أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - رمضان عيسى - علمية الماركسية تنبع من منهجيتها















المزيد.....

علمية الماركسية تنبع من منهجيتها


رمضان عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 5051 - 2016 / 1 / 21 - 23:33
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


القول بأن الماركسية علمية لأنها لم تأتِ من تفرعات عقلية مجردة بعيدة عن الواقع وتسلسل تغيراته ، بل جاءت من التغيرات الواقعية الحادثة في المجتمع البشري خلال نشاطه العملي الفعال في سعيه الدؤوب لانتاج مقومات حياته الاقتصادية التي هي الأساس لاستمرار حياته على هذه الأرض .
ومن مظاهر سعي الانسان لإنتاج مقومات حياته كان تطوير أدوات ووسائل انتاج جديدة انعست على أثرها علاقات جديدة ، ونوعية جديدة من النظم والتشكيلات الاقتصادية والاجتماعية كانت تعكس نوعية من التنظيم الاجتماعي والبُنى الفوقية من دولة ومعتقدات وقوانين .
لقد أدرك مُعلما الطبقة العاملة " كارل ماركس " و " فردريك إنجلز " هذا الواقع التطوري للمجتمع الانساني ، فاستطاعا بفكرهما الفلسفي الثاقب تنظيم فكر تسلسلي يعتمد على جدلية االمسببات وترابطها مع النتائج الحادثة في المجتمعات البشرية .
من هنا تُعلم الماركسية أن مظاهر الحركة والتغيرات في المجتمعات البشرية لم تكن مظاهر متفرقة لا ترابط بينها ، بل كانت مظاهر تطفو على سطح قوانين جدلية تكشف الترابط بين مسببات هذه الظواهر ونتائجها ليس في الواقع الموضوعي فقط ، بل وفي المجتمع والفكر البشريين . وفي هذا تكمن منهجية الماركسية بانطلاقها من قوانين التطور الموضوعي للواقع والمجتمع وبنيته التحتية والفوقية .
ولما كانت منهجية البحث العلمي تنطلق من الملاحظة وفرض الفروض والتجريب للوصول الى النتائج اليقينية ، فإن الماركسية تنطلق من قوانين التناقضات وصراعها ، والتراكمات الحادثة كنتيجة لهذا الصراع نوعية تحوي وصولا الى التغيرات التي تتنوع ما بين تغيرات بسيطة وتدرُجية ، وتغيرات خواص جوهرية تختلف عن سابقتها .
إن منهجية الماركسية وفلسفتها المادية الجدلية تكشف الأُسس التي بموجبها تنهار الكيانات في المادة وفي المجتمع البشري ، وكيف تُخلي الطريق لتحل محلها كيانات أُخرى أكثر جدَّة .
إن هذه العملية توضح الكيفية التي يتغير العالم الموضوعي بموجبها ، كما أنها تكشف الآلية التطورية للمجتمعات البشرية من مرحلة المشاع الى الرق ، الى الاقطاع ، ثم الرأسمالية وصولا الى الاشتراكية التي هي الطور الأول من الشيوعية .
إن معرفة المنهجية العلمية تُحفز دوافع الانسان للعمل بوعي لكيفية الوصول للهدف . كما أن وعي المنهجية التطورية التي تُعلمها الماركسية تخلق الدوافع لدى العمال والفلاحين للحراك الهادف والالتفاف حول أحزاب الطبقة العاملة للتحرر من سيطرة الطبقات الاقطاعية والرأسمالية على مُقدرات البلاد الاقتصادية وتوجيه هذه المقدرات بوعي لصالح الأغلبية المُستعبدة من العمال والفلاحين .
رُب سائل يسأل : لما كانت الماركسية علمية ومنهجية ، لماذا فشلت في المحافظة على العديد من الدول التي انتهجت الماركسية في تنظيم مجتمعاتها ؟
ولكي تتضح الأمور أكثر ، نضرب المثال التالي : اذا عزمت على إقامة بنيان للسكن ولم توضع أحد الأعمدة في مكانها ، وباقي الأعمدة غير متوازنة في ارتفاعاتها ، ولا في قوة تحملها ، ولم يكتمل أحد الجدران ، فحتما لن تستطيع أن تضع سقفاً لهذا البنيان ، ولن يُصبح البنيان صالحاً للسكن . أما إذا وضعت السقف وبه كل هذه النواقص والأخطاء ، فحتماً سينهار هذا البنيان .
وهكذا ففي حالة بناء مجتمع جديد ، كل الجدة عن سابقه ، ومختلف عنه كل الاختلاف في جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية والقانونية ، فبناء مجتمع كهذا بعد الاستيلاء على سلطة الدولة ، يحتاج الى هدم القديم لبنة ، لبنة . وبناء المجتمع الجديد ليس بقرارات وسن قوانين جديدة فقط ، بل بعمل شاق وجاد ومنظم وتعاون اجتماعي في أوجه النشاط الانتاجي والترشيدي .
إن العمل الانتاجي المنظم للخيرات المادية ، لا يتطلب النشاط العملي فقط ، بل يتطلب نشر الوعي والترشيد للعمال والفلاحين عن دورهم الفعال في زيادة وتيرة الانتاج ومدى الفائدة التي تعود على المجتمع فرداً ومجموعاً .
واذا حدث أي نقص أو تقصير في أي من الأنشطة الانتاجية أو الادارية ، فحتما سينعكس هذا النقص على ألوان النشاط الأخرى ، سواء الانتاجي أو التدريبي ، أو التعليمي ، فينتشر الاهمال والترهل والضعف ، وتتراكم النواقص ، فتتولد صعوبات جديدة ، فتنمو الروح الفردية والأنانية ، فيقل الانتاج وتتفكك الروابط الاجتماعية ، وتنمو مشاعر النقد والشكوى من تردي الأوضاع ، وتكثر نزاعات العمل هنا وهناك ، ويستوعب الناس إمكانية التغيير ، وحينها تعجز الدولة عن لجم الصراعات المتولدة والمتزايدة يوما بعد يوم ، يتململ الجيل الشاب الذي لم يتصور يوما المآسي التي تسببها الرأسمالية ، فتحدث الفوضى والتخريب ، فينهار النظام .
إن ما حدث من ردة نحو النظام الرأسمالي في بعض الدول التي خاضت تجربة للوصول للاشتراكية ، فإن هذا لا يدل على فشل الماركسية كمنهاج علمي للعمل والتفكير ، وملهم ثوري لتغيير المجتمع ، ودليل لبناء مجتمع خالٍ من استغلال الانسان لأخيه الانسان . ولكننا نرى أن أسباب هذه الردة تعود الى القصور في أحد الأعمدة البنائية ، سواء في التنظيم والترشيد والتوعية ، أو التعاون والتكافل بين جميع أوجه النشاطات الانتاجية .
ان تصور مجتمع اشتراكي تعاوني خالي من الظلم الطبقي سهل في الخيال وأثناء الشرح والدعاية ، ولكن في التطبيق العملي هو إزالة منظومة قوانين وعادات وأفكار وأخلاقيات طبقية ، اجتماعية وفردية وجهاز دولة ، وبدلا منها إحلال عادات وقوانين وأخلاقيات طبقية تعاونية جديدة .
إن الدعاية البرجوازية ضد الدول التي حاولت أو تحاول الدخول في التجربة لبناء مجتمع اشتراكي كانت تزكية الروح الفردية والتخريبية ، وعدم التكيف مع العمل التعاوني . وترتدي الدعاية أشكالا عدة كتزكية نزوع الشباب لملاحقة الموضة ، وتزكية المشاعر القومية والدينية ، رغم أن الرأسمالية منذ بدايتها كانت معادية لسلطة الأديان.
وأيضا فقد تشوهت المفاهيم الاشتراكية من خلال تبني بعضاً من الدول للاشتراكية بشكل نصفي انتقائي لمفاهيم مثل الثورة والتأميم وسلطة الشعب ، ولكنها أهملت البنية التحتية وتغيير الكثير من القوانين السابقة التي بقيت تعمل بروح برجوازية .
والتالي لقد بقيت الأسس التي تنمو منها الطبقات بشكل أو بآخر ، وبالتالي دخل في روع الناس أن هذه هي الاشتراكية ، ولم يصلوا الى تجربة حقيقية للاشتراكية التي تقضي على الاستغلال والتمييز بين الناس واضطهاد الانسان لأخيه الانسان .
من هنا فالفشل كان فشل تجربة ، وليس فشل منهاجية الفكر الماركسي ، ولا فشل جدلية التطور التاريخي للمجتمع البشري . والقول أن الماركسية غير صحيحة وأن الأهداف والمُثل الاشتراكية مستحيلة التطبيق ، أو غير انسانية ، فإن هذا يعني أن الرأسمالية مجتمع راقٍ ونقي وانساني وخالٍ من الاستغلال ، ولم تستنفذ الرأسمالية أغراضها ، ولا توجد بها تناقضات وأزمات دورية ، وبالتالي لا حاجة لحراك ثوري من الطبقات المظلومة والمُستَغلة ، ان العالم لا زال يعاني من ويلات الرأسمالية ، فهي ليست النظام الأبدي ، ولا بديل له
لا ، إن تعاليم الماركسية لا زالت حية وعصرية وتعطي الالهام لبناء مجتمع انساني خالي من الاستغلال الطبقي



#رمضان_عيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوحي في الأديان الكتابية
- ما هي الفلسفة ؟
- الوعي نتاج اجتماعي
- الخروف رقم - 6 - - قصة قصيرة
- الأُصول المعتقدية لداعش !!!
- من الاخوان الى القاعدة الى داعش
- حرب غزة التي لا تنتهي !!!
- سلة المهملات !!!
- ما لم يُقال عن حماس وفتح والانقسام
- حقيقة الاسلام -2-
- الحجاب هو حجاب على العقل !!!
- أسباب القصور في العقل العربي
- فُله تصلي في بلاد اليوكوشيما - قصة قصيرة
- الثوابت الفلسطينية بين الأمس واليوم
- الانسياق خلف الخرافة
- كيف عرفت نظرية داروين ؟
- دفاعا عن مانديلا
- فتاوي خطرة
- اشكالية العلم مع الميراث المقدس
- الاسلام لا يمكن الا أن يكون عنيفا


المزيد.....




- حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
- تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا ...
- تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال ...
- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - رمضان عيسى - علمية الماركسية تنبع من منهجيتها