ندوة بعنوان (النضال الاجتماعي ودور الحزب الطليعي )


طلعت الصفدي
2016 / 2 / 6 - 12:11     

ندوة بعنوان ( النضال الاجتماعي ودور الحزب الطليعي )

بحضور الرفيق طلعت الصفدي عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، عقدت منظمة المهنيين وقدامى الأعضاء وكوادر الحزب التاريخيين في قطاع غزة الأسبوع الماضي اجتماعها الدوري الموسع, والذي يعقد كل أسبوعين لمناقشة مواضيع فكرية و اجتماعية، وما يستجد من تطورات على الساحة الفلسطينية والعربية والدولية. وكان محور النقاش بعنوان “النضال الاجتماعي ودور الحزب الطليعي" حيث دار النقاش حول المسالة الاجتماعية وأهميتها ومكانتها في الفكر الماركسي باعتبار أن الصراع الطبقي هو محرك التاريخ الإنساني، وان أشكال الصراع سواء القومي أو العرقي أو الديني في جوهره صراعا طبقيا .
فبعد انهيار المنظومة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفيتي, واستفراد الرأسمالية بالعالم, ازدادت حدة التناقضات الاجتماعية في شتى بقاع الأرض, نتيجة سياسة النيوليبرالية والعولمة الامبريالية المتوحشة, وتفجر التناقضات عدة مرات على شكل أزمات متتالية ( توقعات كارل ماركس ), أبرزها الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008, وانهيار اقتصاديات بعض الدول في الاتحاد الأوربي مثل اليونان العالم مما يهدد مستقبل هذا الاتحاد, وتصاعد حدة التناقضات بين دول الشمال والجنوب, ومحاولة استخدام النفط كسلاح بيد الولايات المتحدة الأمريكية وعملائها في الخليج العربي وخصوصا السعودية بهدف سياسي، وزعزعة والعمل على انهيار الأنظمة وتعميق أزماتها الاقتصادية في كل من روسيا ودول البريكس وفنزويلا وايران المناهضة للسياسة الأمريكية في العالم مما أدى إلى تفاقم حدة الصراعات التي تلف الكرة الأرضية، مثل تعاظم قضية الهجرة واللاجئين, وانفجار صراعات عرقية ودينية وطائفية كانت منطقتنا العربية وقودها .
كل هذا يدلل على عجز النظام الاقتصادي الرأسمالي، عن حل قضايا البشرية، ويعد مؤشرا على انه السبب الرئيسي لهذه الأزمات المتنوعة، وان الرأسمالية ليست حلا لشعوب الأرض، بل سببا في تفاقم قضاياها، وليست النظام القادر على الاستمرار، وأنه لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ، كما كان يروج منظروها.
وما يعطي أهمية قصوى للمسالة الاجتماعية, في مرحلة التحرر الوطني التي يمر بها شعبنا الفلسطيني , إن الاحتلال الإسرائيلي هو الاحتلال الوحيد الذي يستهدف الأرض والإنسان الفلسطيني . إن أي احتلال عبر التاريخ يستهدف نهب خيرات وثروات الأمم دون اقتلاعها من أرضها, وفي اللحظة التي تصبح تكلفة الاحتلال أكثر من عائداته, كان ينتهي ذلك الاحتلال, باستثناء الاحتلال الإسرائيلي, والذي يهدف الى اقتلاع الفلسطيني من أرضه والاستحواذ عليها, بغض النظر عن التكلفة, ومن هنا تكتسب مسألة وحدة الشعب الفلسطيني، والصمود على أرضه أهميتها القصوى في النضال الوطني الفلسطيني, باعتبارها حجر الزاوية لنضال شعبنا, ولكن الصمود على الأرض, له مقوماته ومتطلباته اليومية, سواء من الاحتياجات المعيشية المادية و المعنوية .
وانطلاقا من هذه المكانة التي تحتلها المسالة الاجتماعية في الصراع الوطني للشعب الفلسطيني من اجل حقوقه الوطنية على أرضه, تكتسب مسالة الهوية الطبقية للحزب السياسي مكانتها في النظام السياسي الفلسطيني, انطلاقا من أن الأحزاب السياسية هي أداة التغيير الاجتماعي الرئيسية في المجتمع. إن عجز وتفكك قوى النظام السياسي الفلسطيني وضعف قواه اليسارية عن خوض المعارك الاجتماعية والتأثير والتغيير في المسالة الاجتماعية, بسبب فقدانها إستراتيجية الجمع بين الوطني والاجتماعي الطبقي, الأمر الذي شكل ثغرة كبيرة في النضال الوطني الفلسطيني, أثرت على قدرة هذه الفصائل في تحقيق أهداف مرحلة التحرر الوطني من ناحية, والقدرة على استقطاب الجماهير بالطريقة السليمة, وأسلوب حشدها في المعركة مع الاحتلال, وفي المعارك الاجتماعية من ناحية أخرى, على الرغم من تراكم قضايا اجتماعية عديدة شكلت وما تزال تشكل عبئا كبيرا على المواطن الفلسطيني جراء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني والسياسات الخاطئة للسلطة الوطنية الفلسطينية والقائمون على الأمر في المحافظات الجنوبية, وتهميش وإهمال قطاعات واسعة من شعبنا, والتجاوزات الواضحة والعلنية للقانون وعمل السلطتين كجابيتي ضرائب, مقابل تراجع قطاعات الإنتاج والخدمات والتنمية . لقد أكد حزب الشعب الفلسطيني ( الحزب الشيوعي الفلسطيني سابقا ) في برامجه السياسية وبياناته ومواقفه ونضاله النقابي والمهني على ترابط النضال الوطني التحرري والنضال الاجتماعي الديمقراطي.
وأكد الحضور على أهمية تحديد الهوية الفكرية والطبقية الاجتماعية لحزب الشعب الفلسطيني كضرورة موضوعية, تعبر عن حاجة المجتمع الفلسطيني إلى نضال سياسي بمضمون اجتماعي أكثر من حاجته الى فصائل على أن تقترن توجهات الحزب بمطابقة الفكر مع الممارسة ووحدة الإرادة والعمل, وألا تكون خطواته هذه مجرد ترف فكري من نخبته, وأولى الخطوات لتخلص الحزب من فيروس العمل ألفصائلي (حسب تعبير احد الرفاق) يأتي بناء الحزب الداخلي وهيكلة هيئاته على أساس القطاع الاجتماعي حيث تبنى منظماته الحزبية حسب طبقات ومراتب وفئات وقطاعات المجتمع الفلسطيني, ليكتسب الحزب هويته الاجتماعية, والتي تمنحه مبرر وضرورة وجوده في المجتمع, كما لابد على ضرورة انخراط منظماته الجماهيرية في مؤسسات المجتمع المدني .
وعلى الحزب الاستفادة من تجاربه في العمل مع مؤسسات المجتمع المدني، ورفض الرؤية الليبرالية التي انتشرت منذ أواسط تسعينيات القرن الماضي وللأسف بين أوساط اليساريين والتي اعتبرت منظمات المجتمع المدني قد حلت محل الأحزاب السياسية كأداة للتغير المجتمعي فمؤسسات المجتمع المدني ما هي إلا ميدان عمل للأحزاب السياسية في عملية التغيير الاجتماعي وليست بديلا عن الحزب ، وهنا فان الحزب قد أصاب جيدا عندما أكد على أن ضمان الحقوق الاجتماعية والديمقراطية للشعب الفلسطيني وفئاته المسحوقة صاحبة المصلحة في النضال الوطني هو ضمانة حقيقية للدفاع عن الحقوق الوطنية، وأن المدخل للعمل الوطني والسياسي بين الكادحين والفئات يبدأ بالعمل الاجتماعي والدفاع عن مصالحهم وحياتهم.
وأوصى الاجتماع بعقد ندوة مميزة على شرف العاشر من شباط تختص بموضوع المسالة الاجتماعية وأهميتها في مرحلة التحرر الوطني.