|
سبتمبر الأسود كان دافعاً أساسياً للمراجعة النقدية الصريحة والشاملة
نايف حواتمة
الحوار المتمدن-العدد: 5123 - 2016 / 4 / 4 - 15:26
المحور:
مقابلات و حوارات
الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة يواصل شهادته لـ جريدة الحوار- الجزائر (الحلقة الثانية)
يعتبر نايف حواتمة أحد أبرز أقطاب اليسار الديمقراطي الثوري الجديد في الحركة القومية الحديثة، ومؤسس الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين حيث قاد مع آخرين "حركة القوميين العرب"، ساهم في معركة تحرير اليمن من الاحتلال البريطاني، وساهم بإعداد برنامج المؤتمر الرابع لسلطة اليمن الجنوبي بعد الاستقلال مباشرة، وأصدر كتاب "أزمة الثورة في الجنوب اليمني"، الذي طرح برنامجاً جديداً للثورة في مجرى الصراع والذي كان دائراً بين اليسار واليمين في السلطة وحزب الجبهة القومية، الذي قاد حرب التحرير ضد الاستعمار البريطاني. يكشف في هذا الحديث المسلسل عبر حلقات والذي سينشر كاملاً على صفحات جريدة "الحوار"، عن مساره النضالي الطويل ورؤيته للقضايا الكبرى في العالم العربي. في هذه الحلقة يتحدث عن سبتمبر الأسود وتصفية الوجود الفلسطيني في الأردن.
الجزائر – جريدة "الحوار" – يومية وطنية مستقلة حاوره : وهيب شاهر
■-;- كيف تقيم دور الجبهة الديمقراطية منذ التأسيس حتى الإنتفاضة الأولى؟ ■-;-■-;- تأسست الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في 22/2/1969 بوصفها فصيلاً يسارياً ديمقراطياً جديداً مستقلاً من بين فصائل حركة المقاومة الفلسطينية، نشأت الجبهة في سياق الانتكاسات الكبرى التي مني بها المشروع القومي قبل وبعد حرب جوان 1967، وما كشفت عنه من عمق أزمة الحركة القومية العربية بمختلف تشكيلاتها في الوطن العربي بصورة عامة، وفى الساحة الاردنية – الفلسطينية وما بلغته هذه الازمة من مدى واسع، على إعتبار أنها أزمة هيكلية تتعلق بالبرنامج والتكوين القيادي (طبقياً وفكرياً وسياسياً) في آن واحد. وشكل نقد هذه الأزمة والمأزق الذى قادت إليه، الدافع لتوجه قطاعات واسعة من المناضلين من مختلف الأحزاب القومية والوطنية نحو اليسار الجديد، وتبني برنامجاً وطنياً بمضمون ديمقراطي ثوري تحت راية طبقية وفكرية متطورة ومختلفة عن المشروع الوطني والقومي السابق، الذي حصد هزيمة حزيران (جوان) 1967 وتداعياتها المأساوية.
■-;- كيف كانت علاقة هذا الزخم الثوري مع حركة فتح التي تصدرت المشهد الوطني حينها؟ ■-;-■-;- لم يتجه الخيار الجديد لهذه القطاعات نحو حركة فتح، التي كانت، من موقع الوطنية الفلسطينية ومبادرتها التاريخية لأطلاق الكفاح المسلح، تمثل النهج العفوي لحركة المقاومة التي تقودها البرجوازية الصغيرة والقطاعات المتوسطة الوطنية أفكار وسياسات وأفقها المحدود أيديولوجياً وبرنامجياً، كما أن اليسار الشيوعي التقليدي عانى في مساره التاريخي من مشاكل عديدة في استيعاب خصائص القضية الوطنية الفلسطينية، وفقدانه لزمام المبادرة السياسية، وتخلفه عن الامساك بحلقة النضال المركزية في المسار التاريخي، بما في ذلك عدم ادراكه لضرورة الكفاح المسلح في إنبعاث الهوية واستنهاض الحالة الوطنية الفلسطينية بعد حرب الـ67 . كان من نتائج تفاعل هذه العوامل، أن هذه القطاعات الوطنية بأفقها الثوري لم تجد ما يشجعها على المضي في الالتزام بكلا الاتجاهين معاً. كما قادت هذه العوامل المتداخلة، الى التفكير على نطاق واسع والتطلع نحو إنبعاث ونشوء حزب ثوري من طراز جديد، يكون فلسطيني الهوية، عروبي الانتماء والآفاق في آن معا. لينخرط في حركة المقاومة المسلحة ويطرح حلاً ديمقراطياً جذرياً للمسألة الوطنية الفلسطينية. حزب يتبنى فكر الطبقة العاملة وفقراء الفلاحين وأبناء اللاجئين وشرائح من الفئات المتوسطة، مناضلاً من أجل تكريسها طليعة فكرية وسياسية ونضالية طبقية جديدة للثورة الوطنية ولحركة التحرر الوطني العربية في فلسطين. هذا الطموح كان الحافز لظهور «الجبهة الديمقراطية»، حيث ارتبط قيامها بالتحولات العميقة التي شهدتها حركة القوميين العرب بمختلف فروعها، والصراع الفكري والسياسي الذى احتدم بين مختلف أجنحتها منذ بداية الستينيات وخاصةً بعد حرب الـ67، والذى توج بإتجاه أواسط الخمسينيات وفروعها نحو تأسيس أطرها الحزبية المستقلة في أقطارها، بما في ذلك الفرع الفلسطيني الذى كان يعمل منذ 11/12/1967، في إطار تحالف ائتلاف أربعة فصائل «الجناحان اليساري الديمقراطي والوطني القومي، جبهة التحرير الفلسطينية، منظمة فلسطين العربية في إطار ائتلاف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، لم يصمد هذا الإئتلاف فاستقلت جبهة التحرير الفلسطينية تحت عنوان الجبهة الشعبية ــ القيادة العامة بعد أشهر من تشكيل الائتلاف، ثم استقلت منظمة فلسطين العربية والتحقت بحركة فتح.
■-;- فور قيام الجبهة أصدرت إعلاناً سياسياً حدد توجهها الفكري وملامح سياساتها، لو تشرح لنا ذلك؟ ■-;-■-;- طرحت «الجبهة الديمقراطية» عند قيامها إعلانها السياسي بوصفها «جبهة يسارية متحدة»، ودعت منذ البداية الى قيام تحالف ديمقراطي ثوري، استقطب التيار الجديد قطاعات يسارية وديمقراطية ذات توجهات مختلفة، لا تنتسب الى تنظيم واحد، كما جذبت هذه الدعوة قطاعات أخرى موزعة في صفوف الحركة الوطنية والديمقراطية الفلسطينية، وحركة الشباب على نحو خاص. وبعد أشهر قليلة من قيامها، بوصفها جبهة يسارية متحدة، انضمت الى صفوفها منظمتان يساريتان هما: «عصبة اليسار الثوري الفلسطيني»، و«المنظمة الشعبية لتحرير فلسطين»، ولاحقاً في عام 1972، انضمت أقسام أخرى من «الجبهة الشعبية الثورية». منذ قيام الجبهة الديمقراطية، انتخبت أميناً عاماً للجبهة، وأسهمت قيادات أخرى وفدت من مواقع مختلفة في العمل الوطني الفلسطيني، تميزت بتنوع وثراء خبراتها، في إرساء دعائم وحدة اليسار الفلسطيني الثوري الجديد، الذى مارس عمله تحت إسم «الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين» في أول الأمر، ثم بعد ذلك تحت أسم «الجبهة الديمقراطية الشعبية لتحرير فلسطين» وفي عام 1975 تبنت «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» اسمها الذى تعمل تحت رايته حتى الان. منذ المراحل الأولى لقيام الجبهة، برزت على المستويين الفكري السياسي والممارسة النضالية محاور أساسية تعمقت مناحيها واغتنت مضامينها في مجرى النضال الوطني، كان من بين أبرزها المقاربة المرحلية للمسألة الوطنية الفلسطينية بوصفها حركة تحرر وطني شديدة الخصوصية، وكان الأساس المفصلي لهذه المقاربة هي الوحدة الوطنية (في إطار «منظمة التحرير الفلسطينية» الائتلافية فور دخول فصائل المقاومة الفلسطينية في منظمة التحرير بعد هزيمة جوان 67 بعد أن كانت تتشكل من شخصيات فردية من عام 1964ـــ1968، وصلت إلى العجز والطريق المسدود).
■-;- ماذا عن منظمة التحرير الفلسطينية؟ ■-;-■-;- أعدنا بناء م.ت.ف على قواعد جديدة (ياسر عرفات، نايف حواتمة، ضافي جمعاني، صلاح خلف، أي منظمات فتح والديمقراطية والصاعقة) بتكوين ائتلافي جديد لمؤسسات م.ت.ف التشريعية والتنفيذية (المجلس الوطني «البرلمان»، اللجنة التنفيذية، المجلس المركزي...) الثلث لفصائل المقاومة، الثلث الآخر للنقابات والاتحادات الجماهيرية، الثلث الأخير للشخصيات المستقلة. هذا التطوير يمثل «الولادة الثانية» لمنظمة التحرير والعلاقة الوثيقة بين الخط السياسي والبنية التنظيمية، لتحقيق التقدم نحو الأهداف السياسية المرجوة، على قاعدة تؤمن تعبئة القوى وحشدها وتعزيز الوحدة الوطنية والائتلاف المنبثق عنها.
■-;- كانت صدمة سبتمبر الأسود حدثاً فاصلاً في مسار الثورة الفلسطينية؟ ■-;-■-;- شكلت الهزيمة التي تكبدتها حركة المقاومة في سبتمبر 1970 المعروف بسبتمبر الأسود وما تلاها من معارك أدت الى تصفية وجودها العلني في الاردن، الدافع الأساسي للمراجعة النقدية الصريحة والشاملة في صفوف الجبهة الديمقراطية والتي طالت سياستها، وسياسة المقاومة في الأردن، وتناولت أيضا عمق الواقع المعقد للعلاقات الاردنية – الفلسطينية، وبخاصة واقع الانقسام الإقليمي والطبقي في المجتمع وجذوره الكامنة في الموقع الذى يحتله الاردن في خارطة المصالح الدولة الاستعمارية الاسرائيلية التوسعية في المنطقة، والوظيفة التي يؤديها هذا الحكم في هذا السياق والمتمثلة في مصادرة حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وفي التعبير المستقل عن هويته الوطنية. شكلت هذه المراجعة النقدية البداية الصحيحة لصياغة برنامج "حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 بما فيها القدس عاصمة لها". وأتاحت هذه المراجعة إعلان «البرنامج المرحلي» الذى مثل في الواقع، إعادة صياغة للفكر السياسي الفلسطيني المرتكز حتى ذلك الحين على ثنائية التضاد بين "المقاومة" ويقابلها "التسوية" وبين "الكفاح المسلح" ويقابله "الحل السلمى".. جاءت دعوة الجبهة الديمقراطية لهذا البرنامج كإشارة عامة للمجلس الوطني الفلسطيني في دورته التاسعة جويليه 1971 وتتلخص في إقامة "قاعدة إرتكاز أمينة ومحررة" في الأراضي الفلسطينية المحتلة تكفل إستمرار الثورة الفلسطينية الى أن تحقق أهدافها، عمقت أعمال الكونفرنس الوطني العام الاول للجبهة (نوفمبر 1971) النقاش حول هذا الموضوع، وقامت الدورة الرابعة للجنة المركزية (أوت 1973) ببلورة عناصر «البرنامج الوطني المرحلي»، وأقرته رسميا من خلال وثيقة: "عشر موضوعات حول الخط العام للبرنامج المرحلي في المناطق المحتلة والاردن". الجدير بالذكر أن هذا البرنامج طرح، للمرة الاولى، فكرة الانتفاضة الشعبية باعتبارها شكلاً مميزاً من أشكال الحرب الشعبية الذى تسمح به شروط النضال الفلسطيني.
■-;- كيف كان أثر حرب أكتوبر 1973 على الأمال الثورية في مقاومة العدو الصهيوني؟ ■-;-■-;- ازدادت أهمية الموضوعات التي طرحها البرنامج المرحلي، على الصعيد الوطني بعد صدور البيان الختامي لدورة اللجنة المركزية الموسعة (نوفمبر 1973) أي مباشرة بعد حرب التي أفضت إلى تحسن نسبى لصالح العرب في توازن القوى مع إسرائيل، وكذلك في النداء الصادر عن «تنظيم الجبهة الديمقراطية في الأراضي المحتلة» وأتى المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثانية عشرة المنعقدة في شهر جوان 1974 ليعتمد «البرنامج المرحلي» تحت عنوان: "برنامج النقاط العشر" الذى تحول بعد الدورة الرابعة عشر (جانفي 1979) الى برنامج للإجماع الوطني الفلسطيني على امتداد عقد ونصف من الزمن، أي حتى قبل التوقيع على اتفاق أوسلو (13/9/1993)، وحتى يومنا لا زال يمثل البرنامج الوطني المرحلي الموحد، للشعب والحركة الوطنية الفلسطينية.
#نايف_حواتمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثورة الفلسطينية استفادت من تجارب الثورة الجزائرية
-
حواتمة مع فضائية «برايم» الأردنية - الجزء الثاني
-
حواتمة في حوار مع فضائية «برايم»
-
نايف حواتمة في حوار مع فضائية «روسيا اليوم»
-
حواتمة في حوار مع فضائية A.N.B»» في برامج « منبر للحوار»..
-
حواتمة في حوار مع قناة «برايم» الأردنية برنامج «حوار صريح مع
...
-
حواتمة في حوار مع قناة «برايم» الأردنية «الجزء الثاني»
-
حواتمة في حوار مع فضائية «الغد العربي» في برنامج «أوراق فلسط
...
-
حواتمة في لقاء ساخن وشامل مع فضائية -الوطنية التونسية- الرسم
...
-
الشعب يريد اليقين ببرنامج وطني موحّد للانخراط في انتفاضة شعب
...
-
حواتمة: الإدارة الأمريكية منشغلة بداعش وأخواتها
-
الانتفاضة الشبابية على طريق انتفاضة شعبية شاملة
-
حواتمة: روسيا تحاول تشكيل تحالف دولي شامل لحل الأزمة السورية
-
إريك رولو وقضايا التحرر الوطني في كواليس الشرق الأوسط والعال
...
-
تسييس الدين وتديين السياسة: انقسامات وحروب طائفية ومذهبية
-
نهاية محمد .. نجمة فلسطين وداعاً
-
حواتمة في حوار مع صحيفة «المنعطف» المغربية
-
حواتمة: مبادرة فرنسية بالتفاهم مع واشنطن لاستئناف المفاوضات.
...
-
حواتمة: الوضع باليرموك هادىء الآن.. ووفد فلسطيني سيزور سوريا
...
-
حواتمة: أدعو أبو مازن واللجنة التنفيذية للبحث مع القيادة الم
...
المزيد.....
-
صور سريالية لأغرب -فنادق الحب- في اليابان
-
-حزب الله-: اشتبك مقاتلونا صباحا مع قوة إسرائيلية من مسافة ق
...
-
-كتائب القسام- تعلن استهداف قوة مشاة إسرائيلية وناقلة جند جن
...
-
الجزائر والجماعات المتشددة.. هاجس أمني في الداخل وتهديد إقلي
...
-
كييف تكشف عن تعرضها لهجمات بصواريخ باليستية روسية ثلثها أسلح
...
-
جمال كريمي بنشقرون : ظاهرة غياب البرلمانيين مسيئة لصورة المؤ
...
-
-تدمير ميركافا واشتباك وإيقاع قتلى وجرحى-..-حزب الله- ينفذ 1
...
-
مصدر: مقتل 3 مقاتلين في القوات الرديفة للجيش السوري بضربات أ
...
-
مصر تكشف تطورات أعمال الربط الكهربائي مع السعودية
-
أطعمة ومشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|