أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمود يوسف بكير - الاقتصاد المصري في غرفة الانعاش















المزيد.....

الاقتصاد المصري في غرفة الانعاش


محمود يوسف بكير

الحوار المتمدن-العدد: 5231 - 2016 / 7 / 22 - 00:09
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


منذ أيام قليلة قرأت في أحد الصحف المصرية الإلكترونية تصريحا لمحافظ البنك المركزي السيد طارق عامر عبر فيه عن توجهه لتخفيض قيمة الجنيه المصري للمرة الرابعة في خلال أشهر معدودة.
وللعلم فان الجنيه فقد ما يزيد عن 25% من قيمته أمام كل عملات العالم في الأشهر القليلة الماضية. وقد برر السيد عامر توجهه هذا بالقول: "لن أفرح باستقرار سعر الصرف والمصانع متوقفة، سآخذ القرارات الصحيحة من وجهة نظري وأتحمل نتائجها". كما قال: "مثلما لارتفاع سعر الصرف من إيجابيات فإن لانخفاضه إيجابيات على الاقتصاد أيضا حيث أنه يؤدي الى زيادة الصادرات وانخفاض الواردات".
كما أطلق سيادته تصريحا عنتريا آخر بأنه "لا يخضع لإملاءات الخارج"! وهو محق في ذلك لإنه يخضع لإملاءات الداخل فقط والتي تأتيه عادة من جهات عليا.

وتعليقا على تصريحات السيد المحافظ فإننا نقول بداية إنه لا يصح ان ترهن حياة الشعوب ومستقبل الأجيال بإرادة ورؤية شخص واحد لمجرد الادعاء بإنه سوف يتحمل المسؤولية حيث أن لنا خبرة مريرة مع المحافظ السابق فاروق العقدة الذي أدت سياساته النقدية لضياع احتياطي مصر من النقد الأجنبي ثم ترك مصر معززا ومكرما دون ان يتحمل أي مسؤولية وتم تحميل المواطن الغلبان المسؤولية كاملة.
والعجيب في الأمر أن الرجل يتكلم بأريحية غريبة خاصة وأنه يعلم أنه لا يضع الحقائق كاملة أمام الناس ويكتفي فقط بذكر إيجابيات قراراته ولا يذكر شيئاً عن سلبياتها ومنها ما يلي:

•1) من مبادئ السياسة النقدية التي ندرسها في علم الاقتصاد أن الاستقرار النقدي عامل حاسم لتحقيق التنمية الاقتصادية والمسؤول الأول عن تحقيق هذا الاستقرار هو البنك المركزي بحكم الدور الذي يلعبه في تحديد كمية النقود المتداولة بكل أنواعها ومسؤوليته عن السيطرة على التضخم والحفاظ على سعر مستقر لقيمة العملة المحلية لحماية مدخرات الناس باعتبار ان النقود هي مخزن للقيمة.

ولكن عندما يبدأ البنك المركزي في طبع النقود بشكل عشوائي وإصدار أدوات دين دون قيود لتمويل العجز المالي، وكذلك عندما يقوم بتخفيض قيمة العملة المحلية بشكل متكرر وبنسب كبيرة في فترة زمنية قصيرة ، فإن مثل هذه السياسات تؤدي إلى نسف الاستقرار النقدي من أساسه وإشعال التضخم الجامح وضياع مدخرات الناس وتعطيل الدور الذي تلعبه العملة كمخزن للقيمة. وهو ما يؤدي في النهاية إلى فقدان ثقة المواطنين في عملتهم ولجؤهم إلى التخلص منها لصالح العملات الأجنبية أملا في الحفاظ على ما تبقى من مدخراتهم التي يؤدي التضخم وتخفيض قيمتها بقرارات سيادية إلى تآكلها وخسارتهم لشقى عمرهم.
وكما قلنا مراراً من قبل فإن أسرع طريقة ﻹفقار أي شعب هي تخفيض قيمة عملته.
وفي هذا فإن الاقتصادي البريطاني العظيم جون مينورد كينز كان يصف التضخم المرتفع بالشر الكبير وأن البنوك المركزية التي تسمح بهذا فإنها تقوم بمصادرة ثروات مواطنيها.

•2) أما على الصعيد الدولي فإن تلاعب المركزي في قيمة العملة المحلية أمام العملات العالمية يرسل إشارات خاطئة للمستثمرين الأجانب بأن الجنيه المصري غير مستقر وأنه عرضة للانخفاض في أي وقت بقرار من محافظ البنك المركزي إذا ما ترأى لسيادته هذا. وبالطبع فإن هذا لا يشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية طويلة الأجل والتي تتنافس كل دول العالم عليها باعتبارها الرهان الرابح لتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية تهدف إلى رفع مستوى المعيشة لأغلبية أفراد المجتمع.

•3) أما بخصوص ما يدعيه المحافظ من أن تخفيض قيمة الجنيه سوف تؤدي إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية بشكل فوري، فإن هذا صحيح ولكنها تكون استثمارات قصيرة الأجل غرضها المضاربة وتحقيق أرباح سريعة والخروج من السوق في أسرع وقت. ولا تعالج مثل هذه الاستثمارات أيا من المشاكل الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد المصري وعلى رأسها البطالة وانعدام الاستثمار في البنية التحتية في صعيد مصر وريفها وانهيار منظومة الصحة والتعليم وضآلة الانفاق على البحث العلمي والتكنولوجيا. وبدون هذه المنظومة لا أمل في تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة ومتوازنة.

• 4) أما بالنسبة لمقولة أن تخفيض قيمة الجنيه المصري ستؤدي إلى زيادة الصادرات المصرية للعالم الخارجي والحد من الواردات فإنها مقولة صحيحة ولكن المستفيد الأكبر منها هم المصدرون والاغنياء بينما يتضرر منها الفقراء لما تؤدي اليه من ارتفاع اسعار كل الواردات ومن أهمها الادوية والمواد الغذائية وكذلك معظم السلع المنتجة محليا نتيجة لاعتمادها على المواد الخام التي تستورد من الخارج.

إن تصريحات المحافظ تعني ببساطة أن الحكومة المصرية قررت أن يتحمل الفقراء العبء الأكبر في فاتورة الإصلاح الاقتصادي كما أنها تعني أن الحكومة لا تولي اهتماما كبيرا بظروفهم المعيشية الصعبة ولا تبالي بتبعات المزيد من ارتفاع الأسعار نتيجة التخفيضات المتوالية في قيمة الجنيه وسياسات التمويل بالعجز.

وتراودنا هنا تساؤلات كثيرة منها:

• لماذا لم يفكر المحافظ في حث الحكومة على تخفيض الإنفاق العام على المشاريع العملاقة التي تقوم بها والتي تفوق تكاليفها الموارد السيادية للدولة وهو يضطرها للاستدانة من الداخل والخارج؟

• لماذا لم يفكر المحافظ في تقديم المزيد من الحوافز الضريبية والنقدية لقطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة والتي تتميز بقدرتها على النمو السريع وخلق وظائف جديدة بدلا من تخفيض قيمة الجنيه من جديد خاصة بعد ان ثبت فشل هذه السياسة وان أضرارها أكبر بكثير من منافعها كما ذكرنا مرارا من قبل؟

• وبالإضافة لما سبق وهو الأهم أن محافظ المركزي المصري يتصور ان مشكلة الاقتصاد المصري سببها الجنيه المصري وحده وان تخفيض قيمته سيحل مشاكل مصر وينهي متاعبها وهو يغفل تماماً الجوانب السياسية وحالة عدم الاستقرار والعشوائية في اتخاذ القرارات وغياب استراتيجية واضحة لتحقيق نوع من التنمية المستدامة في مصر تشمل الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والبيئية. بمعنى ان السياسات المالية والنقدية وحدها لا يمكن أن تنجح في غياب إرادة سياسية حقيقية للتغيير وخلق مناخ مواتي للإصلاح الشامل ومحفز للشباب على الإبداع والمشاركة في بناء وتقرير مستقبل بلادهم .

ومن المفارقات العجيبة هنا ما قرأته في أحد الصحف المصرية منذ أسابيع من أن مجموعة من خريجي الجامعات وحملة الماجيستر خرجوا في مظاهرة سلمية للمطالبة بإيجاد فرص عمل لهم فتصدت لهم قوات الأمن بالقنابل المسيلة للدموع والعصي وتم القبض عليهم وايداعهم في السجون مع زملائهم الآخرين من أهل الشر لحماية أهل الخير والبلطجية الأحرار من شرورهم.

دعونا نقول الحقيقة بأن مصر في ظل الحكومة الضعيفة الحالية بلد مفلس وبلا احتياطيات نقدية وديون داخلية وخارجية تجاوزت كل حدود الأمان المتعارف عليها اقتصاديا. مصر تعاني من تضخم جامح وزيادة معدلات الفقر بسبب البطالة وافلاس السياسية النقدية وهدر ما تبقى من مواردها المحدودة على مشروعات عملاقة الهدف الأساسي من إنشائها المنظرة وابهار البسطاء.

مصر بحاجة إلى المصارحة والافاقة من حالة التعامي عن رؤية الواقع والحقيقة.

محمود يوسف بكير
مستشار اقتصادي



#محمود_يوسف_بكير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في الديمقراطية عند بريطانيا والعرب
- النيوليبرالية والفشل المحزن لليسار
- في ذكرى رحيل العالم العربي د. مصطفى طلبه
- عرض مختصر لكتاب هام
- ماذا فعل الحكم العسكري بمصر
- الاقتصاد المصري في محنة كبيرة
- هل لمصطلح الإله أي معنى؟
- هل النظام الديمقراطي هو الأفضل دائما؟
- محمود يوسف بكير - كاتب وباحث في الشئون الاقتصادية والإنسانية ...
- آفاق الاقتصاد العالمي والعربي في 2016
- عن الفلسفة والدين والاقتصاد
- رد على مقالات سناء بدري وسامي لبيب
- فتاوى مضحكة لصحة قلبك
- دراسة مختصرة لأزمة أوروبا واليورو
- مستقبل العلمانية والحداثة في الشرق الأوسط
- الرهانات الخطيرة للسيسي
- بحث في بعض المساوئ الخطيرة للرأسمالية
- رسائل قصيرة إلى أغنياء العرب
- هل لازلنا بحاجة للأديان؟
- السيسي وشيماء الصباغ


المزيد.....




- اتهامات أميركية لمجموعة أداني الهندية بالرشوة تفقدها 27 مليا ...
- تونس.. توقف بطاقات -UnionPay- الصادرة عن بنك -غازبروم- الروس ...
- مصر.. بيان رسمي حول أزمة سفينة -التغويز- وتأثيرها محليا
- القنصل الأميركي لدى أربيل: العلاقات الأميركية العراقية توجه ...
- قفزة مفاجئة في سعر الذهب الان.. تحديث غير متوقع
- أزمة قطاع العقارات في إسرائيل تنعكس على القطاع المصرفي
- دوام عمل كامل من 32 ساعة أسبوعيًا.. إنتاجية وحياة شخصية واجت ...
- أوروبا والصين تقتربان من اتفاق بشأن رسوم واردات السيارات الك ...
- موديز ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتص ...
- ماسك: الولايات المتحدة تتحرك بسرعة نحو الإفلاس


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمود يوسف بكير - الاقتصاد المصري في غرفة الانعاش