المناورات العسكرية السعودية -رعد الشمال-.. الفشل تحت خيمة الانتصار


سامان كريم
2016 / 2 / 21 - 17:25     

سؤال: مناورات عسكرية تقوم بها السعودية وبمشاركة 20 دولة وصفت بالدول الأسلامية وباسم "رعد الشمال"، موقع دا نرمب الأمريكي المتخصص بالشؤون السياسية وصف هذه المناورات بالأضخم في تاريخ الشرق الأوسط، حيث يشارك فيها 350 ألف جندي الى جانب 2500 طائرة حربية و450 طائرة هليكوبتر و20 ألف دبابة.. اللواء الركن فهد بن عبد الله المطير قائد المنطقة الشمالية في القوات المسلحة السعودية، إن "عملية رعد الشمال تمثل نقلة نوعية من حيث استخدام القوات كافة في الميدان"، وأشار المطير إلى أن "رعد الشمال" تجسد "حرص الدول الإسلامية على الوصول لأعلى درجة من القوة المطلوبة لحفظ موازين الاستقرار ومكافحة الإرهاب". ماذا تعني هذه المناورات وبهذا الحجم من القوات والأسلحة وخصوصا أنها تأتي بعد التصريحات السعودية حول مشاركتها بريا في سوريا؟؟

سامان كريم: مناورات "رعدالشمال" في حفر الباطن السعودي وقريب من الحدود العراقية, هي مناورات سياسية قبل ان تكون عسكرية. هي عملية او مناورات عسكرية تعتبر الاكبر في الشرق الاوسط لحد الأن, بهذا المعنى ان رسالتها السياسية الكبرى والاهم هي الاختباء من الهزيمة والفشل الإستراتيجي العميق للملكة العربية السعودية في المنطقة, بإظهار قوتها العسكرية وقدرتها على جمع عشرون دولة من المالديف الى السينغال ومصر أيضا. هي ليست عملية للدفاع عن العروبة او الامن العربي كما كان شائعا في الصحافة المصرية, بل هدفها الرئيس هي اخفاء الفشل وعرض العضلات العسكرية برائحة سياسية منتصرة. في زمن الهزيمة يعلن الانتصار في مناورات "رعد الشمال". برأي ان مناورات "رعد الشمال" والهالة الكبيرة التي رافقتها, بمثابة طي الصفحة الاخيرة للقيادة او للعائلة المالكة في السعودية وسياساتها التي رعتها وسلكتها وقادتها منذ اكثر من ثلاثة عقود. بهذه الطريقة تهدف السعودية الى اخفاء ذاتها وسياساتها الفاشلة. الفشل تحت خيمة الانتصار, والصحافة والاعلام يطبل لها وفق هبات مالية.
وفق ما ذكرنا أعلاه ان معنى هذه المناورات واضح. أما بخصوص المشاركة البرية لقوات سعودية في سورية فتدخل ايضا في هذا السياق. القضية ليس هل فعلا تشارك ام لا؟! ربما تدخل مع قوات تركية ولكن إذا حصل سيكون نهاية مأساوية جداً ليست فقط للسياسات الاستراتيجية الي تتبناها المملكة بقيادة الملك سلمان، بل نهاية ستكون مأساوية وتراجيدية لابنه المتهور محمد بن سلمان الملك الفعلي الحالي. ستكون نهاية مأساوية بعكس نهاية "رعد الشمال" التي تفوح منها رائحة النصر والمقدرة, واحتواء الهزيمة والفشل شكلياً على الاقل.
قضية سورية في هذه اللحظات هي قضية اكبر بكثير من القوات السعودية والتركية, اكبر بكثير من قوات بلدان المنطقة, في اللحظات الراهنة وهي لحظات اكثر خطورة والايادي على الزناد ليس بين السعودية وسورية بل بين أمريكا وروسيا, هذه هي القضية الرئيسية. بمعنى ان اي هجوم واقصد هجوم عسكري واسع لاحتلال الاراضي السورية (لا أقصد حملة عسكرية فورية وسريعة واعادتها بصورة سريعة الى داخل الاراضي التركية, للحفاظ على ماء الوجه وبالتنسيق مع الجانب الروسي), سيواجه مواجه عنيفة وساحقة من لدى القوات السورية والايرانية الموجودة وحزب الله بدعم مباشر وقوي ومؤثر من روسيا.
القضية لا تنتهي في هذه الحدود بل تتسع نحو العمق التركي والعراقي, نحو عمق الاراضي والمدن التركية عبر حزب العمال الكردستاني وحينذاك تدعم بصورة مباشرة, وايضا يأجيج وضعها الداخلي عبر المعارضة التركية ايضا, هذا جانب من القضية والجانب الاخر هو العمق العراقي.. ففي العمق العراقي ليست لدى تركيا احزاب وقوى موثرة غير الحزب الديمقراطي الكردستاني في كردستان العراق, وفي الوسط لديهم داعش وحينذاك ستكون الصورة والعلاقة بينهما اكثر وضوحاً, وستكون اول نتائجها في العراق التدخل الروسي المباشر وهذا ما لاتريده امريكا... كل هذه المسائل واذا استمرت عدد أخر من الايام ستتوسع وتصل الى لبنان والاراضي الفلسطينية... براي القضية في نهاية الامر اذا تدخلوا عسكريا وبريا بهذا المعنى يعني الحرب العالمية. القضية التي تشغل بال صناع القرار الامريكي هي هل الوضع السوري والمصالح الامريكية عبر سورية وفي سورية, تؤهل لان تقوم امريكا بأشعال الحرب مع روسيا؟! جوابهم لا.
القضية السورية والوضع المأساوي مرشح للاستمرار, في هذه الجولة واعتقد انها الجولة ما قبل الاخيرة, انتصرت فيها روسيا وسورية وايران. ولكن اذا امريكا لم ترغب في ولوج الحرب مع روسيا فانها لن تقبل بالهزيمة ايضا, او هزيمة حلفائها بهذا الشكل. عليه ستستمر المأساة وستستمر الحرب وسيبقى داعش عنوانا ابرز. في هذا الاطار نفهم جعجة التدخل البري السعودي بصورة اكثر وضوحا, وهي تقوية الموقف على طاولة المفاوضات في جنيف او اي بلد اخر, تقوية الموقف السياسي عبر جعجة الاعلام وعبر إشهار سيف التدخل وسيف "رعد الشمال"، أو عبر شراء بعض المواقف. وربما تقع قضية قطع المعونة او الهبة المالية السعودية للجيش اللبناني في هذا الاطار. أطار الفشل والهزيمة.
هذا هو جوهر ومحتوى جعجعة "رعد شمال" والتدخل البري. لكن بصورة عامة تهدف المناورات العسكرية لرفع الكفاءة وجهوزية القوات العسكرية المشاركة ومدى قدرتهم واستجابتهم لردع العدوان, بالتالي تقييم وتقويم القوت العسكرية, نقاط ضعفها وقوتها. بطبيعة الحال تهدف هذه المناورة ايضا من الناحية العسكرية والتكنيكة الى هذه المسائل ايضا.