|
مجنون عبّاد الشمس
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 4995 - 2015 / 11 / 24 - 20:51
المحور:
الادب والفن
في مكتبه بالمصحة العقلية، كان الطبيبُ مع ابنته يراقبان عبرَ النافذة أحدَ المرضى. الابنة، وكانت فتاة يانعة الحُسن والسنّ، دبّ فيها الفضول للتعرّف على ذلك المريض، الذي كان يقف خلف حامل الرسم. لم يُشجعها والدها عندئذٍ. ولكنه، في يوم آخر، حذرها من خطورة التمادي في التقرب من مريضه: " إنه في حالة حرجة حالياً. ولو أنه فهمَ اهتمامك به بشكل خاطئ، فالعواقب ستكون وخيمة على صحته " " ولكنني لا أفعل شيئاً، غيرَ تشجيع موهبته الفنية "، أجابت الابنة. عبّرَ الأب عن ضيقه بالقول " فنان موهوب! إن سببَ حالته، لو تعلمين، هيَ أنه يؤمن بموهبة مزعومة ". عادت الفتاة إلى التوضيح: " أعني من الممكن تشجيعه، بالقول له أنه كذلك ". على الرغم من معرفة الطبيب بخُلق الابنة، وأنها أعقل من أن تُغرم بشخص يعاني من لوثة عقلية، إلا أنه أبدى بعض القلق من اصرارها على مواصلة الاهتمام به: " أعرف أنك خرجتِ معه أكثر من مرة إلى حقول بلدة آرل، المجاورة. هذا خطر! ". ارتسمت على شفتيّ الابنة ابتسامة ساخرة: " أي خطر في مرافقة شابّ مسكين يتنكّب حاملَ لوحاته وريشاته، حينما يمضي ليصوّر أزهارَ عبّاد الشمس؟ ". بعد عام أو نحوه، رافق الطبيبُ صديقاً له إلى جناح المرضى. هذا الصديق، كان يملك متجراً لبيع اللوحات والتحف في العاصمة باريس. ثمة في القاعة الواسعة، التي تضم صفين من الأسرّة، لاحظ الزائرُ لوحةً تغطي جانباً من إحدى النوافذ. اقتربَ من النافذة تلك، ثم راح يتأمل ملياً اللوحة: كانت تصوّرُ باقة من أزهار عباد الشمس. " إنها من رسم واحد من مرضاي، وقد توفيَ منتحراً قبل بضعة أشهر. لقد جعلها زملاؤه بمكان زجاج النافذة المكسور، لاتقاء البرد. ولكن بعد رحيله. إذ كان المسكين مهووساً بفكرة أنه رسامٌ حقيقيّ، وهوَ من لم يتمكن خلال حياته من بيع لوحة واحدة! "، قالها الطبيبُ. وكان عليه أن يشعرَ بخدش في كبريائه، حينما طلبَ صديقه الاحتفاظ باللوحة: " هيَ لك بالطبع. لا تعتبرها كهدية. فإنها بلا أي قيمة فنية كما ترى "، قال الطبيب بشيء من الحَرَج. بعد حوالي مائة عام، حققت ذات اللوحة أعلى سعرٍ في تاريخ المزادات العالمية.
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قانون فرعوني
-
مثير الغبار
-
سيرَة أُخرى 2
-
الطليعي
-
البطة الطائشة
-
أدباء وعملاء
-
سيرَة أُخرى
-
تحت شجرة بلوط
-
الفلك
-
الفخ
-
الإختيار
-
صداقة
-
ابن حرام
-
مولانا
-
البهلول
-
جمال الغيطاني؛ ختامُ الكلام
-
ذكرى
-
بسمة ساخرة
-
الحرية
-
الثعلب
المزيد.....
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|