كرار حيدر الموسوي
باحث واكاديمي
(Karrar Haider Al Mosawi)
الحوار المتمدن-العدد: 4975 - 2015 / 11 / 4 - 02:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
صفة الفساد والذي بدأ صغيراً ثم اخذ يكبر ويكبر ككرة الثلج ولتصبح موجودة في كل مرفق من مرافق الدولة مافيات تسيطر على هذه الوزارة أو الدائرة وبإشراف من مسؤول تلك الوزارة أو الدائرة ولتصبح هذه المافيات تمتد إلى اصغر مرفق من مرافق الدولة ومستعدة لأي مجابهة مع أي شخص في حالة التصدي لهذه المافيات لتصل إلى حد التصفية الجسدية وكل هذه المافيات تدعي أو هي في الواقع حقيقة واقعة بأنها ترتبط بالأحزاب المشاركة في العملية السياسية وأصبحت من القوة بحيث أصبحت دول داخل الدولة العراقية يديرها المتنفذون في السلطة ومن الحيتان الكبيرة وهم معروفين من قبل أبسط مواطن عراقي وكلهم يدعون الدين والتستر به ويلبسون جلباب الدين الكاذب ويدعون الشرف والنزاهة ولكن هم أبعد ما يكونون عن ذلك وكل هذا كان يحصل وفي كل الحكومات المتعاقبة كما اشرنا آنفاً ولحد وصول الحكومة الحالية والتي من المفروض أن تعالج كل هذه الحالات الفاسدة ومن ضمنها تطبيق مقولتها في التغيير ومن ضمنها مكافحة الفساد والمفسدين ولكن برغم مرور مايقارب السنتين على عمر الحكومة فلم نلاحظ أي تغيير أو طرق جدية لمكافحة الفساد وتأشيرها والعمل على أزالتها ولم يتم إقالة أو طرد أي من الفاسدين من مناصبهم الحكومية وجلب العناصر النزيهة وذات الكفاءة والخبرة العالية بل بقى الحال على وضعه وكل المسؤولين ومن الوزير إلى أبسط منصب يتبع للمحاصة الطائفية والحزبية ويجب أن يكون هذا المنصب لهذا الحزب وذاك المنصب للحزب الآخر بموجب المحاصصة المقيتة والتي ولحد الآن تجلب الويلات والدمار للعراق وشعبه وقد يقول البعض أن الوضع الحالي للبلد يستوجب وما يتعرض له من تهديد من قبل داعش والإرهاب العالمي يجعل من المستحسن التأني في هذا الأمر .
ولكن هذا المفهوم هو خطأ وهو يمثل خطر كبير على العراق لأنه أثبتت الأحداث أن الخطر الكبير للفساد يسير في خط متوازي مع خطر الإرهاب وما يتعرض له الوطن وشعبه من هذين الخطرين الحقيقيين ولإثبات صحة ما نقوله ما حدث في مجزرة خان بني سعد التي أثبتت حدوث هذه المجزرة بسبب وجود عدد من العناصر الأمنية الفاسدة في هذه المنطقة والتي سهلت مرور هذه الشاحنة المفخخة وحتى ما حدث من مذبحة سبايكر وسقوط الموصل وحتى الأنبار كان بسبب وجود الرؤوس الفاسدة في كل حدث مأساوي يحدث في بلدنا وكان القاسم الأكبر في حدوث كل هذه الفواجع هو الفاسدين بل كان له النصيب الأكبر في كل ما يحدث وحصد الأرواح البريئة كان بسبب هؤلاء الفاسدين والذين هم يوازون ما يقوم به الدواعش من إجرام وقتل بل هم مشاركين أساسيين في كل ما يجري على العراق وشعبنا الصابر الجريح من مآسي ومحن وويلات.
وقد بلغ وجود الرؤوس الفاسدة حداً لا يطاق وكل هذه القوى الفاسدة يتم دعمها وبمباركة من أحزابنا الموجودة في العملية السياسية وبغض النظر عن التسميات وحتى كل من هذه العناصر الفاسدة تكون بمأمن من المسائلة والاستجواب لأنها محمية من قبل رؤساء كتلها وأحزابها وأصبحت حتى الكتابة في هذه المواضيع الشائكة يكون كاتبها عرضة للتهديد وحتى للتصفية الجسدية ليكون الأمر ممهد لهم والطريق سالك لكبر هذه الرؤوس وتنفذها لأنها أصبحت فوق القانون ولترتفع أرصدة كل الفاسدين وكل من في العملية السياسية ولتصل إلى أرقام مخيفة حيث وصلت أرصدة المسؤولين العراقيين المودعة في البنوك العالمية بلغ ما مقداره(220)مليار دولار وهذا الخبر تم استقاؤه من مواقع إخبارية رصينة .وأضافت أن هذا المبلغ وحده يكفي لموازنة العراق ولمدة ثلاث سنوات من دون تصدير برميل نفط واحد ومن هنا فليعرف المواطن أين تذهب أمواله وثرواته طيلة السنوات الماضية. ولنتأمل هذا الخبر ولنسير بأنه بأن هذا الرقم مبالغ فيه والذي هو باعتقادي المتواضع هو صحيح لأنه هناك الكثير من الأموال الضائعة والتي لا يعرف مصيرها منها وحدها في زمن حكم بريمر قد صرح بوجود ثمانية مليارات دولار لا يعرف مصيرها وغيرها من صندوق أعمار العراق ليشكل هذا الرقم حقيقة واقعة...........والملفت للنظر أنه نلاحظ وجود لجان اقتصادية في أحزابنا وهي تقوم بجمع الأموال الخاصة بتمشية نشاطات هذا الحزب أو ذاك وهي أموال ليست بالهينة وهذا غير معمول في كل الأحزاب في العالم من وجود هذه اللجان والتي تبين وجود فساد سياسي يضاف هذا الفساد الإداري لهذه الأحزاب وأغلبها وهذا الفساد السياسي قد نشأ بعد السقوط مارسته أحزابنا الحالية وبأبشع ممارسة واستغلال لوضع العراق المأساوي لتصبح هذه الأحزاب وأعضائها عبارة عن إمبراطوريات مالية ضخمة تتحرك داخل الوطن بكل حرية وتحت أغطية الحصانة وعدم المساءلة وفي حالة يتم رفع أصابع الاتهام على هذا العضو أو ذاك فان طريق المطار والهروب سالك له وبعلم الحكومة وكل الجهات الرقابية والتي لا تستطيع عمل أي شيء ضده. وإلا بماذا يفسر وجود هذه اللجان الاقتصادية والتي نقولها بملء الفم وبدون أي خوف أو تردد إلا أنها عبارة عن لجان لجمع المال الحرام والسحت من مصادرها ومن قبل وزرائها وأعضائها كمدراء عامين أو مسؤولين لترتفع بورصة الغنى الفاحش لهذه الأحزاب وقادتها وأعضائها ، ولا يوجد أي تفسير آخر لهذه اللجان.
ومن هنا جاءت توجيهات المرجعية الرشيدة(دام الله ظلها الوارف علينا) الأخيرة ضرورة التصدي لهذا الأمر الأخير حيث جاء فيها ” … طالب ممثل المرجعية العليا من كبار المسؤولين والقيادات المتصدية إن يقفوا وقفة شجاعة وجريئة ووطنية تعبر عن شعور المسؤولين ويبدؤا بعملية مكافحة الفساد من داخل مقارهم من اجل تطوير البلد تطورا اقتصاديا وتنمويا بقوله “إن الأزمة المالية التي يمر بها العراق وما تتطلبه المعركة مع داعش من صرفيات مالية متصاعدة مع ما يلاحظ من اعتماد البلد على موارد النفط كدخل أساسي.. يحتم اتخاذ إجراءات فاعلة تعالج الأسباب الحقيقية لاستنزاف الموارد المالية الهائلة للبلد مع عدم وجود تطور اقتصادي وتنموي يتناسب مع مجموع المدخولات المالية “وهذا التوجيه جاء لأنه بلغ السيل الزبى وأصبح الفساد والمفسدين يهددون أمن وأمان العراق وشعبه ووصل إلى درجة لا يمكن حتى الوقوف والتصدي له وكبح جماحه ومن هنا جاء رد مرجعيتنا الرشيدة لهذا الأمر لأنها صمام أمن وأمان العراقيين ولأنها تمثل العين الساهرة على العراق ومصالح الشعب العراقي الصابر الجريح لتؤشر ما وصل إليه البلد من أمر خطير يسير بسفينة العراق إلى مصير مجهول ولا يوصل هذه السفينة إلى بر الأمن والأمان وهذا ما اشرنا وحذرنا منه في مقالاتنا السابقة ومنذ عدة سنين عن مصير سفينة العراق وسيرها في طريق النفق المظلم والأمواج المتلاطمة وفي وضعنا الحالي نجد أن ما ذهبنا من تحذير وتنبيه لهذا الأمر الخطير ومسير العراق إلى نفق مظلم لايعلمه إلا الله أنه قد أضحى واقع حال وملموس وصحت توقعاتنا وقد أضحى العراق وشعبه على مفترق طريق أما السير بطريق السلامة والأمان أو يصبح في خبر كان ويكون نهباً لكل طامع وناهب ومن كل هب ودب وهذا ما يحصل الآن في وقتنا الحاضر,هنا بودنا ان نسأل وبحرقة بعض مسؤولينا إذا لم تتعلموا من أميركم علي(ع) خدمة الناس وتفقده لأحوالهم وسماع أنين جياعهم وتحسس آلامهم وأوجاعهم وأنتم كل تدعون أنكم تسيرون على نهج أمير المؤمنين(ع) ومن أبناءه فأن لم تتعلموا من هذه الشخصية السامية والعظيمة فتعلموا من أمير الكويت الذي حضر انفجار حسينية الصادق(ع)وبعد حدوث الانفجار مباشرة وقال عبارته المشهورة(هذولة عيالي ونحن لا نفسر هذه الأمور وماتقوم به أحزابنا وكل قادتها وأعضائها الا ماقاله وحلله الكاتب محمد حسنين هيكل في حوار معه حيث يقول “قال الصحفي والكاتب المصري المخضرم محمد حسنين هيكل ان العراق اليوم اضحى عبارة عن بنك استولى عليه مجموعة من اللصوص ليست لهم علاقة لا بالسياسة ولا بحكم ولا بإدارة الدولة!!. وأضاف هيكل في حوار موسع إن العراق كان تركيبة جديدة وان القوى التي أنشأته لم تعد تهتم به وتركته لأهله الذين يرغبون بالتماسك الداخلي فيه. ونحن نقول إن الشرفاء هم وحدهم من ينقذ العراق مما هو فيه من حالة ضياع وتشظٍ وهم كثر إن شاء الله وسوف يتصدرون المشهد السياسي عاجلاً أم آجلاً
يقف العراق اليوم على مفترق طريقين: أحدهما يؤدي الى التخلص من الطبقة السياسية الفاسدة، بينما يؤدي الآخر الى مخاطر الانهيار الكامل للدولة اما الدعوة فهي تقف على مفترق طريقين: اما استعادة سمعتها التي فقدتها بسبب ممارسات رموزها وقيادييها في السلطة، واما الانهيار الكامل لبقايا كيانها وبقايا سمعتها واذا وقفت الدعوة موقف المتفرج (كما تفعل لحد الآن) فسينتهي الامر بها – في افضل الاحوال- الى سقوطها النهائي,اما اذا اتخذت خطوة رائدة لانقاذ العراق (وهي قادرة، كما سنرى بعد قليل) فسوف تكون هذه الخطوة بالضرورة سبباً لانقاذ الدعوة أيضاً واستعادة سمعتها ومكانتها في قلوب الناس وإن الدعوة قادرةٌ على تقديم مبادرة لانقاذ العراق من خلال قرارات حاسمة في مكافحة الفساد تبدأ الدعوة نفسها في تطبيقها على فاسديها (الفاسدين المرتبطين بها او المحسوبين عليها).
اذا اقدمت الدعوة على فضح ومحاسبة فاسديها فانها سوف تحقق الريادة في مكافحة الفساد عن طريق سبقها كل الكيانات السياسية الاخرى العاجزة عن اتخاذ خطوة مماثلة، الامر الذي يُسقط ورقة التوت عن تلك الكيانات التي لا يسعها الا أن تحذو حذو الدعوة فتكون تابعة للدعوة، او ترفض الاقتداء بالدعوة فتسقط نهائيا.
• تمتلك الدعوة ارشيفا غنياً - وان لم يكن كاملاً- بملفات الفساد التي مارسها كل المسؤولين من سقوط النظام السابق حتى الان. ان وجود الدعوة وشخصياتها وحلفائها في العملية السياسية وفي البرلمان وفي الحكومة -من اعلى منصب الى ادنى وظيفة، ولمدة اثني عشر عاماً- وفّر لها هذا الارشيف. ونذكّر هنا بتصريحات الامين العام للدعوة (الاستاذ نوري المالكي) المتكررة بامتلاكه ملفات فساد يحتفظ بها للوقت المناسب.
• تعلن الدعوة – فوراً- انها ستقوم بكشف كل ملفات الفساد التي اطلع عليها المسؤولون المرتبطون بالدعوة سواء التي تتعلق بشخصيات الدعوة، او شخصيات غير الدعوة، من خزين الملفات الذي يحتفظ به المالكي و من خارجه
• في نفس الوقت تشكل الدعوة محكمة حزبية علنية (تضمن علنيّتُها عدمَ التساهل في اجراءات المحاسبة ). تستدعي المحكمة الحزبية العلنية للتحقيق جميعَ البرلمانيين والمسؤولين الحكوميين المرتبطين بها (بدءاً من المالكي نفسه) لمحاسبتهم على ملفات الفساد المدّعاة بحقهم– في حال وجودها- او جرد اموالهم المنقولة وغير المنقولة، للتحقق من عدم اثرائهم غير المشروع خلال فترة توليهم مناصبهم ,
• من يرفض المثول امام هذه المحكمة يصدر بحقه قرار فصل علني بسبب تمرّده على قرار حزبي ينقذ سمعة الدعوة.
اما من يحضر فيخضع للتحقيق العلني، فان ثبتت براءته سُمح له بالاحتفاظ بعضويته في الدعوة، وإن أدين تعلن الدعوة فصله وتنشر قرارها وحيثياته وتتعاون مع القضاء لملاحقته ومعاقبته
• اما المسؤولون الاخرون (غير المحسوبين على الدعوة) فتقوم بكشف ملفاتهم – خصوصا تلك التي لازال الامين العام يحتفظ بها للوقت المناسب- وذلك باعتبار ان هذا هو الوقت المناسب لإبراء ذمته وذمة الدعوة ( وهو امينها العام) من تهمة التستر على الفساد وتفويت فرصة محاسبتهم على ما سرقوه من الشعب، ومساعدتهم على البقاء في مناصبهم ومواصلة فسادهم.
1- اهم ايجابيات هذه الخطة انتقال الدعوة من دائرة الاقوال الى دائرة الأفعال. فهذه الخطوة العملية تساوي الف بيان سياسي، و الف موعظة دينية، والف لائحة دفاع عن النفس، والف ادعاء بالنزاهة، والف افتخار بتاريخها الجهادي وشهدائها العظام.
لقد ترسَّخَ في الراي العام ان الدعوة ساهمت من خلال شخصياتها بالفساد بدون ادنى شك، فاذا لم تبادر الى محاسبة الفاسدين فيها فهذا يعني احد امرين:
أ- اما انها تنكر أصلاً وجود فاسدين فيها، وهذا يعني اصراراً على الخطأ وجهلا بالحقائق وتجاهلا للواقع، وهو يسقط عنها ورقة التوت إن بقيت هكذا ورقة
ب- واما انها تعلم لكنها عاجزة عن محاسبة شخصياتها الفاسدة، بسبب نفوذهم او تاريخهم، وهذا يُسقطها دينيا و اخلاقيا، اضافة الى سقوطها سياسيا، فالحزب الذي لا يستطيع محاسبة اعضائه على فسادهم كيف يتصدى لقيادة دولة؟
2- ان هذه الخطوة تطهر الدعوة والدولة معاً من الفاسدين، وذلك لأن اهم خطوة في مكافحة الفساد هي كشف الملفات، وهو امر لا تستطيع الدولة ان تقوم به لانها منخورة بالفساد في كل مفاصلها، اما الدعوة فتستطيع – بهمة الاطهار من ابنائها- ان تقوم بذلك. وبهذا تقدم للشعب خدمة لا تستطيع الدولة ان تقدمها مباشرةً وبسرعة، مما يحسب لها (اي للدعوة) انجازاً تاريخيا يمسح عنها عار وشنار الفساد الذي مارسه او سكت عنه رجالها فترة طويلة.
اهم سلبياتها هو حاجتها الى شجاعة الدعاة الشرفاء الذين صبروا وسكتوا حفاظاً على سمعة الدعوة وتصوروا ان السكوت أوالإنكار– وليس الاعتراف والعلاج- هو الذي يحفظ سمعة الدعوة وهناك سلبية اخرى تتمثل في التفكير النمطي الذي اعتاد عليه بعض الدعاة خلال عقود طويلة فعجزوا عن الخروج عليه في المواقف المصيرية كموقف اليوم، فهؤلاء يتصورون ان الحل يجب ان يصدر من القيادة أو من خلال الاطر التنظيمية القائمة فعلا! ولما كانت القيادة الفعلية هي التي صممت الاطر القائمة بحيث لا يتمكن الدعاة النزيهون من محاسبتها، فانهم - والحالة هذه- يفكرون بالاصلاح بشرط عدم كسر هذه الاطر التي حمت ولا تزال تحمي الفاسدين .......
1- يبادر الدعاة الشرفاء لعقد مؤتمر طارئ - خارج الاطر التنظيمية التقليدية التي تسيطر عليها القيادة الحالية- يسمى مؤتمر الانقاذ. يستمد المؤتمر مشروعيته من ضرورة المبادرة الى انقاذ الدعوة والدولة، ومن الشعور بانهيارهما ان لم يبادر احد لهذه المهمة فيأثم الجميع بالقعود وترك الامر للقيادة الحالية والاطر الفعلية.
2- يشكّل مؤتمر الانقاذ هذا محكمةً حزبية علنية تستدعي - للمحاكمة - الحرسَ القديمَ الذي خان الله ورسوله وخان تاريخ الدعوة ومسيرتها واهدافها وحوَّلها الى سلّم لمطامعهم الدنيوية فتظهّر الدعوة والدولة منهم.
بدون هذا المؤتمر الطارئ والمحكمة الحزبية العلنية لا يمكن ان يتم اي اصلاح، مما يعني ان الدعوة ستدفن نفسها بعد ان ترجمها الجماهير ويصبح الانتماء اليها سبّة على المنتمي.
التكييف القانوني:هناك مسألة فنية قد يتصورها البعض مانعاً من التنفيذ، وهي: بأي مبرر قانوني تقوم الدعوة بمحاكمة الناس سواء كانوا اعضاءها ام غيرهم؟
والجواب على هذا السؤال يتكوّن من فرعين,
, ان المحكمة الحزبية شأن داخلي ولا تشكل محاكمة الحزب لأعضائه اية مخالفة للقانون مادامت قراراتها تنحصر بالإدانة والفصل دون السجن.
اما فيما يتعلق بمحاسبة غير الدعاة على تهمة الفساد فهي هنا محكمة شعبية معنوية على غرار محاكم سياسية اخرى تشكلت في دول مختلفة لمحاكمة سياسيين فاسدين وتستمد مشروعيتها من الحق العام الذي اعتدى عليه المسؤولون الفاسدون ما دامت ملفات فسادهم معروفة مشهورة، ومادامت المحاكمة تجري في خضم الغضب الجماهيري المتصاعد ضد الفساد و الفاسدين، وما دامت لا تسجن ولا تعاقب احدا عقابا ماديا. وفي كل الاحوال يمكن حل هذه الاشكالات بمشورة قانونية تخصصية .هذه الخطة قد تنقذ اخر ما تبقى من الدعوة وربما تعيد لها رصيدها الذي فقدته اذا تم تنفيذها، اما اذا مضينا في الاخذ والرد وقطّعنا الوقت بالنقاشات التقليدية التي لم تصلح شيئا في الاوقات العادية فضلا عن اوقات الازمات فعلينا ان ننبش قبر الدعوة لدفنها- ان حصلنا على فرصة دفن- لأن غضبة الجماهير ستحرق كل من آوى فاسدا، ويومئذٍ لا ينفع الندم.
كثر في الاونة الاخيرة الحديث المذهبي – او ما يسمى بالمذهبيات – فأين ما ذهبت او التقيت او جلست او قابلت , تشعر بل تلمس وتتأكد من ثقافة الخوف على المذهب او الخوف على الطائفة او الخوف من الاخر المختلف دينيا , فكل متمذهب في العراق العظيم يدافع بمناسبة او بدونها عن طائفته معللا ذلك بان الطائفة مسلوبة الحقوق والصلاحيات من قبَل الطوائف الاخرى , وبالتالي هي في خطر وجودي , السؤال الذي يطرح نفسه , مَن أسسس وأشاع هذه الثقافة ؟ مَن له مصلحة بتخويف العراقيين من بعضهم بعضا ؟ ومَن قال بان الطوائف والمذاهب في العراق متناحرة ومتقاتلة ؟لعب الخطاب السياسي للطائفيين والمتمذهبين من رؤساء احزاب وقيادات سياسية في العراق دورا رئيسا في تأسيس وتشكيل نمط غير معهود من التخاطب السياسي الذي يتمحور حول النفي للآخر والاتهام بشتى انواع التهم حيث وصل الامر الى درجة استعمال الشتائم بالفاظ بذيئة اثناء التخاطب السياسي بل أكثر من ذلك قد وصل الخطاب الى درجة استعمال القوى البدنية " كضرب البوكس والملاكمة والمصارعة " وبالتالي أُسست وتشكلت انماط جديدة من العلاقات السياسية والاجتماعية هي التي أسست مفاهيم الخوف والتخويف والتخوين وأشاعب ثقافة الخوف والرعب من الآخر المختلف سياسيا ودينيا,هذا الخطاب الفاسد والمفسد بما يشمل , اصبح المغذي الرئيسي اليومي للجمهور العراقي بأغلبيته فما عساه ان ينتج غير الانقسام العامودي بين المواطنين العراقيين الذين لا يعرفون معنى للانقسام بهذه الطريقة على مدى عقود طويلة , فبعد هذا الانقسام من الطبيعي ان ترى مغالاة هنا ومغالاة هناك يصعب معالجتها بسهولة , ما دام هذا الخطاب هو السائد , علما بان ليس لل العراقيين اي مصلحة وطنية وقومية بهذا الخطاب لا من قريب ولا من بعيد , لان هذا الخطاب قد تشكل بالاساس من خلال ظروف فرضها واقع اقليمي ودولي , وبالتالي فان المصلحة في هكذا خطاب تقسيمي تعود فقط لمن اسسه , وليس للطوائف العراقية مصلحة في سيادة واتباع هذا النمط من التخاطب السياسي والديني , وخاصة ان الطوائف في لبنان تعرف تماما حق المعرفة ان الخلاف والاختلاف هو سياسي بامتياز وليس من أجل الدين او المذهب او الطائفة , والطوائف العراقية تعرف ايضا بان الزعيم السياسي الذي يزج الطائفة برمتها في صراعه السياسي مع الاخر هو أخطر على طائفته من غيره. .
ينبغي على العراقيين جميعا الالتفات والانتباه الى خطورة الخطاب السياسي والديني التفتيتي والفتنوي , وينبغي رفضه رفضا قاطعا من أنى أتى ومحاولة استبداله بخطاب وطني وحدوي يجمع العراقيين ولا يفرقهم , خطاب يشيع بين اللبنانيين ثقافة التسامح والمحبة وثقافة المواطنة , خطاب يدفع الناس الى الاهتمام بالمصلحة الوطنية العليا , ان الخطاب السياسي والخطاب الديني الفاسدان البعيدان بل المنحرفان عن القيم الانسانية والاخلاقية والدينية أخطر بكثير من الاغذية الفاسدة التي ظهرت في العراق مؤخرا مع عظم خطرها على سلامة الانسان العراقي .
العراق دخل موسوعة غينيز بأعداد المسؤولين الفاسدين حتى انه صار مضرب الأمثال ويه تُخوَف المجتمعات التي تحاول ان تنتفض على سلطاتها المستبدة ،أتريدون ان يكون حال بلدكم مثل العراق ..؟ هذا ما ينصح به البعض من سياسيي وأصحاب الرأي و إعلاميي تلك الشعوب التي تتململ لإعلان الثورة ضد أي دكتاتور..الغريب في الأمر ان كل حكومة جديدة تأتي في العراق فإنها تحمل حزمة من المفسدين واللصوص وذوي التاريخ المشوه وهذا يتم بمباركة من قبل كتلهم السياسية التي رشحتهم الى هذه المناصب ضمن نظام المحاصصة الطائفية والعرقية والقصد من ذلك تخريب البلد وسرقة أمواله وليس خافيا على احد المساومات بين المفسد وكتلته سواء بشراء المنصب أو تحديد نسبة الدفع من الأموال المسروقة ، حتى يكون هذا التحالف أو الائتلاف أو الكتلة وبإمكانات لصوصه الهائلة اكثر مقدرة من الحكومة ماديا ولوجستيا ويستطيع توجيه دفة البلاد السياسية الوجهة التي يريد ومن يعترض من الوطنيين والمحروقة قلوبهم على بلدهم فان يديه لا تجني إلا على قبض ريح والمصير المجهول .. لم يتم محاسبة مفسد كبير واحد ،منذ احد عشر عاما ،لا قضائيا ولا حتى من قبل رئيس كتلته حتى يكون عبرة للآخرين ،لان كتلته السياسية ليس في نظامها الداخلي ولا في مناهجها ( الستراتيجية ) معاقبة مفسد أو مجرم أو مخرب أو عميل أو جاسوس لأنه لو تمت المحاسبة فسيكون الكثير من أعضاء هذا التحالف أو الكتلة وراء القضبان .لقد سقط نصف العراق محتلا بيد داعش وسرقت أموال الخزينة وانعدمت الخدمات وعاش ملايين العراقيين نازحون تحت رحمة سماء لا ترحم ،ولا زال السياسيون حتى يومنا هذا يناقشون من أعطى أوامر انسحاب الجيش العراقي ،هذا يقول ذاك ، وذاك يقول هذا ،وتشكلت اللجان من اجل المماطلة والتسويف لان كتلهم السياسية لا تريد ان يعاقب احد لا من القادة السياسيين ولا من الجنرالات العسكريين ،لان هذا ما اتفقوا عليه حين شكلوا الحكومة على ان لا تخدش كرامة أي مفسد ولا يتم الكشف حتى عن اسمه فكلهم لا يخطأون مبجلون وجاءوا بتفويض إلهي لإنقاذ هذا الشعب ،علما بأن الطفل الصغير يعرف من يجب ان يعاقب ومن يجب ان يحاكم بتهمة الخيانة العظمى ، إنها مسرحية مضحكة مخرجها قادة هذه الكتل السياسية الذين خربوا العراق ووضعوا انفسهم ويضعونها ،منذ اليوم الاول للتغيير ،فوق القانون وهم من يشجع المسؤول على السرقة وهم داعشيون ايضا ،اليسوا باسم الدين سرقوا اصوات الناس ونصبوا انفسهم ( الهة ) على هذا الشعب المسكين وذروا الاوهام في عقله وعيونه وقاموا بسرقة كيانه وجعلوه بلا ملامح وصادروا حياته وعيشوه في مدن لا تصلح للعيش الادمي ، لقد خربوا ماضي البلد وحاضره ومستقبله وهم اخوة داعش الارهابي الذي احتل ارض العراق وقتل ابناءه وسبا نساءه وخرب مقدساته وشواهده التاريخية والحضرية ،فكلاهما يتخذ من الدين ( والدين الاسلامي الحنيف منهم براء ) غطاءا لتبرير جرائمه الوحشية وان خطواته مباركة الهيا ويعملان على تطبيق شرع الله في الارض..المسؤول الفاسد يجب ان لا يعاقب لوحده بل يعاقب معه رئيس كتلته أو تحالفه أو ائتلافه السياسي والحزب والتيار والمجلس والمنظمة الذي ينتمي إليه ، لان هؤلاء لم يضعوا معاييرا وطنية ومهنية وأخلاقية في ترشيح المسؤول في أي موقع في الدولة ( رئيسا للجمهورية أو مجلس الوزراء أو وزيرا أو وكيلا أو مديرا عاما أو سفيرا أو قائدا عسكريا أو أي منصب أو وظيفة )..هذه الكتل هي التي أصرت على نظام المحاصصة ووقفت بكل قوتها ضد أي توجه مدني لبناء الدولة ، لان دولة الطوائف وحدها التي تبيح لهم العبث والسرقة وتنفيذ الأجندات الموكلة إليهم ، وإلا لو كانت لديهم ذرة من الأخلاق والوطنية لانتحروا بشكل جماعي لأن التاريخ سيلعنهم اليوم أو غدا وسيفضح كل جرائمهم المشينة بحق المجتمع العراقي ..في بعض بلدان ما تسمى بالربيع العربي تم طرد وتحجيم أحزاب الإسلام السياسي لأن شعوب تلك البلدان يعرفون ان وجود هؤلاء سيعني الدمار والخراب والإرهاب والفوضى إلى أبد الآبدين ، لكن في العراق ما زالت هناك غشاوة عند بعض الناس ويتعاملون معه ك ( مقدس ) وقائد وطني ،وهذا الأمر لن يدوم إلى الأبد وستسقط الغشاوة يوما ما وتتم محاسبتهم وحتى إن ماتوا فسيتم نبش قبورهم كما حصل ويحصل مع أي دكتاتور ومستبد..سياسيو العراق يجب ألا يكون أي منهم بمنأى عن قبضة العدالة ،فهؤلاء ساهموا في ما وصل إليه المجتمع العراقي من تراجع وتخلف ونكوص وليكن شعار العراقيين من الآن وصاعداً ( المعاقبة ليس للمسؤول الفاسد فقط بل لكتلته الفاسدة أيضاً..)
#كرار_حيدر_الموسوي (هاشتاغ)
Karrar_Haider_Al_Mosawi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟