أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سليمان جبران - المنايا خبط عشواء !














المزيد.....

المنايا خبط عشواء !


سليمان جبران

الحوار المتمدن-العدد: 5219 - 2016 / 7 / 10 - 22:36
المحور: سيرة ذاتية
    


المنايا خبط عشواء !
سليمان جبران

(كلمة الكاتب في أربعين أخيه د. سليم يوسف جبران)

ما أكثر ما ذمّ الناس هذه الحياة على هذه الأرض. جعلوها الغانية التي تذهب بعقول عاشقيها، والأفعى تغيّر كلّ آونة ثيابًا، والعدوّ في ثياب صديق، وسوقا للخُسران. فطلاق الدنيا مهر الآخرة، وحبّها سبب فساد العقل، بل هورأس الفتن، وأصل المِحن:
أخا الدنيا أرى دنياك أفعى تبدّل كلّ آونة إهابا
ومن عجب تشيّب عاشقيها وتُبليهمْ وما زالت كَعابا
تلك هي قولة المغلوب. وماذا يقول من لم يستطعْ حيازتها ودوامها غيرَ ذمّها وهجائها؟! أصْدق منهم جميعا من قال: يوم فوقها ولا سنوات تحتها. نحبّ الحياة ونُغْليها، لكنّنا نذمّها ونشتمها إذ نعجز عن احتوائها، وضمان دوامها !
قالوا أيضا إنّ الموت مقدّر وساعته محسوبة مكتوبة. فما ذنب آلاف الجنود يموتون ضحيّة جنون طاغية؟ ما جريرة الطفل يموت مشويّا في سيّارة أُحكمت أبوابُها تحت الشمس اللاهبة فانقلبت أتّونًا؟ ما ذنبه إذا نسيه أبوه فيها، ولمّا يبلغ السنة؟
رأيتُ المنايا خبطَ عشواءَ، مَنْ تُصبْ تُمتْهُ، ومن تُخطئْ يعمّرْ فيهرمِ
قبل الأديان كلّها، كان الموت أيضا مأساةَ الإنسان. وهل من مأساة كالموت ؟ مغادرة عالم عشته وعرفته إلى مجهول لم تتعرفْه، ولم تذقْه، ؟ هل انتهت رحلة جلجامش، أكثرَ من ألفيْ سنة قبل المسيح ، بحثا عن عشبة الخلود، بغير الخُسران المبين ؟!
هذا أخي سليم. سبقنا، ولم نكنْ نحسبها له. ثلاثة كنّا. متواليةً جعل الوالد أسماءها من السلم والسلامة: سليمان أنا، وسالم وسليم، وبهذا الترتيب . سليمان تذكيرا بعمّ الوالد، سليمان الجبران، وسالم لأنّ أمّنا وقعت من شاهق، وهي حبلى به، فلم يًصبْ بمكروه، وسليم أستنفادا للمشتقّ. سبقنا سالم، أوسطُنا، واليوم تلاه سليم، ولم تكنْ هذه محسوبة. وأمّا أنا فقد كنت قاب ساعات من الموت، فرجعت لأرثي أخي الصغير! هذه هي الدنيا، وهذا هو الموت. خبط عشواء، كما قلنا !
أعترف أمامكم أنّي لم أعرف أخي سليم، كما يجب على الأخ معرفة أخيه. فرّقتنا الأيّام ومشاغلها. سار كلّ في طريق فلم نلتق إلا لمامًا. لكنّي عرفته عن كثب في بضع سنوات عمل فيها في أحد متاجر حيفا، وعملت أنا معلّما في دالية الكرمل. أقمنا ثلاثتنا، سليم وسالم وأنا في غرفة واحدة ليلا، ليذهب كلّ منّا إلى عمله صباحا. لم يشكُ يوما ولم يتذمّر من ظروف عمله ذاك، بل أخلص لموقعه الشاقّ يومذاك، تماما كما أخلص لعمله طبيبا فيما بعد.
بعد وفاته سمعنا الكثير عن مسلكه وإخلاصه في عمله طبيبا. لم يرتفع بطبّه عن الناس حوله، أبناء قريته وأبناء شعبه، بل جعله وسيلة في خدمتهم، وأداة لمداواة جراحهم. لم ألحظ فيه يوما شموخ الطبيب الأوّل في قريتنا، ولولا ملاحظاته العلميّة في لقاءاتنا، أحيانا، لنسيت أنه طبيب. قضى السنوات الطوال درسا وسهرا، ثمّ قضى حياته بعدها عملا مخلصا.. عزاؤنا أوّلا أنّه ترك بعده سيرةً عطرة، طبيبا وإنسانا، وهو خير عزاء! وعزاؤنا الثاني أنّه ترك لنا أيضا أولادا طيّبين، عرفوا نهجه فحفظوه غيبا، وعلى نهجه ذاك هم سائرون.
هذه هي الحياة، بحلوها ومرّها. نشكركم جميعا. نشكر كلّ من شاركنا هذا الفراق القاسي المفاجئ. نرجو لكم جميعا ألّا تُفجعوا بعزيز !

[email protected]



#سليمان_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذيك الأيّام؛ مارون عبّود أبو محمّد !
- الرحيل الافتراضي !
- وحدي ؟!
- هذيك الأيّام: ماذا سيقولون في القرية؟!
- غسلا للعار ؟!!
- هوامش للغتنا المعاصرة 2
- هل استقى شوقي حكايته من الفولكلور اللبناني ؟!
- هل المبالغة، أيضا، من عاداتنا وتقاليدنا؟!
- هكذا بالحرف !
- عبق الذكريات
- رجال حملوا السلّم بالعرض !
- “هذيك الأيّام”
- في سنة واحدة؛الثلج في موسم والعنب في موسمين!
- ألسنا خير أمّة في النحو أيضا ؟!
- ندماء الباذنجان !!
- صلاح جاهين، شاعر الثورة الناصرية(1930 – 1986)
- رائد الزجل المصري، بيرم التونسي (1893 – 1963)
- بين نارين، بين وحشين !!
- نصراني طبعا !
- -هذيك الأيّام-: المدرسة الأولى... البيت!


المزيد.....




- تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
- ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما ...
- الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي ...
- غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال ...
- مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت ...
- بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع ...
- مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا ...
- كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا ...
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في ...
- مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سليمان جبران - المنايا خبط عشواء !