محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 4995 - 2015 / 11 / 24 - 12:58
المحور:
الادب والفن
سوزان اشترت غسّالة صغيرة قبل أيام. تضع الغسيل فيها ثم تذهب إلى عملها. وفي المساء (على العكس من بقيّة نساء الحيّ) تأخذ الغسيل وتصعد به إلى سطح البيت. تجد عبد الرحمن يتمشّى هناك ومسبحته في يده (عبد الرحمن يقول: الشرّ في كلّ مكان). سوزان لا تكلّمه من باب التخفيف عليه، وهو لا يكلّمها من باب العفّة وقمع الشهوات. وهي تقارن بينه وبين أخيه الذي يجوب العالم بحثاً عن امرأة أحبّها، وتتعجّب بينها وبين نفسها كيف يذهب الناس مذاهب شتّى!
وهي تنشر ملابسها على حبل الغسيل، وتفكّر في المدى الذي سوف تذهب إليه علاقتها بصديقها المحامي الذي يتدرّب في مكتب للمحاماة. هو لم يعرض عليها الزواج، ولو فعل لقبلت. غير أنه ألمح إلى شيء له علاقة بذلك قبل يومين، حينما قال لها: في المدينة أزمة سكن، فماذا يفعل من يفكّر في الزواج؟
سوزان تنتهي من نشر غسيلها. وهي الآن تتأمّل أسطح البيوت المجاورة، ولا تلقي بالاً إلى عبد الرحمن. تلقي نظرة على البيت الذي استولى عليه المستوطنون. إنّه غارق في الصمت لسبب ما. ترى أناساً قليلين على هذا السطح أو ذاك. تشعر بإلفة مع القدس التي يخيّم عليها الليل.
وهي بعد نصف ساعة تعود إلى غرفتها. تخلع ثوبها المطرّز بخيوط حمراء وخضراء. تضطّجع في سريرها، تتأمّل جسدها الفتيّ لحظة، ثم تحاول ترتيب أشياء متناثرة في ذهنها لكي تشعر بانسجام، ولا تنام إلا بعد ثلاث ساعات، وهي لم ترتّب في ذهنها سوى قليل من الأشياء.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟