|
سراب المجتمعات العربيّة والاسلاميّة
منذر الصالح
الحوار المتمدن-العدد: 4949 - 2015 / 10 / 8 - 11:30
المحور:
المجتمع المدني
الفوارق مَثلُ المفارقات عند الله مالك الكون بكتابه الحق:
" وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ
كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ
يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ."
" أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ
فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ
فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَٰ-;-لِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ."
" قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ
الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ
لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ-;- ذَٰ-;-لِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ."
" وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴿-;-84﴾-;- وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ ﴿-;-85﴾-;- وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ﴿-;-86﴾-;- وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ
وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴿-;-87﴾-;-."
رصيد السراب: " مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ
كَرَمَادٍ
اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَىٰ-;- شَيْءٍ ذَٰ-;-لِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ."
ثورة أهل السنّة والجماعة على السنّة والجماعة:
لم يدرك المجتمعيْن المدنيّين الجلّة، أنهم سقطوا منذ سقوط الخلافة الاسلاميّة بزعامة أتاتورك في تركيا ولم يستبلوا محتوى جيفتهم بأي شيء بديل متفق عليه وامتلأت أو أملؤوها لهم بالسراب وتتالت الثورات:
" الثورة العربية ضد الخلافة العثمانية الثورة العربية ضد الخلافة العثمانية هي ثورة قام بها الشريف حسين حاكم مكة ضد الدولة العثمانية في يونيو عام 1916 بدعم من بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى؛ حيث تمكن أفراد القبائل الذين انضموا إلى الثورة من تفجير خط سكة قطارات الحجاز بمساعدة ضابط المخابرات البريطاني "لورنس[1]"، ومنعوا وصول الدعم العثماني إلى الحجاز، ثم طردوا الجيش العثماني من مكة والمدينة والطائف وجدة وينبع والعقبة ومعان ودمشق وأخيرًا حلب في عام 1919م. وكان ذلك نذيرًا ببدأ ضياع فلسطين.. فقد اتفق الشريف حسين مع بريطانيا على إنشاء مملكة للعرب، يكون الشريف حسين ملكًا عليها، وتضم هذه المملكة الحجاز والعراق وسوريا والأردن وعاصمتها مكة المكرمة، مع استبعاد فلسطين من الاتفاق حيث كان يرتب لها أشياء أخرى في المستقبل.."
" بدأ مناوئوا السلطان عبد الحميد إظهار اعتراضاتهم على أسلوب حكمه، لكن تلك الاعتراضات لم تصل حد الغليان إلا عام 1326هـ، حيث قام تمرد نظمته تنظيمات ليبرالية مثل "تركيا الفتاة" و"جمعية الاتحاد والترقي"، وشهد ذلك العام فقدان الدولة العثمانية أولى أراضيها للقوى الأوروبية."
" تصاعد في تلك الفترة نشاط مصطفى كمال (أتاتورك) ونجح في استثمار السخط الشعبي من الوضع الذي آلت إليه تركيا وتواجد قوات احتلال أجنبية على أراضيها بعدما كانت إمبراطورية مترامية الأطراف، فقام بعدة إجراءات انتهت بإلغاء الخلافة ومنصب السلطان ونهاية الدولة العثمانية في ربيع الأول 1341."
" وبعد سبعة أشهر من المفاوضات، تم توقيع معاهدة لوزان في سويسرا يوم 10 ذي الحجة 1341 (1923م) بين تركيا - وريثة الدولة العثمانية - وبين القوى المنتصرة في الحرب والتي حددت حدود دولة تركيا الحديثة، واعترفت تركيا في المقابل بسيطرة بريطانيا على قبرص، وإيطاليا على دوديكانيسيا في اليونان، وتخلت عن أي مطالبات في المشرق العربي الذي احتلته بريطانيا وفرنسا."
" في السادس من أيار من عام 1916 تم تعليق العديد من المفكرين والكتاب والصحفيين العرب على المشانق في ساحتي البرج في بيروت والمرجة بدمشق بأمر من والي الشام العثماني جمال باشا بجريمة الخيانة العظمى أي خيانة الدولة. كان هؤلاء الشهداء الأبرار يريدون الحرية لبلادهم من الوالي العثماني الطاغي الذي كان يحكمها .. لقد شهد العامان 1915 و 1916 سلسلة من عمليات الاغتيال والاعدام لكوكبة من الشخصيات الفكرية أمثال الخوري يوسف الحايك الذي اعدم في 22 آذار عام 1912، ونخلة مطران الذي اغتيل في نيسان من العام ذاته، والشهيدان الشقيقان فيليب وفريد الخازن اللذان اعدما بعد أن أعلن السفاح انتهاء اعمال الاعدام في 6 ايار، فتم اعدامهما في حزيران 1916. وكانت هذه الشخصيات قد ساهمت بطريقة او باخرى من خلال العمل السياسي والمجتمعي والفكري، في تشكيل الرؤية لما بعد الدولة العثمانية باتجاه الاستقلال وتشكيل دولة عربية مستقلة."
بيت القصيد ممّا جُمع وتقدّم، أود تسليط الضوء على أهل السنّة والجماعة، والذين هم أسقطوا خلافتهم الاسلامية التي تمثل أهل السنّة والجماعة منذ بداية القرن الماضي.
وهم الذين أسقطوا دولهم التي استقلّوا بها وسلّموها إلى قتلتهم، ومنتهكي حرمات دمائهم ونسائهم وأموالهم، وأصبحوا جنود ومسّاحات بصاطير الأقليّات، يقدّمون نساءهم وبناتهم على طبق من أجل منحة كلبيّة صغيرة.
أصبح المجتمعين العربي والاسلامي جيّف فارغة، أي سراب، كمٌ هائل من البشر غالبيتهم يدّعون السنّة والجماعة. سنتهم سراب وجماعتهم سراب. المسيحيون متماسكون. اليهود متماسكون. الشيعة متماسكون. البوذيون متماسكون. عبدة الشيطان متماسكون. وو متماسكون. إلا أهل السنّة والجماعة تصفهم تماماً الآية الكريمة:
" قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَٰ-;-لِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَٰ-;-ئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ."
وهؤلاء جميعاً ظهروا على حساب السراب لأهل السنّة والجماعة.
قتل أهل السنّة والجماعة أهل السنّة والجماعة لم يجد المستثمرون سوى أهل السنّة لتجنيدهم في بناء عروشهم في قتل معترضي استثمارهم من أهل السنّة والجماعة، فاستنفدوهم بكامل طاقة الاستنفاد حيث لايوجد في الآرض جيف سراب كأهل السنّة والجماعة. مليار ونصف جيفة، مليار ونصف سراب بقيعة، مليار ونصف رماد اشتدت به الريح في يوم عاصف إلا ممّن رحمه ربي وعافاه، وكان ممن يمكث في الأرض لينفع الناس، لكنّه محارب، وأول من يحاربه من هو أشد الناس حاجة لنفعه.
سيكلف العالم كثيراً لإبادتهم لأنهم قنابل موقوتة لقتل أنفسهم من أجل مفسدة بسيطة لا تساوي ذنب كلب فهو على استعداد لأن يضحي بنفسه فداءً لقاتله. سيكلف العالم مالاً كثيراً ووقتاً طويلاً لإنقاذ الأرض من شرورهم ومفاسدهم وسفالتهم التي غرزت في نخاعهم الشوكي، والذي لايمكن شفاءه إلا بقتله وحماية العالم من إجرامه. حياتهم سراب بقيعة. ومماتهم ينتظره عذاب الهون: " .. وَلَو تَرى إِذِ الظّالِمونَ في غَمَراتِ المَوتِ وَالمَلائِكَةُ باسِطو أَيديهِم أَخرِجوا أَنفُسَكُمُ اليَومَ تُجزَونَ عَذابَ الهونِ بِما كُنتُم تَقولونَ عَلَى اللَّـهِ غَيرَ الحَقِّ وَكُنتُم عَن آياتِهِ تَستَكبِرونَ." وميعادهم الأغلال في أعناقهم:
" وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّـهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ."
لم تجد الأرض أفسد منهم، ولا أجرم منهم، يقطعون اليد التي تمتد لمساندتهم، ولتجهز يديها ورجليها السيدة ميركل جزاء ما تقدمه لهم. في النتيجة هي عندهم كافرة، صليبيّة، مهدورة الدم والعرض والمال بمفاهيمهم. السماء ومن عليها يلعن إجرامهم، والأرض ومن عليها يلعن إجرامهم، الأمتين تلحقهم وتلاحقهم الأيّة الكريمة:
" مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا."
وبطاقة جنتهم في جيوبهم لاينازعهم عليها أحد، ولا يسقطها منهم أحد.
" فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰ-;-ذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ."
" وَقَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَةً قُلْ:
أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ؟
أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * بَلَىٰ-;- مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَٰ-;-ئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ."
#منذر_الصالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحريّة والمجتمع المدني واستمراره
-
زعماء العالم توم وجيري
-
جهاد آخر الزمان على كيفيّات
-
الحقائق بالواقع ولو كذّبه الأخرون
-
القلق أخطر مرض في بداية القرن
-
قواعد وأسس المجتمع المني الاستخلافي
-
حقيقة المجتمع المدني في بلاد المتمسلمة.
-
أين الله من أرضه وخلقه؟
-
المجتمع المدني في الأرض
-
سبعة مليارات زائد ناقص أكثرهم شهداء زور وقضاة عمى
-
سقوط أمريكا
-
نسي الشعب العربي السوري
-
التكلفة العالمية للحفاظ على عصابة الأسد
-
ثنائي بشار الأسد والفراطة أكثر:
-
بيان مستخلص من هيئة الأمم المتحدة
-
الحرية
-
حقيقة الثورة في سورية
المزيد.....
-
المرصد السوري: نحو 105 آلاف شخص قتلوا تحت التعذيب بالسجون خل
...
-
تونس: المفوضية الأوروبية تعتزم وضع شروط صارمة لاحترام حقوق ا
...
-
وسط جثث مبتورة الأطراف ومقطوعة الرؤوس... سوريون يبحثون عن أق
...
-
مسئول بالأونروا: ظروف العمل في غزة مروعة.. ونعمل تحت ضغوط لا
...
-
جمعية الإغاثة الطبية بغزة: أكثر من 70% من سكان القطاع بلا مأ
...
-
-حفلات يومية-.. ممارسات تعذيب -احترافية- في مراكز الاحتجاز ا
...
-
الأمم المتحدة تبحث وقفا -غير مشروط- لإطلاق النار في غزة
-
أردني محرر من سجون سوريا يروي معاناة 26 عامًا من الاعتقال وي
...
-
هآرتس: وفاة 4 فلسطينيين تحت التعذيب بإسرائيل منذ أكتوبر 2023
...
-
وصفتها بالمتسرعة.. برلين ترفض مطالب بإعادة اللاجئين السوريين
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|