صافي الياسري
الحوار المتمدن-العدد: 5011 - 2015 / 12 / 12 - 18:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أوراق متناثرة..
قوة الديمقراطية ام قوة القسر؟
صافي الياسري
كراهية العنف والحرب كرستها نتائجهما في ثقافات عموم شعوب الارض، ومن بينها العرب،وقصيدة الشاعر زهير بن ابي سلمى في ذمها قلادة في جيد الادب العربي وثقافة السلام .
والقسر والديمقراطية نقيضان في وسائلهما وثقافتهما وسلوكهما وقوانينهما ونتائجهما،لذلك لا يمكن التعايش مع مصطلحات الفرض والقهر ، فهي انسحاب قسري الى ارض قتال وصدام وعودة بالبشرية والانسانية الى عصور الظلام، بينما تمكن قوة الديمقراطية من إشاعة مفاهيم السلام والتعاون والتضامن والمصالح المتبادلة بدلا من المصالح المتقاطعه .وكل الحروب التي خاضتها البشرية في تاريخها كان من الممكن تجنبها لو استبدل منهج التقاطع بمنهج وثقافة الحوار،ولو طغت لغة التسامح وافتراض حسن النية بدلا من لغة الاقتصاص وافتراض سوء النية . قوة القسر وهي طبيعة الانظمة الدكتاتورية والشمولية جاهدت الانسانية عصورا للخلاص من ربقتها ، بينما تستمدالديمقراطية قوتها من آلية الإقناع والتصالح واحترام إرادة وراي وافكار الآخر وتطلعاته، والاحترام هنا يقصد به التعاطي الإيجابي مع تلك الارادة وذاك الرأي، وبخاصة حين تكون إرادة وراياً يعتنقه مكون من مكونات الشعب الاساسية،ذلك ان إهماله يعني الدخول المباشر في حلقة الدكتاتورية الفئوية التي تتناسل بحتمية مؤكدة دكتاتورية فردية، وهذا هو ما يحدث اليوم على الساحة العراقية، فإنعدام الثقة بسبب سوء الفهم وخفوت لغة الحوار الجاد،وصدق النوايا والافعال، لا يوفر جوا لتبادل الخبرات والاراء والحلول وقيادة السفينة، فكل طرف يظن ان الآخر يريد الانفراد بالدفة، وانه يفكر في الأكل من جرف الاخر، وليس من حل حقيقي ممكن وناجع، الا بتغليب قوة الديمقراطية وإبعاد قوة الآلة البوليسية وفرض الرأي والقسر،فان غلبت حقا قوة الديمقراطية، وابتعد الخطاب الصدامي، امكن توفير بيئة الحوار ومن ثم الوصول الى خطوط الثقة وتبادل الافكار والدخول الى ساحة الحل، كما ان توتر الاجواء المتبادل يعني الصعود المستمر الى سقوف العنف،وهو ما لمسناه واقعا في احداث الفلوجة والحويجة والانبار وبعقوبة التي ما زالت تنذر بالمزيد من العنف وانعدام الثقة والصدام . ولا يعني هذا الصعود الا حفر خنادق متقابلة كلما طال أمد وجودها تعمقت وأتسعت وصعب ردمها، الا بزمن مضاعف، يضيع من اعمار الشعوب، وبجهد مستنزف من قدراتها وامكاناتها التي يتوجب صرفها في تيارات العمل والبناء الخلاق والتنمية المستدامة في كل المضامير، يحدث هذا في زمن تتنافس فيه بلدان العالم وشعوبها على تطوير قدراتها على اجتراح المعجزات في ميادين صناعة الانسان الحر المنتج الواعي المبدع وتوفير البيئة الصالحة لإستثمار طاقاته ورفده بوسائل اشباع حاجاته، وكلنا على بينة ان الحرمان والتهميش والجور والجوع والجهل عناصر بيئة التمرد والارهاب والعصيان والثورات المدمرة،وان تجفيف منابعها جدليا وبوسائل إيجابية، هو السبيل والوسيلة الاسلم لضمان مجتمع متصالح مع نفسه يحترم الاخر فيه احترام الذات ذاتها، فالعنف لا ينتج الا العنف.
#صافي_الياسري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟