|
الحرية و الحق
أسامة الرفاعى
الحوار المتمدن-العدد: 4932 - 2015 / 9 / 21 - 01:12
المحور:
حقوق الانسان
الحق و الحرية مفهمومين متلازمين و متكاملين يكمل بعضهما بعض فلا معنى للحق بدون حرية و حماية تضمن ممارسة هذا الحق بدون خوف أو تهديد على من يمارسه ، يبدو المفهوم السابق واضحا لكن بعض وجهات النظر ترى أنه يحمل بداخله تناقضات و هذا يرجعنا إلى تعريف كل مفهموم منهم على حدة حتى نستطيع التحليل و من ثم الحكم ، الحرية هى جزء من الفطرة البشرية لكون البشر جميعا يولدون و يعيشون أحرارا و يقصد بها غياب الإكراه أو إمكانية الفرد إتخاذ أى قرار أو تحديد خيار من عدة إمكانيات موجودة دون أي جبر أو ضغط خارجي من أفراد أو مجموعات أو دولة ، الحرية لا تعنى الفوضى مطلقا بل هى الإلتزام بإحترام الإطارٍ العام الذى يحدده حقوق الإنسان الأساسية و يصفها الدستور و يضمن تتطبيقها و حمايتها القانون ، هذا الإطار لا يتحكم بالحرية الشخصية ولكن ينظمها ويحفظ حريات الجميع سواسية لأن حدود حرية الفرد تنتهى عند حدود حرية الأخرين ، هى تقوم على التسامح و قبول المختلف و الإحترام المتبادل بين أفراد المجتمع ، الحق هو الثابت الذى لا يمكن إنكاره و هو قيمة أخلاقية عليا تضمن أغلب القيم المثلى و يهدف إلى تحقيق العدالة لأن العدالة تجسيد للحق و مقابل للظلم و الطغيان و الإستبداد ، أوضح و أهم الحقوق فى الحياة هى حقوق الإنسان لأنها حقوق ثابتة لا يمكن إنكارها لأحد و لا تورث أو تكتسب أو تشترى و تنقسم حقوق الإنسان إلى ثلاث مجموعات رئيسية أهمهم مجموعة الحقوق الفردية أو المدنية و على رأسها الحقوق الطبيعية و التى هي قاعدة كل الحقوق المدنية و الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية و البيئية و الثقافية و التنموية و باقى الحقوق الأخرى فلا معنى أو قيمة لهذه الحقوق بدون حقوق طبيعية و هى تشمل : الحق فى الحياة ، الحرية ، المساواة ، سلامة البدن ، إحترام و حماية الكرامة ، المساواة أمام القانون ، عدم المحاكمة بدون قانون عادل ، إحترام الخصوصية ، حرية التنقل داخل الدولة ، حرية اللجوء لأى دولة فى حالة الإضطهاد ، التمسك بالجنسية ، الزواج ، الميول الجنسية ، التملك ، حرية الرأى و الفكر و العقيدة ، حرية التعبير عن الأفكار و المعتقدات ، إنشاء الجمعيات أو الجماعات السلمية ، حق الإشتراك فى إدارة شئون البلاد يليهم الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و هي تشمل حق الضمان الإجتماعى ، العمل بأجر و شروط عادلة و الحصول على أجازات مدفوعة الأجر أو الحماية من البطالة ، الحق فى توفير أساسيات الحياة التغذية و الملبس و المسكن و العناية الطبية و الخدمات الإجتماعية ، تأمين المعيشة فى حالة البطالة و المرض و الشيخوخة و أى سبب اخر خارج عن الإرادة ، التعليم الكفؤ ، الإندماج فى المجتمع ، يليهم الحقوق البيئية والثقافية والتنموية و هى تشمل حق العيش في بيئة نظيفة ومصونة من التدمير ، الحق في التنمية الثقافية والسياسية والاقتصادية ، أما المجموعة الثانية فهي الحقوق الجماعية و هي الحقوق التي لا يمكن أن تمارس فرديا و تتعلق بحق الشعب كله أو فئة منه في تقرير المصير مثل الحق في السلام أو حقوق العمال أو المهاجرين أو الأجانب أو حقوق الأقليات أو حقوق المدنيين في أثناء النزاعات المسلحة و تحت الإحتلال ، المجموعة الثالثة متعلقة بحقوق فئات ذو أوضاع خاصة أو الذين يعانون من ضياع حقوقهم من المجتمع مما يستوجب حقوقا إضافية تسعى لتحقيق العدالة إليهم و ليس المساواة مثل الأطفال ، النساء، ذوى الفعالية الأقل ( ذوى الإحتياجات الخاصة ) ، المتقاعدين ( المسنين ) ، المثليين أو مزدوجين الجنس ، الحيوانات ، الطبيعة ، و أى فئة اخرى تعيش داخل نفس الدولة . لكن لا يمكن أن يصبح الحق حقا فعال و معمول به إذا لم يصاحبه حماية حقيقية كافية من الدولة تضمن تطبيقه على أرض الواقع بخلاف ذلك ستظل الحقوق كلام فارغ لا جدوى منه ، فمثلا ما قيمة الإعتراف بحق الإنسان فى الحياة أو سلامة البدن فى ظل وجود صراعات مسلحة و غياب الأمان بجانب عدم توفير حماية من الدولة تضمن لأى شخص حريته فى المعيشة و التنقل بأمان ، ما قيمة الإعتراف بالحق فى حرية العقيدة فى ظل وجود تعصب او صراع طائفى بجانب عدم توفير حماية من الدولة تضمن لأى شخص حريته فى ممارسته و تعبيره عن عقيدته ، ما قيمة الإعتراف بحقوق الطفل فى ظل وجود عنف أسرى بجانب عدم توفير حماية من الدولة للطفل تضمن حريته فى ممارسة حقوقه فعليا فى أرض الواقع ، ما قيمة الإعتراف بحقوق المرأة فى مجتمع ذكورى يسلبها حقوقها و يمارس العنف ضدها بجانب عدم توفير حماية لها من الدولة تضمن حريتها فى ممارسة حقوقها فعليا فى أرض الواقع ، لذلك فإن حقوق الإنسان تعتبر المواد فوق الدستورية التى لابد أن يتضمنها أى دستور لأى دولة يعيش فيها بشر و يضمن تطبيقها و ينظمها القوانين بغض النظر عن نظام الحكم أو التوجه السياسى و الإقتصادى للدولة أو الحكومة و بغض النظر عن مرجعية الأغلبية الدينية أو الثقافية أو السياسية لأن هذه الحقوق متأصلة فى كل البشر سواسية و غير قابلة للتفاوض أو التقليص أو الإنتزاع و تلازمهم من يوم ميلادهم حتى وفاتهم بغض النظر عن عن الجنس أو العرق أو الدين أو الرأى السياسى أو الفكرى أو الميول الجنسية ، الدولة هى الضامن و المسئول الرئيسى عن إحترام حقوق الإنسان و عدم المساس بها لأنها تمثل الدستور و القانون كقوة و سلطة إلزامية يخضع لها الجميع من أجل تعظيم المنفعة و ضمان الحقوق و حماية الحريات و تحقيق العدالة للجميع ، الديمقراطية تأتى بعد الإعتراف بالحقوق الأساسية لكل المواطنين و ليس من حق برلمان أو حكومة أو أغلبية شعبية أن تحرم أو تقلص أى شخص من حقوقه كإنسان حتى لو كان مجرما لكونه إنسان سواء كان ذلك الإنتهاك و الحرمان بقانون أو بإستفتاء شعبى .
قمع الحريات فى أى مجتمع يؤدى إلى خلل بتوازن المجتمع لأنه يؤدى إلى الخنوع و العبودية و نشر الجهل و الخرافات و النفاق و الفساد فى المجتمع و الذى يؤدى إلى التخلف و الصراعات و الحروب و الدمار ، و هو الشرارة التى تنتظر رائحة الوقود لتشعل النار فى المقموعين و التى ستحرق الجميع بلا استثناء فالشبع بعد جوع خطير جدا على المجتمع حيث سيحاول الشخص المقموع أو المحروم الحصول على كل ما يستطيع من حقوق و يتجاهل ما يستطيع من واجبات و قد ظهر هذا واضحا بعد ثورات الربيع العربى فى الدول التى كانت تعانى شعوبها من قمع للحريات و ضياع للحقوق و غياب للعدالة ، الدول و النظم و الأيديولجيات الإستبدادية فقط هى التى تلجأ إلى قمع الحريات و تشويه و إساءة إستخدام مفهوم الحرية لأن ذلك يؤدى إلى إنتشار الفوضى و الفساد و غياب الضوابط المادية و المعنوية للحريات فيكون البقاء للأقوى و الحرية الغالبة هى صاحبة القوة و النفوذ و التى تنتفى عند عامة الناس ، و لأنها تخشى فكرة اللجوء إلى حماية الحقوق و الحريات للجميع لأن ذلك سيدفع المجتمع للمطالبة بتحقيق المزيد من الديمقراطية و العدالة و الرفاهية و الإستقرار و السلام و هو ما لا يرغبه أى نظام ديكتاتورى ، لكن إذا توحد الشعب و أراد أن يطالب بالحرية للجميع فسيجبر الجميع على إحترام مطلبه و تحقيقه مهما كانت العقبات ، إحترام الحقوق و الحريات من الجميع للجميع صفة أى مجتمع صحى و سوى و هو بداية الطريق فعندما ينعم الإنسان بالحرية و يشعر بالأمن و الإستقرار سوف تتطور المعرفة و ينتشر العلم و يتحقق الإستقرار و العدالة و الرفاهية و السلام ، كما على الدولة الدور الرئيسى فى إحترام حقوق الإنسان أيضا كل شخص مسئول عن إحترام الحقوق الإنسانية للآخرين ، أخلاقيا ليس من حق شخص أن يحرم شخصا أخر من حقوقه حتى لو لم تعترف بها قوانين بلده و الحر يطالب بالحرية للجميع .
#أسامة_الرفاعى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرية العقيدة و الفكر
المزيد.....
-
هيئة فلسطينية: إلغاء إسرائيل اعتقال المستوطنين يسهل جرائمهم
...
-
4 ملايين عائلة مهددة بالتفكك في الولايات المتحدة بسبب خطط تر
...
-
أول تعليق لإردوغان على مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتانيا
...
-
الرئيس التركي اردوغان يؤكد دعمه لقرار الجنائية الدولية باعتق
...
-
كندا وكولومبيا تتعهدان باعتقال نتنياهو
-
هآرتس: نتنياهو جلب مذكرة الاعتقال على نفسه والآن يتباكى بدعو
...
-
هيئة فلسطينية: إلغاء إسرائيل اعتقال المستوطنين يسهل جرائمهم
...
-
مقتل واعتقال اكثر من 70 ارهابيا جنوب شرقي ايران
-
أول وزير خزانة مثلي الجنس.. ماذا نعلم عن الملياردير سكوت بيس
...
-
مقتل واعتقال 76 ارهابيا في عملية فيلق القدس بجنوب شرق ايران
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|