الدول الغربية وأمريكا لديها رغبة في تحجيم داعش وليس القضاء عليه
سامان كريم
2016 / 1 / 10 - 21:20
سؤال: في هذه المرحلة أختلف ميزان القوة العسكرية داعش بدا يخسر بعض المناطق التي سيطر عليها في العراق أو في سوريا، وتحديدا بعد القرار الأخير لمجلس الأمن حول حل الأزمة السورية.. بالمقابل نجد أن أمريكا والدول الأوربية تعيش هاجس الأرهاب والعمليات الأرهابية داخل أراضيها.. وقد بدا ذلك واضحا في الأستعدادات الأمنية الكبيرة في أمريكا وبعض الدول الأوربية التي رافقت الأحتفلات براس السنة.. لا بل أن دولا مثل بلجيكا ألغت الأحتفالات خوفا من العمليات الأرهابية.. هل نحن أمام نهاية مرحلة داعش ككيان ودولة وبداية مرحلة جديدة من الأرهاب؟؟ خصوصا بعد قيام حكام السعودية بأرتكاب جريمة الأعدام بحق رجل الدين الشيعي نمر النمر.. ومارافقه من تصعيد طائفي من قبل حكام ايران..
داعش ليس بدولة ولاهي دولة كما تدعي او كما تحاول بعض الاطراف الدولية والمؤسسات الاعلامية العالمية والمفكرين الماجورين وما بعد الحداثيين تسميها دولة. ليس دولة ونحن لسنا امام نهاية هذا الكيان البرجوازي الوحشي الارهابي. داعش كيان وحزب سياسي برجوازي ارهابي كبير, مثله مثل احزاب الاسلام السياسي كالاخوان المسلمون, العدالة والتنمية التركي, النهضة, القاعدة, بيت المقدس, الشباب المجاهدون.. البنية الفكرية هي هي نفسها, الاهداف والرؤية هي ذاتها, اما اسلوب العمل فيختلف. عليه لن يسقط داعش بمعنى السقوط وانهيار مثل انهيار الدولة العراقية جراء الاحتلال الامريكي. داعش مليشيات وقوة مسلحة متنوعة مثلها مثل الميليشيات الاخرى, بقائها مرهون بالوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي العام في المنطقة. هذا الفكر والاسلام السياسي سيبقى ركنا استراتيجا امريكيا وغربيا لابعاد اية تحركات ثورية وعمالية، ولابعاد الفكر القومي الوحدوي حتى نظرا لخطورته على اقتصاد السوق ومشتقاته.
هناك رغبة عامة خصوصا لدى الدولة الاوربية بصورة خاصة وامريكا بصورة عامة رغبة لتحجيم داعش وليس القضاء عليه. تحجيمه ليتسنى لهم ترويضه, بالتالي يتحرك وفق اهداف امريكية, بالطبع هناك اختلاف بين امريكا واوروبا حول هذا الامر والدور الذي يلعبه داعش في اطار سياسات امريكا.
الدور الروسي في تحجيم داعش وحتى تدميره كبير ومؤثر وجدي نظرا لخطورة هذا الكيان على دور روسيا وموقعها الدولي في اسيا والشرق الاوسط. بصورة عامة الدور الروسي اثر كثيرا على تعديل تصور ورؤية البلدان الاوروبية حول خطر داعش، خصوصا بعد اعتداءات باريس والحالة المتازمة في بلجيكا.. ودورها ايضا في فضح السياسات التركية والامريكية حول هذا الامر. القضية بالنسبة لروسيا هي ان تحجيم داعش بمثابة تحجيم وتقليم اضافر امريكا وحلفائها في المنطقة. عليه ان سياسة كنس وتدمير داعش وارهابه هي سياسية محورية لروسيا لردع امريكا وتقوية نفوذها السياسي على حسابها. في الوقت نفسه ان روسيا تدعم الحركات والدول والاحزاب التي تمارس الطائفية والارهاب باشكال مختلفة. المحصلة النهائية هي تقوية المسار الطائفي وتعميق الشرخ والفجوة بين المجتمعات على اساس هذه الهوية الخرفة.
امريكا لا تهدف الى تدمير داعش ربما ترغب في قطع اوصاله وتحجيمه بالتالي ترويضه وفق مصالحها السياسية. داعش بالنسبة لامريكا هي الدولة القادمة الدولة السنية وتقسيم المنطقة على اساس الهوية الدينية والطائفية ولكن بدون تسمية داعش.. تغير اسم داعش الى اسم مقبول بالتالي وضع دولته في اطار التسوية السياسية في المنطقة, هذا ما تهدف اليه امريكا. عليه ان داعش بالنسبة لامريكا وتركيا والسعودية, ركيزة سياسية اساسية. اما بخصوص اوروبا هي اكثر تشددأ مقارنة بأمريكا, وهي تقترب اكثر من روسيا. من هنا نرى الخوف الامريكي ويجب ان نفهم رد الفعل الامريكي ازاء داعش من هذه الزاوية وليس من زاوية حربها ضد الارهاب, الحرب الذي اصبحت اضحوكة ارهابية.
بهذا المعنى ان داعش والارهاب بصورة عامة سيبقى وان عدم بقائه مرهون بسقوط انظمة برجوازية كثيرة في المنطقة, مرهون بالثورة الاجتماعية الكبيرة على صعيد المنطقة. لكن هذا لا ينفي النضال اليومي والمباشر بوجه الارهاب على الصعيد الفكري والسياسي والعسكري, في اية منطقة او بلد كان, بل تدفع النضال بوجه الارهاب الى مديات اقوى واوسع.
داعش ضعف في العراق وفي سورية ايضا وخسر ما يقارب 40% من اراضيها في العراق وخسر الرمادي، ولكن سيبقى كقوة ميلشياتة ارهابية قوية لان بقائه ركن من اركان استراتيجية لبلدان كبيرة مثل امريكا وتركيا والسعودية.. هذا جانب من القضية والجانب الاخرى انها قضية الفكر ايضا وفكر الاسلام السياسي جميعه، من الاخوان المسلمين الى بيت المقدس الى العدالة والتنمية التركية والنهضة التونسية..
السعودية تحاول التصعيد بوجه ايران وسياساتها, ان اعدام النمر هو جزء من هذه السياسة, عبر التصعيد تحاول تشكيل محور عربي بوجه ايران وسياساتها، ولكن فشلت في هذا الامر لحد هذه اللحظة. القضية تبدوا طائفية ولكن اصل القضية هي قضية سياسية بين السعودية وايران للاستحواذ والسيطرة على مكانة وموقع بارز في منطقة الشرق الاوسط، الصراع هو سياسي على التبوء لقيادة المنقطة ولكن الفكر والايدولوجية التي تحركها هي طائفية, وهي خرافة ووهم.
نحن امام جولة اخرى من صراعات ارهابية بين مختلف الدول على حساب الجماهير الكادحة في سورية والعراق واليمن وليبيا.. قلت واوكد ان الطبقة العاملة هي الوحيدة التي ليست لها مصلحة في الارهاب في هذه المرحلة. هذه المرحلة هي المرحلة التي تفرض الارهاب على الراسمالية وبهذا المعنى, ان بقاء الرأسمالية خطر على المجتمع البشري.