|
المرأة والفلسفة
شريف السوسي
الحوار المتمدن-العدد: 5133 - 2016 / 4 / 14 - 16:47
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
قضية المرأة معقدة علينا التزام الكثير من التأني في طرحها وتناولها من عدة زوايا (سؤال النوع مهم مثلا في تاريخ الفلسفة)حينما نقرأ أرسطو مثلا نجد أن مجالات السلطة متعددة عنده، أرسطو يقر بسلطة المرأة في ما يتعلق بالفضاء الداخلي، فضاء المنزل، لكن كلمة "كايروس" كما صاغها -أرسطو- لا تعني المنزل، أو المطبخ عند الإغريق، هي أقرب لما يصطلح عليه بالفرنسية la ferme، ضيعة، تكون فيها المزارع، الممتلكات، يسمح للمرأة الحرة الإغريقية بأن تمارس سلطتها فيها، نوع من الإنابة للمرأة في تدبير هذا الشأن ( الضيعة). من الناحية الفلسفية وجود المؤنث بالنسبة لأرسطو أساسي، لا وجود للحياة البشرية دون الطرف الآخر، هناك إتحاد وتكامل بين الجنسين، أي أن للمرأة قيمة أنطولوجية كونها تساهم في استمرار النوع البشري. من جهة أخرى في المجتمعات العسكرية الحربية، مثلا حينما نتحدث عن المغرب، وباستقراء التراث المتعلق بالفروسية، نجد أن مصطلح فارسة لم يكن له قط وجود، الذي كان يحارب هو الرجل وبالتالي فقد كان له موقع الصدارة و الهيمنة على الشأن السياسي، لأنه كان يخرج إلى ساحة الموت. هذا الطرح قوبل بطرح آخر من قبل أفلاطون الذي سلم بإمكانية المرأة المحاربة، إذا تم تكوينها، يمكن أن تصبح جنديا. المشكل الذي كان ربما مطروحا في الثقافة اليونانية، و الكلاسيكية عموما أنه يعترف للمرأة بعدة أشياء مادامت تشبه الرجل، وتقلد الرجل في مجموعة من المسائل(التي كانت تعتبر رجولية بامتياز). ابن رشد بدوره لم يرفض كليا هذا الطرح، وإن أعترف بقيمة المرأة.. في عصر الأنوار، باعتباره لحظة مفصلية في تاريخ البشرية، أيضا لم يعرف، انبثاقا أو، حضورا قويا للمرأة في سياق تاريخي مهم! نساء ينافسن فولتير مثلا. هذا في ما يخص التصور الكلاسيكي، لأنه بظهور الفكر الحداثي و أطروحات الحركات النسائية التي ترفض التشبه بالرجل، و تسعى للدفع بالمرأة لكي تكون كائن مستقل أن تكون هي، امرأة كما تريد لا أن يتم وضعها في قالب مصاغ مسبقا... استنتاج : حينما سلّم أفلاطون بإمكانية التكوين، الذي يفهم منه أن المرأة غير المكونة لا يمكن أن تشارك في الشأن السياسي، فذلك راجع ربما لاعتبارات منها أن المرأة تمر من مراحل في حياتها كالحمل على سبيل المثال، والذي قد يكون عائقا يمنع من التواجد بشكل دوري والاستمرار في الحركة السياسية. حاليا إن سلمنا بنظرية أفلاطون أي الاعتراف بالنساء في حدود أهليتهن في التشبه بالرجال، فالسياق الثقافي لا يسمح بذلك، لسببين أولا :ليست كل الثقافات تقبل بتشبه المرأة بالرجل، أقصد ان تمارس عملا كان حتى الأمس رجوليا بامتياز، في المغرب مثلا ثقافتنا تلعن النساء المتشبهات بالرجال، فما بالك بالمساواة؟؟ ثانيا مالكو زمام الأمور والمجتمع يرى أن على الكل أن يبقى في مكانه، هنا تحضرني عدة قصص، حكيت لي، بعدما ثم المصادقة على قانون الأسرة فهناك من كان يقول بأن " والله مابقا حكام، أش هد المسخ ولينا فيه، المرأة دابا تولي طلب طلاق، ميجي بّها لا بغات تزوج، و هدشي كامل تجي تبورد عليك فالدار"، أي أن هذا القانون لم يأخد بعين الاعتبار أحكام الله، في حين العكس هو الصحيح، وأن هذا مسخ كيف للمرأة أن تطلب الطلاق وتتزوج بدون حضور الأب والولي... سؤال النوع يطرح أيضا نفسه ولا ينبغي أن نغفل عنه، كم فيلسوفة مرت في تاريخ البشرية ما قبل سقراط إلى عصرنا هذا ؟ الأغلبية رجال، هل هناك فيلسوفة بحجم ديكارت مثلا ؟ طبعا هذا السؤال محرج لكن أعتقد أننا يمكن الإجابة عنه على الشكل التالي :ليس لأنهن لم يكنّ بل لأنهن قليلات ويتم حصرهن (في ثقافتنا)داخل مجالات أخلاقية، أما في المجالات الجريئة، فيجب البحث خارج الكتب "الرسمية" وفي أعماق المكتبات لأنهن فعلا كنن. مسألة الكتب الرسمية أو الكتب التي طبعت أكثر، تطرح عدة أسئلة، فمثلا بماذا نفسر أن كتب أفلاطون طبعت وتم الحفاظ عليها منذ زمان في حين كتابات ديمقريطوس مثلا قليلة ولم يصلنا منها الشيء الكثير، السبب معروف لأن الفكر الأفلاطوني كان يخدم الكنيسة وتصورها بينما فكر ديمقريطوس مادي وينسف التصورات الماورائية... السؤال الآخر الذي يمكننا طرحه هو: إلى أي حد نحن، أعني مجتمعاتنا، اليوم مؤهلون ثقافيا لتقبل النموذج الأفلاطوني الذي عاش في غابر الزمان ؟؟؟ فما بالك أن نطالب بالمساواة الكاملة والفعلية؟ والتي هي ميزة كل مجتمع حر ديمقراطي وحداثي يتساوى فيه الناس، لا مجال فيه للأبارتايد الاجتماعي ضد مكون لأنه مختلف بيولوجيا !! شمال افريقيا كانت زاخرة بالفكر الميثولوجي بنكهة أنثوية ويكفي هنا ذكر آلهة اسمها تانيت حامية مدينة قرطاج ، كما كانت هناك حاكمة اسمها ديهيا و كان للمرأة دور مهم في الثقافة الأمازيغية، فعندما كانت الحرب تضع أوزارها بين قبيلتين يتم تحضير أكلة يتقاسمها الطرفان، تسقى بثدي امرأة، لحقن الدماء. هذا جزء من تراثنا وحضارتنا، ينبغي الافتخار به...لا ثقافة الضرب بالسواك الآتية من أعماق الصحراء... النساء سيتحررن عن طريق النساء أولا وبالعلم والثقافة و الاستقلال المادي...
#شريف_السوسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لقاء بين رفوف المكتبة الجامعية
المزيد.....
-
قوات الدعم السريع تقتل الصحفية السودانية حنان آدم
-
اليمن: عشر سنوات من المأساة
-
ما نصيحة رائدة أعمال إماراتية بمجال العافية للنساء العربيات
...
-
عائلة امرأة تركية أمريكية قتلتها إسرائيل ستلتقي بلينكن
-
أطعمة طبيعية لتسكين آلام تعاني منها النساء
-
نساء كركوك يقدمن مسرحية صامتة عن زواج القاصرات
-
اسمه باتمان ولم تغنه 20 زوجة عن اغتصاب بنات 9 سنين.. الحكم ب
...
-
الشرطة الكينية تفرق احتجاجات ضد ارتفاع حالات قتل النساء.. مس
...
-
كيفية التسجيل في منحة المرأة الماكثة لعام 2024 وشروط التقديم
...
-
بعد زيادة قيمة منحة السياحة حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|