أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد طولست - مراجعة المقررات الدينية، الحدث العظيم !!














المزيد.....

مراجعة المقررات الدينية، الحدث العظيم !!


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 5090 - 2016 / 3 / 1 - 18:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كما عودنا ملك البلاد محمد السادس ، أنه هو من يأخذ دائما زمام المبادرات الجريئة الصعبة التي يعيد بها الأمور إلى نصابها ، كما كان الحال مع مسألة "مدونة المرأة" و "موضوع الإجهاض" على سبيل المثال لا الحصر ، وها هو مرة أخرى ، يسقط اليوم طابع الطابو عن موضوع آخر أكثر حساسية ومصيرية ، لملامسته عمق البنية العقلية للمغاربة، وهو بناء التعليم الديني ، الذي أعطى جلالته أوامره السامية لوزيري التعليم والأوقاف لمراجعة مناهجه وبرامجه ومقرراته ، ويجعلان من ومقررات مادة التربية الإسلامية ، موضوع إصلاح أساسي وشامل، تخلص التربية الدينية من كل "الهزليات" الماضوية المتشبعة بالكراهية التي لا ترسم في الأفق مصائر أخرى غير جهنم والأغلال وعذاب القبور وسبي النساء واستعبادهن ، والتي يلقنها ، بل يحشو بها جماجم تلاميذة مدارسنا الخاصة والعمومية على حد سواء ، معلمون معظمهم محافظون متأثرون بالفكر الوهابي ، دون أن يتركوا للتلاميذ أيَّ مجالٍ للنقاش أو التفكير أو المُساءلة ، في كل المستويات التعليمية ، على اعتبار أنهم مقدسون ويمتلكون الحقائق المطلقة .
ومما لا شك فيه ، أن أخطر تطرف هو الاعتقاد الجازم بأن الحقيقة مطلقة وأنها كلها في ملكية فئة معينة دون غيرها، وأن أصحاب الآراء المغايرة عصاة مذنبون ينتمون إلى حزب الشيطان، وأنهم وحدهم حماة الدين وأوصياءه وأن الإمساك بمصائر العباد من حقهم الإلهي؛ فيبيحون لأنفسهم إصدار الأحكام القطعية دون وعي نافذ، وهو اعتقاد وسلوك خاطئ ينهجه أكثيرة أساتذة التربية الإسلامية ويتعاملون على قاعدة إما تابع صاغر فمقبول رضي، وإما مختلف فمرفوض مغضوب عليه علماني ملحد كافر ، ما يؤدي إلى التعصب، ويخلق آليات الإلغاء وعدم الاعتراف بالآخر.
ولا زلت أذكر ، وكيف لي أن أنسى ، أستاذنا في التربية الإسلامية -والذي كان ينعتني بالعلماني لمخالفتي رأيه -حين كنا نسأله عن الحداثة والديمقراطية أو العلمانية ، فكان يلذ له أن يلقننا بأنها غول رهيب ينهش عقيدتنا وأخلاقنا، وكل ما هو صالح في كياننا، وكان يساوي وباستمرار بينها وبين الكفر والإلحاد والزندقة، دون شرح دقيق وعميق لطبيعة المصطلحات ومعانيها الحقيقية ، حتى غدت غالبية التلاميذ في مدرستنا-و في كل المدارس الأخرى- لا يرون حولهم إلا المعاصي المفضية إلى النار.
ومن المسلم به أن المصطلحات عندما تشيع ويكثر استخدامها خلال الدرس الديني و خاصة حينما توظف لأغراض إيديولوجية وحيدة الاتجاه، كثيرا ما يتعرض محمولها المفهومي إلى تحريف أو تحوير، كالخلط الذي لحق بمفهومي العلمانية والكفر مثلا، واستخدام أحد المفهومين محل الآخر عمدا وبسبق إصرا، لمدالسة الحقائق، وتشويش الأفكار، وكما يقال بأن الأوضاع الفاسدة تطرد الأوضاع الصالحة وتحل محلها، كالعملة الرديئة تطرد العملة الجيدة بعد تداولها وشيوع استعمالها بين الناس .
فالتطرف لا ينتعش إلا حينما يضعف المجتمع وتعاني مؤسساته من الهشاشة، ولا يصاب المجتمع وهيآته بالوهن إلا إذا سجل به الذين يقع عليهم عبء تعليمه وتوجيه أجياله ، قعودا عن إجلاء الحقائق ، وقصروا في التمييز بين مجال العقيدة ومجال العقلانية ، وإنحرفوا عن الأهدافه الصالحة ، والتطلعات المصيرية ، وتركوا المجال للتوجهات المتشددة لتمارس فيها تأثيرها واستبدادها بالرأي.
فلا سبيل إلى تغيير المجتمع دون تغيير الفرد، وأعداده وتهيئه للانخراط في التحولات البنيوية العميقة التي تمس جميع المجالات المعيشية ، ولن يتغير الفرد إلا بإصلاح مناهج وبرامج ومقررات تعليمه ، وعلى رأسها مناهج وبرامج ومقررات مادة التربية الدينية التي يجب أن تبنى على أسس ثقافية مثينة تتضمن حرية التعبير وحرية الرأي ، التي تبني الإنسان بناء حرا وسليما ، وتعطيه وسائل الانتصار على الذات، وتمكنه من تصحيح مفاهيمه المغلوطة وشكوكه الخطيرة ، ليصل إلى معادلة سليمة يستطيع بها التوفيق بين التطبيق الديني والتطور، ويجعل إيمانه الحق غير بعيد عن عالم الحداثة، يواكبها ويكون عنصرا إيجابيا في مسيرتها يفعّلها عمليا ويحولها إلى قوة إنتاجية؛ و هذه مهمة المثقفين والمفكرين والعلماء ورثة الأنبياء، - كما تشهد وقائع التاريخ على ذلك ،-بمختلف اتجاهاتهم الفكرية والسياسية والمذهبية، ووعيهم كطرف أساسي في عملية الصراع المعرفي الإيديولوجي داخل المجتمع
الذين يتوجب عليهم توحيد الجهود الفكرية والثقافية، والاتفاق على قواسم مشتركة يُقذفون بها كل المعوقات التي تحول دون بناء مجتمع مدني ديمقراطي عصري جديد تنمحي منه كل آثار الخوف والإرهاب والديكتاتورية، وتسوده حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعي، وذلك لأن الحق لا يعلو على الباطل من تلقاء نفسه، أو بثقافات الصالونات الترفيهية المناسباتية، بل يحتاج لمن يقذفه عليه بالثقافة الجادة النضالية المقاتلة ليبزه ويدمغه، مصداقا لقوله تعالى في كتابه العزيز :( بل يقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ) وشكرا لملكنا على هذه المبادرة الجبارة التي طالما إنتظرناها ، والتي قدف فيها بالحق ليزهق الباكل ، وبالله التوفيق .



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من السخف أن نجرم سرقة الجيوب، ولا نجرّم سرقَة عقول !!
- وما يضرهم في زيارة الرئيس المصرية للمغرب ؟؟
- رمانسية التدين !!
- صباح ليس كباقي الصباحات على شاطئ المهدية!!
- المجتمعات الأكثر تدينا هي الأكثر فسادا!!
- رد على نقد!!
- اصلاح المناهج والبرامج والمقررات الدينية، الحدث العظيم !!
- مراجعة مناهج ومقررات تدريس التربية الدينية، تجديد للخطاب الد ...
- لا عيد حب لدى أمة فيها المرأة مجرد عورة !!
- صورة من الزمن الجميل !
- الاحتجاج سلوك بشري !!
- فقه الكراهية ومخالفة البشرية ومعاداة الحضارات !!
- معلمو المدارس الخاصة .
- من يقف ضد الإستهتار بالعقل المغربي ؟؟
- من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت.
- الكراهية أكبر آفة ابتلي بها مجتمعنا .
- الفساد الأسئلة البسيطة والمحير !!
- ما هكذا ترعى حقوق الفقراء يامسؤولينا !!
- واقع حريات الرأي وقوى الإسلام السياسية!!
- -الكلام الزين كيتعطى في الدية-


المزيد.....




- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد طولست - مراجعة المقررات الدينية، الحدث العظيم !!