليهم حكم مبارك في ثورتهم الثانية، لكن بشخص جديد اسمه عبدالفتاح السيسي.
سؤال: لماذا سمح الله بالتغيير في أوروبا الشرقية كرومانيا مثلاً؟
جواب: لا أريد الادعاء أني أفهم في كل شيء بيد أنه لابد أن الناس تغيرت هناك فغير الله أحوالهم، لقد أيقنوا أن النظام الاشتراكي لن يحقق لهم التقدم والازدهار، وعرفوا أن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية هي السبيل الأمثل لتحقيق ذلك. هذه القناعة شملت أغلب الناس في أوروبا الشرقية أواخر القرن الماضي ومن هنا حدث التغيير في النفس، فشاء الله أن يغير نظام الحكم في بلادهم إلى نظام يكفل حرية أكبر وظلم أقل.
سؤال: ألا يوجد تعارض بين الديمقراطية والدين؟
جواب: بالعكس، الدين هو الديمقراطية بعينها إذا كانت تعني نظام حكم يكفل حرية الرأي والمعتقد، وكون المصطلح أجنبي لا يستدعي الحرج من مقاربته أو مقارنه بالدين كما يفعل الجهلة والأميين. فالدين على لسان داود النبي ع يقول "أبغضت الذين يراعون أباطيل كاذبة، أما أنا فعلى الرب توكلت". وهذا القول يُعلّم به نبي الله الإنسان أن أقصى مايمكنه فعله لمن يرعى الأباطيل في قلبه هو أن يبغضه.
والدين يقول على لسان المسيح ع مخاطباً تلاميذه "إذا رأيتم العالم يستهين بكلامكم فلا تحزنوا، بل تأملوا كيف أن الله وهو أعظم منكم قد استهان به أيضاً العالم حتى حسبت حكمته جهالة، فإذا كان الله يحتمل العالم بصبر فلماذا تحزنون أنتم يا تراب وطين الأرض". وهذا الكلام يوجز إرادة الله في شرعه الذي يكفل لكل الناس حرية المعتقد والرأي.
والدين يقول في القرآن الكريم "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" ويقول أيضاً للكافرين "لكم دينكم ولي ديني". وقال تعالى "أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا"، وقول ذي الجلال هذا ينص على أنه ليس للإنسان الحق أن يعترض على معتقد إنسان آخر حتى لو كان يرى في ذلك المعتقد ضلال.
سؤال: نراك دائماً تستدل على صحة كلامك بجميع الشرائع التي أنزلها الله عز وجل وهذا حقاً شيء رائع لكن هل هو من ضرورات الدين؟
جواب: نعم، إن قراءة كتب الله من ضرورات الدين، فالله يأمرك أن تؤمن بكتبه فكيف تؤمن بها وأنت لم تقرأها ولاتعرف مافيها؟ فالله فرض على عباده الإيمان بالغيب فيما يختص جلال قدسه وملائكته الذين لانراهم، أما الكتب فهي من المقروء وليست من الغيب، وفي قرائتها وفهمها فائدة عظيمة جداً، وهنا سأعطيك مثل والأمثال تُضرب ولا تُقاس:
إصنع طعام من نوع واحد تجده شهي، أضف له نوع آخر فيصبح أشهى وأطيب، أضف له نوعين أو ثلاثة فيصبح أشهى وأطيب وأنفع.
إجمع باقة زهور من نوع واحد تراها جميلة، أضف لها نوع آخر فتصبح أجمل وأمتع أضف لها نوعين أو ثلاثة تصبح أجمل وأثرى وأروع.
وهكذا إقرأ دين الله في شرع موسى تراه منيراً كاملاً، اتبعه بشرع عيسى تراه مشرقاً متألقاً كاملاً، اتبعه بشرع محمد تراه متلألاً ساطعاً باهراً كاملاً، فالكمال دائماً موجود لأن الله أكمل كل شيء صنعه، والفارق بين من يقرأ القرآن وحده وبين من يقرأ القرآن والإنجيل وصحف إدريس مثلاً هو أن الثاني يكتسب أفق أبعد ورؤية أفضل وبصيرة أشمل، ومهما قرأ الإنسان فإنه لن يبلغ الغاية وهو قوله تعالى "قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا". إذاً إقرأ وافهم وتعلّم ومن ثم تعبّد الله على أي شرع شئت ولن تزلّ قدمك عن الصراط أبداً طالما أنك لاتؤذي مخلوقات الله، وهذا من عند الله كما أثبتنا في هذا الحوار، وليس من عند عبد حقير لله مثلي.
انتهى الحوار
للاطلاع على الحوار السابق http://arabobservatory.com/?p=10878
المرصد العربي للتطرف والإرهاب
#المرصد_العربي_للتطرف_والإرهاب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللجان الالكترونية والرأي العام
-
بلا علم بلا هباب .. مفيش أحسن من الإرهاب !!
-
إلى سكان الأرض
-
سوريا تتآكل ومصر في خطر ونرجوا تدخل روسي بري
-
بيان بشأن قضية الأديبة فاطمة ناعوت
-
إلى سامي كليب ويحيي أبو ذكريا
-
تواطئ شعبي وحكومي ضد إسلام البحيري
-
مرافعة للإفراج عن إسلام البحيري
-
حوار مع رجل دين مصري
-
هجمات باريس .. مجرد -تسرّب- !!
-
رد المرصد على حملة اعتبار الجهاد جريمة ضد الإنسانية
-
أبعدوا إرهابكم عن فيروز
-
السعودية ترتكب جريمة جديدة في لبنان
-
إلى باسم يوسف وفريقه
-
خطير جداً .. تجنيد الأطفال في سوريا
-
أين أنت أيها الإنسان؟
-
إلى رئاسة جمهورية مصر العربية
-
إلى الأستاذ فهد الريماوي
-
نقترح بناء تحالف مصري سوري عاجل
-
عبد الباري عطوان والإنقلاب العسكري في مصر
المزيد.....
-
جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال
...
-
الجولاني: نعمل على تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية.. وأمريكا
...
-
فلسطينيون اختفوا قسريا بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مناز
...
-
سوريا: البشير يتعهد احترام حقوق الجميع وحزب البعث يعلق نشاطه
...
-
مصادر عبرية: إصابة 4 إسرائيليين جراء إطلاق نار على حافلة بال
...
-
جيش بلا ردع.. إسرائيل تدمر ترسانة سوريا
-
قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 57 مقذوفا خلال 24 ساعة
-
البنتاغون: نرحب بتصريحات زعيم المعارضة السورية بشأن الأسلحة
...
-
مارين لوبان تتصدر استطلاعا للرأي كأبرز مرشحة لرئاسة فرنسا
-
-الجولاني- يؤكد أنه سيحل قوات الأمن التابعة لنظام بشار الأسد
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|