نبيل هلال هلال
الحوار المتمدن-العدد: 5049 - 2016 / 1 / 19 - 22:26
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
4- الزلازل :
لما زار "هيرودوت" مصر في النصف الثاني من القرن الخامس ق.م زعم أن كهنة مصر أخبروه أن ما مضى منذ ملكهم الأول للمملكة المصرية كان 341 جيلا , ولما كانت ثلاثة أجيال تستغرق قرنا من الزمان تقريبا, لذا فهذه المدة تبلغ حوالي 11 ألف سنة . وأخبروه أنه خلال هذه المدة تغير اتجاه دوران الأرض : مرتان أشرقت الشمس من مشرقها الحالي , ومرتان أشرقت من مغربها الحالي....(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ)الرحمن17! ومحاولات تفسير ذلك وقتها لم تسفر عن شيء , فهل كان ذلك بسبب التغير البطيء في اتجاه محور دوران الأرض في مدة 25800 سنة ( ذلك ما يسميه علماء الفلك "بالمبادرة المحورية ",وفيها يرسم محور الأرض دائرة افتراضية كل 26 ألف سنة, وسيتم شرح ذلك تفصيلا في موضع آخر من الكتاب) . إن المدة التي ظنها الكهنة أحد عشر ألف سنة تخضع للتعديل إذا أخذنا في الاعتبار اختلاف متوسط الأعمار واختلاف طول ساعات اليوم , وما منشأ اختلاف طول ساعات اليوم ؟ الإجابة يمكن جمع شذرات منها من بقايا التاريخ المفقود المتناثرة هنا وهناك , "فتذكُر لنا مثلا برديةُ "هاريس" السحرية الثورةَ الكونية للماء والنار عند انقلاب الجنوب شمالا وعندما انقلبت الأرض. وفي بردية "أيبور- " Ipuwer جاء ذِكْر أن الأرض دارت كما تدور عجلة صانع الفخار , وأن الأرض انقلبت من أعلى لأسفل .وفي سقف مقبرة "حتشبسوت" توجد رسوم للسماء تدل على تغير اتجاه الجنوب والشمال .وذكَر أفلاطون في كتابه السياسة أن حركة الشمس قد انعكست وصاحَب ذلك دمار شديد , ولم ينجُ منه إلا القليل من الناس ,كما قال إن حركة الأرض تغيرت باعتراض مسارها وباهتزاز مرات دورانها , لذا فقد تغير موضع الأرض مرة واحدة ثم تغيرت حركتها من أعلى وأسفل ثم في اتجاهاتها الستة! كما ذَكر ذلك ( حادثة عكْس دوران الشمس )مفكرون آخرون قبل أفلاطون وبعده "( إيمانويل فيليكوفسكي - تصادم العوالم - ص 79) .وفي التراثين المكسيكي والهندي مسميات لوصف الشمس التي تشرق من الغرب وتغرب من الشرق. وجاء في التلمود :أنه قبل الطوفان بسبعة أيام , أشرقت الشمس من المغرب وغربت من المشرق! ولماذا نذهب بعيدا, اسمع الله تعالى يقول:{رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ }الرحمن17. وتأمل معي هذه الآية الكريمة: {حَتَّى إِذَا جَاءنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ }الزخرف38 , والمراد هنا "ببُعد المشرقين" هو مسافة كبيرة , بل أكبر مسافة ممكنة , ولا يتحقق هذا المعنى إلا إذا كان ذلك بين نقطتي مشرق ومغرب متقابلتين على طرفي الكرة الأرضية , لكن الله تعالى يقول (المشرقَين)أي بين نقطتين تشرق منهما الشمس ,فأثبت الشروق للشمس من هاتين النقطتين وهذا غير ممكن إلا بحدوث الانقلاب المشار إليه . وقد "كتب الفيلسوف العربي ابن رشد في القرن الثاني عشر عن حركتيْ الشمس في اتجاه الغرب واتجاه الشرق. بل إن ما سمعه "هيرودوت" في مصر عن عكس حركة الشمس هو عن حدوث ذلك أربع مرات! وبحسب حوليات المصريين القدماء فإن الشمس كانت تشرق من الغرب ثم من الشرق ثم مرة أخرى من الغرب وحاليا من الشرق(رب المشارق والمغارب) . يتبع- بتصرف من كتابنا (القرآن بين المعفول واللامعقول)-نبيل هلال هلال
#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟