أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - عن الشعر ومهام الشاعر














المزيد.....

عن الشعر ومهام الشاعر


فواز قادري

الحوار المتمدن-العدد: 4992 - 2015 / 11 / 21 - 21:04
المحور: الادب والفن
    


في زمن الجريمة الفلكيّة التي يرتكبها العالم بحق السوريين، في زمن هذا الأخطبوط البحري الذي لا يكفّ عن التهام لحم الأطفال المتبّل بملوحة البحر وحليب الأمهات، أخطبوب بملايين الأذرع وملاين الحراب، يأخذ كل يوم حفنة تلو الحفنة من البشر ولا يشبع، ويترك البلاد بلا ظلال أرواحهم وبلا أثر خطواتهم وبلا حتى نشيج. أخطبوط أرضي بجنود كالهياكل مطعونين بصدفة ولاداتهم في محرقة الدكتاتور ومنذورين لجحيمه في هذا العصف: جنود قوارض، جنود حثالات، جنود عناكب، جنود خارجون من مغاور التاريخ الأسود، كاريكاتير لدكتاتور خيال مآتة، دكتاتور لاعق، دكتاتور أجير، دكتاتور بصواريخ وطائرات وبراميل ديناميت تفتّت قلوب وأجساد الناس والحجر، وأيضاً، يلتهم العشرات والمئات وبالمحصلة، مئات الألوف من البشر يصيرون هباء، بلا مقابر وبلا ملامح متعارف عليها للموتى العاديين الذي شبعوا من الحياة، في زمن هذا النزوح المهول، زمن هذه الجريمة العلنيّة والتي تتمرأى فيها كل يوم، قوانين هذا العالم البزاقي، هذا العالم المائع الهلامي المشارك بالقتل والمتباكي كتمساح غبيّ، يحاول مسح آثار بصماته عن روح الضحيّة التي لم تكف عن ترديد كلمة اللعنة عليه وعلى الجزار، قبل أن تلفظ أنفاسها، يمسح أثر بصماته عن أدوات الجريمة، دولاً كانت، أم عصابات، أو قتلة عابرو قارات، يمسحها ببعض المساحيق التي تزيده بشاعة وتشير إليه حتى يفطن إلى ذلك، من لم يفطن من قبل!
في هذا الزمن ما مهمّة الشعر والشاعر؟ سؤال ينفي كل ما توصّل إليه علم الجمال وتطوّر مفهوم الشعر، والانتقال الذي تمّ، من القول، إلى الإيحاء والإشارة، من اليقينيّات إلى الومض والبرق الخاطف الذي يضيء ما ليس مضاء بعد، في النفس البشرية والطبيعة وجغرافية الجزء الذابل أو الزاهي من هذا الكوكب الذي يزدحم كل يوم بالجديد، في هذا الزمن الموصوف بكل ما هو شائن، ماذا سيكتب الشاعر؟ وكيف سيكون جديراً أو نبيّاً لهذا العصر الذي لم يعد ينتظر الأنبياء ولا الآلهة؟ وروحاً لهذا الكوكب المهدد بالانزلاق إلى الحضيض، من الحضيض إلى الحضيض لعدة عقود قادمة، قبل أن يأخذ ضربة موجعة أخرى على رأسه، ضربة أوجع من كل ما سبق هذه المرّة، وقد يستفيق أو لا يستفيق منها، ومن هذا الغبش الاستعلائي وغير المسؤول الذي يتم فيه ترسيخ تقاسم العالم بين الدول المفترسة والتي لا تسمح لغيرها بالافتراس، ولكنها تترك فضلات ما تفترسه لحكام يسجدون لمشيئتها شاكرين، وشرط أن تكون مصالح هذه الدول مضمونة ومكفولة ولا يقاربها الحاكم الذي يفترس شعبه بالسرّ أو العلن فلا فرق بالمحصّلة، وحالة الثورة السوريّة وحجم وطبيعة الجرائم العلنية غير المسبوقة، شاهد يفقأ الأعين!

إجابة بسيطة، كافية باعتقادي، لوضع ملامح نهائية لوظائف الشعر: لا مهام ولا وظائف للشعر، الشعر وظيفته الوحيدة أن يكون شعراً، الوظائف يعني أن نذهب إلى المعنى بشكل مقصود وواع، يعني أن ندخل بكامل عتادنا الفكري إلى رحاب القصيدة، وهذا من مهام الفكر والمنطق فقط، وحين يحاول الشعر أن يأخذ شيئاً من هذه المهام، يكفّ أن يكون شعراً! فالشعر ليس أجيراً عند أحد، لا فكر، لا قضيّة، ولا كوارث إنسانية، لا الحرب ولا الحب ولا حتى الثورة تنجيه من الإسفاف والخطل حين يكون في هذا الموقع!

وكون الإنسان بطبيعته لا يستطيع أن يعيش منفصلاً عن بيئته ومحيطه، ومنفصلاً عن حياة شعبه ومعاناته، هذا بالنسبة إلى الإنسان العادي، فكيف بالشاعر الإنسان، الشاعر الذات الكونية التي لا تستطيع أن تكون بعيدة وغير مؤثّرة ومتأثرة بحال الكوكب، أولاً، وبناسه وبلاده ثانياً، وفي بعض الأحوال، ولأنه لا يتعامل مع شعره وظيفيّاً، ولا يقتنع بصيغة: “يجب أن تكتب” لا يستطيع أن يكتب في الحدث وعن الحدث، لأنه يجب أن يكتب، ولكنه ينتظر تدفّقه الطبيعي، تدفّق غيمة روحه المشبعة ببرق وبمطر اللحظة والحالة، دون تأثير أيّ شيء خارجيّ واع يضغط عليه، وإحساسه الحقيقي والصادق بما يدور وحجم علاقته به، ولكنه في المقابل، هو يحتوي على كل هذه الأشياء، كونه روح الإنسانية التي لا ترى الذي على السطح فقط، بل ترى في العمق أيضاً، وكونه روح الحياة وقوس قزح مطرها، وحتى قوس قزح جفافها المبشّر بمواسم خير قادمة، وجرسها المنذر في بعض الأحيان.



#فواز_قادري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموت خرافة الحياة كرنفال
- أعد أعد ولا أنتهي.
- دهشة
- لاتترددي.
- رسائل مختلفة
- غرفة وحيدة بلا جدران 7
- مقطعان
- يد.. إلى: أنجلينا جولي.. وإلى الكثير من النساء.
- أغنية صغيرة للأمل
- لها: وهي مشبوحة عطشانة وجوعى على الفرات.. حصار
- تعالي إلى مقهى الرصيف
- أربعة أعوام كاملة.. ومازل حيّاً فيكَ الأمل.
- من مزامير العشق والثورة 1
- لم أستسلم بعد
- كئيب هذا المساء
- لا ينقص صباحكَ أيّ شيء
- رواية عشق قصيرة جدّاً.
- البارود يا نوبل العزيز.
- عيد الحب يمرّ على الحزانى أيضاً
- شيء يشبه الرثاء.


المزيد.....




- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - عن الشعر ومهام الشاعر