البرجوازية تعيق تطور العلوم والانتاج وثوراتها الدائمة
سامان كريم
2016 / 2 / 8 - 01:00
سؤال: السبب تراجع أسعار النفط والخسائر أو أنخفاظ الأرباح.. كبريات الشركات العالمية تخفض مئات الألاف من الوظائف.. شركة الول مارت الأمريكية سرحت عشرات الألاف من موظفيها.. شركة شل للنفط أعلنت بأنها ستلغي 10 ألاف وظيفة بسبب أنخفاص أرباحها السنوية.. شركة فورد الأمريكية عملاق صناعة السيارات تعلن عن خطط لخفض عدد موظفيها.. شركة ياهو أعلنت عن تقليص عدد العاملين فيها الى نسبة 15 %.. من جانب أخر أعلنت عدة بنوك عالمية كبري عن الأستغناء عن عدد من الموظفين وقد وصل اجمالي عدد الموظفين اللذين استغنت عنهم البنوك الأوربية والأمريكية لعام 2015 الى 100 ألف موظف.. الشركات العالمية الكبرى والبنوك لاتخسر لكنها تعاني من أنخفاظ أرباحها وبالتالي الحلول لديها رمي أكبر عدد ممكن من العاملين الى البطالة.. هل هذه النتائج استمرار لأزمة الراسمالية العالمية التي بدأت عام 2008.. أم أنها نتائج عن تداعيات حلولها على حساب العمال والموظفين؟؟
سامان كريم: الازمة الراسمالية العالمية مستمرة منذ التاريخ الذي ذكرته في سؤالك. الازمة الاقتصادية تحمل في طياتها حلول معينة، بمعنى ان طرد العمال وتقليل النفقات الادارية وتصفية المشاريع الصغيرة او إحتوائها من قبل الكبار... هذه كلها امور ومسائل تحملها الازمة الاقتصادية مع ذاتها. عمليات او ظواهر طبيعية ومتلاصقة مع الازمة لا تعتبر النتائج ولا نتيجة بل اجزاء او اقسام من الازمة بعينها. من الناحية الكلاسيكة واعني بها الحلول البرجوازية للازمة كان هناك طرد العمال ودمج الشركات او بيعها للاكبر منها او بقاء المتضررين بصورة شركات فرعية او حتى غير مرئية تعمل في الباطن مع الشركة الرئيسة... تبقى عدد من هذه المسائل كحلول نتيجة لعمل الراسمال في اوقات الازمات.. يعني المنافسة ثم الاحتكار ثم المنافسة، وهذا يؤدي كما ادى الى تركيز الرأسمال في عدد معين من القطاعات و تمركزه في أيدي عدد قليل من كبار الرأسماليين العالميين كما نراه اليوم.
بخصوص عملية البطالة او طرد العمال, ربما يعطي زخما ماليا محدودا للرأسمالي في هذا القطاع او ذاك, بهذا المعنى طرد العمال هو جزء او خطوة في طريق حل الازمة من المنظور البرجوازي. لكن المشكلة تكمن في التطور التكنولوجي الجبار التي اصبح عائقا امام الراسمال حتى وليس امام البشرية والطبقة العاملة فقط... الراسمال ليس بامكانه ان يجني ربحا وفائضا للقيمة بدون استثمار قوة العمل، وهذا المنطق هو جوهر الرأسمال والرأسمالية, لكن التكنولوجبا الرقيمية والنانو تكنولوجيا وتكنولوجيا الروبوتات والتي نعيش على عتبة عصرها, ناهيك عن قطاعات علمية اخرى... أدت وستؤدي الى الاستغناء عن عشرات وربما مئات الملايين من ابناء طبقتنا العاملة في العالم خلال العشرة سنوات القادمة..
البرجوازية ليس بامكانها ان تحل مشاكلها وازمتها عبر طرد العمال بالجملة في هذه المرحلة, والسبب هو ان التكنولوجيا تتطور بصورة خارقة تلك التي نعرفها او التي تصلنا عبر الاعلام والمؤتمرات والمجلات العلمية، ناهيك عن المسائل التي لا تعلنها البرجوازية خوفاً على نظامها او خوفاً لاختفاء قطاعات معينة من الوجود وخصوصا في ميادين الفلك والطب والبيولوجيا وكيمياء الادوية.. السرعة الفائقة للتطور التكنولوجي في مختلف القطاعات, وعدم استثمار الراسمال في قطاعات والواقعية والكلاسيكية نتيجة لتطور العلوم وخصوصا علوم الأجنة وتعديلاتها وبالتحديد في القطاع الغذائي.. كلها ادت وستؤدي الى طرد العمال بصورة مستمرة وفي الوقت ذاته يؤدي الى تقليل الارباح في كل تلك القطاعات.. هذا يعني نحن امام نزيف مستمر لطرد العمال وازمة اقتصادية مستمرة ودائمة تقريبا. البرجوازية تحاول كسب ارباحها في تلك القطاعات التي لا تتطلب من ايدي عاملة نسبة كبيرة, مثلا في قطاعات التكنولوجيا الرقيمة. تصنيع الجوال والحاسوب.. يتطلب نسبة عالية من ذوي الشهادات العالية والخبرات التكنلوجية العالية... بامكان البرجوازية ان تصنع منها "عمال متبرجزون" نتيجة لرفع الاجور في هذه القطاعات على الاقل في هذه المرحلة, او ربما تتجه البرجوازية للاستثمار بصورة اكبر واكثر فعالية في قطاعات الفضاء وهذا يتطلب نوعا خاصا من العلوم التي لا تمتلكها الا قلة قليلة من المتخصصين.. على اية حال نحن امام ثورة علمية جبارة ما تسمى بالرابعة وربما نصل الى الخامسة بسرعة اكبر.. وفي الوقت ذاته نعيش في عصر الازمة الاقتصادية العالمية الخانقة وفي الوضع السياسي العالمي المتأزم... البرجوازية هي التي تعيق العلوم وثوراتها المستمرة.
مشكلة هذه المرحلة للبرجوازية ذاتها هي ان الثورة العملية المتعاقبة أدت الى وقف بريقها وكذبت ادعاءاتها الحقيرة حول علاقة البرجوازية والتطور كانهما تؤامان. اليوم البرجوازية ومن اعلى سلطانها وفي امريكا تقف بصورة مباشرة وعلنية واضحة ضد التطور العلوم، وراينا كيف وقفت جورج بوش الابن امام التطور العلمي الكبير في الميدان البيولوجي حول الخلايا الجذعية وتعديلاتها، والتطورات التي تلتها بحجة "مخالفة الاخلاق والاداب والتقاليد" العامة, مثل ما عبر عنه بابا الفاتيكان بالضبط في وقتها, حيث بابا اليوم اكثر انفتاحاً.
البرجوازية في مأزق تطور العلوم والتكنولوجيا كماهي تعيش في مأزق تطعيم وتغذية مئات الملايين من العاطلين عن العمل، وكيفية تغذيتهم وتجبير خدماتهم الاجتماعية والصحية.. ناهيك عن الصراعات داخلية فيما بينهم على اعادة تقسيم العالم وتقسيم نفوذ القوى الكبرى مجددا.. ربما يرجعون الى نظرية المالتوس يعملون وفق توالي الهندسية لقتل البشر وتفعيل الازمات الصغيرة وتحولها الى كبيرة لقتل اكبر قدر من البشر.. هذه ربما احدى حلولهم.. ولكن اخيرا امام الطبقة العاملة وامام البشرية جميعا.. هناك ايضا احتما اخر ومبادرة من نوع اخرى وهي الثورة المستمرة وثورة دائمة بوجه الغول البرجوازي الذي لا يرحم.