أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - دمقرطة الدين وهم عاجز .















المزيد.....

دمقرطة الدين وهم عاجز .


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4935 - 2015 / 9 / 24 - 00:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


دمقرطة الدين وهم عاجز .

الدين حكم كلي في بناءه الفكري ومراده العام دون النظر مثلا إلى صيغة الخطاب وتوجهه للكل أو طلبه من المتلقي أن يؤمن به أو لا يؤمن , هذه قضية منفصلة فهو كفكرة أو رؤية فكرية متكاملة يمتاز بخط متصل من المبدأ لما يسمى الغائية البعدية أو غاية النتائج منه, هنا لا يمكن أن نزج فيه ما ليس من المقدمات ولا ينتج ما في النهاية لأننا بذلك نخرق الواحدية في النسق ونمطية الأداء .هنا أما أن يؤخذ كوحدة واحدة ذات خصوصية ذاتية تنسجم مع كونية وكيفية المشرع وهدفه أو علته الكاملة لأنه بطبيعته ومصدره ومنهجه يبتغي شيء محدد لا يتحقق إلا بما جاء بهذه الوحدة وسعى لها أو نبقي على الحال الذي هو فيه الآن دون الخشية من خلط الأفكار والنظريات دون أن ندرس إمكانية نجاح المحاولة الأفتراضية أولا.
قد تكون بين بعض الأديان التي تشترك بروابط وقواعد عمل وأهداف وغايات ما يسمى بالفهم الواحد أو الرؤية المشتركة وخاصة في الغايات أو في بعض مظاهر العمل , ويمكن أن تشترك بعض الرؤى الوضعية اللا دينية مع بعض مظاهر وجزئيات الأديان أيضا ببعض الروابط , وهذا يرجع بالأساس لحقيقة يجب أن لا ننكرها أو نتجاوز عليها وهي أن الدين بغض النظر عما يلفه البعض من هالات تعظيم وتقديس وربطه بالحد الفوقي الغيبي المطلق ما هو إلا حل بشري لمشكلة بشرية, وبالتالي وإن سلمنا أن مصدره من وراء منطقة الوعي الذاتي فهو بالأخر يتعامل مع إشكالية بشرية يقودها بشر ويفهما بشر ويسوقها بشر في كل التفاصيل , يبقى مفهوم المصدر المطلق محصور بالغائية البعدية التي نتلمسها مثلا بالدين الإسلامي ومن خلال النصوص هي أولا التعارف والأعمار والخيرية التي تنتهي بمفهوم الرحمة الكلية المطلقة .
كل ما يتعامل مع هذه العلل الغائية سواء أكان نظرية أو تجربة أو فكر غير ديني فهو مشترك بشري مع الدين بالوجه الذي ذكرناه ولا يخرج بالضرورة عنه , ولكن هل يمكن دمج البشري أستنادا لبشريته مع الفكر والرؤية الدنية تحت علة البشرية, الجواب السريع قد يكون نعم ولكن الجواب العملي والتجريبي قد يقودنا إلى نتيجة مغايرة , مثلا في نظرية الحكم العامة أو ما يسمى نظرية الاحتكام العامة في الأمور الكلية عند الإسلام في حالة التنازع هي " أن الحكم لله" أي أن المرجعية النهاية ستكون لرؤية الله وحده , الديني يفسر حكم الله هو حكم النص الديني الذي يؤمن بمصدريته المطلقة من الله وحده ,الطبيعي يفسر حكم الله هو السنة الطبيعية بأعتبار أنها حكم الله وهو الذي نظم قوانين الكلية فيها على أنها الأساس السليم وكل خروج عن نظام الطبيعة هو فساد وإفساد , أما الوضعي فلا يرى أحقية لأحد إلا للعقل البشري الذي هو وحده مخول بتمييز الحكم والأختيار الحر على قاعدة المسئولية والتكليف التي تتنافى عقلا ومنطقا من بعد التكليف والأختيار أن نخرج عن قاعدتها لقاعدة أخرى مع ملاحظة أن الله هو الذي أختاره العقل حكما نهائيا للإنسان ولا سواه (بك أعاقب وبك أثيب).
الدين قد يلتقي في السيرورة مع كثير من الأفكار الوضعية الإنسانية ومنها مثلا مفهوم الديمقراطية والحرية والسلام والحب والتسامح طالما أنه يتعامل مع الإنسان ويشارك في إرشاد البشر للكمالات التي يتصورها في سعيه, هذا التلاقي إن كان دائم ومتطابق يمكننا أن نقول أن بين المتلاقيان وحدة يمكن الحفاظ عليها وتنميتها بما يعزز المسيرة البشرية ومنها الغائية من الدين والغائية من الفكر الوضعي , ولكن حينما نجد أن هناك تقاطعات وأحيانا أفتراقات في قضية أو أخرى وفي الجزئيات أيضا لا يمكننا أن نحكم بالكليات أنها ستكون واحدة على أساس التغاضي عن الأختلافات الجزئية التي تقود بالنهاية لنتائج غير متطابقة .
الدين الذي يرى أن مصلحة الإنسان مثلا تتجلى بالعمل المنتج الإيجابي ويمنحه درجة عالية من الأهتمام في الرعاية والدعوة ويربط ذلك بنتائج الأخيرية والأحسنية في الحياة الدنيا كذلك يربطها مع عواقب أخروية مؤجلة قد تكون في الكثير من الحيان هي الدافع الأقوى في تحقيق النتيجة ,هذا لا يتنافى مثلا مع حق الإنسان في العمل وحقه في أن يصون المجتمع هذا الحق ويسعى لضمانه ولكن ليس مع نفس المنهج لربما يكون المبرر أكثر حيادية بالنسبة للرؤية البشرية , الحق وحده ليس كافيا ولكن الدين أيضا يضع على الإنسان واجب أن يسعى في مناكبها وأن لا يبقى أسير الواقع ومتحكماته, في الديمقراطية مثلا المجتمع ممكن أن يساعد الإنسان في منحه الحق ولكن ليس مسئولا عن دفعه للسعي في مناكبها , العامل يعمل يعيش العامل الذي لا يعمل سيموت هذه مشكلته , ولكن ليس للمجتمع أن يبقى مراقبا وحاثا للعمل ويرتب على هذا الكسل أعتبارات أخروية قد تدفعه للعمل والأنتاج كما يفعل الدين .
هذا المثال البسيط يقودنا إلى إشكالية الدمج بين مفهوم الديمقراطية ومفهوم الدين عند البعض وخاصة من الذين لا يرون تعارض حقيقي بين إنسانية الديمقراطية باعتبارها تستهدف احترام الخيار البشري وتقدس إرادته في تجسيد ما يريد وإخراجه من نظام العبودية التي تتبنى نظم العمل السياسي ونظريات الحكم و وبين الإسلام الذي يتبنى قاعدة من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر لأنه يخضع نتاج التجربة الإنسانية في الحياة على إرادة الإنسان وكيفية تدبيره الخاص والعام , الحقيقة هذا التلاقي ليس كافيا وليس مبررا للدعوة إلى دمقرطة الدين وخاصة أن مفهوم الدين عند الإنسان اليوم لا يتحدد بمفاهيم الإسلام وحدها فمثلا الدين اليهودي لا يمنح المساواة التامة بين الجنس البشري بل يتبنى مبدأ العبودية أصلا , ثانيا حتى في الخيار الإسلامي هناك قراءات متباينة تخرج الكثير من القواعد الديمقراطية عن العمل وتعطلها بل تكفر من يتبناها .
علينا أن نكون أكثر وعيا للخلاف الطبيعي بين فكرة الدين الكلية والتي تعني أنه ليس بنظام عمل كامل وتفصيلي يمكن أعتماده ليكون ركيزة سياسية أو دستور حاكم للواقع , بل أن الدين في هذا الإطار الكلي النظري راشد عقلي ومرشد توجيهي يساعد في صنع وتبني خيار ناضج ومناسب وواقعي ليس إلا ,ولا مطلوب منه أن يكون حلا أو يتبنى حلا, ولا واجب عليه أن يقود المجتمع سياسيا وإداريا خلاف القاعدة الطبيعية التي يتبناه أصلا في قاعدة "وأمرهم شورى بينهم", الدين لا يمكنه أن يكون ديمقراطيا وفقا لقاعدة الشعب مصدر السلطة ومادة المشروعية لأنه أمر حكمي أي مسبوق بأحكام ثابتة وإرادات مبنية على قواعد فوقية خارجة عن التبدل والتغير ولا يمكن تعديلها أو تبديلها وفقا لقرار بشري, بينما الديمقراطية هي تبني خيارات العمل البرغماتي حسب الظروف والمعطيات الإنسانية والتبدلات والتحولات المرتبطة بوعي الظرف ووعي الحاجة حسب ما ينتج من التجربة الإنسانية تفصيليا وكليا ,وهنا نصل لحقيقة أننا لا يمكن دمج مفهومين مختلفين لفكرتين لا تلتقيان لا بالكيف ولا بالكون التوصيفي المفاهيمي الذي يؤهل كل منهما لأن يندمجا معا أو يسيرا في خط وسطي بينهما .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسطورة والرواية التاريخية والنص الديني _ رواية آدم سامي مو ...
- خيارات الغيير ومتغيرات الساحة
- بانتظار الولادة المتعسرة
- مكابدات مسافر في الرحلة الاخيرة
- الحرية بين التمني والنضال
- مادليون ...مدينة الريح والرماد ....... قصة قصيرة ج1
- يتهمنا البعض بأننا مثقفين خارج الوجود
- الإنسان ...... ومستقبل الحلم الكوني _ح2
- الإنسان ...... ومستقبل الحلم الكوني _ح3
- الإنسام ...... ومستقبل الحلم الكوني
- منطق التربية الأولية وعلاقتها بالنظرية الأجتماعية العامة
- العراق والقادم المجهول ....
- لماذا لم يحقق الحراك الجماهيري في العراق اهدافه المشروعة ؟.
- هل توقف الحراك الجماهيري عند خط الشروع ؟.
- وماذا بعد
- المطلوب شعبيا والواجب السياسي
- الإصلاح السياسي في العراق وأفاق بناء دولة مدنية
- القادة العراقيون ولعبة الامم
- قراءات في أصداء زيارة مدحت المحمود إلى طهران
- العراق ومجتمع الصدمة


المزيد.....




- لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
- “هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- “شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال ...
- قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
- بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
- السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
- مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول ...
- المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي ...
- المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
- بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - دمقرطة الدين وهم عاجز .