أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مشعل يسار - اغتيال الحريري و«ثورة الأرز» وطرد الجيش السوري: حلقات مترابطة في مسلسل واحد















المزيد.....

اغتيال الحريري و«ثورة الأرز» وطرد الجيش السوري: حلقات مترابطة في مسلسل واحد


مشعل يسار
كاتب وباحث ومترجم وشاعر

(M.yammine)


الحوار المتمدن-العدد: 4937 - 2015 / 9 / 26 - 01:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعليقا على التعليقات على مقالتي المنشورة سابقا على موقع "الحوار المتمدن" (انتفاضة لبنان: اليأس أم الإصرار؟ (مشعل يسار - ، المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية)، ومنها ما قالته الرفيقة زينة محمد حول أن انتفاض الشعب اللبناني أتى ضد الدولة الفاشلة التي هيمن عليها النظام السوري ... وان «ثورة الأرز» ليست من صنع امريكي بل كانت بداية الثورة لوضع حد لهذه الهيمنة!! وما قاله الرفيق العزيز فؤاد النمري حول أن «ثورة الأرز» هي ثورة تحرر وطني ضد احتلال القوات السورية الذي أيدته الولايات المتحدة وليس ثورة اجتماعية تغير علاقات الإنتاج. وأن مجموعة رفيق الحريري تشكلت من الشيوعيين سابقا وأن الحريري نفسه ورفيقه فؤاد السنيورة كانا في خلية واحدة من مجموعة العمل الشيوعي بقيادة محسن إبراهيم. وأنه "لم يحدث قط أن عملت هذه المجموعة ضد مبادئها الأساسية باستثناء القبول العلني بمبادئ اقتصاد السوق تحت ضغط الظروف"، وأن الحريري كان يتبرع بما يفوق أرباحه السنوية إذ علمً أكثر من 35 ألف طالب في الدراسات العليا ووزع زيت الزيتون مجاناً على العائلات الفقيرة في لبنان. وأخيرا أن ثورة البروليتاريا الإشتراكية لم تعد في الأفق بعد أن لحقت بالبروليتاريا السوفياتية هزيمة ساحقة من قبل الجنرالات المتحالفة مع خروشوف وعصابته بعد العدوان النازي. لكن المجتمع الطبقي مصيره التلاشي بعد وقت قصير.
رداً على هذه الآراء الرائجة فعلا في الشارع اللبناني، لا سيما في الشطر اليميني منه أود أن أقول الآتي بقدر معايشتي لتلك الأحداث. والحق يقال: عرفت شيئا وغابت عنك أشياء. فلست في هذا السياق أعتدّ بمعرفتي لكل الحقيقة، ولكن.....:

إن «ثورة الأرز» لا تخلو طبعا من عناصر الرغبة في التحرر سواء في الشق الشعبي منها، أو في الشق السياسي المتعلق بالزعماء اللبنانيين الراغبين بخدمة كبار هذا العالم مباشرة وليس بالواسطة على نسق القول: "عاشر الزكيل منو بستتفيد وعاشر الجربان منو بتنعدي!!!". تلك الرغبة التي كمنت طويلا في نفوس اللبنانيين عموما المتضايقين من هيمنة الأشقاء الأقربين العسكرية والسياسية على الأمور كافة في بلدهم، ولا سيما منهم أولئك الذين يكرهون أصلا أي نظام عربي يحاول – بالكلام أو بالفعل، وأيا تكن شعاراته ابتداء من عبد الناصر – التحرر من الهيمنة الإمبريالية الغربية. وكذلك الذين – من بين جماعة الكتائب والقوات وباقي قوى اليمين المسيحي اللبناني – تضرروا فعلا سياسيا بل أيضا شخصيا من الوجود السوري بأن اختطف لهم قريب أو قتل حبيب أو سجن زعيم لهم. هذا على الرغم من أن زعماءهم بيار الجميل وكميل شمعون والرئيس سليمان فرنجية (الأخير كان للأولَين حليفاً في هذا الموضوع خاصة بداية الأحداث) كانوا أول من دعا سوريا إلى إدخال جيشها إلى لبنان عام 1976 (ربما لأن هذا الدخول كان سيتم برضى وطلب الأميركيين والأوروبيين الذين يعتبرونهم مرجعيتهم الأساسية! ولأجل إيجاد قوة تضمن لهم البقاء كمشاركة السعودية في قوات الردع العربية يكون من شأنها أن تردع الحركة الوطنية اللبنانية المتحالفة مع الفلسطينيين والتي بدأت كفتها ترجح في بداية الحرب الأهلية) بخلاف القوى الوطنية واليسارية التي وصفته أنذاك بـ"الانزلاق السوري". علما أن الحكام السوريين جاؤوا أنذاك ليردعوا كلا الفريقين المتحاربين ويضعفوا كليهما ليتسنى لهم السيطرة على البلد وسياسته في صراعهم مع إسرائيل وحلفائها العرب.
ولكن القول بأن «ثورة الأرز» كانت حركة تحرر حقيقي ذي طابع تقدمي كما هي ثورات التحرر القومي عموما في بلدان العالم الثالث قول مبالغ فيه برأيي، وذلك للأسباب التالية:
1- اسم هذه الثورة أطلقه عليها الرئيس الأميركي آنذاك. والاسم عادة يطلقه الوالدون على وليدهم. فهي كأي "ثورة مخملية"، "برتقالية" ذات أهداف برجوازية ليبرالية مهمتها إيصال جماعة أميركا إلى السلطة وتنفيذ نهج ليبرالي يجهز على ما تبقى من موروثات الماضي كملكية الدولة لبعض المرافق الهامة في الاقتصاد ولو الرأسمالي لأجل فتح الأبواب على مصاريعها أمام الاحتكارات العالمية. فهي إذن جزء من مسيرة العولمة الرأسمالية. وقد رأينا أمثالها ومثيلاتها في دول عديدة من بينها يوغوسلافيا وأوكرانيا وجورجيا وقرغيزيا وغيرها. وأنا أعتبر أن إطاحة الاتحاد السوفياتي من خلال ابتداع عملية التغيير المسماة بـ"البيريستروكا" كان أول ثورة مخملية أميركية غربية بأيد داخلية كانت قد غزت الحزب الشيوعي غزوا منذ خروشوف وصولا إلى غورباتشوف، ثورة رأسمالية الأهداف وتدعمها الإمبريالية الأميركية الطامحة إلى الهيمنة العالمية وإلى حل مشاكلها على حساب الآخرين في أواخر القرن العشرين (سبقها طبعا "ثورات" مشابهة مضادة للتحول الاشتراكي في المجر عام 1956 وفي تشيكوسلوفاكيا دوبتشيك عام 1968 وغيرها).
2- إذا اعتبرناها كماركسيين حركة تحرر وجب علينا قبول اعتبار الصهيونية نفسها أيضا حركة تحرر قومي لليهود في العالم، مع أننا نرى فيها أقبح وأشرس حملة صليبية في القرن العشرين وصل بها الرياء لدرجة أن كثيرين من اليهود "الماركسيين" السوفيات الذين كانت لهم في آن هويتان: "شيوعية" وصهيونية، "مرّقوها" على ستالين وجعلوه يقبل وحتى يشجع قيام إسرائيل لتكون منارة للاشتراكية في العالم العربي المتخلف. ولعل هذا خطأ جسيم ارتكبه الشيوعيون السوفيات آنذاك إذ أوجدوا دولة هيمنت عليها الصهيونية (كان لتيار البوند – الماركسيين القوميين اليهود الذين طالما سبق للينين أن حاربهم، ولكنهم على ما يبدو اندسوا بنجاح هم أنفسهم أو من يفكر تفكيرهم في الحزب والسلطة- وجود منظم غير معلن في السلطة السوفياتية شهدت بنفسي مثلا فرديا عليه). نحن طبعا بحاجة للمزيد من المعطيات لنعرف ما هي الأسباب الحقيقية الكامنة وراء ذلك الحماس لإنشاء الدولة العبرية الصهيونية. فخطأ جسيم مثل هذا أوجد عاملا مهماً أسهم أيما إسهام في إطاحة الاتحاد السوفياتي نفسه والاشتراكية لاحقا، وليس فلسطين فقط.
3- «ثورة الأرز» تراسها الزعماء اليمينيون وانضم إليهم وليد جنبلاط الاشتراكي المنتقل، بخلاف والده كمال جنبلاط الذي يقال أنه اغتيل عام 1976 "بين حاجزين سوريين" وإثر زيارة للرئيس السوري حافظ الأسد قيل أنه شدد فيها على استقلال لبنان بقيادة قواه الوطنية، إلى التعاون مع الحريري ليصبح كما صرح هو نفسه غير مرة "واحدا من هذه الحيتان" المهيمنة على التركيبة الراسمالية اللبنانية. وهؤلاء الزعماء اليمينيون اللبنانيون الذين راحوا يدعون إلى الاستقلال والسيادة كانوا هم أو أسلافهم – كما سبق القول - من دعا إلى التدخل السوري في لبنان ومنهم من تعاون مع كبار الضباط السوريين، متبعين في ذلك التقليد اللبناني العريق منذ أيام أمرائنا الميامين فخر الدين المعني وبشير الشهابي (كلاهما تذكره كتب التاريخ المدرسي بإضافة لقب "الكبير") اللذين كانا ينتظران "ريثما ينجلي الموقف" عن انتصار هذا أو ذاك من الفاتحين (السلطان سليم ومعركة مرج دابق مثلا) ليسلمه الهدايا التي حملها معه من دون عنوان مسبق. طبعا كان هناك بين أطراف برجوازيتنا اللبنانية من هم مقربون أكثر أو مقربون أقل من النظام السوري، ولكنهم ارتضوا الوجود العسكري السوري في لبنان لأن مصالحهم مضمونة من قبل راعيتهم وسبب عزهم أميركا التي لا بد أنها أوعزت إليهم بقبول التدخل السوري عام 76 وبقائه كل هذه الفترة. ولما تغيرت الظروف والأحوال ورأت الولايات المتحدة كلاعب عالمي رئيسي دوره حاسم في صنع الأحداث والتطورات ضرورة الاستغناء عن خدمات "الإمبرياليات الصغيرة" المحلية، غيّر هؤلاء الزعماء اللبنانيون المغلوبون على أمرهم في التصادق مع الضباط السوريين (هذا الحبيب المفروض فرضا) وجهة "هداياهم" و"نوعها" لتصبح صراعاً من أجل إخراج السوريين عسكريا وسياسيا من لبنان. حتى أن أنهم زجوا في السجن ببعض ممثلي المقربين أكثر من السوريين إثر انتصار «ثورة الأرز» فترة 4 سنوات تقريبا أخلي سبيلهم بعد ذلك من دون أية إدانة. فإذن غلبت الرغبة الأميركية في طرد الجيش السوري من لبنان فكانت «ثورة الأرز» المجيدة أو ربما يمكن القول إن رغبة الجناح المتغربن من البرجوازية اللبنانية تناغمت مع الرغبة الأميركية في تغيير نسبة القوى في المنطقة عموماً. فهل كان لـ"ثورة التحرر" هذه أن يطول انتظارها هذا القدر من الوقت وأن يُغتال داعية الرأسمالية الليبرالية في لبنان رفيق الحريري (حتى الآن لم يحدد من اغتاله، علما أن ما حدث لاحقا من "ثورة أرز" برغبة وإيحاء أميركيين يشير إلى دور أميركي إسرائيلي في الموضوع إذ- كما يقال- لكي تعرف الفاعل اعرف من المستفيد أولاً) لتبدأ حركة التحرر الوطني تحركها؟؟؟؟؟ لكن التناقض الأساسي لـ«ثورة الأرز» هو في أنها كانت داعية للسيادة والاستقلال فقط عن النظام السوري و"التحالف الاسدي – الإيراني" ولكن ليس للاستقلال عن السعودية وإسرائيل وأميركا والغرب. هذا علما أننا حتى هذه اللحظة لم نتمكن من استخراج نفطنا من البحر لأن هؤلاء جميعا لا يريدون لنا لا الاستقلال (عن الشحادة وصرة المال والعمالة في الخليج، تلك التي تمتص بطالة اللبنانيين) ولا السيادة (على اقتصاد فعلي منتج وعلى الثروات التي يمكن لها أن تمنحنا عنصرا من عناصر هذه السيادة). نعم، لو لم يكن النظام السوري نظاماً برجوازياً (رغم بعض السمات الاشتراكية فيه) له ملامح "الإمبريالية" المحلية ومقيداً بسقفه الطبقي، لكان دعم القوى الوطنية واليسارية في المعركة التي فتحها اليمين المسيحي من دون حاجة إلى التدخل العسكري المباشر. غير أن عناصر دخلت هي الأخرى على الخط من بينها تحالف اليسار والوطنيين مع ياسر عرفات الذي كان يقبض من السعوديين ليحرر فلسطين ويأبى الخضوع للسوريين الذين وجدوا أنفسهم بعد خيانة السادات الوحيدين الحاملين لواء العروبة والتحرير. على فكرة هزيمة الديسمبريين في انتفاضتهم على القيصر الروسي عام 1820 كانت ايضا مرتبطة بموقفهم المتذبذب من الحراك الشعبي وعدم تسليحهم إياه.
4- نعم، يقال أن الحريري أعطى منحا لقرابة 34 ألفاً من الشباب للدراسة في البلدان الرأسمالية الغربية (دون غيرها!). من الصعب هنا التأكد من صحة هذا الرقم الذي يورده الحريريون أنفسهم وليس من إحصاء رسمي يدعمه، ومدى الدعاية لمجانيته ناهيك باحتمال المبالغة في أرقامه. فهناك الكثير من المشككين في صحته وفي صحة ما يقال من أن المنح كانت مجانية (أو أنها كانت ديناً مؤجلاً لدى بعضهم). ووزع الحريري الأرز والعدس على كل اللبنانيين واشترى موسم الزيتون والزيت قبيل الانتخابات في مناطق الشمال ووزعه على الفقراء وغير الفقراء مثابة دعاية لشخصه وهو غير المعروف قبلاً لدى الجماهير الواسعة (ربما بعد وفاته فقط عرف أنه كان يدفع لفريقي الصراع خلال الحرب الأهلية) قبيل تبوئه رئاسة الحكومة (ورئاسة لبنان كله لأن المال هو الأقوى وليس الحب هو الأقوى كما كان يقول الأديب رئيف خوري). ولكن هل كان بوسع الحريري - المنزل إلى لبنان بالباراشوت من قبل السعودية وأميركا والغرب كأمير ليحكمه بعد إنهاكات الحرب الأهلية والتدخل السوري– أن يحكم من دون فريق تكنوقراطي متعلم يكون عونا له في تحويل لبنان إلى مستعمرة ليبرالية؟ لقد جاء حكم الحريري وليبراليته البرجوازية بعناصر تقدمية إذا ما حسبناها ضمن السياق التاريخي. فهو حاول في بداية عهده أن يلجم الإقطاع السياسي (الذي هو موروث عن الإقطاع العادي!) وأن يُحِل محله سلطة المال أي السلطة الرأسمالية "النقية" (إنشاء مجلس الإنماء والإعمار وإضعاف دور الوزارات والإدارات الرسمية باستثناء وزارة المالية التي سلمها إلى الليبرالي الأولى المتربي أميركيا على يد مدرسة "شيكاغو" فؤاد السنيورة، وبالمناسبة تسليم النفايات إلى شركة "سوكلين" التي له فيها حصة الأسد بدلا من الدولة أو البلديات، ومحاولته في بداية عهده إلغاء التعليم الديني في المدارس الرسمية إلخ) بوجهها الليبرالي الحديث: خصخصة، بحر وبر وأجواء مفتوحة، تخفيف الرسوم الجمركية عن الاستيراد، التركيز على الإجراءات النقدية الصرفة في الاقتصاد و"نقدنة" الإعطاءات العينية للموظفين ليأكلها التضخم لاحقاً، فرض الضريبة على القيمة المضافة كعبء جديد على كاهل الناس وإتاوة إضافية، إفراغ الخزينة العامة بتوظيف أمواله وأموال شركائه في سندات الخزينة مع رفع سعر الفائدة رفعا هائلا بحجة دعم الليرة، الاستيلاء على وسط بيروت بدفع تعويضات زهيدة لأصحاب المحال التجارية هناك وهم من جميع الطوائف اللبنانية وإنشاء "سوليدير" وتحسين المنطقة على حساب الخزينة مع أن سوليدير مؤسسة خاصة، وهلم جراً................... وهو استخدم في سياساته هذه من كانوا شيوعيين سابقا (مثله) أو من أغراهم بالمال الوفير ليصبحوا مثله "سابقين". وكانت حصة الأسد في هذا لـ"شيوعيي" محسن ابراهيم، مع أن شيوعيي الحزب الشيوعي اللبناني لم "ينفذوا" من هذا الفخ "الجميل" فانتقل كثر منهم بكل طيبة خاطر من ضفة إلى ضفة، وصار بعضهم مدراء لإذاعاته وآخرون بدأوا يتهيئون ليضحوا لاحقاً في "اليسار الديمقراطي" حلفاء لسياسات خلفه وثالثون تصاهروا معه وبدأوا بزنساً ناجحاً بعد أن تخرجوا من بلدان اشتراكية وكانوا زعماء شيوعيين ذوي نفوذ....
5- إذا كانت مجموعة الحريري ذات الماضي "الشيوعي" لم تعمل ضد مبادئها الأساسية ... باستثناء القبول العلني بمبادئ اقتصاد السوق تحت ضغط الظروف، فماذا تبقى بعد هذا القبول المشؤوم يا ترى من ماضيه "الشيوعي". أعتقد أن الشيوعية ليست ديناً أو مذهباً أو طائفة تلتصق بالمرء منذ ولاته ولا تفارقه حتى مماته. فهي طريقة تفكير وطريق كفاح من أجل مجتمع أكثر عدالة بين الناس. وهي التزام طبقي غير ملزم. البعض يلبس المرء هذا الطقم في مراحل معينة من حياته ويغيره حين تتغير ظروف عيشه ويتعدل انتماؤه الطبقي. والبعض يكون من طبقة مرتاحة ماديا ولكنه يختار الشيوعية فكرا وهدفا. أما أن يتحجج المرء بالظروف ليكون شيوعيا أو لا ، ليعمل مع الشيوعية أو ضدها، فأمثال هؤلاء كثر اليوم وبسمون بالمرتدين أو الانتهازيين (لانتهازهم الفرص المؤاتية). ولا يرجى منهم خير للحركة أصلاً. هم "طبقة لذاتها" متكونة بفعل الظروف، وربما بتأثير الجينات أو المصالح المتغيرة. أما القبول بمبادئ السوق فهو قبول بالرأسمالية ورفض للاشتراكية والشيوعية. وحتى الصين التي لا يزال الحزب الشيوعي فيها هو الحاكم واعتمدت السوق، لن تبقى طويلا كذلك ضمن هذا التذبذب والمخاض إذ يتعلق الأمر بالصراع الطبقي الذي سيحتدم أكثر فأكثر مع اقتصاد السوق والصراع إياه هو من سيقرر في أي اتجاه سيكون السير لاحقاً . ولقد جعل الحريري فعلا من لبنان سوقا رأسمالية حرة بخفضه الرسوم الجمركية وزاد وأبدع في تحويل اقتصاده إلى اقتصاد خدمات تحويلا شبه كلي ووعد بإنماء متوازن لكل المناطق ولكن أنى له ذلك. فالخدمات لا تنجح إلا في المدن الكبرى المكتظة بالناس، أما الأرياف فبحاجة لإنتاج فعلي كي تعيش.
6- أما بالنسبة إلى قولك أن "المجتمع الطبقي مصيره التلاشي بعد وقت قصير"، فكيف سيتحقق هذا إذا لم يحل محله مجتمع لاطبقي من خلال " ثورة البروليتاريا الإشتراكية ... التي لم تعد في الأفق بعد أن لحقت بالبروليتاريا السوفياتية هزيمة ساحقة من قبل الجنرالات المتحالفة مع خروشوف وعصابته بعد العدوان النازي" كما تقول؟؟ أعلى طريقة الفابيين الإنجليز؟ وهل إن العالم كله حل به ما حل بروسيا – حسب قول زعيم الحزب الشيوعي الانتهازي غينادي زوغانوف - من أن "روسيا استنفدت كل قدرتها على الثورة"؟ أعتقد أن الثورات واردة ما دامت هناك تناقضات تتراكم وتتراكم حتى التفجر. وهذا القانون ليس يرعى وحسب المجتمعات، بل هو أيضا قانون طبيعي فيزيائي تُرى مفاعيله كل يوم وكل لحظة في الطبيعة. البراكين تثور وإن كنا حتى الآن لا نستطيع التنبؤ بلحظة أو يوم أو سنة حدوثها، ذلك ان دراسة تراكم الطاقة الثورية حتى في علم الجيولوجيا لا تزال في مراحل غير متقدمة بما يكفي، فكيف بدراسة تراكم الطاقة الثورية في المجتمع البشري؟ وتحديد "الوضع الثوري" المؤاتي، هذا إذا كان حزب التغيير الثوري جاهزا طبعا من الناحية الذاتية. وهنا ليس للشيوعيين أن ينسوا عِبَر أكتوبر الروسي بعد أن ألغى البرجوازيون الروس الحاليون الاحتفال بذكراه. فهم لهم ذكرياتهم ونحن لنا ذكرياتنا!
هذا غيض من فيض ما نعرفه ولا نعرفه، وليس يمكن حشر هذا الموضوع الكبير في مقالة صحافية. وأرجو أن تكون معلوماتي وتحليلاتي قد أقنعت ولو بالنزر اليسير من لا يزال ينظر هذه النظرة الإيجابية إلى رفيق الحريري الرئيس "الشهيد"– كما استمر يسميه حتى شيوعيونا اللبنانيون خلال فترة طويلة.



#مشعل_يسار (هاشتاغ)       M.yammine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الذي يجعل زوغانوف يساعد بوتين؟
- تفكك «سيريزا» والمحاولة الجديدة لخداع الجماهير في اليونان
- -الأله كوزيا- كمرآة للسوق الروسية
- سيل جديد من أكاذيب قديمة
- -سيريزا رقم 2» محاولة جديدة لخداع الشعب
- انتفاضة لبنان: اليأس أم الإصرار؟
- مشروع الرئيس بوتين تعزيز دكتاتورية الطبقة البرجوازية
- ميرتنز ليس مارتنز - من حزب شيوعي ذي تاريخ مجيد إلى حزب تحريف ...
- حقائق تفضح الكذب
- محاربة الستالينية جزء أساسي من حملة مكافحة الشيوعية
- دفاعاً عن النظرة التاريخية
- نضال النساء التركيات تحت راية الحزب الشيوعي
- الفاشية وليدة شرعية ل-الديمقراطية الغربية- في عصر الأزمة
- في الدكتاتورية والديموقراطية


المزيد.....




- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...
- زاخاروفا ترد على تصريحات بودولياك حول صاروخ -أوريشنيك-
- خلافات داخل فريق ترامب الانتقالي تصل إلى الشتائم والاعتداء ا ...
- الخارجية الإماراتية: نتابع عن كثب قضية اختفاء المواطن المولد ...
- ظهور بحيرة حمم بركانية إثر ثوران بركان جريندافيك في إيسلندا ...
- وزارة الصحة اللبنانية تكشف حصيلة القتلى والجرحى منذ بدء -ا ...
- -فايننشال تايمز-: خطط ترامب للتقارب مع روسيا تهدد بريطانيا و ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مشعل يسار - اغتيال الحريري و«ثورة الأرز» وطرد الجيش السوري: حلقات مترابطة في مسلسل واحد