موقع حركة التحرر الوطني الثورية في وحدة الماركسيين اللينينيين المغاربة
الماركسيون اللينينيون الوحدويون المغاربة
2016 / 8 / 3 - 14:29
تعتبر الثورات الوطنية ضد الإستعمار القديم من بين التجارب الثورية التي تلعب دورا هما في البناء التنظسمي للماركسيين اللينينيين المغاربة، نظرا لما للعوامل الجيوـ ستراتيجية والسوسيوـ ستراتيجية والسوسيوـ ثقافية من مكانة في استراتيجية الثورة المغربية في علاقتها باستراتيجية بناء الحزب الثوري المغربي، وكان لمقاومة الإستعمار القديم، سواء في مرحلته الأولى أو الأخيرة ما بين 1912 ـ 1956، دور هام في بروز الإتجاهات الثورية الوطنية من صلب التجارب الوطنية للثورات الشعبية ضد الإستعمار القديم (ثورة أحمد الهيبة بالجنوب، ثورات الأطلس، ثورة محند بن عبد الكريم الخطابي، المقاومة المسلحة وجيش التحرير)، والإنتفاضات الشعبية في مرحلة الإستعمار الجديد (الريف، الأطلس، الجنوب) والتي قادتها الطبقة العاملة والفلاحون والبورجوزية الصغرى الثورية من داخل حركة التحرر الوطني وامتداداتها ضد استبداد الدولة الكومبرادورية (1958/1959، 1965، 1981، 1984، 1990).
تشكل ثورة أحمد الهيبة بالجنوب (1912 ـ 1934) بقيادة الفلاحين ضد الإستعمار القديم من الصحراء إلى مراكش التجربة الثورية الأولى التي انبثقت من الوعي القومي الثوري، وكان للوعي القبلي ضد الوعي القومي دور هام في إفشال مهمتها الثورية حيث انقسام قبائل الجنوب إلى ضدين متناقضين متناحرين (تحكانت وتكوزولت)، مما سهل على الإستعمار القديم دحر جيوش الفلاحين بمراكش وإعادة تنصيب الكلاوي الخائن قائدا عميلا للإستعمار القديم على الجنوب، الذي عمل على إخضاع جميع قبائل الجنوب بالقوة العسكرية الشيء الذي فتح الباب أمام عمق دور الوعي القبلي ضد الوعي القومي الثوري.
وتشكل ثورة محند بن عبد الكريم الخطابي (1919 ـ 1926) ضد الإستعمار القديم الثورة الثانية والتي تعتبر أرقى من ثورة الجنوب، حيث بلورت الوعي القومي الثوري في المقاومة بالريف متجاوزة بذلك الوعي القبلي بعد توحيد القبائل الريفية ضد الإستعمار القديم، مما ساهم في قدرتها على بناء أسس الدولة الوطنية الديمقراطية ذات البعد القومي بشمال المغرب، مما أثار انتباه الإمبريالية إلى خطر الوعي القومي المتقدم بشمال إفريقيا والدفع بها للقضاء عليها بالقوة العسكرية المدمرة.
ولم يتم القضاء على الدولة الوطنية الديمقراطية بالريف إلا بالتحالف العسكري بين الإمبرياليتين اللتان وجدتا في قيامها بشمال المغرب خطرا على مشروعهما الإستعماري الإمبريالي في شمال أفريقيا.
لقد حدث ذلك في بداية البناء الإشتراكي بروسيا بعد خروج ديكتاتورية البروليتاريا من الحرب الإهلية منتصرة، ولم تبلغ الثورة الريفية حد بناء تحالف ثوري عالمي مع الثورة الروسية ضد الإمبريالية مكتفية باستغلال التناقضات بين الإمبرياليتين الألمانية والفرنسية لفتح أبواب السوق التجارية العالمية على اقتصادها والحصول على الأسلحة.
وساهم محاصرة ثورة الجنوب وبناء تحالف الإستعمار والإقطاع مع القائد الكلاوي لحماية دولة الكومبرادور في القضاء على الثورة الريفية، وبالتالي القضاء على جميع أشكال انتفاضات الفلاحين في الأطلس والجنوب والجنوب الشرقي التي استمرت إلى حدود 1934.
هكذا تم القضاء على هاتين الثورتين الوطنيتين بسهولة من طرف الإمبريالية المسلحة بأيديولوجيا رأسمالية ذات البعد الإستعماري العالمي عكس أيديولوجيتهما المرتكزة على البعدين القبلي والقومي، وسيطر الإستعمار القديم على بلاد المغرب واستغلال ثرواته ونشر ثقافته التبعية المرتكزة على أيديولوجيا البورجوازية المتفوقة على القبلية والقومية، وقام ببناء دولة كومبرادورية حديثة تعتمد في أيديولوجيتها على التبعية الرأسمالية الإقتصادية في مضمونها وعلى القومية (العروبة والإسلام) في شكلها، والتي عملت على محاربة الوعي القومي الثوري وإنعاش الوعي القبلي في صفوف الجماهير الشعبية واستغلاله في القضاء على جميع المظاهر الثورية خلال الإستعمار الجديد.
هكذا تغلغلت أيديولوجيا الإمبريالية بعد بناء دولة كومبرادورية ذات امتدادات رجعية تستمد أسسها التاريخية من أصول غارقة في القومية باسم الوصاية على الدين وتقديس "السلطان" المنحدر من أصول عربية اسلامية، في مجتمع يسود فيه نمط إنتاج ما قبل ـ الرأسمالية وعلاقات إنتاج ما قبل ـ طبقية (القبلية، العائلية، الدين) وسيادة الوعي القومي في أحسن الأحوال (العروبة والإسلام)، في ظل فقدانه للأحزاب الديمقراطية البورجوازية الوطنية القادرة على مواجهة أيديولوجيا الرأسمالية الإمبريالية مما ساهم في القضاء على الثورات والإنتفاضات الشعبية.
وفي ظل الإستعمار القديم نما الوعي القومي لدى جماهير العمال والفلاحين خلال المرحلة الثانية من الثورة المغربية (1934 ـ 1956) حيث تشكلت الأحزاب الديمقراطية البورجوازية الوطنية والحزب الشيوعي المغربي والنقابات العمالية، والتي وصلت إلى أعلى مستوياتها بعد تأسيس جيش التحرير بالبوادي والمقاومة المسلحة بالمدن بتحالف بين الطبقة العاملة والفلاحين والبورجوازية الصغرى الثورية وعلى رأسها القيادات الحزبية والنقابية البورجوازية الصغيرة المدنية التي استغلت الحركة الوطنية الثورية ضد الإستعمار القديم، لكن افتقادها لأيديولوجيا ثورية مناقضة للأيديولوجيا البورجوازية جعل عملها الثوري يحكمه الوعي القومي المنسجم مع شكل أيديولوجيا الكومبرادور (العروبة والإسلام)، وساهمت في بناء أسس أيديولجيا الإستعمار الجديد بعد مؤامرة 1956، باعترافها بسلطة الكومبرادور والملاكين العقاريين الكبار في دولة كومبرادورية وراثية غارقة في الرجعية.
وهكذا ساهم الوعي القومي للحركة الوطنية بقيادة حزب الإستقلال الذي انسجم وأيديولوجيا دولة الكومبرادور في إفشال الثورة الثانية ضد الإستعمار القديم، بعد القضاء على جيش التحرير والمقاومة الوطنية المسلحة وبناء الجيش والبوليس للدفاع عن دولة الكومبرادور وحماية مصالح الإمبريالية.
وساهمت هيمة حزب الإستقلال على الحركة العمالية وعدم قدرة الحزب الشيوعي المغربي على بلورة أيديولوجيا البروليتاريا في أوساطها خلال الإستعمار في عرقلة نمو الوعي السياسي الطبقي لدى الطبقة العاملة المغربية.
ولم تستطع التناقضات السياسية داخل حزب الإستقلال فرز حركة ثورية يسارية نظرا لفقدان قياداتها للوعي السياسي الطبقي حيث لم يستطع حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية بلورة أيديولوجيا ثورية خارج نطاق دولة الكومبرادور، ورغم وجود امتدادات الحركة الوطنية الثورية داخل الإتحاد الوطني للقوات الشعبية إلا أنها لم تستطع بلورة اتجاها ثوريا بروليتاريا داخله، مكتفية بالبعد البلانكي للثورة خلال سنوات الستينات وبداية السبعينات (مجموعة شيخ العرب، مجموعة عمر دهكون)، وكان آخر مسمار في نعشها في انتفاضة 3 مارس 1973 البلانكية التي جرت العديد من الفلاحين الفقراء إلى الإنتحار السياسي بحمل السلاح دون توجيه الحزب الثوري.
ومنذ 1965 برزت انتفاضات شعبية بالمدن يقودها الشباب الثائر الذي ضاقت به الحال بالأحزاب البرجوازية الصغيرة واحتداد التناقضات السياسية والأيديولوجية داخل حزبي الإتحاد الوطني للقوات الشعبية والتحرر والإشتراكية، مما ساهم في نشأة الحركة الماركسية ـ اللينينية المغربية، وكانت باقي الإنتفاضات عبارة عن احتجاجات سلمية ذات مطالب اقتصادية اجتماعية يتم قمعها بسهولة، وكان آخرها حركة 20 فبراير التي رفعت شعارات سياسية برجوازية صغيرة بعيد عن مطلب الطبقة العاملة والفلاحين.