أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - فيليتسيا البرغوثي - الطاهي الداهي














المزيد.....

الطاهي الداهي


فيليتسيا البرغوثي

الحوار المتمدن-العدد: 4991 - 2015 / 11 / 20 - 08:33
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    



الداعشية تركيبة من خلطة أعدت لطبخة دسمة قذرة، الطاهي فيها ماهر جدا، عرف كيف يمر مرور "الكرام" بوجبته ليفتح شهية اللاكرماء من الجبناء على مزيد من الغبن الغباء. أدرك هذا الطاهي شراهة الالتهام وسر الإدمان على هذا الالتهام، وعلم جيدا أن وجبته تروق لملايين البطون ومعِداتهم، موحدا "الذوق" العربي والغربي في فنون الالتهام، برغم الاختلاف الكبير في ثقافة التذوق لهوية الأشياء وأصولها ونهاياتها. وجبة هذا الداهي، وحّدت المذاقين، مذاق يلتهم في العلن بوقاحة ودون أي اعتبار لشيء، وآخر يلتهم في السر بخبث مغلف بأغلفة براقة وجذابة لناظرها وسامعها . لكن اللغز ليس في الطبق المعّد ولا في تلك الوجبة، بل في سِر وصفتها ومكوناتها، سِر يمتلكه الطاهي وحده. الطاهي "المجهول" الهوية والجنسية والجغرافيا والدين والثقافة،"اليتيم الأبوين" كيف لا والكل ينكره و الكل يدّعي ان لا صلة له لا من بعيد ولا من قريب، لا بل الكل يدعي انه عدوه اللدود. أما البحث عن هوية الطاهي وأصله وجذوره فسيبقي غائما ضبابيا بضبابية النوايا ، ومعقدا بتعقيدات الحالة. وتائها بضياع الأجندة.
الطاهي الداهي "الذكي" أدرك تفاهة وسطحية الأذواق و جاحتهم الملحة للالتهام، فقرر ان يعذي هذه النزعة مستثمرا في الرغبة الملتهبة المكبوته والمقيدة، ونزعات الانتقام وليدة الفقر والحرمان والكبت الخوف وحب السلطة والمال. هذا الطاهي استثمر بامتياز ودهاء بهذا الجهل المستفجل لذوي الرؤية المحدودة، وجهلهم بلغز الهيمنة، وانبهارهم بالقشور، وواصل طهو وجبته على نار هادئة أحرقت العالم بدخانها، وأبقت على وقود الشر في جعبتها وبين تفاصيل وصفتها "السحرية". وجبة قذرة"شهية" للأشرار انصهرت في معدنها الفاسد وحالتها المادية الشهوانية، المغذاة من وهم الإدعاء وزيفه. دعوهم يتسوقون من "سوق الصبايا" لاختطاف الزوجات الكثيرات الصغيرات الطفلات، دعوهم يغتصبونهن كي لا يستيقظوا من سباتهم ويحلموا "بجواري الجنة" اللواتي سيأتين لهم من كل صوب، بعد كل حريق يشعلوه.
الطاهي "الماهر" أدرك جيدا كيف يتلاعب في "شؤون النفس البشرية" الهشة ليعد وجبته، وعرف كيف يمد جسور التواصل لاجزاء تلك الوصفة التي عبرت حدود الأرض وحدود السماء، فأدواته كانت وسيلته، النفس الساكنة في الظلام والخراب المعرفي، والعارية فوق اللباس، التواقة للجنس والمال والثروة والهيمنة و الاستعمار و"النجومية" قبل الموت وفيه وبعده. الطاهي عرف كيف سيوحد أجزاء وجبته ليجزأ العالم ويتفرد وحده بمطبخه.
الطاهي ينطر من نافذة مطبخة "كمتفرج محايد" يفكر في وصفة لوجبته القادمة التي سيعيد بها ملأ خزانة الطافح برأس المال من المخزون الفارغ من القيم والمشبع بالخرافات. الطاهي سيوقع عقد صفقته الجديدة مع جذور الظواهر من جديد ليعذي نزعته في الشر والانتقام والاختلاس ويؤكد على مهارته في الطهو السري، تاركا الشرفاء في حيرة السؤال عن مكمن الإنشطارات يتحققون من سلامة أدمغتهم التي استعصي عليها احتمال ما لا يحتمل.
لكن ما لا يدركه هذا الطاهي أن موته أصبح "حتميا" وأنه سيقتل يوما بأدوات طهوه ذاتها. فمنطق "الأقزام" الذي يمس "قداسة" الذات الإنسانية وحقها الطبيعي في حياة آمنة، سيدفن يوما ويداس تحت الأقدام.
المجد في السماء لكل شهداء الأرض وأحرارها، والمجد في السماء لكل ضحايا التفجيرات الإرهابية في كل بقاع الأرض. والموت للطاهي الداهي ولمن يقف خلفه وأمامة وبجانبه.



#فيليتسيا_البرغوثي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش اللقاء الذي أجرته فضائية الميادين مع أحد الدواعش
- رمزية الفنانة فيروز في الثقافة الفلسطينية.
- -فوضى- الحب في انضباط القلب
- مايا أنجيلو: الأيقونة السوداء
- روح المعنى
- الطلق والطلَق


المزيد.....




- العثور على قط منقرض محفوظ بصقيع روسيا منذ 35 ألف عام.. كيف ب ...
- ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف -الناتو- في فلوريدا ...
- الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ ...
- صواريخ حزب الله تقلق إسرائيل.. -ألماس- الإيرانية المستنسخة م ...
- كيف احتلّت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، ولماذا انسحبت بعد نح ...
- باكستان ـ عشرات القتلى في أحداث عنف قبلي طائفي بين الشيعة وا ...
- شرطة لندن تفجّر جسما مشبوها عند محطة للقطارات
- أوستين يؤكد لنظيره الإسرائيلي التزام واشنطن بالتوصل لحل دبلو ...
- زاخاروفا: -بريطانيا بؤرة للعفن المعادي لروسيا-
- مصر.. الكشف عن معبد بطلمي جديد جنوبي البلاد


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - فيليتسيا البرغوثي - الطاهي الداهي