أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عزيز العصا - سميح غنادري في كتابه -المهد العربي-: الخلافة تتأرجح في تعاملها مع المسيحيين.. والصليبيون -فرنجة- متخلفون -الحلقة الثانية والأخيرة- عزيز العصا















المزيد.....

سميح غنادري في كتابه -المهد العربي-: الخلافة تتأرجح في تعاملها مع المسيحيين.. والصليبيون -فرنجة- متخلفون -الحلقة الثانية والأخيرة- عزيز العصا


عزيز العصا

الحوار المتمدن-العدد: 4934 - 2015 / 9 / 23 - 11:14
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


المحور الثالث: الخلافة الإسلامية تتأرجح في تعاملها مع المسيحيين
في عهد الخلفاء الراشدين؛ فإنه لم يلحق المسيحيين أي أذى، سوى ما تم في عهد الخليفة عمر بن الخطاب (رض)، الذي قام بترحيل مسيحيي نجران لسبب يعود إلى تزايد قوتهم وإمكانية تشكيلهم خطرًا على سيادة العرب المسلمين في الجزيرة العربية، ويرفض "غنادري" أقوال بعض الكنسيين اللاهوتيين الذين يعتبرون ذلك السلوك دليل على عنصرية الإسلام ضد المسيحية، ويتبع "غنادري" ذلك بتوصيات الخليفة عمر بمساعدة النجرانيين المرحلين وإعفائهم من الجزية لمدة (24) شهرًا، ، ثم يؤكد على عدم وجود وثائق أو مصادر تاريخية تشير إلى أن "أسلمة" النصارى تمت بقوة السلاح والإكراه. ويشير "غنادري" إلى العهدة العمرية التي أعطاها عمر بن الخطاب (رض) إلى صفرونيوس في كنيسة القيامة بالقدس، وهو الخليفة الذي أمر عامليه بإعالة فقراء المسيحيين من بيت المال الإسلامي، وبإعفاء الرهبان والكهنة من دفع الجزية.
في عهد الخلافة الأموية؛ لم يسجل أي عنف ضد المسيحيين بالذات، إذ كان العنف في أوجه ضد المسلمين المعارضين للخليفة، في حين أن المسيحيين السريان العرب كانوا، لبضعة عقود هم المسؤولين عن ديوان المالية الإسلامي. ويرد "غنادري" على المستشرق الغربي الذي يصور كل اعتداء يجري في تلك الحقبة بأنه اعتداء على المسيحيين، بالقول: الخلفاء العرب المسلمين لم يقصفوا بلدة أو كنيسة مسيحية بالمنجنيق، وإنما قصفوا مكة وقتلوا أشرافها، ولم يلعنوا كاهنا عن منبر، وإنما شتموا علي (رض) من على منابر الجوامع... الخ.
لقد عاش المسيحيون في ظل الخلافة الأموية في أجواء من التسامح والاحترام، حتى أنه في العقود الأولى من الخلافة الأموية، وحيث تنتشر أماكن العبادة المسيحية، لم يتم إيذاء أي منها، وإنما كان المسلمون والمسيحيون يدخلون من الباب نفسه للكنيسة، فيتجه النصارى إلى اليسار والمسلمون إلى اليمين ويقيمون صلواتهم لله في نفس المكان، كل على طريقته . كما كان للمسيحيين أدوار بارزة في ظل هذه الخلافة على مستوى الوظائف العليا، وعلى المستويات الاقتصادية؛ الزراعية والصناعية، والثقافية، حتى أن الشاعر النصراني "الأخطل" كان "شاعرًا مسيحيًا لخلافة إسلامية"، وكان الخليفة معاوية قد اتخذ الطبيب النصراني "إبن أثال" طبيبًا خاصًا له وعينه واليًا على حمص".
وفي عهد الخلافة العباسية التي شهدت الكثير من العنف والبطش لحد حرث القبور وحرق الجثث للخلفاء الأمويين، لم يحظ المسيحيون بنفس ما تحقق لهم في الخلافة الأموية، فقد تعرضوا للأذى، بشكل أو بآخر، كما جرى مع مسيحيي تغلب في مقرهم في الجزيرة الفراتية، فرحل العديد منهم إلى بيزنطا التي استقبلتهم وخصصت لهم أرضا، ثم قيام الخليفة المهدي بقتل وطرد آلاف المسيحيين، وتسلط الموالي الأعاجم على المسيحيين والمسلمين في نفس الوقت.
إلا أنه يسجل للمسيحيين دورهم في حياة الدولة العباسية، بما فيها البلاط ودوواوين الحكم (بما فيها المالية)، فكان منهم التراجمة وناقلو التراث اليوناني والفارسي العلمي للعربية، والأطباء والعلماء وفنانو العمارة والنقوش البيزنطية. فقد كان حنين بن اسحاق رئيس دار الحكمة إبان خلافة المأمون، الذي كان يغدق عليه معاشا كبيرا وكان يضيف له ذهبا بزنة الكتاب الذي يترجمه. والخليفة المعتضد يولّي واليًا نصرانيًا على الأنبار؛ شمال العاصمة بغداد. كما يواصل النصارى بناء كنائسهم وأديرتهم، ويواصلون الظهور بشاراتهم المسيحية، وإحياء أعيادهم حسب طقوسهم... الخ.
وإجمالاً للقول، فإنه حدث في ظل الخلافة العربية الإسلامية بمراحلها الثلاث؛ من راشدية وأموية وعباسية، أن تم بناء الحضارة العربية–الاسلامية التي أخذت الحضارات السابقة وطورتها، وبنت ما أصبح يعرف بـ "التمدن الإسلامي", وهي حضارة ومدنية ساهم في وضع أسسها, اقتصاديا وتجاريا وعلمياً وعمرانياً وأدبيا وإداريا, العربي المسيحي إلى جانب أخيه وابن قومه ووطنه العربي المسلم.
وبخصوص الخلافات الإسلامية التي جاءت أثناء الحروب الصليبية وبعدها، من سلاجقة وأيوبيين ومماليك، فقد تعرض النصارى إلى الكثير من المعاناة في ظل حكم السلاجقة والزنكيين والأيوبيين. ومن جانب آخر كان للنصارى حظوة خاصة عند صلاح الدين الأيوبي الذي خاض حرب تحرير البلاد من الفرنجة الصليبيين، وبين جنوده وقادته أناس ينتمون للنصارى الأرثوذكس. وفي عهد المماليك عانى النصارى العرب الأمرّين.
وأما في عهد الخلافة العثمانية، التي حكمت أكبر وأوسع تجمع مسيحي بالمقارنة مع أية خلافة سابقة (ص: 446)، فقد خف الأذى عن المسيحيين، إذ لم يتجاوز الأمر بعض مظاهر التشدد في وجوب تمايز النصارى عن المسلمين في لباسهم وركوبهم، ثم أصبح النصارى رعايا –مواطنين- كالآخرين مع إزالة التقييدات المختلفة بحقهم، وأُبطل إلزام العمل حسب الشرع الإسلامي إزاء الذمّيين واستبدل بـ "نظام الملّة" الذي يمنح أبناء الأديان والمذاهب غير الإسلامية إدارة ذاتية ومساواة واستقلال.
وفي القرن التاسع عشر عاش النصارى في كل من فلسطين ولبنان ومصر عقودًا امتازت بالتعامل السمح معهم، وبإشراكهم على قدم المساواة في حياة الدولة، وفيهم قال السلطان العثماني "محمود الثاني": لم يُعرف عن مسيحيي القدس أنهم خونة ولم يسيئوا للمسلمين في حياتهم لا قولًا ولا فعلًا ولا ضرر منهم"، وفي العام (1822م) أصدر محمد علي باشا مرسومًا يساوي بين المسلمين والنصارى.
المحور الرابع: الصليبيون: فرنجة متخلفون.. جاءوا لمقاتلة الشرق "الكافر" إسلاميًا و"الضال" مسيحيًا
ظهرت الحروب الصليبية وكأنها انتصار للمسيحيين وللصليب، وتمت تحت وطأت "صيحة: الله أرادها"؛ لإنقاذ الأماكن المقدسة المسيحية في الشرق من المسلمين "الكفار". واستمرت لقرنين من الزمن (1097م-1291م)، حينما كان العالم عبارة عن ثلاثة تجمعات، هي: الغرب اللاتيني ، الشرق العربي العباسي والإمبراطورية البزنطية. والتقت الدعوات البابوية لتلك الحروب مع مصلحة الملوك والأباطرة ورجال الإقطاع الغربيين التواقين إلى التوسع نحو الشرق .
قامت الحملة الأولى باحتلال مملكة الأرمن الصغرى المسيحية الأرثوذكية، وأقاموا فيها أول إمارة لاتينية لهم، ثم استمرت حتى دخلت فلسطين، وكانوا في رحلتهم تلك يمارسون مهمتهم المركزية، وهي: التنكيل بالمسلمين والاستيلاء على العديد من الجوامع وحرق بعضها، أو تحويلها إلى كنائس. كما أصاب الأرثوذكس باعتبارهم "الضالين" ما أصاب المسلمين من استيلاء على كنائسهم، وتحويلها إلى لاتينية وملاحقة رجال الكهنوت ، وتوجت تلك الحملة بقتل (70,000) من أهل القدس المستسلمين .
رافق الحملة العسكرية الأولى حملة شعبية؛ حيث الألوف المؤلفة من الفلاحين والفقراء والجهلة، بلا سلاح، بتراتيلهم الدينية، وعشرات "الرؤى" بظهور المسيح والعذراء، وسيحررون قبر المسيح المقدس، وينعمون بالخيرات ويتخلصون من العبودية والفقر. وعندما انتهت المؤن لديهم، لجأوا إلى نهب وتقتيل سكان القرى المسيحية في طريقهم. مات الآلاف منهم، والباقي تلقاهم الأتراك السلاجقة وقضوا على الكثير منهم. وإذا صادفهم يهود، فإما التنصر أو الذبح تقربًا لله؛ فاختفت قرى ومجتمعات يهودية بأكملها في أوروبا .
ثم قامت حملات أخرى للصليبيين الذين أطلق عليهم مسيحيو الشرق "الفرنجة"؛ لتبرئة الصليب من تصرفاتهم وهمجيتهم ، وصل عددها الإجمالي إلى تسع حملات، انتهت بالهزيمة على يد المماليك البحرية، وتم تحرير آخر معقل لهم في جزيرة أرواد مقابل طرطوس عام 1303. حيث سمح المماليك للفرنجة بمغادرة البلاد بسلام على سفنهم.
أتى الفرنجة بحضارة متخلفة وهمجية لمشرق عربي-اسلامي راقٍ حضاريًا، بل صاحب أرقى حضارة في عالم القرون الوسطى يومها، وأكثر ما أثار أهل الشرق، يومها، هو مدى عمق جهل الفرنجة، وإيمانهم بالخزعبلات والخرافات، وخيانتهم للعهود والاتفاقيات. فقد كانوا جهلة في الطب ، وأصحاب قضاء منحط .
هناك انعكاسات كبيرة للحملات الصليبية على المسيحية المشرقية، إلا أن أبرزها: انتقال مسيحيو الشرق من "أهل ذمّة" في ظل حكم المسلمين إلى "أهل بدع وهرطقة" و"ضالين" تحت حكم الفرنجة. وبدلًا من رد الاعتداء على أماكن عبادتهم، يستولي الفرنجة على كنائسهم المركزية وعلى أوقافهم. وبدل منح حرية العمل لرجال كهنوتهم، تتم الإطاحة ببطاركتهم وأساقفتهم .
أما المسيحيون الشرقيون، من جانبهم، فقد امتاز تعاملهم مع الفرنجة المحتلين، بما يلي:
-;- رأوا فيهم غزاة ومستغلون وقطّاع طرق، أتوا لاحتلال واستغلال وطنهم وكنائسهم، كما رأوا فيهم محاربين للصليب لا محاربين للدفاع عنه؛ فلم يتعاونوا معهم، في حين أن بعض القادة المسلمين، بخاصة الأعاجم منهم، من تعاون مع الفرنجة واستعان بهم في محاربة خصومه .
-;- لم يشكل نصارى الشرق قاعدة اجتماعية وسياسية وعسكرية للغرب، بل قاوموهم، وشارك العديد منهم إلى جانب المسلمين في تحرير البلاد منهم، حتى أنه كان من بين جنود صلاح الدين وقادته العسكريين نصارى عرب، وكان قد وصله رسالة من أشراف القدس الأرثوذكس يدعونه إلى دخولها وتحريرهم من الفرنجة.
-;- لذلك؛ بقي الفرنجة أقلية، إذ لم يتعدّ عددهم ربع مليون نسمة من بين ملايين سكان الشرق في سوريا ولبنان وفلسطين.
بعد فشل الحملات الصليبية للكنيسة اللاتينية البابوية في احتلال الأرض المقدسة من المسلمين، وفي "لَيْتَنَة" مسيحيي الشرق الأرثوذكس، تحولت النظرة الكنسية الصليبية القديمة للأرض المقدسة من "أرض يجب تحريرها مسيحيًا" إلى أرض للتبشير السلمي؛ فاستحالت بلاد مهد المسيح إلى بلاد للتبشير المسيحي، وانصبّ اهتمام الإرساليات التبشيرية بين الأرثوذكس في الشرق ، لا بين المسلمين، بهدف نقل انتمائهم للكنيسة اللاتينية، وأدى ذلك إلى صراعات دموية مؤلمة.
قبل قيام الإمبراطورية العثمانية، أجريت اتصالات وانعقدت مجامع كنسية، منها مجمع فيرنسه سنة (1439م) بهدف توحيد الكنيسة المنشقة بين غرب لاتيني وشرق أرثوذكسي. وقد فشلت تلك الجهود، وبقي كل شق يتهم الآخر بالهرطقة والانحراف، وفي العام (1450)؛ عشية الهجوم العثماني على القسطنطينية طلبت الكنائس الشرقية من البابا (الغربي) والدول الغربية الدعم والحماية، فاشترط هؤلاء انضمام الكنائس الشرقية للغربية، فرُفِض الطلب، وأخذ أرثوذكس الشرق، بمن فيهم اليونان والبلقان وقبرص والنصارى العرب في الشام يرددون: "عمامة التركي ولا تاج البابا".
في العهد العثماني، ومنذ العام (1534م)، ومع سيطرة الكهنوت اليوناني وأخوية القبر المقدس اليونانية، انتشر الفساد وعمّ داخل البطريركية المقدسية في فلسطين (وفي مناطق أخرى) وبين رجال السلّم الكهنوتي الأعلى بمن فيهم مطارنة وبطاركة، وتم تلقيب بعض المطارنة "أبو الذهب"؛ لفحش اغتنائهم الشخصي . وقد ساهمت البطريركية المقدسية، بفسادها وبإقصائها للعرب النصارى عن قيادتها، في ظلم وتنكيد حياة النصارى العرب، وعزز ذلك وصول الإرساليات الأوروبية للمسيحية اللاتينية للبلاد وتبشيرها . فأفسح ذلك المجال للولاة العثمانيين المرتشين لإصدار الفرامانات الظالمة المستندة إلى المصالح الخاصة لمن يصدر الفرمان.
وكانت أوروبا تتجه، بشكل استراتيجي، نحو "الإبقاء على امبراطورية عثمانية متخلفة"؛ لضمان استمرار استغلاها لصالحه، أفضل من تحويلها إلى دولة "مسيحية حضارية"، وقد عبر اللورد الإنجليزي "بالمرستون" في العام (1833م)، بقوله: حتى لو أدى احتلال بريطانيا لتركيا إلى تحويل سكان البلاد إلى مسيحيين، وجلب مدنية أوروبية لها، فإن مضار ذلك أكثر من فوائده".
الخاتمة والتعليق
يقول "غنادري" حول كتابه هذا: لقد أخذنا على عاتقنا في هذا الكتاب أن نعرض الحقائق كاملة لعكس الصورة على حقيقتها؛ فلا نبالغ بإيجابيات تسامح الخلفاء الإسلاميين مع المسيحية، ولا نخفي النواحي السلبية، ونحذر من تعميم سلبية معينة اقترفها خليفة أو والٍ في وقت محدد وفي ظروف معينة أو لأمزجة شخصية تعود له، تعميمها على الإسلام عمومًا أو على الخلافة (في ذلك العصر).
كما يؤكد "غنادري" أن الإسلام كدين لم يكن مسؤولًا، ولا يجوز اتهامه بالمسؤولية عن تعدّيات ومظالم بعض المسلمين حتى لو كانوا خلفاء، لأن ما كان يوجه هؤلاء الخلفاء لفعل السوء سوى مصالحهم السياسية والاقتصادية ونزعاتهم الشخصية وفهمهم المشوّه لحقيقة الإسلام وموقفه من "أهل الكتاب". ويعزز ذلك كله بما أستشهد به من قول أسقف دمشقي سرياني: هؤلاء العرب الذين أعطاهم الله السلطان، لا يكافحون الديانة المسيحية، بل يدافعون عن عقيدتنا ويجلّون كهنتنا وقدّيسينا، ويقدمون الهبات للكنائس والأديرة".
منذ قول ذلك الأسقف، ومرورًا بآراء النهضويين من المفكرين، وحتى يومنا هذا، تكونت الشخصية الاعتبارية للأمة العربية؛ بمسلميها ومسيحييها، التي ترى في "العروبة" رابطًا هامًا يحفظ للأمة وجودها وحضورها وهيبتها بين الأمم. وأما العروبة القوية والمتينة، فأخال إرث النبوّة أساسًا هامًا من الأسس التي تقوم عليها، والتي يقول فيها المفكر القومي "ميشيل عفلق" في العام (1943م)، بمناسبة عيد المولد النبوي: العروبة والإسلام ليسا متناقضين، بل أن "العروبة هي الجسد والإسلام هو الروح”.
والحالة هذه؛ يبقى القول بأننا أمام مؤلَّف هام يجعل القارئ يعيد حساباته في المعلومات التي اكتسبها عبر سني عمره، ويعيد النظر في العديد من المسلمات والحقائق التي تم "ضخها" في عقله لتكون شخصيته بالشكل الذي أريد لها أن تكون عليه.
ففي هذا الكتاب ما يجعلك تتفق معه، فتكتسب منه ما هو جديد من المعرفة التي كانت تنقصك، بما يدفعك للمزيد من البحث والتمحيص، للوصول إلى المزيد من تلك المعرفة وتمكينها لكي تصبح جزءًا هامًا من شخصيتك وسلوكك، وطريقة نظرتك للأحداث. وفي هذا الكتاب، أيضًا، ما يجعلك تختلف مع الكاتب؛ مما يدفعك إلى البحث المعمق لكي تحاججه بحقائق تقارع فيها الحجة بالحجة، وتجعله يتوقف أمام رأيك بمهابة واحترام.
في الحالتين؛ سواء الاتفاق مع الكاتب أو الاختلاف معه، نكون أمام من رمى "حجرًا" في بركة راكدة، تكاد تكون آسنة، من المعلومات والمعارف حول العلاقة بين الإسلام والمسيحية المشرقية، وحول علاقة المسيحية المشرقية بالحروب الصليبية، التي توارثناها، نحن العرب، جيلًا بعد جيل، كمسلمات "مسكوت عنها"، دون أن نتوقف أمامها بقراءة نقدية-تحليلية تزيح عنها ما تراكم من غبار السنين، بخاصة تلك الآراء والمواقف والنظريات والفتاوى التي يبثها البعض من الديانتين؛ الإسلامية والمسيحية، التي تبذل جهودًا جبّارة من أجل إحداث فجوة واسعة جدا تجعل حالة الالتئام والتعاضد من الأمور المستحيلة.
ويبقى عزاؤنا في وعي أبناء الأمة؛ بمسلميها ومسيحييها، وتفهم كل منهما للآخر والاعتراف به، كلَبِنَةٍ حية وأساسية في هذا الوطن الذي علينا أن "نعض عليه بالنواجذ"، في مواجهة الآخر القوي الذي يسعى إلى محوه ومحونا من الخريطة الجيوسياسية على مستوى العالم.
-انتهى-
فلسطين، بيت لحم، العبيدية، 16 أيلول، 2015م



#عزيز_العصا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سميح غنادري في كتابه -المهد العربي-: المسيحية نبتة شرقية أصل ...
- في الذكرى -33- لمذبحة صبرا وشاتيلا: أَلَمٌ يتجدد.. وواقع يشي ...
- في الذكرى السادسة والأربعين لحريق المسجد الأقصى: من مرارة ال ...
- نافز الرفاعي في -الخنفشاري-: يعيد صياغة المفاهيم.. ويتجول بن ...
- منى ظاهر في -الأرجوحة-13-: قصص متميّزة مخلصة لفنّ القصّة الق ...
- المتوكل طه في روايته -نساء أويا-: معمار روائي مدهش.. وشخصيات ...
- دينا سليم في -جدار الصمت-: رواية سيرية حزينة.. بنكهة نسوية؛ ...
- عبد الله دعيس في -لَفْحُ الغُرْبَةِ-: يجمع بين الطابون و-الآ ...
- شهر رمضان المبارك في فلسطين: بين عبق العبادة.. وعشوائية الاس ...
- مشهور البطران في روايته -السماء قريبة جدًا-: الوطن ثيمتها.. ...
- حزب البعث وجبهة التحرير العربية يقيمان سرادق عزاء للشهيد -طا ...
- وليم فوسكرجيان في مجموعته القصصية: يستحضر التاريخ.. ويعيش غر ...
- في الذكرى الرابعة عشرة لاستشهاد فيصل الحسيني: المقدسيون في ا ...
- عبد الغني سلامة في مجموعته القصصية -قبل أن نرحل-: قصص بنكهات ...
- من الإسراءِ والمِعراج.. إلى النكبة: -صراع متصاعد على أرض فلس ...
- الوطن العربي يتشظّى.. و-إسرائيل- تتمدد -العلاقات الخارجية ال ...
- رضوى عاشور في روايتها -الطنطورية-: حكاية للنكبة.. تواصل بين ...
- القدس: فيها الداء وفيها الدواء!
- أمير سعد: تركت في جيلك فراغًا.. فمن له إلا أنت؟! بقلم: عزيز ...
- عاصم الخالدي في ذكرياته من باب السلسلة: يتصفح ماضي القدس؛ بف ...


المزيد.....




- الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
- بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند ...
- لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
- قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب ...
- 3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
- إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب ...
- مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
- كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل ...
- تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
- السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عزيز العصا - سميح غنادري في كتابه -المهد العربي-: الخلافة تتأرجح في تعاملها مع المسيحيين.. والصليبيون -فرنجة- متخلفون -الحلقة الثانية والأخيرة- عزيز العصا