|
البطة الطائشة
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 4985 - 2015 / 11 / 14 - 17:55
المحور:
الادب والفن
كلّ شيء اتسمَ بالروعة، هناك في البركة الفارهة، لولا وجود زوجُ التماسيح. سربُ البط، المستوطن في تلك الناحية، كان لا يكاد يرى مناظر الطبيعة الفاتنة طالما هاجسُ الفناء يتبطن دواخل أفراده: " كلّ منا ينتظرُ دورَهُ في لعبة الموت هذه "، كان الواحد منهم يقول للآخر مُعبّراً عن الذعر وقلة الحيلة. إلا أنّ أكبرَ السرب سناً، وأكثرهم تجربة، كان يحاول تهدئة مخاوف جماعته: " أنظروا إلى قطعان الثيران والغزلان، كيف تفتك بها الضواري. على الأقل، نحن لدينا أجنحة ". " وما نفع الأجنحة، في آخر المطاف، ما دامت التماسيح تترصدنا؟ "، انبرت إحداهن للرد. هذه الأخيرة، كانت معرّفة بالطيش ضمن السرب. على ذلك، فإن كبير البط خاطبها ببرود: " أرجو ألا يكون لديكِ فكرة جديدة، خرقاء، كالتي سبقَ وأثبتت طيشك بل وعجزك أيضاً ". على الأثر، انطلقت بعض التعليقات بين الحاضرين مشفوعة بالضحك. وقالت البطة المعنية بهدوء: " حينما لم أستطع نقرَ بيض زوج التماسيح، كما كنتُ قد اقترحت عليكم، فليسَ ذلك لعجز مني. بل إنني فكّرتُ، بأنه من العبث التخلّص من أفراخ بريئة ما دام ذلك لن يمنع أبويها من انجاب المزيد ". ثم استطردت في شيء من التردد " أنتَ بنفسكَ قلتها، أيها الحكيم؛ إننا نملك أجنحة. وعلى كل حال، فإنني لن أمكث هنا حتى يحين أجلي بين أنياب عدوّنا ". في ساعة السّحَر، انطلقت البطة الطائشة محلقةً فوق البركة. دارت ثمة، وكأنما لكي ترى مسقط رأسها لآخر مرة. من علو، ألقت نظرة ساخرة على المخلوقات المتراخية: " وداعاً، أيتها الأسراب والقطعان العاجزة! "، هتفت بصوت مرتفع فيما هي تعبّ بعمق الهواءَ العليل والمنعش. بعد عدة فراسخ، لاح لبصر البطة بركة كبيرة نوعاً، ارتسمَ على مياهها ظلُ القمر فبدت كأنها عينٌ حوراء: " يبدو لي أن المكان خالٍ تماماً من التماسيح أو أفراس النهر "، تمتمت وهيَ تطمئن نفسها. ولأنها لم تنم منذ الأمس، فإنها ما أسرع أن انتقت بقعة مناسبة ثم لوت عنقها داخل أجنحتها واستسلمت للنعاس. القمر، كان هو الشاهد الوحيد لما انبثق الفك المفترس من أعماق البركة الموحشة.
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أدباء وعملاء
-
سيرَة أُخرى
-
تحت شجرة بلوط
-
الفلك
-
الفخ
-
الإختيار
-
صداقة
-
ابن حرام
-
مولانا
-
البهلول
-
جمال الغيطاني؛ ختامُ الكلام
-
ذكرى
-
بسمة ساخرة
-
الحرية
-
الثعلب
-
مدوّنات: أخباريون وقناصل
-
الصديقتان
-
الغابة العذراء
-
زجاجة مكياج
-
الجرف
المزيد.....
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|